«حرب غزة» تفجّر أزمة سياسية في بريطانيا

وزيرة الداخلية في عين العاصفة... والشرطة تتمسك بترخيص مظاهرة السبت

برافرمان لدى وصولها إلى اجتماع حكومي في 10 داونينغ ستريت في 31 أكتوبر (أ.ب)
برافرمان لدى وصولها إلى اجتماع حكومي في 10 داونينغ ستريت في 31 أكتوبر (أ.ب)
TT

«حرب غزة» تفجّر أزمة سياسية في بريطانيا

برافرمان لدى وصولها إلى اجتماع حكومي في 10 داونينغ ستريت في 31 أكتوبر (أ.ب)
برافرمان لدى وصولها إلى اجتماع حكومي في 10 داونينغ ستريت في 31 أكتوبر (أ.ب)

فجّرت المظاهرات الداعمة لحقوق الفلسطينيين، الداعية لوقف إطلاق النار في غزة، عاصفة سياسية في المملكة المتحدة قد تكلّف وزيرة الداخلية منصبها. وتنظّم حملة التضامن مع فلسطين مسيرة احتجاجية كل يوم سبت منذ شهر، إلا أن مسيرة بعد غد توافق الاحتفال بيوم الهدنة، وهو الذكرى السنوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى.

وبينما أعطى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الضوء الأخضر للمسيرة بعد حصوله على ضمانات من الشرطة، اتّخذت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان لهجة حادّة، واتهمت الشرطة باتخاذ موقف منحاز نحو القضايا اليسارية.

وتشهد لندن بعض أكبر المظاهرات في أوروبا منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، إذ يتجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين مطلع كل أسبوع للمطالبة بوقف القصف الإسرائيلي للقطاع.

احترام ذكرى الهدنة

حسم سوناك موقفه لصالح السماح بتنظيم المظاهرة، (السبت)، بعد لقاء مع رئيس شرطة لندن، محمّلاً إياه مسؤولية احترام ذكرى الهدنة والحفاظ على سلامة الجمهور.

محتجون يرفعون أعلاماً فلسطينية خلال مظاهرة في ساحة الطرف الأغر بلندن في 4 نوفمبر (إ.ب.أ)

واستدعى سوناك رئيس الشرطة مارك رولي، (الأربعاء)، لشرح سبب سماحه بمسيرة أخرى مؤيدة للفلسطينيين، قائلاً إنه من «غير اللائق» تنظيمها في عطلة يوم الهدنة الذي تحيي فيه بريطانيا ذكرى الأشخاص الذين قُتلوا في الحرب. وقال سوناك: «(رولي) قال إنه يستطيع ضمان حماية الذكرى التي تحييها البلاد في مطلع الأسبوع، وكذلك الحفاظ على سلامة الجمهور»، مضيفاً: «مهمتي هي أن أحمّلهم المسؤولية عن ذلك». وقال رولي إن الاحتجاجات التي تجري في مكان واحد لا يمكن حظرها، مضيفاً أن حظر المسيرات يتطلب معلومات استخباراتية تشير إلى تهديد بحدوث اضطرابات خطرة. وذكر أن البلاد لم تحظر مثل هذه المسيرات منذ عقد من الزمن.

أفراد من الشرطة يتفاعلون مع متظاهرين خلال مسيرة داعمة لحقوق الفلسطينيين في 4 نوفمبر (رويترز)

من جهتها، قالت حملة التضامن الفلسطيني، التي تنظم المسيرة، إنها ستتجنب النصب التذكاري المعروف باسم «القبر الأجوف»، وهو النصب التذكاري الرئيسي لتخليد ذكرى الحرب في لندن. لكن البعض أثار مخاوف من اندلاع مواجهات، إذ أشارت جماعات يمينية متطرفة إلى أنها ستحمي النصب التذكاري بعد تشويه نصب تذكاري آخر في شمال إنجلترا هذا الأسبوع، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». ومنذ السابع من أكتوبر، ألقت شرطة لندن القبض على 188 شخصاً بتهمة ارتكاب جرائم كراهية، بما في ذلك 98 شخصاً للاشتباه في ارتكابهم جرائم معادية للسامية، و21 شخصاً بسبب جرائم معادية للإسلام، و12 شخصاً بتهمة ارتكاب «جرائم كراهية دينية». أما البقية فكانت جرائم تتعلق بالنظام العام، وكان عديد منها بدوافع عنصرية ومرتبطاً بالاحتجاجات.

مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في لندن في 14 أكتوبر (أ.ف.ب)

في هذا الصدد، قال بول تريفرز، القائد بالشرطة: «ما زلنا نرى ارتفاعاً مقلقاً للغاية في جرائم الكراهية المعادية للسامية وكراهية الإسلام». وأضاف: «في بعض الحالات، سجل ضباطنا روايات عن إساءات مروعة للغاية وبغيضة، بالإضافة إلى أعمال عنف». وجرى الإبلاغ عن معظم الجرائم المعادية للسامية في منطقة هاكني في لندن، وهي موطن جالية يهودية كبيرة. وقالت «مؤسسة أمن المجتمع»، التي تقدم المشورة لليهود البريطانيين، الخاصة بالمسائل الأمنية، إنها سجلت ما لا يقل عن 1124 حادثاً تتعلق بمعاداة للسامية في جميع أنحاء بريطانيا منذ الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر، وهو رقم قياسي على مدى 32 يوماً.

اتّهامات بالانحياز

رغم الضوء الأخضر الحكومي للمسيرة، فإن وزيرة الداخلية صعّدت خلافها مع قائد شرطة لندن، (الخميس)، بشأن أسلوب تعامل الشرطة مع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، واتهمت أفراد الشرطة باتخاذ موقف منحاز نحو القضايا اليسارية.

أفراد من الشرطة يخاطبون متظاهرة خلال مسيرة داعمة لحقوق الفلسطينيين في 4 نوفمبر (رويترز)

وكتبت برافرمان في صحيفة «ذا تايمز»، (الخميس)، انتقادات لاذعة لتصرفات شرطة العاصمة ضد مجموعات مختلفة. وقالت: «يقابَل المتظاهرون اليمينيون والقوميون الذين ينخرطون في أعمال عدائية برد صارم، لكن الغوغاء المؤيدين للفلسطينيين الذين يظهرون سلوكاً متطابقاً تقريباً، يتم تجاهلهم إلى حد كبير، حتى عندما يقومون بمخالفة القانون بشكل واضح». ووصفت هذه المظاهرات سابقاً بأنها «مسيرات كراهية». وأكدت أنها لا تعتقد بأن هذه المظاهرات «مجرد صرخة استغاثة لغزة». وتابعت الوزيرة: «هناك تصور بأن كبار ضباط الشرطة يفاضلون عندما يتعلق الأمر بالمحتجين»، مضيفة: «تحدثت مع ضباط شرطة حاليين وسابقين، وأشاروا إلى هذا المعيار المزدوج».

سوناك ينأى بنفسه

فجّر مقال برافرمان غضباً واسعاً في الأوساط السياسية والأمنية البريطانية، في حين سارع مكتب رئيس الوزراء إلى النأي بنفسه عن تصريحاتها، ما أثار تكهّنات حول استمرارها في الحكومة.

سوناك يخاطب مجلس العموم... الثلاثاء (أ.ب)

وقال المتحدث باسم سوناك، إنه لم يوافق على المقال الذي كتبته برافرمان، مؤكداً في الوقت ذاته أن الوزيرة لا تزال تحظى بثقة رئيس الوزراء. وأضاف المتحدث: «نحن نبحث في تفاصيل ما حدث في هذه الواقعة تحديداً». وعن الشرطة، قال المتحدث إنها ستعمل دون خوف أو تحيز، مضيفاً أن هناك عملية ثابتة يجب على الوزراء اتباعها في التعامل مع وسائل الإعلام. وينص القانون الوزاري على أنه «يمكن للوزراء أن يكتبوا مقالات في الصحف شريطة ألا يتعارض محتوى المقال مع سياسات الحكومة التي يتحملون مسؤوليتها بشكل مشترك». وينص أيضاً على أنه «يجب أخذ موافقة من مكتب سوناك قبل المقابلات الرئيسية والظهور الإعلامي». ورداً على سؤال عمّا إذا كان المقال يعبّر عن سياسة حكومية، قال المتحدث: «لا أعتقد بأن نية المقال كانت تحديد موقف سياسي. أعتقد بأن مواقف السياسة لم تتغير».

وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان تعقد مؤتمراً صحافياً بعد اجتماعها مع وزير الداخلية النمساوي في فيينا في 2 نوفمبر (د.ب.أ)

من جانبه، رأى توم وينسور، الذي شغل سابقاً منصب رئيس هيئة مراقبة في الشرطة، أن تعليقات الوزيرة مبالغ بها، وتتعارض مع مبدأ «استقلالية الشرطة». وقال لإذاعة «بي بي سي»: «هذا أمر غير عادي وغير مسبوق، ويتعارض مع روح التسوية الدستورية القديمة مع الشرطة»، مضيفاً: «عبر الضغط على مفوض شرطة العاصمة بهذه الطريقة، أعتقد بأن هذا يتجاوز الحدود».

بدورها، عدّت إيفيت كوبر، المتحدثة باسم الشؤون الداخلية لحزب «العمال» المعارض، أن برافرمان «خرجت عن السيطرة»، خصوصاً بعد تصريحاتها أخيراً عن أن «العيش بلا مأوى خيار لنمط الحياة»، وقولها إن «التعددية الثقافية فشلت».

وتأتي تصريحات برافرمان حول الشرطة بعد أيام من تصريحات أخرى أثارت جدلاً واسعاً، عدّت فيها أزمة التشرد «أسلوب حياة».


مقالات ذات صلة

ليلة ثانية من الاحتجاجات والاشتباكات مع الشرطة في عاصمة جورجيا

أوروبا شرطة مكافحة الشغب خلال محاولة تفريق المتظاهرين في العاصمة الجورجية تبيليسي (أ.ف.ب)

ليلة ثانية من الاحتجاجات والاشتباكات مع الشرطة في عاصمة جورجيا

عملت الشرطة والقوات المسلحة في جورجيا على تفريق المتظاهرين وإزالة الحواجز من الطريق الرئيسي في العاصمة تبيليسي بعد ليلة ثانية من الاشتباكات.

«الشرق الأوسط» (تبيليسي )
آسيا مناوشات بين رجال الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان في إسلام آباد (أ.ف.ب) play-circle 00:36

باكستان: مقتل 4 من أفراد الأمن على يد متظاهرين مؤيدين لعمران خان

دارت مواجهات في إسلام آباد، الثلاثاء، بين آلاف المتظاهرين المؤيدين لرئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وقوات الأمن التي استخدمت القوة لتفريقهم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
شؤون إقليمية عائلات ومتضامنون مع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين 18 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

تظاهر أقارب رهائن محتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الاثنين، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق مع «حماس» للإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا أشخاص يرفعون صور عبد الله أوجلان أثناء المسيرة في كولونيا (د.ب.أ)

آلاف يتظاهرون في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم «العمال الكردستاني» أوجلان

تظاهر آلاف الأشخاص في مدينة كولونيا بغرب ألمانيا، السبت، للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي اعتُقل قبل 25 عاماً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا متظاهرون يقتحمون مبنى البرلمان في جمهورية أبخازيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

زعيم أبخازيا يعلن استعداده للتنحي إذا أخلى متظاهرون مبنى البرلمان

قال رئيس جمهورية أبخازيا التي أعلنت انفصالها عن جورجيا والمدعومة من موسكو، السبت، إنه مستعد للاستقالة بعد اقتحام متظاهرين مبنى البرلمان.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أوكرانيا تقصف مستودعاً للنفط ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي

سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)
سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تقصف مستودعاً للنفط ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي

سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)
سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)

قال الجيش الأوكراني الجمعة إنه قصف مستودع أطلس للنفط في منطقة روستوف الروسية ليلاً فنشب به حريق، مضيفاً أن «أطلس جزء من المجمع الصناعي العسكري الروسي الذي يزود الجيش الروسي بالمنتجات النفطية». وقال في بيانه إن كييف ضربت أيضاً محطة رادار لنظام بوك للدفاع الجوي الروسي في منطقة زابوريجيا جنوب أوكرانيا.

أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أنه أسقط 47 مسيّرة أوكرانية خلال الليل استهدفت خصوصاً منطقة روستوف الواقعة على الحدود مع أوكرانيا، حيث اندلع حريق كبير في موقع صناعي. وقال الجيش الروسي في بيان إن «أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمّرت 47 مسيّرة أوكرانية»، بينها 29 فوق منطقة روستوف (جنوب) التي تضم مقر العملية الروسية في أوكرانيا.

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)

وأشارت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إلى أن هذا الموقع الذي ضربته أوكرانيا في الصيف أيضاً، «هو جزء من المجمع الصناعي العسكري الروسي الذي يمد الجيش الروسي بالمنتجات النفطية».

وأفاد حاكم هذه المنطقة الروسي يوري سليوسار عبر «تلغرام» بوقوع «هجوم جوي أوكراني ضخم» خلال الليل، مؤكداً تدمير أو تحييد 30 طائرة مسيّرة. وبعد ساعتين، أفاد كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية» بوقوع «حريق كبير في موقع صناعي» في المنطقة التي يقع فيها المستودع، من دون أن يسميه أو يحدد ما إذا كان ذلك على صلة بالهجوم.

من جانبه، أعلن الجيش الروسي سيطرته على قريتين في شرق أوكرانيا، حيث تسارع تقدم قواته منذ خريف هذا العام. فيما أعلنت أوكرانيا الجمعة أنها تعرضت خلال الليل لهجوم روسي بنحو 130 مُسيّرة، بعد يوم من الضربات الواسعة النطاق التي استهدفت البنية التحتية للطاقة فيها.

وذكرت القوات الجوية الأوكرانية في بيان على تطبيق «تلغرام» أنها أسقطت 88 من أصل 132 طائرة مسيّرة أطلقتها موسكو، وفقدت أثر 41 مسيّرة أخرى بسبب الحرب الإلكترونية، فيما عادت طائرة أدراجها إلى الأراضي الروسية. وكثفت روسيا هجماتها الليلية بالطائرات المسيّرة على المدن الأوكرانية في وقت تواصل فيه تقدمها على طول الخط الأمامي الشرقي، في توغل يعد من بين الأكبر خلال شهر واحد منذ 2022.

بدوره، أعلن الجيش الروسي السيطرة على قرية جديدة في جنوب منطقة دونباس في شرق أوكرانيا حيث تسارع تقدم القوات الروسية في الخريف. وأفادت وزارة الدفاع الروسية، كما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن «تجمع الجنوب للقوات الروسية... حرر بلدة روزدولنيه»، مشيراً كذلك إلى السيطرة على قرية ثانية في منطقة دونيتسك دون تحديد موقعها.

وقامت روسيا في وقت مبكر، الخميس، بثاني هجوم كبير على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا هذا الشهر، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء على نطاق واسع في أنحاء البلاد. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، إن الهجوم الجوي الروسي على أوكرانيا ليلاً «شائن» ويعد تذكيراً بمدى ضرورة وأهمية دعم الشعب الأوكراني.

وقال بايدن في بيان أصدره البيت الأبيض: «تواصل روسيا التقليل من شأن شجاعة الشعب الأوكراني وصموده وعزمه. وتقف الولايات المتحدة مع أكثر من 50 دولة في دعم أوكرانيا ونضالها من أجل الحرية».

سكان يقفون بجوار منزلهم المتضرر بسبب ضربة صاروخية وسط هجوم روسي على مشارف أوديسا بأوكرانيا 28 نوفمبر 2024 (رويترز)

اتهم مدير جهاز الاستخبارات البريطاني روسيا بتنفيذ حملة «تخريب» في أوروبا، فيما يواصل الرئيس فلاديمير بوتين حربه ضد أوكرانيا، لافتاً إلى أن جهازي الاستخبارات البريطاني والفرنسي لعبا دوراً «حاسماً» في قرارات حكومتي البلدين «لذا بإمكانهما التعامل بنجاح مع مزيج الغطرسة والعدوان الذي يلجأ إليه بوتين».

