البيت الأبيض يحض صربيا على سحب قواتها من الحدود مع كوسوفو

جنود من الجيش الصربي خلال عرض لقدرات الدفاع الجوي للجيش الصربي «شيلد 2022»، في مطار عسكري قرب بلغراد (رويترز)
جنود من الجيش الصربي خلال عرض لقدرات الدفاع الجوي للجيش الصربي «شيلد 2022»، في مطار عسكري قرب بلغراد (رويترز)
TT

البيت الأبيض يحض صربيا على سحب قواتها من الحدود مع كوسوفو

جنود من الجيش الصربي خلال عرض لقدرات الدفاع الجوي للجيش الصربي «شيلد 2022»، في مطار عسكري قرب بلغراد (رويترز)
جنود من الجيش الصربي خلال عرض لقدرات الدفاع الجوي للجيش الصربي «شيلد 2022»، في مطار عسكري قرب بلغراد (رويترز)

دعا البيت الأبيض صربيا، الجمعة، إلى سحب وحدات من قواتها المنتشرة عند الحدود مع كوسوفو، مع تصاعد التوتر بين الجانبين، بعد اشتباكات في قرية كوسوفية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم «مجلس الأمن القومي» في البيت الأبيض، جون كيربي: «نحضُّ صربيا على سحب هذه القوات من الحدود»، مشيراً إلى أن حشد القوات، بما يشمل نشراً «غير مسبوق» لبطاريات المدفعية، هو «تطوّر مزعزع للاستقرار جداً».

ولم يشأ التطرق الى خطر غزو جديد لكوسوفو التي لم تعترف صربيا باستقلالها وتشهد توترا شديدا منذ أيام عدة.وجزم بأنه «بسبب التطورات الاخيرة»، فإن قوة الحلف الاطلسي المنتشرة في الاقليم الصربي السابق (كفور) «ستعزز انتشارها» في شمال كوسوفو.ولم يحدد ما إذا كان الأمر يتصل بإعادة تموضع لقوات «كفور» نحو شمال كوسوفو، أو بزيادة واضحة لعديد العسكريين في هذه القوة.واوضح كيربي أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصل الجمعة بالرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش واعرب له عن قلق الولايات المتحدة، مشددا على «ضرورة خفض فوري للتوتر مع عودة الى الحوار».من جهته، تشاور مستشار الأمن القومي الاميركي جايك ساليفان مع رئيس وزراء كوسوفو البين كورتي.وترفض صربيا الاعتراف باستقلال اقليمها الجنوبي السابق ذي الغالبية الالبانية والذي أُعلن العام 2008، بعد عقد من حرب دامية بين الانفصاليين الكوسوفيين والقوات الصربية.وقتل شرطي كوسوفي الأحد في مكمن بشمال كوسوفو، حيث يشكل الصرب غالبية في مدن عدة. وأعقب ذلك تبادل لاطلاق النار بين القوات الخاصة في شرطة كوسوفو ومقاتلين صرب مدججين بالسلاح.ويعد هذا التصعيد من بين الأخطر الذي شهدته كوسوفو في الأعوام الاخيرة.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: بايدن لا يعتزم «أبداً» الانسحاب من الانتخابات الرئاسية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مناظرة رئاسية مع المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب الخميس 27 يونيو 2024 في أتلانتا (أ.ب)

البيت الأبيض: بايدن لا يعتزم «أبداً» الانسحاب من الانتخابات الرئاسية

أكّد البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يعتزم «أبداً» الانسحاب من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر بل هو «ماضٍ قدماً» في حملته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيدة الأميركية الأولى السابقة ميلانيا ترمب (أ.ب)

حال عودته للبيت الأبيض... ميلانيا «تعقد صفقة مع ترمب» بشأن مهامها

من غير المرجح أن تتولى ميلانيا ترمب دور السيدة الأولى بدوام كامل إذا فاز زوجها بالانتخابات الرئاسية وفقاً لتقرير جديد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث خلال مؤتمر صحافي بواشنطن في 12 يونيو (أ.ب)

باول: التضخم يعود إلى المسار الهبوطي لكن المزيد من البيانات مطلوب

قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول إن أحدث البيانات الاقتصادية تشير إلى أن التضخم يعود للمسار الهبوطي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ النائب التقدمي جمال بومان يتحدث بعد خسارته في الانتخابات التمهيدية في نيويورك في 25 يونيو 2024 (رويترز)

انتكاسة للديمقراطيين «التقدميين» في نيويورك بعد خسارة جمال بومان

في ضربة موجعة للتقدميين خسر النائب الديمقراطي جمال بومان انتخابات حزبه التمهيدية في ولاية نيويورك أمام الديمقراطي المعتدل جورج لاتيمر

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية مبنى المحكمة العليا الأميركية في العاصمة واشنطن (رويترز)

الولايات المتحدة تعاقب 50 كياناً مرتبطاً بالتمويل العسكري الإيراني

موقع وزارة الخزانة الأميركية: استهداف شبكة ظل مصرفية تنقل المليارات إلى القوات المسلحة بما في ذلك جهاز «الحرس الثوري».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

​مساعٍ فرنسية لتشكيل تحالف حكومي واسع

الرئيس إيمانويل ماكرون مقترعاً الأحد الماضي في منتجع «لو توكيه» (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون مقترعاً الأحد الماضي في منتجع «لو توكيه» (رويترز)
TT

​مساعٍ فرنسية لتشكيل تحالف حكومي واسع

الرئيس إيمانويل ماكرون مقترعاً الأحد الماضي في منتجع «لو توكيه» (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون مقترعاً الأحد الماضي في منتجع «لو توكيه» (رويترز)

تدخل فرنسا، ليل الجمعة إلى السبت، في مرحلة صمت انتخابي لن ينتهي إلا في الثامنة من مساء الأحد مع بدء صدور النتائج النهائية لدورة الإعادة «الحاسمة» للانتخابات البرلمانية، التي ستدخل فرنسا في نفق سياسي مظلم دفعها إليه قرار الرئيس إيمانويل ماكرون، مساء التاسع من يونيو (حزيران) حل البرلمان. والسؤال الأول والرئيسي والذي تتطارحه الأحزاب كافة يدور حول معرفة ما إذا كان حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف سيحوز على الأكثرية المطلقة في البرلمان الجديد، بحيث يتولى حكم البلاد للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أواسط القرن الماضي.

قيل الكثير حول خطأ الحسابات السياسية الذي ارتكبه ماكرون بحل البرلمان، فيما لم يكن هناك ما يفرض عليه ذلك، لا من جانب الدستور ولا من جانب التوازنات السياسية. ولأن اليمين المتطرف هيمن على الدورة الانتخابية الأولى بحصوله مع حلفائه على أكثر من 33 في المائة من الأصوات، وتبين للجميع أنه قادر، بفضل الدينامية السياسية التي يتمتع بها، على قلب الطاولة بوجه معارضيه، فإن الهم الأكبر للكتلتين السياسيتين اللتين برزتا «الجبهة الشعبية» الجديدة التي تضم أحزاب اليسار الثلاثة والخضر، و«ائتلاف الوسط» الحاضن للأحزاب الداعمة لماكرون وعهده، كان يدور حول كيفية احتواء اليمني المتطرف ومنعه من الحصول على 289 نائباً؛ وهو الرقم السحري الذي يمثل الأكثرية المطلقة في البرلمان.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف والمرشحة للرئاسة في الانتخابات المقبلة لدى وصولها الثلاثاء إلى مقر حزبها بباريس (أ.ف.ب)

والطريق إلى ذلك، عنوانها انسحاب مرشحي المجموعتين في الدوائر، حيث السباق يدور بين ثلاثة مرشحين؛ بينهم مرشح اليمين المتطرف، وذلك لمنع تشتت الأصوات وقطع الطريق على فوزه بالمقعد. وعمد كل «الجبهة الوطنية» و«ائتلاف الوسط» إلى سحب 220 مرشحاً، بحيث تراجعت المنافسة السياسية من 310 منافسات إلى 90 منافسة. والجهد الأكبر بذلته الجبهة اليسارية، فيما شهدت أوساط ائتلاف الوسط انقسامات ومساومات تركزت حول رفض كثير من المرشحين الانسحاب لصالح مرشحي حزب «فرنسا الأبية» الذي يتزعمه جان لوك ميلونشون، المتهم بالطوائفية ومعاداة السامية والسعي إلى إثارة الفوضى. أما حزب «الجمهوريين» اليميني التقليدي المنقسم على ذاته، بعد تحالف رئيسه إريك سيوتي مع «التجمع الوطني»، فهو تائه بين من يدعوه إلى البقاء داخل القوس الجمهوري، وبين من يشده للالتحاق باليمن المتطرف والاقتداء برئيسه.

