مناهض للإسلام وللاتحاد الأوروبي... ما دلالات فوز خِيرْت فيلدرز بانتخابات هولندا؟

TT

مناهض للإسلام وللاتحاد الأوروبي... ما دلالات فوز خِيرْت فيلدرز بانتخابات هولندا؟

زعيم حزب «الحرية (PVV)» خِيرْت فيلدرز يُلوّح بيديه عند وصوله إلى اجتماع ما بعد الانتخابات في مركز مؤتمرات نيوسبورت في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ف.ب)
زعيم حزب «الحرية (PVV)» خِيرْت فيلدرز يُلوّح بيديه عند وصوله إلى اجتماع ما بعد الانتخابات في مركز مؤتمرات نيوسبورت في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ف.ب)

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية الهولندية فوزاً كبيراً لخِيرْت فيلدرز (Geert Wilders)، السياسي المناهض للإسلام والمشكك في الاتحاد الأوروبي، في واحدة من كبرى المفاجآت التي شهدتها السياسة الهولندية منذ عقود. ويأتي هذا الفوز في إطار تصاعد شعبية أحزاب اليمين المتطرف في دول الاتحاد الأوروبي، ويحمل دلالات تتخطى الساحة السياسية المحلية، ليهدد بخلق موجة من الانتصارات لهذه الأحزاب، تطول دولاً أوروبية أخرى.

زعيم حزب «الحرية (PVV)» خِيرْت فيلدرز يُلوّح بيديه عند وصوله إلى اجتماع ما بعد الانتخابات في مركز مؤتمرات نيوسبورت في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ف.ب)

حكومة ائتلافية صعبة التشكيل

مع فرز جميع الأصوات تقريباً، من المتوقع أن يفوز حزب «الحرية» الذي يتزعمه خِيرْت فيلدرز، بنحو 37 مقعداً من أصل 150 مقعداً في البرلمان -أي أكثر من ضعف العدد الذي حصل عليه في انتخابات 2021.

غراف يُظهر نتائج الانتخابات البرلمانية في هولندا، ويبيّن فوز السياسي "خِيرت فيلدرز" على رأس "حزب الحرية" (PVV) ﺑ37 مقعداً نيابياً (الشرق الأوسط)

فوز فيلدرز ربما يُحدث تحوّلاً جذرياً في السياسة الهولندية، بعد حكومات مارك روته الوسطية الأربع المتعاقبة (منذ عام 2010)، وفق تقرير اليوم (الخميس) لموقع «بوليتيكو». لكن السؤال المطروح الآن هو عما إذا كانت أحزاب أخرى على استعداد للانضمام إلى فيلدرز لتشكيل ائتلاف. وعلى الرغم من ظهوره كأكبر حزب في هولندا بعد الانتخابات، فإنه سيكافح من أجل الحصول على أغلبية عامة في البرلمان.

وقد أبدى فيلدرز بعد فوزه بالانتخابات انفتاحاً على البحث في تشكيل ائتلاف حكومي، قائلاً في أثناء توجهه إلى أنصاره المبتهجين بانتصاره: «أدعو... إلى أن نبحث عن اتفاقات (بين الكتل) بعضنا مع بعض (لتشكيل حكومة)». وأضاف: «لم يعد من الممكن تجاهل حزب الحرية».

زعيم حزب «الحرية» خيرت فيلدرز (في الوسط) وأعضاء الحزب يحتفلون بعد فوزهم بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات العامة في لاهاي بهولندا اليوم (أ.ب)

ويبقى من غير الواضح إذا كان فيلدرز سيتمكن من حشد الدعم اللازم لتشكيل ائتلاف واسع بالقدر الكافي لتشكيل حكومة عملية.

وكان زعماء الأحزاب الثلاثة الكبرى الأخرى قد استبعدوا في السابق الانضمام إلى ائتلاف يقوده حزب «الحرية» بزعامة فيلدرز، لكن يبدو أن بيتر أومتسيغت، الذي فاز حزبه «العقد الاجتماعي الجديد» بـ20 مقعداً وفقاً لاستطلاعات الرأي، خفَّف من موقفه قائلاً إنه «مُتاح» رغم قوله إن محادثات الائتلاف «لن تكون سهلة»، وفق تقرير اليوم لصحيفة «لوموند» الفرنسية.

السياسي اليميني خيرت فيلدرز يُدلي ببيان مقتضَب بعد أن برَّأته محكمة هولندية من تهمة خطاب الكراهية والتمييز في أمستردام بهولندا 23 يونيو 2011 (أ.ب)

ويحتاج حزب فيلدرز الذي سيحصل على 35 مقعداً (في أقل تقدير)، إلى 76 مقعداً في البرلمان لضمان الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة. وقد اقترح فيلدرز تشكيل ائتلاف من يمين الوسط يضم حزب رئيس الوزراء المنتهية ولايته روته، ومجموعة يمين الوسط الجديدة «العقد الاجتماعي الجديد» وحركة المواطنين المزارعين. وسيكون لهذه الأحزاب مجتمعة 86 مقعداً لو تمكنت من الاتفاق على ائتلاف حكومي.

وفي سابقة عام 1982، فاز حزب العمال الهولندي بأكبر عدد من المقاعد، ولكن انتهى الأمر بمنافسيه من يمين الوسط إلى قيادة الائتلاف الحاكم.

خِيرْت فيلدرز زعيم حزب «الحرية» يلتقط صورة مع أنصاره بينما كان حارسه الشخصي يراقب بعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع في مدرسة لاهاي بهولندا 22 مايو 2014 (أ.ب)

معارض لسياسات الاتحاد الأوروبي

يُعد خِيرْت فيلدرز البالغ من العمر 60 عاماً، لاعباً أساسياً في السياسة الهولندية لعقود من الزمن. بدأ حياته المهنية عضواً في المجموعة الليبرالية لرئيس الوزراء السابق مارك روته، لكنه انفصل عنها للعمل كمشرّع مستقل قبل تأسيس «حزب الحرية» المعارض بشكل عام لسياسات الاتحاد الأوروبي، المعروف اختصاراً باسم (PVV)، وقد دعا برنامج فيلدرز الانتخابي إلى إجراء استفتاء على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي.

ويعلن فيلدرز أنه معجب بفيكتور أوربان، اليميني المتطرف الحاكم في المجر، كما أنه مناهض بشكل واضح للاتحاد الأوروبي، ويحث هولندا على خفض مدفوعاتها إلى الكتلة بشكل كبير، ووقف دخول أي أعضاء جدد.

السياسي الهولندي خِيرْت فيلدرز (يسار) زعيم حزب «الحرية» يُستقبَل بالتصفيق خلال لقائه أعضاء حزبه في البرلمان الهولندي بعد الانتخابات البرلمانية الهولندية في لاهاي بهولندا اليوم (رويترز)

كما قال مراراً وتكراراً إن على البلاد أن تتوقف عن تقديم الأسلحة لأوكرانيا، قائلاً إنها بحاجة إلى الأسلحة حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها.

ومع ذلك، لا يشاركه هذه الأفكار أيٌّ من الأحزاب التي يمكنه تشكيل حكومة ائتلاف معها.

ويتعاطف فيلدرز مع نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفق «لوموند»، وبرنامج حزبه يعادي سياسة المناخ، ويثير دائماً فكرة «النكست» (خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي) التي يرى أنه ينبغي عرضها للاستفتاء. وفي غضون ذلك، يعتزم الحصول على «مليارات» من اليورو من بروكسل للاهاي.

 

مناهض للإسلام ولسياسات الهجرة

وَعدَ خِيرْت فيلدرز، مساء أمس (الأربعاء)، بعد إطلالته السريعة أمام نشطائه المجتمعين في شيفينينغن في لاهاي الهولندية، بإرضاء 2.3 مليون مواطن صوَّتوا لحزبه، ويجب عليهم، على حد تعبيره، «استعادة السيطرة على بلادهم». وقال: «يجب وقف تسونامي اللجوء، ويجب أن يكون لدى الناس المزيد من الأموال في محافظهم».