وأفاد ريتشارد مور، الجمعة، في أثناء خطاب بباريس: «كشفنا مؤخراً عن حملة تخريب روسية في أوروبا متهورة بشكل لا يصدّق بينما يلجأ بوتين وأتباعه إلى التلويح بالنووي لبث الخوف من عواقب مساعدة أوكرانيا»، محذراً من أنه لا يتوقع أن يتخلى بوتين عن أي من أهدافه التوسعية حال نجاحه بتحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة.

وقال: «إذا سُمح لبوتين بأن ينجح في تحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة فإنه لن يتوقف عند هذا الحد». لكنه أضاف: «لا شك لدينا بأن أصدقاءنا الأوكرانيين لديهم الإرادة لتحقيق الانتصار».

في غضون ذلك، ناشدت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أوكرانيا وداعميها التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية في خضم معترك إنهاء الحرب الروسية. وقالت ميركل في تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني «زد دي إف»: «لا ينبغي لروسيا أن تكسب هذه الحرب... ما فعله (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) مع أوكرانيا عمل سافر منتهك للقانون الدولي»، موضحة في المقابل أنها تقول أيضاً: «يتعين دائماً التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية»، مشيرة إلى أنه لا داعي لمناقشة هذه الحلول الآن، موضحة أن تحديد الوقت المناسب لذلك أمر يتعين على الجميع - أوكرانيا وداعميها - مناقشته معاً».

وأكدت ميركل أنها تدعم ما تفعله الحكومة الألمانية الحالية من أجل أوكرانيا، مشيرة إلى أنه من المعروف أن تحقيق أوكرانيا نصر عسكري ضد جارتها الكبرى روسيا لن يكون سهلاً، وقالت: «ومع ذلك، فإنني أؤيد كل ما يفعله المجتمع الدولي لوضع أوكرانيا في وضع جيد... ليس من مصلحة أوكرانيا فحسب، بل من مصلحتنا أيضاً ألا ينتصر بوتين في هذه الحرب»، مؤكدة أنها بذلت قصارى جهدها لضمان عدم حدوث مثل هذا التصعيد.

سكان كييف داخل محطات المترو خوفاً من هجمات روسية تستهدف العاصمة الأوكرانية (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، وصل وزير الدفاع الروسي أندري بيلوسوف، الجمعة، في زيارة غير معلنة إلى كوريا الشمالية لتعزيز العلاقات «في كل المجالات» مع بيونغ يانغ التي تربطها بموسكو معاهدة للدفاع المشترك. وقال بيلوسوف وفق ما نقلت عنه «وكالات أنباء روسية»: «العلاقات الودية بين روسيا وكوريا الشمالية تتوسع بشكل نشط في كل المجالات، بما فيها التعاون العسكري». وأضاف أنه «مقتنع» بأن هذه المحادثات في بيونغ يانغ «ستعمل على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الروسية الكورية في مجال الدفاع».

سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

من جهته، أكد نظيره الكوري الشمالي، نو كوانغ تشول، أن جيش بلاده عازم على «تعزيز وتطوير التعاون بشكل مستمر مع الجيش الروسي».

ووقع البلدان اتفاق دفاع مشترك في يونيو (حزيران) وتمت المصادقة عليه. ويلزم هذا الاتفاق الدولتين بتقديم مساعدة عسكرية «دون تأخير» في حال وقوع هجوم على الدولة الأخرى والتعاون دولياً للتصدي للعقوبات الغربية.

واتهمت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بيونغ يانغ، التي تملك السلاح النووي، بإرسال أكثر من عشرة آلاف جندي لمساعدة روسيا في الحرب في أوكرانيا. وأفاد خبراء بأن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون سعى في المقابل إلى اكتساب تكنولوجيا متقدمة وخبرة قتالية لقواته. وتُخضع كل من كوريا الشمالية وروسيا لعقوبات الأمم المتحدة، كيم جونغ أون، لتطوير ترسانته النووية وفلاديمير بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا.