ما هي أهداف بوتين الخمسة في الشرق الأوسط مع اشتداد النزاع بين إسرائيل و«حماس»؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
TT

ما هي أهداف بوتين الخمسة في الشرق الأوسط مع اشتداد النزاع بين إسرائيل و«حماس»؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

يجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الغارق في صراع مع أوكرانيا لا يرى أي أفق للخروج منه، في المواجهة بين حركة «حماس» وإسرائيل وسيلة غير متوقعة، ولكنها محفوفة بالمخاطر، لتحريك الخطوط الجيوسياسية في المنطقة، وفق تقرير أعدته «وكالة الصحافة الفرنسية».

في ما يلي نظرة عامة على الأهداف الخمسة الكبرى للرئيس الروسي والتي تمت مناقشة بعضها بلا شك في محادثاته، اليوم (الأربعاء)، مع نظيره الصيني شي جينبينغ، على هامش منتدى طرق الحرير الجديدة في بكين:

1- إخراج أوكرانيا من دائرة الاهتمام

بعد 600 يوم من بدء الحرب في أوكرانيا المرشحة للاستمرار طويلاً، تسمح الأزمة في الشرق الأوسط بتحويل انتباه المجتمع الدولي عن الأزمة الأوكرانية.

ويقول نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي إيغور دولانويه إن «هجوم حماس يساهم بفعل العواقب المترتبة عنه في استنزاف الاهتمام الغربي العام بأوكرانيا».

ويوضح ألكسندر غابويف، من مركز «كارنيغي»، أن «هذا الصراع يُعدّ بمثابة نعمة لروسيا لأنه يصرف الكثير من الاهتمام الموجه من الولايات المتحدة والغرب»، مشدداً على أن الإدارة الأميركية تعتزم تخصيص الكثير من الوقت للأزمة الحالية في الشرق الأوسط، أقله حتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ويعقّد هذا المنظور لعبة فلاديمير بوتين، فانتصار الجمهوريين من شأنه أن يخدم مصالحه لأن بعض هؤلاء يسعى لإعادة النظر في المساعدات الأميركية لكييف. كما أن الموضوع الإسرائيلي حساس للغاية في أوساط اليمين الأميركي.

2- تجنب الفوضى

يشكل الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، حتى إن بعض الأصوات في الغرب أبدت شكوكاً في أن يكون الكرملين قد لعب دوراً في الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

لكن لا دليل ملموساً يؤكد هذه الفرضية. وتقول هانا نوت، المحللة في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» (CSIS)، وهو مركز أبحاث في واشنطن: «لم أرَ أي دليل على دعم روسي مباشر لحماس وهذا الهجوم - لناحية التخطيط والأسلحة والتنفيذ. ولنكن واضحين: المساعدة الروسية لم تكن ضرورية».

وترى تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة موقع «آر بوليتيك» (RPolitik) المتخصص، من جانبها أن «التصعيد الشديد الذي قد يؤدي حتى إلى صراع مفتوح بين إيران وإسرائيل، يمكن أن يضر بالوجود الروسي الراسخ في الشرق الأوسط والوضع الحالي لحملتها في سوريا».

وتشدد على أن القواعد العسكرية الروسية في سوريا تسمح «بإبراز نفوذ موسكو في أفريقيا والشرق الأوسط».

3- تحسين وضع إيران

أصبح التقارب بين طهران وموسكو أحد مفاتيح الدبلوماسية الروسية، ولا سيما مع الاستخدام المكثف للمسيّرات الإيرانية في أوكرانيا. وتشكّل طهران داعماً رئيسياً لحركة «حماس»، على غرار «حزب الله» في لبنان.

وهنا أيضاً، يبدو أن موسكو تمسك بخيوط اللعبة.

ويقول نايجل غولد ديفيز من «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» (IISS): «لقد عززت حرب روسيا في أوكرانيا العلاقات العسكرية مع إيران. وقد زار مسؤولو «حماس» موسكو ثلاث مرات على الأقل منذ غزو روسيا لأوكرانيا».

ويضيف: «كان السؤال دائماً هو إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا التعاون من دون دفع (إسرائيل) إلى إعادة التفكير في علاقاتها مع موسكو». كما تخشى موسكو من أن يؤدي أي انتقام قاس ضد إيران إلى إضعاف أحد حلفائها المقربين القلائل.

4- ترتيب أوضاع إسرائيل

يجب على موسكو في الوقت نفسه أن تحرص على ترتيب أوضاع إسرائيل، خصوصاً أن العلاقات الشخصية جيدة بين فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لم تسلّم المصانع العسكرية الإسرائيلية أي أسلحة لقوات كييف.

ويقول ديمتري مينيك، من «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية»: «لقد نجح الكرملين حتى الآن في إبقاء (إسرائيل) خارج الحرب في أوكرانيا، ويود ألا تكون هذه الدولة الغربية داعماً إضافياً لأوكرانيا».

إلا أن الرئيس الروسي امتنع عن وصف هجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر بأنها «إرهابية» كما فعل الغرب.

وهذا الموقف «يدل على التغيير في أولوياته السياسية» وحقيقة أنه يخاطب الآن الرأي العام المؤيد للفلسطينيين في الشرق الأوسط ونصف الكرة الجنوبي، على ما تؤكد هانا نوت، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

5- إضعاف الغرب

الهدف الأساسي للدبلوماسية الروسية يتمثل في إضعاف النظام العالمي الغربي، وهو المشروع الذي يتقاسمه معها بشكل خاص حلفاؤها الصينيون والإيرانيون والكوريون الشماليون.