وقال فيلدرز، في مناظرة تلفزيونية خلال الحملة الانتخابية منتقداً استقبال بلاده للاجئين: «لقد أصبح الأمر كافياً الآن. وهولندا لا تستطيع أن تتحمل المزيد. علينا أن نفكر الآن في شعبنا أولاً. الحدود مغلقة. صفر طالبي لجوء»، وفق ما نقله تقرير اليوم لصحيفة «إندبندنت» البريطانية.

ويقول حزبه في بيانه الانتخابي إن «هولندا قد أُضعفت بشكل خطير بسبب استمرار تسونامي اللجوء والهجرة الجماعية».

تفاعل أعضاء تحالف اليسار-البيئيين وهم يشاهدون السياسي الهولندي اليميني المتطرف زعيم حزب «الحرية» خِيرْت فيلدرز على الشاشة فيما تظهر النتائج المبكرة للانتخابات البرلمانية الهولندية في أمستردام بهولندا أمس (رويترز)

ويواجه فيلدرز تهديدات بالقتل بسبب آرائه المعادية للإسلام، ويخضع لحماية مشددة من الشرطة منذ عام 2004، وقد تعهد بحظر القرآن والمساجد.

ودعا برنامج حملته الانتخابية إلى «وقف اللجوء» و«منع المدارس الإسلامية والمصاحف والمساجد»، على الرغم من تعهده ليلة أمس (الأربعاء)، بعدم انتهاك القوانين الهولندية أو دستور البلاد الذي يكرس حرية الدين والتعبير، وفق ما نقلته شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

وفي عام 2020، أدانته المحكمة بتهمة الإهانة بسبب تعليقات أدلى بها بشأن المهاجرين المغاربة، لكنَّ القضاة لم يفرضوا عليه أي عقوبة، وفق تقرير مجلة «تايم ماغازين» الأميركية. فقد هتف فيلدرز في تجمع انتخابي عام 2014 سائلاً الحشد عمّا إذا كانوا يريدون عدداً أكبر أو أقل من المغاربة (في هولندا)، فردَّ عليه المؤيدون هاتفين: «أقل!» (أي نريد عدداً أقل من المغاربة)، فأجابهم فيلدرز: «سوف نعتني بذلك».

وخلال الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية استعداداً للانتخابات الأخيرة، خفَّف فيلدرز من حدة مواقفه، وتعهَّد بأنه سيكون رئيساً لوزراء كل الشعب الهولندي، حسب وكالة «أسوشييتد برس».

لافتة انتخابية لزعيم حزب «الحرية» خِيرْت فيلدرز بالقرب من بيننهوف تُزال بعد يوم من انتهاء انتخابات مجلس النواب في لاهاي بهولندا اليوم (إ.ب.أ)

دلالات فوز فيلدرز بالانتخابات

يُنظر إلى خِيرْت فيلدرز، حسب «تايم ماغازين»، على أنه الممثل الهولندي لنوع الشعبوية التي يناصرها دونالد ترمب أو الرئيس الأرجنتيني المنتخب حديثاً خافيير ميلي.

جاء هذا النصر التاريخي لليمين المتطرف في هولندا بعد عام واحد من فوز رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، التي كانت جذور حزبها «إخوة إيطاليا» اليميني المتطرف في إيطاليا غارقة في الحنين إلى حكم الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني (حكم من 1922 - 1945). ومنذ فوزها بالانتخابات، خففت ميلوني موقفها بشأن الكثير من القضايا وأصبحت الوجه المقبول لليمين المتشدد في الاتحاد الأوروبي، وفق تقرير «أسوشييتد برس».

زعيم حزب «الحرية» خِيرْت فيلدرز يتحدث إلى وسائل الإعلام في مركز اقتراع خلال الانتخابات العامة في لاهاي بهولندا أمس (أ.ف.ب)

ويُظهر انتصار فيلدرز الانتخابي، توجهاً متنامياً لدى الناخبين الهولنديين للانتخاب على أساس برنامج يؤيّد تشديد سياسة الهجرة، وهو ملف مرتبط بشكل خاص لدى قسم من الناخبين، بما يرونه حفاظاً على قيم المجتمع الهولندي وحمايته من التطرّف.

