استأنفت تركيا واليونان اجتماعات «تدابير بناء الثقة»، بعد توقف استمر نحو عامين. وعقد وفدان من وزارتي دفاع البلدين اجتماعاً بمقر وزارة الدفاع التركية، في أنقرة ليل الاثنين - الثلاثاء، برئاسة وزير الدفاع التركي يشار غولر، ومستشار وزير الدفاع اليوناني خاريس لالاكوس، حيث تم الاتفاق على إنشاء نقطة اتصال؛ لمتابعة تنفيذ «تدابير بناء الثقة» بينهما.
آلية مشتركة
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن الاجتماع الذي شارك فيه سفراء وعسكريون رفيعو المستوى، ومسؤولون مدنيون من الجانبين، جرى في جو إيجابي، وتم خلاله الاتفاق على إعادة تنفيذ التدابير المتفق عليها سابقاً، وتطبيقها خلال عام 2024. واتفق الطرفان أيضاً على إنشاء آلية (نقطة اتصال) للبقاء على اتصال، وتسهيل تنفيذ التزامات المحاسبة الحكومية المتفق عليها، كما تم الاتفاق على عقد الاجتماع المقبل في اليونان.
واستأنفت تركيا واليونان، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مشاوراتهما السياسية حول القضايا والملفات العالقة بينهما، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وذلك بعد لقاء جمع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، في 13 يوليو (تموز) الماضي، على هامش قمة «الناتو»، حيث اتفقا على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الجارين العضوين في الحلف.
وشهدت العلاقات بين تركيا واليونان، خلال العامين الماضيين، تصاعداً في التوتر حول الحقوق السيادية في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. وهدد إردوغان، مراراً، العام الماضي، باجتياح جزر يونانية متنازع عليها في بحر إيجه، قبل أن تتجه العلاقات للتحسُّن خلال كارثة زلزال 6 فبراير (شباط) الماضي في تركيا، التي دفعت إلى تقارب بين أنقرة وأثينا بعد التضامن الذي أبدته اليونان مع جارتها.
كما اتفق إردوغان وميتسوتاكيس، خلال لقاء بينهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي على عقد اجتماع مجلس التعاون التركي - اليوناني رفيع المستوى، برئاستهما في ديسمبر (كانون الأول) المقبل في اليونان.
وقبل أشهر، أعلن إردوغان تجميد المجلس بسبب التوتر بين أنقرة وأثينا، نتيجة تصاعد التوتر في جزر متنازع عليها في بحر إيجه، حيث هدد باجتياحها عسكرياً.
ووجه ميتسوتاكيس، خلال تصريحات في برلين (الثلاثاء)، الدعوة لإردوغان لزيارة اليونان في ديسمبر المقبل، وشدد على الأهمية الحاسمة للحوار في هذه الفترة لحل المشكلات.
ملف السويد و«الناتو»
على صعيد آخر، تبدأ لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي، (الخميس)، مناقشة بروتوكول انضمام السويد إلى عضوية «الناتو»، تمهيداً لعرضه على الجلسة العامة للبرلمان للمصادقة عليه.
وأحال إردوغان البروتوكول إلى البرلمان في 23 أكتوبر الماضي بعد التوقيع عليه، لكنه أكد أن المصادقة عليه من عدمها تعود إلى البرلمان.
في السياق ذاته، ادّعى دبلوماسي تركي سابق أن إردوغان وضع أمام الولايات المتحدة شروطاً عدة للمصادقة على طلب السويد، وعقد صفقة معها في هذا الشأن.
وكتب الدبلوماسي البارز المتقاعد، النائب البرلماني السابق عن حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة بالبرلمان التركي، نامق تان، على حسابه في «إكس» أن إردوغان «عقد صفقة مع الجانب الأميركي لقبول عضوية السويد بالناتو، تضمنت أولاً الموافقة على بيع مقاتلات (إف - 16) الأميركية لتركيا، وثانياً إعادة الأموال التي دفعتها تركيا لشراء مقاتلات (إف - 35) وهي نحو 1.4 مليار دولار، والأهم من ذلك، دعوته إلى واشنطن في زيارة رسمية».
ورفضت أميركا منح مقاتلات «إف - 35» لتركيا، وأخرجتها من مشروع متعدد الأطراف تحت إشراف الناتو لتصنيعها وتطويرها؛ بسبب صفقة نظام الدفاع الجوي الصاروخي الروسي «إس - 400».
وكان ذلك أيضاً سبباً في مماطلة الكونغرس الأميركي في الموافقة على طلب أنقرة شراء مقاتلات «إف - 16»، قبل أن يربطه بمصادقتها على طلب انضمام السويد للناتو.
ولم يجرِ بايدن منذ توليه رئاسة أميركا أي زيارة إلى تركيا، ولم تتم دعوة إردوغان رسمياً لزيارة واشنطن.
ولفت تان إلى تصريحات لإردوغان قال فيها للصحافيين، خلال رحلة عودة من السعودية، بعد مشاركته في قمة الرياض حول غزة: «لن يكون من الحكمة بعد الآن بالنسبة لي إجراء اتصال مع بايدن. أعتقد بأن بايدن سيطلب استضافتنا من الآن فصاعداً».
وعدّ تان أن هذا التصريح من جانب إردوغان يشير إلى أن خطته تسير بشكل جيد.