زيلينسكي مصمم على الانتصار ويعترف بأن قواته تتقدم ببطء

روسيا تتبع تكتيك «الكر والفر والدفاع المرن»... لكن استعادة أوكرانيا لروبوتين تثير علامات استفهام

زيلينسكي في منطقة خاركيف (أ.ف.ب)
زيلينسكي في منطقة خاركيف (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي مصمم على الانتصار ويعترف بأن قواته تتقدم ببطء

زيلينسكي في منطقة خاركيف (أ.ف.ب)
زيلينسكي في منطقة خاركيف (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، إن أوكرانيا ستبذل قصارى جهدها لتحقيق النصر في حربها ضد روسيا، وتهدف إلى تجاوز فصل الشتاء دون فقد زمام المبادرة في ساحة المعركة.

وقال لقناة «سكاي تي. جي 24» الإيطالية «هناك إرهاق لكننا سنبذل قصارى جهدنا للنصر على عدونا، وسيستمر هجومنا المضاد، حتى ولو ببطء لصد العدو».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يقدم جائزة لجندي خلال زيارته للجبهة الشرقية أمس (أ.ف.ب)

وأضاف أن بلاده تلمس دعم الولايات المتحدة في «هذه الأوقات الصعبة للغاية» وهي مقتنعة بأن هذا الدعم سيستمر في المستقبل، فيما دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الأربعاء حلفاء بلاده إلى تزويد أوكرانيا بالوسائل اللازمة لمساعدتها على الانتصار في الحرب ضد روسيا. وقال في مؤتمر لحزب المحافظين الذي يتزعمه «إذا أعطينا الرئيس زيلينسكي الأدوات اللازمة، فسوف ينهي الأوكرانيون المهمة».

سوناك زعيم حزب المحافظين البريطاني يطالب بمزيد من الدعم لأوكرانيا (رويترز)

ويواجه الهجوم الأوكراني المضاد حقول الألغام الروسية وشبكات الخنادق المعقدة. لكن إحدى العقبات الصعبة غير المعتادة أمام القوات الأوكرانية هي التكتيك الذي تبنته القوات الروسية: «التنازل عن الأرض ثم الرد».

وهذا التكتيك هو مجرد واحد من عدة عوامل أعاقت التقدم السريع، وفقاً لمسؤولين أوكرانيين وخبراء عسكريين. ويشير هؤلاء أيضاً إلى استخدام موسكو لحقول الألغام الكثيفة، وشبكات الخنادق وحواجز الدبابات.

ويقول خبراء أمنيون إنه بدلاً من الحفاظ على خط من الخنادق بأي ثمن في مواجهة الهجوم الأوكراني، استخدم القادة الروس تكتيكاً عسكرياً قديماً يُعرف باسم «الدفاع المرن».

ولتنفيذ هذا التكتيك، تنسحب القوات الروسية إلى الخط الثاني من المواقع، ما يشجع القوات الأوكرانية على التقدم، ثم ترد عندما تكون القوات المهاجمة معرضة للخطر في أثناء التحرك عبر أرض مفتوحة أو عند وصولها إلى المواقع الروسية التي تم التخلي عنها مؤخراً، بهدف منعها من تأمين موقع فعلي واستخدامه قاعدة لمزيد من التقدم. وهذا هو ما تمكنت أوكرانيا من تحقيقه بنجاح في قرية روبوتين في الجنوب، وهو أكبر اختراق لها في الأسابيع الأخيرة. وقال بن باري، وهو زميل بارز في دراسات الحرب البرية في المعهد الدولي للاستراتيجية، (مجموعة بحثية بريطانية): «يتنازل المدافع عن الأرض بينما يلحق أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية بالمهاجمين».

ولعل المشكلة الأكثر صعوبة بالنسبة لأوكرانيا هي المخزونات الروسية الضخمة من المدفعية، التي تم نشرها طوال الصراع، وليس أقلها لصد الهجوم المضاد الذي بدأ في يونيو (حزيران) الماضي. ويضيف باري أن الدفاع المرن ليس استراتيجية جديدة. فقد استخدمه الاتحاد السوفياتي في أثناء هزيمته لألمانيا عام 1943 في معركة كورسك، وهي واحدة من أكبر المعارك على الجبهة الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية.

وقال باري: «تاريخياً، تم استخدامه بنجاح كبير، لكن النجاح يتطلب قيادة جيدة وقوات مدربة تدريباً جيداً وتوجيه ضربات مضادة حاسمة». لكن معهد دراسات الحرب، وهو منظمة مقرها واشنطن، لاحظ وجود علامات استفهام كبيرة على هذا التكتيك، فيما يخص ما حدث في الأيام الأخيرة حول قرية روبوتين، التي سقطت في أيدي القوات الأوكرانية نهاية أغسطس (آب) الماضي.

معدات عسكرية روسية تحترق في منطقة زابوريجيا الجنوبية (رويترز)

وقال المعهد في تقرير نهاية الأسبوع الماضي إن بعض التحصينات الميدانية المهمة قد تغيرت عدة مرات، مضيفا أن القوات الروسية «كانت تشن هجمات مضادة تكتيكية محدودة ناجحة». وقد أوضحت الادعاءات المتضاربة هذا الأسبوع هذه القضية: «قالت القوات الروسية إنها شنت هجوماً على القوات الأوكرانية على خط المواجهة في منطقة زابوريجيا الجنوبية، المحور الرئيسي لهجوم أوكرانيا المضاد، في حين قالت القوات الأوكرانية إنها صدت الهجمات».