ويأتي الفوز بالانتخابات ﻟ«حزب الحرية» المحسوب على اليمين المتطرف، الأحدث في سلسلة من نتائج الانتخابات التي تغيّر المشهد السياسي الأوروبي. فمن سلوفاكيا وإسبانيا إلى ألمانيا وبولندا، انتصرت الأحزاب الشعبوية في بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتعثرت في دول أخرى.

في هذه الصورة الأرشيفية بتاريخ 21 يناير 2017 يلقي خِيرْت فيلدرز خطاباً في اجتماع للقوميين الأوروبيين في كوبلنز بألمانيا (أ.ب)

ويشكّل الفوز المفاجئ لحزب «الحرية» الذي يتزعمه فيلدرز، حسب موقع «أكسيوس» الأميركي، دَفعة أخرى للمحافظين الأميركيين الذين رأوا في فوز خافيير ميلي في الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية، الأحد الماضي، وهو الذي وصف نفسه بـ«الرأسمالي الفوضوي»، دليلاً آخر على أن الشعبوية الترمبية -نسبةً إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب- لا تزال حية وبحالة جيدة.


مقالات ذات صلة

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)

اجتماع لمجلس «الناتو - أوكرانيا» لبحث دعم كييف والضربة الصاروخية الروسية

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمس» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمس» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لمجلس «الناتو - أوكرانيا» لبحث دعم كييف والضربة الصاروخية الروسية

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمس» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمس» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

يعقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا الثلاثاء اجتماعا في بروكسل على مستوى السفراء، لبحث التصعيد على الجبهة وإطلاق صاروخ روسي باليستي فرط صوتي على أوكرانيا، الأمر الذي تسبب في توتر متزايد بين أعضاء الحلف وموسكو، والذي تزامن مع تقدم القوات الروسية بأسرع وتيرة منذ الأيام الأولى للغزو عام 2022، إذ سيطرت على مناطق كبيرة خلال الشهر الماضي، حسب مصادر طرفي النزاع.

وأشاد الرئيس الروسي بالصاروخ المعروف باسم «أوريشينك» باعتباره فريدا من نوعه في العالم، معلنا إنتاج سلسلة منه. ووفقا لموسكو، يمكن للصاروخ التحليق بسرعات تفوق سرعة الصوت ولن تتمكن الأنظمة المضادة للطائرات من رصده. ويفترض خبراء أن الصاروخ يمكن من الناحية التقنية تزويده أيضا برؤوس حربية نووية.

وتدخل الحرب في أوكرانيا ما يصفه بعض المسؤولين الروس والغربيين بأنه المرحلة الأكثر خطورة بعد أن حققت قوات موسكو جانبا من أكبر المكاسب فيما يتعلق بالسيطرة على الأراضي وبعد أن سمحت الولايات المتحدة لكييف بالرد باستخدام صواريخ أمريكية.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يعتقد أن الأهداف الرئيسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي احتلال منطقة دونباس بأكملها، التي تشمل منطقتي دونيتسك ولوهانسك، وطرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك التي تسيطر على أجزاء منها منذ أغسطس (آب).

وذكرت مجموعة «أجنتستفو» الإخبارية الروسية المستقلة في تقرير أن «روسيا سجلت أرقاما قياسية أسبوعية وشهرية جديدة من حيث مساحة الأراضي التي احتلتها في أوكرانيا». وأوضحت أن القوات الروسية سيطرت على نحو 235 كيلومترا مربعا في أوكرانيا خلال الأسبوع المنصرم، وهي مساحة قياسية أسبوعية لعام 2024.

