كييف تشيع ضحايا غروزا... والكرملين يؤكد أن «أهدافه عسكرية» دائماً

قتيلان في غارة جديدة على أوكرانيا غداة مجزرة أودت بحياة العشرات

أعلن المسعفون انتهاء عملياتهم في الموقع ليصل العدد النهائي للضحايا إلى 52 قتيلاً وستة جرحى (أ.ف.ب)
أعلن المسعفون انتهاء عملياتهم في الموقع ليصل العدد النهائي للضحايا إلى 52 قتيلاً وستة جرحى (أ.ف.ب)
TT

كييف تشيع ضحايا غروزا... والكرملين يؤكد أن «أهدافه عسكرية» دائماً

أعلن المسعفون انتهاء عملياتهم في الموقع ليصل العدد النهائي للضحايا إلى 52 قتيلاً وستة جرحى (أ.ف.ب)
أعلن المسعفون انتهاء عملياتهم في الموقع ليصل العدد النهائي للضحايا إلى 52 قتيلاً وستة جرحى (أ.ف.ب)

شيّعت أوكرانيا الجمعة 52 شخصاً بينهم طفل، قضوا في اليوم السابق في قصف على قرية غروزا صغيرة في شرق البلاد حيث تجمّعوا لحضور مراسم تأبين جندي، في واحدة من أكثر الهجمات دموية على المدنيين منذ بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا قبل أكثر من 18 شهرا، فيما أعلن الكرملين الجمعة أن القوات الروسية لم تستهدف مطلقاً أهدافاً مدنية بعدما اتهمت كييف موسكو بالوقوف خلف الهجوم الصاروخي.

أفادت السلطات الأوكرانية بأن 49 شخصاً على الأقل قُتلوا في قصف روسي أصاب متجراً للمواد الغذائية في قرية بمنطقة خاركيف بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، لم ينف مسؤولية بلاده عن الهجوم، لكنه قال للصحافيين: «نكرر أن الجيش الروسي لا يضرب أهدافا مدنية. الضربات تشن على أهداف عسكرية، في أماكن يتركز فيها العسكريون».

وندد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، الموجود في إسبانيا لحضور قمة أوروبية بـ«الهجوم الإرهابي غير الإنساني» الذي نفّذته روسيا، والذي أدانه أيضاً حلفاؤه الغربيون بشدة، فيما أشارت الأمم المتحدة من جانبها إلى «جريمة حرب» محتملة.

الطائرات المسيرة استهدفت ميناء أوديسا (رويترز)

وقال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا نفذت ضربات جوية جديدة على البلاد في وقت مبكر الجمعة، ما أسفر عن مقتل طفل يبلغ من العمر 10 أعوام وجدته في مدينة خاركيف. وقالت القوات الجوية في بيان إن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت في أحدث ضربات خلال الليل 25 من 33 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا من شبه جزيرة القرم. وذكرت في بيان على تطبيق «تيليغرام» أن هجمات الطائرات المسيرة استهدفت منطقتي أوديسا وميكولايف في الجنوب ودنيبروبتروفسك في الجنوب الشرقي وتشيركاسي وجيتومير في وسط البلاد وخاركيف في الشمال الشرقي.

وقال حاكم المدينة الإقليمي أوليه كيبر إن الطفل وجدّته قتلا عندما قصفت روسيا ثانية أكبر المدن الأوكرانية بصاروخين باليستيين من طراز «إسكندر». ودمر الهجوم الصاروخي جزءا كبيرا من مبنى سكني، حيث كان عمال الإنقاذ يعملون بين الأنقاض الملتوية وقطع الخشب.

يقوم عمال الطوارئ الأوكرانيون بإزالة الحطام من موقع الغارة الروسية التي أصابت متجراً ومقهى في قرية جروزا على بعد نحو 30 كيلومتراً غرب كوبيانسك (أ.ف.ب)

من جانبه، أفاد الحاكم الإقليمي أوليغ سينيغوبوف، عن إصابة 28 شخصاً على الأقل، بينهم طفل يبلغ من العمر 11 شهراً، وهو من عائلة الضحيّتين نفسها. ولحقت أضرار بمبنيين ودمّر مبنى سكني مكوّن من ثلاثة طوابق، وقالت الشرطة إنّ صاروخين باليستيين من طراز «إسكندر» أصابا المبنيين. وشاهد مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» ما يبدو أنّه شظية أحد الصواريخ في قاع حفرة كبيرة في أحد شوارع وسط المدينة. وينتشر الكثير من الحطام في الشوارع حيث انقلبت المركبات المدنية أو تفحّمت.

