سيشاركون مستقبلاً باختيار خلف له... البابا يعيّن 21 كاردينالاً جديداً

البابا فرنسيس يحضر مراسم كونسيستية في ساحة القديس بطرس - مدينة الفاتيكان (إ.ب.أ)
البابا فرنسيس يحضر مراسم كونسيستية في ساحة القديس بطرس - مدينة الفاتيكان (إ.ب.أ)
TT

سيشاركون مستقبلاً باختيار خلف له... البابا يعيّن 21 كاردينالاً جديداً

البابا فرنسيس يحضر مراسم كونسيستية في ساحة القديس بطرس - مدينة الفاتيكان (إ.ب.أ)
البابا فرنسيس يحضر مراسم كونسيستية في ساحة القديس بطرس - مدينة الفاتيكان (إ.ب.أ)

رفع البابا فرنسيس السبت 21 رجل دين من كل أنحاء العالم إلى رتبة كاردينال يُتوقع أن يدلي معظمهم بأصواتهم يوماً ما لانتخاب خلف له، وبينهم دبلوماسيون ومستشارون مقربون وإداريون، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

في الكنيسة الكاثوليكية التي تفكر ملياً بمستقبلها، تعكس سيرة هذه الشخصيات الأولويات التي حددها خورخي برغوليو الذي يسعى لأن تكون الكنيسة أكثر شمولاً وعالمية، متجاوزاً حدود أوروبا ليختار رجال دين من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.

جرت صباح السبت تحت شمس ساطعة مراسم مجمع الكرادلة، وهو التاسع منذ انتخاب البابا فرنسيس عام 2013، في ساحة القديس بطرس المهيبة في روما التي ملأ مَن حضروا لمتابعة المراسم نصفها.

البابا فرنسيس يعين 21 كاردينالاً جديداً في حفل أقيم في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (د.ب.أ)

وكما هو معتاد، ركع الكرادلة الجدد بأثوابهم الحمر أمام البابا لتسلُّم قبعة أرجوانية رباعية الزوايا وخاتم.

قال البابا مبتسما لتشجيعهم: «هيا! إلى الأمام!»، وسط هتافات آلاف المؤمنين الذين لوح بعضهم بأعلام بلادهم.

وعقب الحفل، هنَّأ أفراد من الحضور الكرادلة الجدد في القصر الرسولي.

ومن بين الأساقفة الـ21 الذين تم اختيارهم لمساعدة البابا في إدارة شؤون الكنيسة، سيشارك 18 (وهم الذين تقل أعمارهم عن 80 عاماً)، في الاجتماع السري الذي سيُنتخب خلاله البابا المقبل.

أمام الكرادلة «من جميع أنحاء العالم»، شبَّه البابا فرنسيس مجمع الكرادلة بأنه «أوركسترا سيمفونية» حيث «التنوع ضروري»، ولكن «على كل موسيقي أن يستمع إلى الآخرين».

البابا فرانسيس (على اليمين) يعين 21 كاردينالاً جديداً في حفل أقيم في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان (د.ب.أ)

يرسمون خطاً واضحاً مع الماضي

يسعى البابا المعني بالمناطق المهمشة ومجتمعات الأقليات، إلى ترقية رجال الدين في البلدان النامية إلى أعلى مراتب الكنيسة، بعيداً عن التمييز المنهجي لصالح رؤساء الأساقفة في الأبرشيات الكبيرة.

وصرح مراقب ملم بقضايا الفاتيكان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن الحبر الأعظم يبحث عن كرادلة يتماشون مع العصر. هؤلاء هم أشخاص اتخذوا جميعاً خطوة بعيداً عن الكنيسة التقليدية، ويرسمون خطاً واضحاً يفصلهم عن الماضي».

وأضاف أن «البابا يحب الأساقفة الذين يتحركون ويعملون».

وقائمة الكرادلة الجدد الموزعين على 15 جنسية تعكس المناطق التي تتوسع فيها الكنيسة، مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا، مع ترقية أساقفة من جوبا (جنوب السودان) والكاب (جنوب أفريقيا) وتابورا (تنزانيا).

البابا فرنسيس يصافح الكاردينال الجديد إس إي مونس إميل بول تشيريج خلال حفل كونسيوري لرفع أساقفة الروم الكاثوليك إلى رتبة كاردينال (رويترز)

ويمثل آسيا التي شهد تمثيلها نمواً خلال 10 سنوات، أسقف بينانغ (ماليزيا)، وأسقف هونغ كونغ، ستيفن تشاو ساو يان، الذي يُنظر إليه على أنه قادر على لعب دور مهم في تحسين العلاقات الصعبة بين الكنيسة وبكين.