وأضافت أن القوات الروسية سيطرت على 600 كيلومتر مربع في نوفمبر (تشرين الثاني)، نقلا عن بيانات من مجموعة «ديب ستيت» التي تربطها صلات وثيقة بالجيش الأوكراني وتدرس صورا ملتقطة للقتال وتوفر خرائط للخطوط الأمامية. وقالت المجموعة عبر «تلغرام» الاثنين إن القوات الروسية موجودة بالقرب من كوراخوف.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (أرشيفية - أ.ب)

ووفقا لخرائط مفتوحة المصدر، كما نقلت عنها «رويترز»، بدأت روسيا التقدم بشكل أسرع في شرق أوكرانيا في يوليو (تموز)، بمجرد أن تمكنت القوات الأوكرانية من الاستيلاء على جزء من منطقة كورسك غرب روسيا. ومنذ ذلك الحين تسارع التقدم الروسي. وقال محللون في معهد دراسة الحرب، الذي يتخذ من واشنطن مقرا، في تقرير: «تتقدم القوات الروسية في الآونة الأخيرة بمعدل أسرع بكثير مما سجلته في عام 2023 بأكمله».

وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في تحديث صادر الاثنين إن 45 معركة متفاوتة الشدة دارت بمحاذاة كوراخوف على خط المواجهة في فترة المساء.

اجتماع الثلاثاء لمجلس الناتو - أوكرانيا، وهو هيئة تم إنشاؤها في 2023 لتسهيل الحوار بين كييف وحلف شمال الأطلسي، جاء بطلب من كييف. وأشار مسؤول في الحلف إلى أن الاجتماع سيكون فرصة للبحث في «الوضع الراهن في أوكرانيا وسيتضمن إحاطات من المسؤولين الأوكرانيين عبر الفيديو».

وقال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا في مؤتمر صحافي الجمعة إن أوكرانيا تنتظر قرارات «ملموسة ومهمة» ضد روسيا بعد اجتماعها مع دول حلف شمال الأطلسي. وأوضح الوزير أن كييف ستطرح «كيفية الحد من قدرة روسيا على إنتاج هذا النوع من الأسلحة».

خبراء أوكرانيون يعاينون بقايا صاروخ روسي الاثنين في خاركيف (إ.ب.أ)

وهاجمت روسيا مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ جديد متوسط المدى صباح الخميس الماضي. ويأتي ذلك ردا على ضرب كييف أهدافا عسكرية في الأراضي الروسية بصواريخ «أتاكمس» الأميركية و«ستورم شادو» البريطانية التي يتخطى مداها بضع مئات من الكيلومترات. وهدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضرب الدول التي تزود الأوكرانيين هذه الصواريخ، معتبرا أن الحرب في أوكرانيا اتخذت «طابعا عالميا».

وأعلنت الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع أنها تتوقع أن آلافا من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريبا» في القتال ضد القوات الأوكرانية.

قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن المملكة المتحدة لن ترسل قوات إلى أوكرانيا، وذلك عقب ورود تقرير إخباري يشير إلى أن بريطانيا وفرنسا تناقشان هذه الاحتمالية. وذكرت صحيفة «لوموند» الاثنين نقلا عن مصادر لم تسمها أن فرنسا وبريطانيا «لا تستبعدان» إرسال قوات وشركات دفاعية خاصة لأوكرانيا.

وقال لامي لدى سؤاله بشأن التقرير في حوار إن موقف بريطانيا الثابت بشأن عدم إرسال قوات برية في أوكرانيا لم يتغير. وأضاف لامي لصحف «لا ريبوبليكا» و«لوموند» و«دي فيلت» خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في إيطاليا: «نحن واضحون للغاية بشأن استعدادنا واستمرارنا في دعم الأوكرانيين بالتدريب على وجه خاص، ولكن هناك موقف ثابت منذ فترة طويلة وهو أننا لن نرسل قوات بريطانية إلى الجبهة الأمامية». وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر إنه لا توجد «خطط» لإرسال قوات إلى أوكرانيا.

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (أ.ف.ب)

ويأتي ذلك وسط مخاوف تثيرها عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لدى أوكرانيا وأوروبا من إجبار كييف على قبول تنازلات عن الأرض، ما يمنح نصرا عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا لروسيا، ويغذي طموحات بوتين الجيوسياسية.

واجتمع مسؤولو الدفاع من ألمانيا وفرنسا وبولندا وإيطاليا والمملكة المتحدة في برلين الاثنين لمناقشة التدابير اللازمة لتعزيز الأمن والدفاع في أوروبا. وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بعد الاجتماع إن ألمانيا ودولا أخرى في حلف «الناتو» تعتزم تعزيز إنتاج الأسلحة داخل أوكرانيا ردا على التصعيد الروسي في الحرب.

وقال إن تطوير وشراء طائرات مسيرة يتم التحكم فيها بالذكاء الاصطناعي يمثل أولوية، وكذلك تحسين التعاون للمساعدة في إنتاج الذخيرة. وتابع بيستوريوس: «يجب أن تكون أوكرانيا قادرة على التحرك من موقع قوة». وقال، حسب «وكالة الأنباء الألمانية»، إن غزو روسيا لأوكرانيا «اتخذ بعدا دوليا»، في إشارة إلى ما يقدر بنحو 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية أحضرهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى روسيا للتدريب والقتال في أوكرانيا.

واتصل وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف بالاجتماع لمدة نصف ساعة. واكتسب هذا الاجتماع أهمية خاصة في ضوء تنصيب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة مجددا في يناير (كانون الثاني) المقبل. ويطالب ترمب أوروبا باستثمار المزيد من الأموال بشكل كبير في أمنها.

وذكرت شبكة «آر بي سي» الإعلامية الروسية الثلاثاء نقلا عن مصادر لم تذكرها بالاسم أن اللفتنانت جنرال ألكسندر سانشيك تم تعيينه قائدا مؤقتا لوحدة عسكرية روسية تسمى «وحدة الجنوب». ويأتي ذلك بعد إقالة القائد السابق للوحدة، وهي واحدة من الوحدات العسكرية الكبيرة المشاركة في الغزو الروسي لأوكرانيا.

قال سيرجي ناريشكين مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية الثلاثاء إن روسيا تعارض تجميد الصراع في أوكرانيا لأن موسكو بحاجة إلى «سلام راسخ وطويل الأمد» يعالج الأسباب الجذرية للأزمة. وأضاف أن روسيا في موقع قوة في ميدان المعركة. وتابع قائلا إن روسيا تعارض بشكل قاطع «تجميد الصراع»، مضيفا أنها ترغب في سلام طويل الأمد وأنها منفتحة على إجراء محادثات.

وحذر المسؤول الروسي البارز دميتري ميدفيديف الثلاثاء من أنه إذا زود الغرب أوكرانيا بأسلحة نووية فقد ترى موسكو في هذا ما يمكن أن يمثل هجوما على روسيا ويوفر الأساس لرد نووي. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي أن مسؤولين غربيين لم تكشف هوياتهم أشاروا إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يمد أوكرانيا بأسلحة نووية على الرغم من الخوف من أن يكون لمثل هذه الخطوة عواقب وخيمة. وقال ميدفيديف، الذي شغل منصب رئيس روسيا بين عامي 2008 و2012، على «تلغرام»: «يعكف سياسيون وصحافيون أميركيون على مناقشة عواقب نقل أسلحة نووية إلى كييف». وأضاف أن مجرد التهديد بنقل مثل هذه الأسلحة النووية قد يعتبر استعدادا لحرب نووية ضد روسيا. ومضى يقول: «النقل الفعلي لمثل هذه الأسلحة يعادل في الأمر الواقع شن هجوم على بلادنا» بموجب العقيدة النووية الروسية المعدلة حديثا.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الثلاثاء، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 76 من أصل 188 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة الماضية. وقال البيان إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام صواريخ باليستية من طراز «إسكندر-إم» تم إطلاقها من منطقتي فورونيج وكورسك، حسبما ذكرت «وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية» (يوكرينفورم). وأضاف البيان أن موسكو أطلقت عددا قياسيا من الطائرات المسيرة من طراز «شاهد» وأخرى من طرازات مجهولة الهوية، وتم إطلاقها من مناطق أوريول وبريانسك وكورسك وبريمورسكو-أختارسك.

وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية تضرر مبان سكنية والبنية التحتية الحيوية مثل شبكة الكهرباء الوطنية جراء الهجمات، حسبما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان الثلاثاء، أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت خلال الليلة الماضية 39 طائرة مسيرة أوكرانية، فوق أراضي مقاطعات روسية عدة.