زيلينسكي مع مجموعة صغيرة من الجنود الذين بدا أن بينهم رجالاً أكبر سناً... في إشارة إلى الخسائر التي خلفتها الحرب في أوكرانيا (إ.ب.أ)

وفي تقرير له يوم الاثنين، قال المعهد إن لقطات تحديد الموقع الجغرافي وصور الأقمار الصناعية تظهر على ما يبدو أن أوكرانيا استعادت السيطرة على نظام الخنادق، جنوب غربي روبوتين، الذي كانت قد خسرته سابقاً أمام القوات الروسية. وظهر مؤشر آخر على طبيعة القتال ذهاباً وإياباً يوم الثلاثاء، عندما قال الجنرال أولكسندر تارنافسكي، قائد القوات الأوكرانية في الجنوب، إن هناك تقدماً لقواته، لكن لم يتسن التحقق من ادعاءاته. وتقدمت القوات الأوكرانية أيضاً في جنوب المنطقة الشرقية، دونيتسك؛ حيث لم يتوقف القتال حول باخموت، وهي واحدة من أكثر المعارك وحشية في الحرب، منذ سيطرة موسكو على المدينة في مايو (أيار).

وزار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القوات بالقرب من كوبيانسك يوم الثلاثاء لتوزيع الأوسمة وتفقد المعدات العسكرية، بما في ذلك دبابات ليوبارد التي تبرع بها حلفاء البلاد في الناتو في أوروبا. ونشر حسابه على تطبيق «تلغرام» مقطع فيديو له في غابة وهو يصافح مجموعة صغيرة من الجنود، الذين بدا أن بينهم رجالا أكبر سنا؛ في إشارة إلى الخسائر التي خلفتها الحرب في أوكرانيا.

ويعتقد الخبراء العسكريون أن روسيا أيضاً تكبدت خسائر كبيرة في سياق الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا، رغم أنها نجحت في إبطاء التقدم، جزئياً من خلال دفاعها المرن. وقال أوليكسي ملنيك، القائد الأوكراني السابق الذي يشغل الآن منصب مسؤول كبير في مركز رازومكوف في كييف، وهو منظمة غير ربحية، إن العامل الرئيسي في التنفيذ الناجح لهذا التكتيك هو الاستخدام الحكيم للاحتياط العسكري، الذي يمكن إلقاؤه في المعركة لشن هجوم مضاد. ويبدو أن موسكو بدأت في نشر وحدات النخبة المحمولة جواً للدفاع عنها في منطقة زابوريجيا، وفقاً لملنيك، ما يشير إلى أن إمداداتها من الاحتياطات النظامية قد تتضاءل - وهو تطور قال ملنيك إنه سيكون «أخباراً مشجعة» لأوكرانيا.

وقال مايكل كوفمان، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إنه إذا بدأت قوات موسكو في التراجع أكثر من بضع مئات من الياردات في المرة الواحدة، وكانت القوات الأوكرانية، وخاصة الوحدات الآلية، قادرة على بناء زخم كافٍ للتقدم، فسيكون ذلك علامة على أن الاستراتيجية الدفاعية الروسية بدأت تتعثر. وقال في برنامج «الحرب على الصخور» الأسبوع الماضي: «أحد أكبر الأمور التي لا تزال موضع تساؤل هو ما إذا كان الجيش الأوكراني سيتمكن من تحقيق انفراجة أم لا». وقال إن أحد البدائل هو أن «ما نراه هو إلى حد كبير كيف سيتكشف هذا الهجوم من الآن وحتى، دعنا نقل، ندخل فصل الشتاء، أو ربما حتى خلال فصل الشتاء».


مقالات ذات صلة

​أوكرانيا: إسقاط 47 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

أوروبا جنود روس يقومون بتجميع طائرة من دون طيار في مكان غير معلن (أ.ب)

​أوكرانيا: إسقاط 47 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

قال سلاح الجو الأوكراني الاثنين إنه أسقط 47 من أصل 72 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا في أنحاء البلاد بينما لم تبلغ 25 طائرة أخرى أهدافها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
آسيا جنود روس في منطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

سيول: بيونغ يانغ تستعد لإرسال مزيد من القوات والمسيّرات لروسيا

قال الجيش الكوري الجنوبي اليوم إنه رصد مؤشرات على استعداد كوريا الشمالية لإرسال مزيد من القوات والأسلحة، بما في ذلك طائرات مسيّرة مفخخة، إلى روسيا لدعمها.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال حفل ترنينغ بوينتس السنوي في فينيكس بولاية أريزونايوم الأحد (أ.ف.ب)

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما... ولقاء محتمل مع بوتين

أبدى الرئيس المنتخب دونالد ترمب، استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أقرب وقت، مؤكداً قدرته على إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار» بعد هجوم قازان

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار» بعد هجوم قازان

بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)
بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)
TT

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار» بعد هجوم قازان

بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)
بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

واتَّهمت موسكو، كييف، بالوقوف وراء هجوم السبت، الذي أصاب مبنى شاهقاً في المدينة الواقعة على بعد نحو ألف كيلومتر من الحدود الروسية - الأوكرانية. وقال بوتين في كلمة متلفزة: «أياً كان، ومهما حاولوا التدمير، سيواجهون دماراً مضاعفاً، وسيندمون على ما يحاولون القيام به في بلادنا».

في سياق متصل، قال الرئيس الروسي إنَّ الصاروخ الفرط صوتي «أوريشنيك» علامة فارقة في تاريخ صناعة الصواريخ الفضائية، مؤكداً أنه لم يوجد مثله من قبل. وأضاف في مقابلة مع قناة «روسيا 1» أن الصاروخ «ليس إنجاز العام فحسب، بل إنجاز تاريخي».