الوعود الغربية بالمساعدات لأوكرانيا عند «أدنى مستوياتها» منذ بدء الغزو الروسي

زيلينسكي يحذر من أن بوتين يعول على «انهيارها»... مع استعادة القوات الروسية زمام المبادرة

جنديان أوكرانيان يموّهان دبابة في منطقة خاركيف (رويترز)
جنديان أوكرانيان يموّهان دبابة في منطقة خاركيف (رويترز)
TT

الوعود الغربية بالمساعدات لأوكرانيا عند «أدنى مستوياتها» منذ بدء الغزو الروسي

جنديان أوكرانيان يموّهان دبابة في منطقة خاركيف (رويترز)
جنديان أوكرانيان يموّهان دبابة في منطقة خاركيف (رويترز)

قدرت مصادر بحثية أن المساعدات الغربية لأوكرانيا بلغت أدنى مستوى لها منذ الاجتياح الروسي في فبراير (شباط) 2022، وسط تحذيرات كييف لقادة الدول الأعضاء في مجموعة السبع، الأربعاء، بأن موسكو تعول على «انهيار» الدعم الغربي لها، مع مضاعفة الجيش الروسي «ضغطه بشكل كبير» على الجبهة.

وأفاد معهد «كييل» الألماني للبحوث، الخميس، بأن وتيرة الوعود الغربية بمنح أوكرانيا مساعدات جديدة تباطأت بشكل ملحوظ على خلفية خلافات سياسية، في أوروبا والولايات المتحدة، وأيضاً ميدانية، بسبب تعثر الهجوم المضاد الأوكراني الذي بدأ في يونيو (حزيران) الماضي، وكانت تعول الدول الحليفة عليه كثيراً لإحداث نقلة نوعية في المعارك على الجبهة ضد القوات الروسية.

زيلينسكي خلال زيارة إلى مجلس الشيوخ في 21 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

وحذّر الخبير لدى معهد «كييل» كريستوف تريبيسك الذي يرأس فريق البحث في المساعدات لأوكرانيا، من أنه «نظراً لعدم اليقين الذي يحيط باستمرار المساعدات الأميركية، لا يمكن لأوكرانيا إلا أن تأمل في أن يتبنى الاتحاد الأوروبي أخيراً حزمة الدعم التي أعلن عنها منذ فترة طويلة بقيمة 50 مليار يورو. من الواضح أن أي تأخير إضافي من شأنه أن يعزز موقف (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين».

وقال المعهد الألماني الذي يحصي المساعدات العسكرية والمالية والإنسانية التي تم التعهد بها وتسليمها إلى أوكرانيا، كما نقلت عنه وكالة «الصحافة الفرنسية»، منذ بدء الغزو الروسي قبل ما يقارب 22 شهراً: «تشهد دينامية دعم أوكرانيا تباطؤاً. بلغت التعهدات بالمساعدات أدنى مستوياتها بين أغسطس وأكتوبر 2023، بانخفاض قدره 90 في المائة مقارنة بالفترة نفسها في عام 2022».

وبعد فشل الهجوم المضاد الكبير الذي شنه الجيش الأوكراني في الصيف، والذي لم يتمكن من اختراق الدفاعات الروسية، استعادت القوات الروسية زمام المبادرة لا سيما في أدفييكا، المدينة الصناعية في الشرق التي تحاول تطويقها.

وصرّح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال مؤتمر افتراضي لقادة مجموعة السبع، بأن «روسيا تأمل بشيء واحد فقط: أن تنهار وحدة العالم الحر العام المقبل. تعتقد روسيا أن أميركا وأوروبا ستظهران ضعفاً وستضعان حداً لدعمهما لأوكرانيا بالمستوى الملائم».

وإذا كان أقر بأن القوات الروسية تشن هجمات على الجبهة، فإن زيلينسكي أكد أن الجنود الأوكرانيين «يقاومون الهجمات». وأضاف: «نمسك بمناطق في عدة اتجاهات على خط الجبهة ونحن نحضر للمراحل المقبلة».

جنود أوكرانيون يصطفون خلال تدريبات وسط الهجوم الروسي المستمر على البلاد (رويترز)

المساعدة العسكرية والمالية الغربية لأوكرانيا، والتي تعد ضرورية لجهود كييف الحربية، باتت موضع شكوك متزايدة بسبب خلافات سياسية في الولايات المتحدة، وكذلك في أوروبا.

هكذا عدَّ زيلينسكي، الأربعاء، أن بلاده يجب أن «تفوز بمعركة التحفيز» في الداخل كما في الخارج. وقال أمام مجموعة السبع إن «العالم الحر لديه حاجة حيوية للحفاظ على وحدته». كما أعرب عن أمله في أن يفي الاتحاد الأوروبي «بوعده لأوكرانيا» التي ستتم مناقشة رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً خلال قمة منتصف ديسمبر (كانون الأول).

جنود يتدربون على دبابة في أوكرانيا (أ.ب)

وقال أعضاء مجموعة السبع، في بيان مشترك: «نكرر دعوتنا للأطراف الثالثة إلى الكف فوراً عن تقديم مساعدة مادية للعدوان الروسي، تحت طائلة دفع ثمن باهظ». وأكدوا أن دعمهم لأوكرانيا لن يضعف «أبداً».

لكن، وبحسب بيانات المعهد، تبلغ الالتزامات الجديدة التي تم التعهد بها بين مطلع أغسطس ونهاية أكتوبر 2.11 مليار يورو، أي بتراجع نسبته 87 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022. ويُعدّ هذا المبلغ «أدنى» مبلغ فصلي من الالتزامات منذ بداية الحرب.

منذ بداية الحرب، قدّم حلفاء أوكرانيا والمنظمات الدولية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وعوداً بمنح كييف إجمالي مساعدات يناهز 255 مليار يورو، بما في ذلك 182 مليار يورو في الأمد القريب سُلمّت أو من المقرر أن تسلّم خلال عام، حدّاً أقصى.

وتشمل هذه الالتزامات 141 مليار يورو من المساعدات المالية، ونحو 16 مليار يورو من المساعدات الإنسانية، و98 مليار يورو من المساعدات العسكرية.

في الفترة الممتدة بين أغسطس وأكتوبر 2023، «التزمت 20 دولة فقط (من أصل 42 دولة مانحة يتابعها المعهد) بحزم مساعدات جديدة، وأصبحت الالتزامات الجديدة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة (محدودة)».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يناقش العمليات العسكرية مع القادة العسكريين وتأثير نقص السلاح على المعركة مع روسيا (أ.ب)

قال جنرال ألماني متقاعد وخبير استراتيجي سابق في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، إنه لا يرى احتمالاً للتوصل إلى سلام من خلال المفاوضات، فيما يتعلق بالحرب التي تشنها روسيا ضد جارتها أوكرانيا، منتقداً ما وصفه بـ«التأخير المؤسف» في تسليم الأسلحة الثقيلة لكييف.

وقال البريغادير جنرال المتقاعد، كلاوس فيتمان، في مقابلة أجرتها معه منصة «ميديانجروبه بايرن» الألمانية للإعلام، ونشرت الخميس: «لن يكون هناك حل دبلوماسي مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». وأضاف فيتمان أن بوتين يرغب في الانتقام، وفي أن يتم الاعتراف به زعيماً عظيماً. ويلقي فيتمان، الذي يقوم بتدريس التاريخ المعاصر في جامعة بوتسدام، اللوم جزئياً على المستشار الألماني أولاف شولتز، في الهجوم المضاد المتعثر من جانب أوكرانيا. وقال فيتمان: «في بداية الهجوم، قمنا سريعاً بتسليم الصواريخ المضادة للدبابات ومعدات الدفاع الجوي، واليوم نقدم الكثير من أجل الدفاع الجوي. ولكن هناك أيضاً عمليات تأخير مؤسفة».

جندي أوكراني يستعد لإطلاق طائرة من دون طيار خلال تدريب عسكري في منطقة تشيرنيهيف (أ.ف.ب)

وعلى الصعيد الميداني، قال حاكم منطقة أوديسا، الخميس، إن هجوماً روسياً بطائرات مسيرة على البنية التحتية للحبوب في أوكرانيا بالقرب من نهر الدانوب، أسفر عن مقتل سائق وألحق أضراراً بالبنية التحتية للحبوب. وأضاف أن هجوم الطائرات المسيرة استمر لأكثر من ساعتين الليلة الماضية، ورغم إسقاط معظم الطائرات فإن بعضها استطاع دخول المنطقة وتدمير مبنى تخزين ومصعداً وشاحنات، مؤكداً إسقاط 15 مسيّرة من أصل 18 مسيّرة من طراز «شاهد» إيرانية الصنع أطلقتها روسيا من شبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014. واستهدفت الهجمات أيضاً منطقة خميلنيتسكي (غرب).

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كييف دفاعاتها المضادة للطائرات بأنظمة غربية جديدة، ما مكّنها من اعتراض غالبية المسيّرات المتفجرة والصواريخ التي أطلقتها روسيا.

قال أوليه كبير، حاكم منطقة أوديسا عبر تطبيق «تلغرام»، إن طائرات الدرون الروسية ألحقت الضرر برافعة حبوب وشاحنات ومخازن في ميناء إسماعيل بمنطقة أوديسا. ونقلت وكالة «بلومبيرغ» للأنباء عن كيبر القول إن المنطقة القريبة من ميناء إسماعيل في دانوب كانت تتعرض لهجوم على مدار ساعتين خلال الليل.

وأضاف أنه تم إسقاط معظم الطائرات، وقُتل سائق شاحنة. وقالت القوات الجوية الأوكرانية عبر «تلغرام» إنه تم إسقاط 15 طائرة درون من طراز «شاهد» من أصل 18 طائرة تم إطلاقها خلال الليل. وأضاف أن «البنى التحتية لموانئ» نهر الدانوب تمّ استهدافها، ما أدى إلى اندلاع النيران في مستودع ومصعد صناعي وشاحنات.

وتشن روسيا هجمات بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا كل ليلة تقريباً منذ أشهر. وتشكل الموانئ المستخدمة خصوصاً لتصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية، أهدافاً رئيسية لموسكو.


مقالات ذات صلة

واشنطن: 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية يقاتلون إلى جانب القوات الروسية

زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يراجع إحدى الخطط القتالية خلال زيارته لأحد معسكرات الجيش (وكالة أنباء كوريا الشمالية)

واشنطن: 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية يقاتلون إلى جانب القوات الروسية

كشفت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم، أن جنوداً كوريين شماليين بدأوا بالمشاركة في عمليات قتالية إلى جانب الجيش الروسي عند الحدود مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية لم تعلق الوزارة على هوية مشتري الصالة وما سعر بيعها (وزارة الخارجية الفنلندية)

روسيان يقرران بيع صالة رياضية في هلسنكي بسبب العقوبات

قالت وزارة الخارجية الفنلندية اليوم الثلاثاء إن مالكين من روسيا لصالة رياضية في العاصمة الفنلندية قررا بيعها بعد تضررهما من عقوبات.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إن قوات من كوريا الشمالية بدأت الاشتراك في عمليات قتالية في صفوف القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته في زيارته الأولى لباريس منذ تسلمه منصبه الجديد (إ.ب.أ)

أوكرانيا والحلف الأطلسي محور الاتصالات الغربية استباقاً لخطط ترمب

المخاوف الغربية من خطط ترمب القادمة بالنسبة لأوكرانيا والحلف الأطلسي تهيمن على الاتصالات الراهنة.

ميشال أبونجم (باريس)

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)
استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)
استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)

أعلن مدعون ألمان، الثلاثاء، توقيف شاب يبلغ من العمر 17 عاماً بتهمة «التخطيط لهجوم إرهابي ذي دوافع إسلامية»، بينما ذكرت تقارير إعلامية أنه كان ينوي استهداف إحدى الأسواق في عيد الميلاد بواسطة شاحنة... والمشتبه به مواطن ألماني جرى توقيفه، الأربعاء الماضي، في إلمسهورن.

وأفاد المدعون في ولاية شلسفيغ هولشتاين بأنه يُشتبه بأن المعتقل كان «يحضِّر لاعتداء عنيف وخطير»، و«التآمر لارتكاب عملية قتل»، ويتبنى «آراءً إسلامية متطرفة».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2016، أسفرت عملية دهس في سوق لعيد الميلاد في برلين عن مقتل 12 شخصاً، وهو ما صُنّف بأنه الهجوم الأكثر دموية الذي شهدته ألمانيا على الإطلاق.

لقطة من مداهمة لجهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - د.ب.أ)

وعلى غرار بلدان أخرى عدة، تتأهّب ألمانيا تحسباً لأي هجمات بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنته «حماس» على إسرائيل، وأشعل الحرب المدمرة في قطاع غزة.

وتفيد السلطات الألمانية بأنها أحبطت هجمات عدة، لكن 3 أشخاص قُتلوا، وجُرح 8 في عملية طعن أثناء مهرجان في أحد شوارع مدينة زولينغن (غرب) في أغسطس (آب) الماضي، يُشتبه بأنها نُفِّذت من قِبل طالب لجوء، وتبناها تنظيم «داعش» الإرهابي. وقبل ذلك، في يونيو (حزيران)، أودى هجوم آخر بسكين بحياة شرطي في مدينة مانهايم يُشتبه بأن مواطناً أفغانياً نفّذه.