القوس الجمهوري

بعد ثلاثة أسابيع من الاتهامات المتبادلة بين هاتين المجموعتين، تبدلت الأجواء وحلت محلها الدعوة إلى قيام «قوس جمهوري» يضم أوسع مروحة من الأحزاب يميناً ويساراً ووسطاً لمواجهة «خطر» التجمع الوطني. وسارعت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف إلى اتهام ماكرون بوضع العِصي في دواليب الديمقراطية ومنع الناخبين الفرنسيين من التعبير بكامل حريتهم عن خياراتهم السياسية، وإعاقتهم عن طريق «إقامة أحلاف ظرفية مغايرة للطبيعة».

وبعد مهمة الانسحابات، برزت صعوبة أخرى تتناول صورة «اليوم التالي». ذلك أنه في حال عجز اليمين المتطرف عن الحصول على الأكثرية المطلقة، وبالتالي عن تسلم السلطة، فمن سيتولى إدارة البلاد؟

غابرييل أتال خارجاً من القصر الرئاسي بعد اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء وتظهر وراءه وزيرة الثقافة (أ.ب)

سريعاً جداً، طرح مبدأ قيام حكومة تضم الأطراف كافة المندرجة تحت اسم «القوس الجمهوري»، بعيداً عن «التجمع الوطني»، وعن حزب «فرنسا الأبية» الذي يشكل القوة الضاربة داخل «الجبهة الشعبية الجديدة». وسارع مانويل بومبار، المنسق الوطني لشؤون الحزب المذكور والمقرب من ميلونشون إلى تأكيد أن «فرنسا الأبية»، «لن تذهب إلى الحكم، إلا من أجل تنفيذ برنامجها الانتخابي وليس لأي هدف آخر».

المشكلة في فرنسا أن الطبقة السياسية فيها لم تعتد ممارسة السلطة بناء على برنامج حكم مشترك متفاوض عليه، يكون بمثابة عقد يتيح لأحزاب مختلفة أن توجد داخل حكومة واحدة على غرار ما يحصل في ألمانيا أو إسبانيا. وواضح أن حكومة مثل هذه، حتى تقوم، يجب أن تتمتع بأكثرية بديلة. وبهذا الخصوص، قال غابرييل أتال، رئيس الحكومة الحالية، إن هذه الأكثرية يمكن أن تتشكل «من مجموعات سياسية من اليمين واليسار والوسط تعمل معاً على أساس كل مشروع على حدة، لخدمة مصالح الشعب الفرنسي». بيد أن تطوراً جذرياً مثل هذا يفترض، كما أضاف، تبني «شكل جديد من الحكم وطريقة جديدة للعمل». وبكلام أوضح، يقول أتال إن شكل الحكم «العمودي» الذي يعمل به منذ مجيء الرئيس ماكرون إلى رئاسة الجمهورية قبل سبع سنوات، حيث المسائل كافة تحسم في قصر الإليزيه، لا يمكن أن يتواصل، وإن ثقافة سياسية جديدة يجب أن تحل محل الثقافة السابقة.

تحديات صعبة

حقيقة الأمر أن أمراً مثل هذا قد يكون سهلاً ومنطقياً من الناحية النظرية، إلا أن تنفيذه على أرض الواقع سيواجه، بلا شك، صعوبات وعقبات بين أطراف متناحرة منذ سنوات ويصعب عليها محوها بعصاة سحرية.

أولى الصعوبات تكمن في إيجاد نقطة التوازن بين مكوناتها المختلفة. واستبقت مارين توندوليه، الأمينة العامة لحزب «الخضر» الآخرين بقولها إنه «يتعين بناء التحالف الموعود حول المجموعة السياسية التي تحل في المقدمة، أي حول الجبهة الشعبية الجديدة»، وليس حول المجموعة الداعمة لماكرون. وأضافت أن رئيس الحكومة المقبلة «لا يمكن أن يكون من معسكر الرئيس ماكرون».

من جانبه، قال فرنسوا هولاند، الرئيس السابق، إن «اليسار هو الحل وليس دوره فقط أن يقف سداً منيعاً بوجه اليمين المتطرف». ووفق هولاند، يتعين على أحزاب «القوس الجمهوري» أن «تتوافق على برنامج حكم يمثل الحد الأدنى من التفاهمات»، بحيث يتم تأجيل طرح الملفات الخلافية. ودعا كزافيه برتراند، الوزير السابق ورئيس منطقة «الشمال» إلى تشكيل «حكومة مؤقتة»، على غرار ما عرفته فرنسا مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية. ورأى فرنسوا بايرو، رئيس حزب «الحركة الديمقراطية» المقرب من ماكرون، نظرا للوضع السياسي المستجد: «البحث عن حلول غير معهودة لتجنب المأزق المؤسساتي».

الطروحات المقدمة حول تسمية الحكومة المقبلة كثيرة، لكن ثمة شروط مسبقة يتعين توافرها وأولها التوافق على برنامج حكم بين الأطراف المدعوة لممارسة السلطة، في حال لم يتمكن منها اليمين المتطرف. والحال أن لا شيء يجمع بين برنامج الجبهة الشعبية وبين «ائتلاف الوسط» أو حزب «الجمهوريين»، لذا يتوقع المراقبون أسابيع من المناقشات والمساومات. وقال وزير العدل الأسبق والخبير القانوني جان - جاك أورفواس إن الحكومة العتيدة التي وصفها بـ«الهجينة»: «لن تكون مؤهلة لإطلاق مبادرات سياسية كبيرة»، بل مهمتها «إصلاح الأخطاء» التي تسببت بها الإصلاحات السابقة والتغييرات العنيفة التي جرت في السابق. أما شخصية رئيس الحكومة العتيدة، فستكون موضع خلاف رئيسي بحيث يتعين أن يكون في موقع «التقاطع» بين الأطراف المختلفة، وأن يكون بعيداً عن الطموحات الرئاسية، فضلاً عن قبوله من الأكثرية البديلة التي من دونها لن يبقى في الحكم يوماً واحداً. ولأن الوضع السياسي على هذه الحال، فإن موقع القرار لن يكون بعد في رئاسة الجمهورية وإنما في البرلمان، ما يعيد الوضع في فرنسا إلى ما كان عليه زمن الجمهورية الخامسة، حيث كانت تتغير التموضعات السياسية فتسقط حكومة وتقوم أخرى.

تنديد التجمع الوطني

مارين لوبان زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني وجوردان بارديلا المرشح الرئيسي للحزب في الانتخابات الأوروبية يحضران اجتماعاً سياسياً الأحد 2 يونيو 2024 بالعاصمة الفرنسية باريس (أ.ب)

هكذا يبدو المشهد السياسي في فرنسا قبل حلول يوم الأحد الحاسم. وخوف دعاة «القوس الجمهوري» ألا يلتزم الناخبون بتوصيات القيادات السياسية رغم التوافق على الانسحابات والسير في شكل جديد من الحكم. فالتقارب المستجد يبدو هشاً، إذ يخفي ريبة عميقة متبادلة بين جميع هذه الأطراف. وثمة انقسامات داخل الأحزاب لجهة السير بحكومة تحالف واسع. وقالت النائبة ساندرين روسو، عن «الخضر»، إنها ليست جاهزة لأن تتخلى عن برنامج حزبها، وإن «مضمون البرنامج هو الأساس وليس الشكل». ولأن اليمين المتطرف يعي خطورة ما يتم التحضير له، فقد سارع إلى شن هجوم معاكس. وندد جوردان بارديلا، المرشح لرئاسة الحكومة، بـما سماه «تحالفات العار»، داعياً الناخبين إلى منحه مفاتيح السلطة من أجل «مواجهة التهديد الوجودي للأمة الفرنسية» الذي يمثله اليسار، كما يقول.

هل سينجح ماكرون من خلال التحالف الواسع في محو الأخطاء السابقة؟ السؤال مطروح، والإجابة عنه مرهونة بانتظار ما ستسفر عنه صناديق الانتخاب يوم الأحد المقبل لأنها الفيصل، وليس دعوات ماكرون الذي عليه أن يبحث عن حلول أخرى في حال بانت صعوبة قيام «القوس الجمهوري».