أوسع هجوم بمسيّرات روسية على العاصمة الأوكرانية منذ بدء الغزو

موسكو تستهدف كييف بأكثر من 70 مسيرة في ليلة ذكرى «المجاعة الكبرى»

انفجارات تظهر في سماء كييف خلال غارة روسية بالمسيّرات وسط الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)
انفجارات تظهر في سماء كييف خلال غارة روسية بالمسيّرات وسط الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)
TT

أوسع هجوم بمسيّرات روسية على العاصمة الأوكرانية منذ بدء الغزو

انفجارات تظهر في سماء كييف خلال غارة روسية بالمسيّرات وسط الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)
انفجارات تظهر في سماء كييف خلال غارة روسية بالمسيّرات وسط الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

قالت كييف إن موسكو اختارت الذكرى السنوية لـ«المجاعة الكبرى»، التي راح ضحيتها ملايين الأوكرانيين في ثلاثينات القرن الماضي، للقيام بأعنف هجوم ليلي بالمسيرات ضد العاصمة الأوكرانية. وقالت القوات الجوية الأوكرانية، السبت، إن روسيا شنت أكبر هجوم بطائرات انتحارية من طراز «شاهد» حتى الآن على أوكرانيا خلال الليل، واستهدفت في الهجوم كييف بشكل أساسي. وسمع شهود من «رويترز» في كييف دوي محركات طائرات مسيرة وانفجارات طوال الليل.

دخان يتصاعد في سماء كييف بعد غارة روسية بمسيّرات (رويترز)

وقالت وزارة الطاقة الأوكرانية إن ما يقرب من 200 مبنى في العاصمة، بما في ذلك 77 مبنى سكنياً، انقطعت عنها الكهرباء نتيجة الهجوم. وقال سلاح الجو الأوكراني إنه أسقط 71 مسيرة هجومية. وأوضح أن «غالبيتها دمرت في منطقة كييف».

وبدأ الهجوم بضرب مناطق مختلفة في كييف في الساعات الأولى من صباح السبت، مع توالي المزيد من الضربات مع شروق الشمس. واستمرت الإنذارات من الغارات الجوية 6 ساعات في المجمل.

وأشاد قائد القوات الجوية ميكولا أوليشوك بفاعلية وحدات «النيران المتنقلة»، وهي عادة شاحنات صغيرة سريعة مزودة بمدافع آلية أو مضادة للدروع مثبتة على سطحها. وقال إن هذه الوحدات أسقطت ما يقرب من 40 بالمائة من الطائرات المسيرة.

وذكر عمدة المدينة، فيتالي كليتشكو، السبت، أن حالة الإنذار الجوي في المدينة استمرت 6 ساعات، كما أدى سقوط حطام المسيّرات إلى اندلاع حرائق وإلحاق أضرار ببعض المباني في مختلف أنحاء العاصمة. وقال كليتشكو إن حطاماً من المسيرات، التي أسقطتها دفاعات جوية أوكرانية سقطت في المدينة.

ونتيجة لذلك، نشبت حرائق في الكثير من الأماكن، بما في ذلك مبنى سكني وروضة أطفال.

عمال الإنقاذ يزيلون الحطام في مستشفى تضرر بضربة صاروخية روسية (أ.ف.ب)

وكتبت صحيفة «أوكراينسكا برافدا» على موقع التواصل الاجتماعي «إكس» أن كييف تتعرض لهجمات من قبل مسيرات، وأنه جرى نشر دفاعات جوية. وذكر مراسل لوكالة الأنباء الألمانية أنه لاحظ نيراناً كثيفة ومستمرة مضادة للطائرات.

الرئيس الأوكراني (إ.ب.أ)

وقالت وزارة الطاقة في بيان: «صبيحة 25 نوفمبر (تشرين الثاني) تسبّب هجوم واسع شن بمسيّرات بانقطاع خط للتيار الكهربائي»، في حين انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر. ونتيجة للهجوم انقطع التيار عن 120 منشأة في وسط العاصمة، مؤكدة أن أعمال الصيانة جارية.

وكانت قد حذرت أوكرانيا من أن روسيا سوف تستهدف البنية التحتية ومراكز الطاقة من حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، كما قامت بذلك العام الماضي. وأكد الجيش الأوكراني أن كييف كانت «الهدف الرئيسي» للهجوم، مشيراً إلى أنه تدخل أيضًا في جنوب البلاد، وتصدى لصاروخ روسي فوق منطقة دنيبروبتروفسك (وسط). وانقطع التيار الكهربائي في هذه المنطقة، وفق السلطات.