كما ألقى رئيس الكرملين باللوم بشكل مباشر على واشنطن في الأزمة في الشرق الأوسط.

وفي هذا الصدد، ترى تاتيانا ستانوفايا أن الوضع في المنطقة «يساهم في نشر الخطابات المعادية للغرب من خلال اتهامه بالتسبب بحالة عدم الاستقرار العالمي وبإعادة فتح النزاعات التاريخية».

ويشير إيغور دولانويه إلى أن «الانتقام الإسرائيلي على غزة يتسم بسيل من النيران، ما سيسلط الضوء بلا شك على ما يمكن اعتباره معايير مزدوجة في رد الفعل الغربي على استخدام القوة».

ويقول ديمتري مينيك، من «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية»: «ما يوحّد جزءاً من بلدان الجنوب وروسيا ليس تبادل القيم الإيجابية بقدر ما هو الاستياء، وحتى الكراهية، وفي كثير من الأحيان التصور غير العقلاني للغرب»، مضيفاً: «ولهذه العلاقة مع الغرب مصادر عدة تشكل أرضاً خصبة لا تنضب لموسكو».


مقالات ذات صلة

غارة إسرائيلية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار بالإخلاء

المشرق العربي دخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي اليوم (ا,ف,ب)

غارة إسرائيلية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار بالإخلاء

استهدفت غارة إسرائيلية، ليل الثلاثاء-الأربعاء، الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار اسرائيلي بالإخلاء في أحد أحياء المنطقة، كما أظهرت لقطات بثّ مباشر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عدة إجراءات تنفيذية في أول أيام رئاسته لإنفاذ قوانين الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال في دير البلح يتجمعون للحصول على الطعام الذي توزعه منظمة إغاثة أمس (د.ب.أ)

تقرير أممي: إسرائيل رفضت أو عرقلت 85 % من قوافل المساعدات إلى شمال غزة

قالت الأمم المتحدة إن 85 في المائة من محاولاتها لتنسيق قوافل المساعدات والزيارات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة تم رفضها من قبل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع قصف إسرائيلي على ساحة مستشفى الأقصى بدير البلح (أ.ب) play-circle 00:29

غزة: الجيش الإسرائيلي يحاصر مدرسة تؤوي نازحين... و14 قتيلاً بغارات على القطاع

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة صباح اليوم (الثلاثاء) مقتل 14 شخصا على الأقل في غارات إسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الفلسطينية اعتماد القانوع في خيمتها مع أطفالها في جباليا (رويترز)

في غزة... الموت أهون من الجوع

تشعر الفلسطينية اعتماد القانوع بأن الجميع تخلوا عنها بينما تكافح لإطعام أطفالها السبعة.

«الشرق الأوسط» (غزة )

العثور على طاه روسي شهير منتقد للحرب في أوكرانيا ميتا في بلغراد

أليكسي زيمين الذي كان يقيم في لندن منذ سنوات في صورة أرشيفية
أليكسي زيمين الذي كان يقيم في لندن منذ سنوات في صورة أرشيفية
TT

العثور على طاه روسي شهير منتقد للحرب في أوكرانيا ميتا في بلغراد

أليكسي زيمين الذي كان يقيم في لندن منذ سنوات في صورة أرشيفية
أليكسي زيمين الذي كان يقيم في لندن منذ سنوات في صورة أرشيفية

عُثر على طاه روسي شهير كان من أشد منتقدي غزو قوات بلاده لأوكرانيا، ميتا خلال زيارته العاصمة الصربية بلغراد، وفق ما أفادت مصادر عدة الأربعاء.

وتمثل وفاة أليكسي زيمين الذي كان يقيم في لندن منذ سنوات، أحدث رحيل يلفه الغموض لمغترب روسي منتقد للحرب التي يشنها الكرملين. وشارك زيمين في تأسيس مطعم "زيما" في لندن، وساهم في الكتابة للعديد من المجلات وتأليف الكتب، وفقا لحساب مطعمه على إنستغرام.

وعثر على جثته في وقت متأخر الثلاثاء في شقة كان يستأجرها في بلغراد أثناء زيارة للترويج لأحدث كتبه "أنغلومانيا"، وفق ما صرح مصدر قريب من التحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال مكتب الادعاء لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن الشقة كانت مغلقة من الداخل ولا يبدو أن الوفاة مشبوهة، لكن من المقرر إجراء تشريح للجثة.

ولد زيمين في روسيا عام 1971 وفتح العديد من المطاعم في موسكو، لكنه غادر البلاد بعد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014. وبعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، نشر رسائل مناهضة للحرب وأوقف برنامج طهو كان يقدمه كل سبت على قناة تلفزيونية مؤيدة للكرملين.

وقال مطعمه "زيما" في لندن في منشور على إنستغرام الأربعاء "طوال حياته الرائعة، أنجز أليكسي الكثير (...) فقد عمل نائبا لرئيس تحرير مجلة أفيشا (...) وقدم برامج طهو عدة وألف الكتب وأطلق العديد من المطاعم الناجحة". وتابع "بالنسبة لنا، لم يكن أليكسي زميلا فحسب، بل كان أيضا صديقا ورفيقا مقربا شاركنا معه العديد من التجارب (...) الجيدة واللطيفة والحزينة في بعض الأحيان".