ومن الوافدين الجدد فرنسيان، مما يرفع عدد الناخبين من فرنسا إلى 6، وهما: أسقف أجاكسيو المونسنيور فرنسوا بوستيلو (54 عاماً) وهو فرنسيسكاني من أصل إسباني، وكريستوف بيير (77 عاماً)، وهو السفير البابوي لدى الولايات المتحدة بعد مسيرة دبلوماسية حافلة. و«أتى نحو 800 من المؤمنين من كورسيكا لحضور هذه المراسم».

وقال المونسنيور بيير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بصفتنا سفراء بابويين، نحن وسطاء وخدم. ولا أعتقد أن هذا الأمر سيتغير ككرادلة»، مقراً بأنه يشعر «بمسؤولية أكبر على كاهله».

والأسقف الإيطالي بييرباتيستا بيتسابالا هو بطريرك القدس للاتين الأول الذي يُعين كاردينالاً.

مؤشر على اتجاه الكنيسة الكاثوليكية

أما أوروبا التي تراجع تمثيلها خلال 10 سنوات؛ فهي هذه المرة في وضع جيد مع 8 ممثلين، بينهم البرتغالي أميريكو أغيار البالغ من العمر 49 عاماً والأصغر سناً في القائمة.

وسمى البابا رؤساء أبرشيات مهمة، مثل الإيطالي كلاوديو غوجيروتي الذي يشغل حالياً منصب عميد دائرة الكنائس الشرقية، والأرجنتيني فيكتور مانويل فرنانديز الذي تم اختياره هذا الشهر لرئاسة دائرة «عقيدة الإيمان»، والأميركي روبرت بريفوست.

تجري مراقبة خيارات البابا عن كثب، لأنها تكون مؤشراً على اتجاه الكنيسة الكاثوليكية في المستقبل، وأولوياتها بالنسبة للمؤمنين البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة.

لا سيما أن البابا البالغ من العمر 86 عاماً، الذي بات يتنقل في كرسي متحرك، ترك «الباب مفتوحاً» للتنحي من منصبه، مثل سلفه بنديكتوس السادس عشر؛ إذا استدعت حالته الصحية المتدهورة ذلك.

بموجب المجمع الأخير للكرادلة أصبح عدد «الكرادلة الناخبين» 137 كاردينالاً. ومع التعيينات الأخيرة يكون البابا فرنسيس قد انتقى نحو 75 في المائة منهم، في حين انتقى بنديكتوس السادس عشر 22 في المائة ويوحنا بولس الثاني 6 في المائة.

وقد يؤثر هذا التوزيع على أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب البابا الجديد، من خلال زيادة احتمال «مشاركته أفكار الحبر الأعظم الحالي»، حتى وإن كان يصعب التنبؤ بنتيجة انتخاب البابا.


مقالات ذات صلة

إمام إندونيسيا الأكبر والبابا يوقعان نداءً ضدّ «الاستغلال الديني للصراعات»

آسيا الإمام نصر الدين عمر يحيي البابا فرنسيس أثناء لقائهما بمسجد الاستقلال في جاكرتا (د.ب.أ)

إمام إندونيسيا الأكبر والبابا يوقعان نداءً ضدّ «الاستغلال الديني للصراعات»

وقّع البابا فرنسيس وإمام جاكرتا الأكبر إمام مسجد الاستقلال في العاصمة الإندونيسية، اليوم (الخميس)، نداءً مشتركاً لمواجهة «الاستغلال الديني للصراعات».

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا بابا الفاتيكان والرئيس الإندونيسي يحيون الجماهير قبل اجتماع مع الهيئات والمجتمع الدني والدبلوماسيين في القصر الرئاسي (أ.ف.ب)

بابا الفاتيكان يدعو من إندونيسيا «لتعزيز الحوار بين الأديان»

دعا البابا فرنسيس، الأربعاء، من إندونيسيا إلى «تعزيز الحوار بين الأديان» من أجل «مواجهة التطرّف والتعصّب»، وذلك في مستهل جولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
شؤون إقليمية أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين (متداولة)

الفاتيكان يدعو إيران إلى ضبط النفس

حثت الفاتيكان إيران على ممارسة ضبط النفس في ظل التهديد بتفاقم الوضع في الشرق الأوسط، وذلك في محادثة هاتفية بين أمين سر الفاتيكان والرئيس الإيراني الجديد.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا البابا فرنسيس (إ.ب.أ)

البابا يأسف لـ«الكراهية التي تزرعها في الأجيال المقبلة» حرب غزة

أعرب البابا فرنسيس اليوم (الجمعة) عن أسفه «للكراهية التي تزرعها في الأجيال المقبلة» الحربُ المستمرة منذ ثمانية أشهر بين إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا بابا الفاتيكان فرنسيس الأول (أ.ف.ب)

بعد استخدامه وسائل النقل العام في شبابه... بابا الفاتيكان يفتقد ركوب القطارات

أعرب بابا الفاتيكان فرنسيس الأول خلال مقابلة عن حنينه للأيام الخوالي عندما كان لا يزال بإمكانه استقلال القطار.

«الشرق الأوسط» (روما)

القضاء الفرنسي ينظر في طلب جديد للإفراج عن اللبناني جورج عبدالله

جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)
جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)
TT

القضاء الفرنسي ينظر في طلب جديد للإفراج عن اللبناني جورج عبدالله

جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)
جورج إبراهيم عبدالله (أرشيفية)

ينظر القضاء الفرنسي الاثنين في طلب جديد للإفراج المشروط عن اللبناني جورج إبراهيم عبدالله الذي يقبع في السجن منذ 40 عاماً بعد إدانته بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسي أميركي وآخر إسرائيلي، علما أنه قانونيا أهل للإفراج عنه منذ 25 عاما.

وقال محاميه جان-لوي شالانسيه الذي سيجلس إلى جانب موكله الاثنين في الجلسة لوكالة الصحافة الفرنسية: «جورج إبراهيم عبدالله هو أقدم سجين في العالم مرتبط بالصراع في الشرق الأوسط... حان الوقت لإطلاق سراحه»، مطالبا بالإفراج عنه وترحيله إلى لبنان، إذ يخشى عبدالله على سلامته إذا بقي في فرنسا.

ولن يُتَّخذ القرار قبل 15 يوما على الأقل، وفق تقديرات شالانسيه الذي أوضح أنه في حال رفض طلب إطلاق السراح المشروط، سيقدّم استئنافا.

يبلغ عبدالله من العمر 73 عاما، وكان في الثالثة والثلاثين عندما دخل مركزا للشرطة في مدينة ليون (وسط شرق) يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) 1984، طالبا الحماية ممن كان يعتقد أنهم عملاء لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) يلاحقونه.

في الواقع، كان يلاحقه عملاء فرنسيون لأنه كان يعيش في ذلك الوقت في شقة باسم شخص قبض عليه في إيطاليا وبحوزته ستة كيلوغرامات من المتفجرات، وفق ما روى لصحيفة «لوموند» لويس كابريولي، الرئيس السابق لمديرية المراقبة الإقليمية، وهو أحد أجهزة الاستخبارات الفرنسية.

المحامي جان-لوي شالانسيه (أرشيفية - أ. ف. ب)

ورغم أنه كان يحمل جواز سفر جزائريا، سرعان ما أدركت المديرية أن هذا الرجل الذي يجيد اللغة الفرنسية ليس سائحا، بل أحد مؤسسي «الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية»، وهي مجموعة ماركسية موالية لسوريا ومعادية لإسرائيل أعلنت مسؤوليتها عن خمسة اعتداءات سقط في أربعة منها قتلى في 1981 و1982 في فرنسا.

وقد أوقف في ليون في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 1984 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بالتواطؤ في اغتيال الدبلوماسي الأميركي تشارلز راي والدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس عام 1982، ومحاولة اغتيال القنصل العام الأميركي روبرت أوم في ستراسبورغ في 1984.

وبعد أربعين عاما، ما زال عبدالله ينتظر قرار القضاة بشأن طلبه بالإفراج المشروط، وهو الحادي عشر بحسب محاميه، الذي قدمه قبل أكثر من عام.

كان من الممكن إطلاق سراحه منذ العام 1999، بموجب القانون الفرنسي، لكن طلبات الإفراج المشروط التي تقدَّم بها رُفضت.

ووافق القضاء في 2013 على طلب إفراج شرط أن يخضع لقرار طرد من وزارة الداخلية الفرنسية لم يصدر يوما.

في 2020، حاول مرة جديدة مع وزير الداخلية جيرالد دارمانان، لكن رسائله بقيت من دون ردّ.

ويرى محاميه ومناصروه أن للحكومة الأميركية يداً في رفض الإفراج عنه، ويذكّرون بأن واشنطن، وهي إحدى الجهات المدّعية في محاكمته عام 1987، عارضت بشكل منهجي طلباته بالإفراج عنه.

وقالت ريتا، وهي ناشطة لبنانية في الحملة المطالِبة بالإفراج عن عبدالله «هذا لا يعني أننا لن نخوض المعركة لأننا مقتنعون بأن العدالة ليست هي التي ترفض. اليوم، هو مخطوف من الدولة الفرنسية، لذلك سيتوجّب على الدولة الفرنسية إطلاق سراحه عندما يكون هناك ضغط سياسي كافٍ».

وفي مايو (أيار) 2023، كتب 28 نائبا فرنسيا من اليسار مقالا مؤيدا لطلب عبدالله. وبعد مرور عام، ما زال يتجمع متظاهرون أمام سجن لانميزان (جنوب غرب) حيث يقبع، للتعبير عن دعمهم.

وصرح شالانسيه «من الواضح أن هناك معارضة لإطلاق سراحه وإرادة بأن يموت في السجن، وهو أمر يتعارض مع كل الاتفاقات الأوروبية».