وذكر كيبر أن هجوما بطائرات مسيرة دمر صومعة حبوب في منطقة إسماعيل في أوديسا. وأضاف أن النيران شبت في تسع شاحنات في المكان لكن تم إخمادها على نحو سريع. وتابع، كما نقلت عنه «رويترز»، «الإنذار الجوي في أوديسا استمر ثلاث ساعات ونصف الساعة. استهدف العدو مجددا الحدود والبنية التحتية لميناء منطقة إسماعيل». وأعلن الجيش الأوكراني أنه تم تعليق العمليات عند نقطة أورليفكا لتفتيش العبارات الدولية على الحدود مع رومانيا وجرى تغيير مسار السيارات عقب هجمات الطائرات المسيرة.

وكثفت روسيا هجماتها على جنوب أوكرانيا، حيث الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود والموانئ النهرية، منذ انسحاب موسكو من اتفاق في يوليو (تموز) كان يهدف لتأمين المرور الآمن لشحنات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود للمساهمة في تخفيف أزمة غذاء عالمية.

وجاءت الهجمات الجمعة بعد هجوم الخميس الصاروخي، الذي أسفر عن مقتل العشرات في قرية غروزا في شمال شرق البلاد أثناء تجمع لتأبين جندي أوكراني. وقالت متحدثة باسم مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان الجمعة إنّ «كلّ شيء يشير» إلى أنّ صاروخاً روسياً هو الذي أصاب قرية غروزا الصغيرة في أوكرانيا وأدى إلى مقتل العشرات.

وضرب الهجوم الدموي غروزا، حيث كان المشيّعون في مقهى، كما سقط ضحايا في متجر في المبنى نفسه في القرية التي يبلغ عدد سكانها 330 شخصاً والواقعة في منطقة خاركيف. وصباح الجمعة، كان رجال الإطفاء يقومون بإزالة الأنقاض.

كثفت روسيا هجماتها على جنوب أوكرانيا حيث الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود والموانئ النهرية منذ انسحاب موسكو من اتفاق في يوليو (رويترز)

في المقبرة الواقعة عند مدخل القرية، جاء أوليكسي مع أفراد من عائلته لتحديد موقع القبور التي سيدفن فيها شقيقه وزوجته، اللذان قُتلا في الهجوم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لا أعرف متى سنتمكّن من دفنهما. جثة أخي كانت سليمة، لكن جثة زوجته كنت بلا رأس».

وشاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» جنوداً يرتدون قفازات زرقاء وهم يضعون أكياساً بيضاء تحتوي على جثث هامدة في إحدى شاحناتهم واحدة تلو الأخرى. ورأى فولوديمير موخوفاتي، وهو قروي يبلغ من العمر 70 عاماً، جثة ابنه تُنتشل من تحت الأنقاض، وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لقد تمّ إخراجه للتو، بلا رأس، بلا ذراعين، بلا أرجل... تمّ التعرّف عليه بفضل أوراق هويته ورخصة قيادته». ويأمل أن تكون زوجته وزوجة ابنه، اللتان لم يُعثر عليهما، من بين المصابين الذين نقلتهم سيارات الإسعاف، لكنّه يعترف بأنّ «الأمل ضئيل». وقال: «لن أعيش طويلاً بمفردي».

مساء الخميس، أعلن المسعفون انتهاء عملياتهم في الموقع، ليصل العدد النهائي للضحايا إلى 52 قتيلاً وستة جرحى.

أعلن المسعفون انتهاء عملياتهم في الموقع ليصل العدد النهائي للضحايا إلى 52 قتيلاً وستة جرحى (أ.ف.ب)

في مكان آخر، كان قبر الجندي أندري كوزير مغطى بالورود ويعلوه العلم الأوكراني، وكان الضحايا الـ52 قد تجمّعوا في مقهى لحضور مراسم العزاء به. وتقول فالنتينا كوزيينكو (73 عاماً) التي تعيش في الجهة المقابلة: «لقد مات كلّ من كان في الجنازة. لقد حدث ذلك بعد دخول الناس إلى المقهى مباشرة». وتتساءل: «كيف عرف الروس أنّ هناك الكثير من الناس هناك؟ ربما أخبرهم أحدهم».

وفقاً للأمم المتحدة، فإنّ «كلّ شيء يشير» إلى أنّ صاروخاً روسياً هو الذي أصاب قرية غروزا. وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الجمعة، إنّ «هاتين الفظاعتين تثبتان أنه يجب الحفاظ على الدعم العالمي لأوكرانيا وتعزيزه. إن إضعافه لن يؤدي إلا إلى المزيد من جرائم الحرب من هذا النوع».

بدورها، قالت منسّقة أوكرانيا في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) دينيس براون إنها «شعرت بالفزع». وأضافت في بيان: «إنّ تنفيذ هجوم عمداً ضد مدنيين أو أهداف مدنية جريمة حرب».

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لاحقاً على موقع «إكس»، «ما دامت تتساقط القنابل على المحلات والمقاهي، فإننا سنفعل كل شيء من أجل أوكرانيا حتى تحمي نفسها من إرهاب بوتين الصاروخي».

كذلك، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار: «يجب أن نستمر في دعم الشعب الأوكراني لأن هذا هو الواقع الرهيب الذي يعيشه» يومياً، في وقت يحاول الرئيس جو بايدن تأمين موافقة الكونغرس على مساعدات إضافية لأوكرانيا. وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أنه «من خلال استهداف المدنيين الأوكرانيين عمداً، فإنّ روسيا ستكون مذنبة مرة أخرى بارتكاب فظائع تشكّل جرائم حرب». وقالت موسكو الخميس إنها أسقطت ثماني طائرات مسيرة أوكرانية في غرب روسيا.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تأسر جنديا كوريا شماليا أصيب خلال قتاله إلى جانب الروس

آسيا جنود كوريون شماليون خلال مناورات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

أوكرانيا تأسر جنديا كوريا شماليا أصيب خلال قتاله إلى جانب الروس

أعلنت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية الجمعة أنّ الجيش الأوكراني أسر جنديا كوريا شماليا أصيب بجروح خلال قتاله إلى جانب القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا جانب من أعمال قمة قادة «رابطة الدول المستقلة» في سان بطرسبرغ الخميس (أ.ف.ب)

بوتين: نسعى لإنهاء الصراع في أوكرانيا وسلوفاكيا عرضت استضافة المفاوضات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن سلوفاكيا عرضت أن تكون بمثابة «منصّة» لمفاوضات سلام محتملة بين روسيا وأوكرانيا، بعد نحو 3 سنوات على بدء الحرب.

«الشرق الأوسط» (لندن - موسكو)
أوروبا ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم (رويترز)

سجن امرأة متهمة بالخيانة في القرم 15 عاماً

حُكم على امرأة في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، بالسجن 15 عاماً بتهمة الخيانة؛ على خلفية عملها لحساب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (لقطة من بث حي للمؤتمر الصحافي) play-circle

لافروف: العلاقات مع سوريا استراتيجية... ولا نريد «هدنة ضعيفة» في أوكرانيا

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، «يصف العلاقات مع روسيا بأنها طويلة الأمد واستراتيجية، ونحن نتفق معه في ذلك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جانب من الدمار الذي خلفه هجوم روسي على خاركيف في 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

أوكرانيا تُدين الهجوم الروسي «غير الإنساني» على نظامها للطاقة

أدان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هجوماً واسعاً شنته القوات الروسية على شبكة الطاقة، أمس (الأربعاء)، وعدَّه «غير إنساني» لأنه جاء صبيحة الاحتفالات بعيد.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)

الكرملين يحذر من «فرضيات» تحطم الطائرة الأذربيجانية

مختصون بالطوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب التابعة لشركة «الخطوط الجوية الأذربيجانية» بالقرب من مدينة أكتاو غرب كازاخستان الأربعاء (أ.ف.ب)
مختصون بالطوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب التابعة لشركة «الخطوط الجوية الأذربيجانية» بالقرب من مدينة أكتاو غرب كازاخستان الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

الكرملين يحذر من «فرضيات» تحطم الطائرة الأذربيجانية

مختصون بالطوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب التابعة لشركة «الخطوط الجوية الأذربيجانية» بالقرب من مدينة أكتاو غرب كازاخستان الأربعاء (أ.ف.ب)
مختصون بالطوارئ يعملون في موقع تحطم طائرة الركاب التابعة لشركة «الخطوط الجوية الأذربيجانية» بالقرب من مدينة أكتاو غرب كازاخستان الأربعاء (أ.ف.ب)

حذّر الكرملين، أمس (الخميس)، من طرح «فرضيات» بشأن تحطّم الطائرة الأذربيجانية التي كانت متوجّهة إلى روسيا الأربعاء. وجاء ذلك في الوقت الذي نقلت فيه وكالة «رويترز» عن 4 مصادر مطّلعة في أذربيجان، أن نظام دفاع جوي روسياً كان وراء إسقاط الطائرة التي تحطمت في كازاخستان. كما تحدّث مسؤول أميركي للوكالة نفسها عن رصد «مؤشرات أولية» على أن نظاماً روسياً مضاداً للطائرات ربما أصاب الطائرة.

في المقابل، قال أبيلايبك أورداباييف المدعي العام المكلف بشؤون النقل في إقليم مانجستاو بكازاخستان، إن التحقيق لم يتوصل بعدُ إلى أي شيء يشير إلى إسقاط الدفاعات الجوية الروسية للطائرة.

وكانت الطائرة، وهي من طراز «إمبراير 190»، في رحلة من باكو إلى غروزني، وانحرفت عن مسارها فوق بحر قزوين. وفُتح تحقيق للوقوف على أسباب الحادثة، لكن خبراء عسكريين قالوا إن الطائرة ربما أصيبت عن طريق الخطأ بنيران روسية حين كانت تحلق بمنطقة أُبلغ فيها عن نشاط للمسيّرات الأوكرانية.