مسيّرة تحلق في السماء فوق كييف في حين يطلق الدفاع الجوي الأوكراني نيراناً (رويترز)

ومع اقتراب فصل الشتاء، تتوقع أوكرانيا زيادة في الهجمات الروسية على بنيتها التحتية الحيوية، خصوصاً منشآت الطاقة، وتخشى وضعاً مشابهاً لما حدث في شتاء 2022 عندما حرمت الضربات الروسية ملايين الأوكرانيين من التيار الكهربائي لساعات في ظل انخفاض درجات الحرارة.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الهجوم وقع في الساعات الأولى من اليوم الذي تحيي فيه أوكرانيا ذكرى مجاعة «هولودومور» التي أودت بحياة ملايين الأوكرانيين في عامي 1932 و1933. وكتب على «تلغرام»: «الإرهاب المتعمد... تتباهى القيادة الروسية بأنها قادرة على القتل».

القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني يتحدث مع وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف خلال حفل الاحتفال بيوم استقلال أوكرانيا في 24 أغسطس 2023 (رويترز)

تعد أوكرانيا وأكثر من 30 دولة أخرى «الهولودومور» إبادة جماعية تعرض لها الشعب الأوكراني على يد الاتحاد السوفياتي الذي كان يحكم أوكرانيا في ذلك الوقت، وسعى إلى سحق رغبتها في الاستقلال. وتنفي موسكو أن تكون الوفيات قد نجمت عن سياسة إبادة جماعية متعمدة، وتقول إن الروس ومجموعات عرقية أخرى عانوا أيضاً بسبب المجاعة.

وشدد زيلينسكي في بيان: «يستحيل علينا نسيان جرائم الإبادة الفظيعة التي تكبدها الأوكرانيون خلال القرن العشرين، ناهيك عن فهمها والصفح عنها». وأضاف: «لقد حاولوا إخضاعنا وقتلنا وإبادتنا» لكنهم «فشلوا». وشكر زيلينسكي كذلك الدول التي أقرت رسمياً أن هذه المجاعة هي «جريمة إبادة متعمدة».

جنود أوكرانيون في كييف (أ.ف.ب)

ومن جهة أخرى قال الرئيس الأوكراني إن أوكرانيا تعد إصلاحات في برنامجها لتعبئة القوات في ظل احتدام الحرب مع روسيا بلا نهاية تلوح في الأفق. ولا تفصح كييف عن خسائرها من القوات أو الأعمال المتعلقة ببرنامج التعبئة الخاص بها، وهو برنامج مستمر منذ أن شنت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022. وأضاف زيلينسكي أنه أصدر أوامر لمسؤولين كبار بإعداد مقترحات. وتابع في مؤتمر صحافي: «ستوضع الخطة، وستكون كل الإجابات موجودة، سأطّلع على الخطة في الأسبوع المقبل». ولم يفصح زيلينسكي عن تفاصيل الإصلاحات. وقال إن المشكلات في اللجان الطبية العسكرية ومراكز التجنيد ستُحل. وهزت مكاتب التجنيد فضائح من بينها الفساد أو أساليب شديدة الوطأة في التجنيد.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق وسائل إعلام

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك في حفل افتتاح منشآت البنية التحتية للنقل عبر رابط فيديو بموسكو (رويترز) play-circle 00:33

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار»... ويتحدث عن «الحرب العالمية الثالثة»

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي يعيّن زعيماً لتتار القرم كان سجيناً في موسكو سفيراً في تركيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليل الجمعة، تعيين سياسي من تتار القرم كان مسجونا في روسيا لمدة حوالى ثلاث سنوات، سفيرا لدى تركيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا واجهة مطار قازان الروسي (أرشيفية - ريا نوفوستي)

إعادة تشغيل مطار قازان في روسيا عقب هجوم أوكراني

أعلنت الوكالة الاتحادية للنقل الجوي في روسيا (روسافياتسيا) إعادة فتح مطار مدينة قازان بعد إغلاقه مؤقتاً عقب هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار»... ويتحدث عن «الحرب العالمية الثالثة»

TT

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار»... ويتحدث عن «الحرب العالمية الثالثة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك في حفل افتتاح منشآت البنية التحتية للنقل عبر رابط فيديو بموسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك في حفل افتتاح منشآت البنية التحتية للنقل عبر رابط فيديو بموسكو (رويترز)

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

واتهمت موسكو كييف بالوقوف خلف هجوم أمس (السبت)، الذي أصاب مبنى شاهقاً في المدينة الواقعة على نحو ألف كيلومتر من الحدود الروسية - الأوكرانية. وأظهرت لقطات فيديو انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، مُسيَّرةً واحدةً على الأقل ترتطم بالمبنى الزجاجي الفخم؛ ما تسبب في اندلاع كرة لهب ضخمة. ولم تعلن السلطات سقوط ضحايا.

تظهر الأضرار التي لحقت بالمجمع السكني الروسي المسمى «لازورني نيبيسا» أو «السماء الزرقاء» في قازان عقب هجمات طائرات أوكرانية من دون طيار (أ.ب)

 

وقال بوتين في كلمة متلفزة: «أياً كان، ومهما حاولوا التدمير، فسيواجهون دماراً مضاعفاً، وسيندمون على ما يحاولون القيام به في بلادنا».

وكان بوتين يتوجَّه بالكلام إلى رئيس جمهورية تتارستان؛ حيث تقع قازان، وذلك عبر تقنية الاتصال بالفيديو، خلال حفل تدشين طريق.

وكانت الضربة على قازان الأحدث في سلسلة من الهجمات الجوية المتصاعدة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي تقترب من إتمام عامها الثالث.

وسبق لبوتين أن توعَّد باستهداف العاصمة الأوكرانية بصواريخ فرط صوتية، رداً على الهجمات التي تستهدف بلاده.

 

 

وفي سياق آخر، قال الرئيس الروسي، اليوم (الأحد)، إن الصاروخ الفرط صوتي «أوريشنيك» علامة فارقة في تاريخ مجال صناعة الصواريخ الفضائية، مؤكداً أنه لم يوجد مثله من قبل. وأضاف بوتين، خلال مقابلة اليوم (الأحد) مع الإعلامي الروسي بافل زاروبين على قناة «روسيا 1» أن «الصاروخ (أوريشنيك) ليس إنجاز العام فحسب، لكنه إنجاز تاريخي وعلامة فارقة في تاريخ صناعة الصواريخ والفضاء، ولم يتم إنتاج أي شيء مثله من قبل، ولم يتم إنتاج أي أسلحة مماثلة على الإطلاق»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وقال بوتين إنه منخرط بشكل عميق فيما يخصُّ تطوير وتصنيع هذا الصاروخ، ويعدّ ذلك جزءاً من عمله. وبخصوص استخدام «أوريشنيك» في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أشار بوتين إلى أن «هناك وجهات نظر مختلفة داخل وزارة الدفاع الروسية بخصوص تصنيع وتجربة الصاروخ، وقررت أولاً تخصيص الموارد المالية لتصنيعه، وثانياً اتفقت مع الفريق الذي رأى أهمية تجربته في ظروف الحرب على أرض الواقع».

 

رأي بوتين من «الحرب العالمية الثالثة»

وقال بوتين إن خصوم روسيا يمكنهم تصعيد الموقف ضدها، إذا أرادوا ذلك، مؤكداً أن روسيا سترد على جميع التحديات. وأضاف بوتين: «إننا نرى ما يفعله خصومنا الحاليون، وهم يصعِّدون الموقف. إذا كانوا يريدون ذلك فلندعهم يفعلونه، فلندعهم يصعِّدون أكثر. سنرد دائماً على أي تحدٍ»، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الألمانية». وقال بوتين: «عندما يسمع خصومنا الحاليون وشركاؤنا المحتملون ذلك، ويفهمونه ويدركونه، عندئذٍ سيفهمون أنه من الضروري البحث عن حلول توافقية». وأضاف بوتين، رداً على سؤال عمّا إذا كان العالم مقبلاً على حرب عالمية ثالثة، أنه «لا داعي لتخويف أحد، ومع ذلك فهناك مخاطر كثيرة ومتزايدة».

سيطرة على قريتين شرق أوكرانيا

 

كما تؤكد وزارة الدفاع الروسية أن ضرباتها ضد منشآت للطاقة في أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية، تأتي رداً على هجمات أوكرانية ضد الأراضي الروسية، تُستخدَم خلالها صواريخ أو أسلحة غربية.

وأتت تصريحات بوتين في يوم أعلنت فيه روسيا أنها سيطرت على قريتين جديدتين في شرق أوكرانيا؛ حيث تواصل منذ أشهر تحقيق تقدم تدريجي.

وأفادت وزارة الدفاع عبر «تلغرام» بأن قواتها «حرّرت» قريتي لوزوفا في شمال شرقي منطقة خاركيف، وكراسنوي (المسمَّاة سونتسيفا في أوكرانيا)، القريبتين من مدينة كوراخوفي في منطقة دونيتسك.

وباتت قوات موسكو تطوِّق المدينة بشكل شبه كامل، حسب الوزارة. وسيكون سقوط كوراخوفي مكسباً مهماً لموسكو في محاولتها السيطرة على دونيتسك كلها.

صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر المباني السكنية والإدارية المتضررة والمدمرة بسبب الضربات العسكرية الروسية المستمرة في بلدة توريتسك (رويترز)

وسرَّعت روسيا من تقدمها في شرق أوكرانيا خلال الأشهر الماضية، في مسعى للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة، قبل تسلُّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهماته رسمياً، في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

ووعد الجمهوري ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا بشكل سريع، من دون أن يعرض خططاً واضحة لذلك. من جهتها، تخشى كييف تراجع المساعدات العسكرية الأميركية، بعد تولي ترمب منصبه، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت موسكو أن قواتها سيطرت على أكثر من 190 تجمعاً سكانياً أوكرانياً هذه السنة، في ظل معاناة كييف للحفاظ على خطوط انتشارها، في ظل نقص العتاد والذخيرة.