أكثر من 70 ألفاً يفرون من كاراباخ إلى أرمينيا

أطفال يجلسون على الرصيف، بينما يتجمع سكان وسط ستيباناكيرت لمغادرة ناغورنو كاراباخ التي يسكنها أرمن، 25 سبتمبر 2023 (رويترز)
أطفال يجلسون على الرصيف، بينما يتجمع سكان وسط ستيباناكيرت لمغادرة ناغورنو كاراباخ التي يسكنها أرمن، 25 سبتمبر 2023 (رويترز)
TT

أكثر من 70 ألفاً يفرون من كاراباخ إلى أرمينيا

أطفال يجلسون على الرصيف، بينما يتجمع سكان وسط ستيباناكيرت لمغادرة ناغورنو كاراباخ التي يسكنها أرمن، 25 سبتمبر 2023 (رويترز)
أطفال يجلسون على الرصيف، بينما يتجمع سكان وسط ستيباناكيرت لمغادرة ناغورنو كاراباخ التي يسكنها أرمن، 25 سبتمبر 2023 (رويترز)

قالت أرمينيا إن أكثر من 70 ألف شخص توافدوا مع أغراضهم وسياراتهم من منطقة ناغورنو كاراباخ التي يبلغ عدد سكانها 120 ألفاً تقريباً، باتجاه أرمينيا، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأعلنت جمهورية ناغورنو كاراباخ، المعلنة من جانب واحد، الخميس، أنها «ستزول من الوجود» في نهاية العام، بعدما منيت بهزيمة عسكرية من أذربيجان، دفعت أكثر من نصف سكانها إلى الفرار، منهية بذلك حلم الاستقلال.

وأصدر الزعيم الانفصالي للإقليم، سامفيل شهرمانيان، مرسوماً يأمر بحل جميع مؤسسات الدولة بحلول نهاية العام، قائلاً إن ناغورنو كاراباخ «ستزول من الوجود» اعتباراً من الأوّل من يناير (كانون الثاني) 2024.

أرمن من ناغورنو كاراباخ يجلسون بعد وصولهم إلى غوريس في منطقة سيونيك، أرمينيا، الخميس، 28 سبتمبر 2023 (أ.ب)

ويبدو أن الستار أُسدل بذلك على واحد من أكثر «النزاعات المجمّدة» طولاً في العالم، الذي بدت تسويته مستعصية، حيث فشلت الإدارات الأميركية المتعاقبة، على غرار المسؤولين الأوروبيين، في حلّه في جولات متواصلة من المحادثات.

غير أن الإعلان فاقم الغضب في يريفان.

واتّهم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، الخميس، أذربيجان بتنفيذ حملة «تطهير عرقي» في ناغورنو كاراباخ، مؤكداً أنه لن يبقى أي أرميني في الإقليم «في الأيام المقبلة».

وانتهى الهجوم الأذربيجاني الخاطف بهدنة في 20 سبتمبر (أيلول)، تعهّد فيها الانفصاليون الأرمن تسليم أسلحتهم والدخول في محادثات بهدف «إعادة دمج» ناغورنو كاراباخ.

سكان يجلسون داخل حافلة في وسط ستيباناكيرت التي يسكنها الأرمن قبل مغادرة ناغورنو كاراباخ، 25 سبتمبر 2023 (رويترز)

وأُجريت جولتان من المحادثات، فيما عملت القوات الأذربيجانية بشكل منهجي مع قوات حفظ السلام الروسية على جمع أسلحة الانفصاليين، ودخول بلدات ظلّت خارجة عن سيطرة باكو منذ القتال الأول بين الطرفين في المنطقة في التسعينات.

وبدأت القوات الأذربيجانية تقترب من أطراف ستيباناكيرت، التي كان يعتبرها الانفصاليون الأرمن «عاصمة» منطقة ناغورنو كاراباخ.

وجاء في المرسوم، الذي أصدره شهرمانيان من ستيباناكيرت، أن على السكان أن «يتعرفوا على شروط إعادة الاندماج» التي طرحتها أذربيجان، واتّخاذ «قرار فردي ومستقل» بشأن إن كانوا سيبقون.

وأعلن الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الخميس، أنه «أخذ علماً» بحلّ السلطات الانفصالية نفسها في ناغورنو كاراباخ.

الشرطة الأرمينية تنظم مرور الفارين من منطقة ناغورنو كاراباخ بعد عبورهم الحدود الأذربيجانية الأرمينية، 28 سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

تطهير عرقي

الأحد، أعادت أذربيجان فتح الطريق الوحيدة الرابطة بين ناغورنو كاراباخ وأرمينيا، وهو ممر لاتشين الذي تحرسه قوات حفظ سلام روسية، بعد 4 أيام على موافقة القوات الانفصالية الأرمينية على إلقاء سلاحها وتفكيك جيشها.

مذاك، توافد أكثر من 70 ألف شخص مع أغراضهم وسياراتهم من المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 120 ألفا تقريباً باتجاه أرمينيا، وفق يريفان.

الخميس، قال باشينيان لأعضاء حكومته: «يظهر تحليلنا أنه لن يبقى هناك أرمن في ناغورنو كاراباخ في الأيام المقبلة. يشكّل ذلك تطهيراً عرقياً حذّرنا المجتمع الدولي منه منذ مدة طويلة».

غير أن وزارة الخارجية الأذربيجانية قالت، الخميس، إن باشينيان «يدرك تماماً أن السكان الأرمن يتركون ناغورنو كاراباخ بمحض إرادتهم».

وتابعت: «على العكس، ندعو السكان الأرمن إلى عدم مغادرة منازلهم، وإلى أن يصبحوا جزءاً من مجتمع أذربيجان المتعدد الإثنيات».

وأشار الكرملين، الخميس، إلى أنه «لا يرى سبباً» يدعو الأرمن للفرار من المنطقة.

يتجمع أشخاص من القومية الأرمينية في وسط ستيباناكيرت، ناغورنو كاراباخ، على أمل المغادرة إلى أرمينيا، يوم الاثنين، 25 سبتمبر 2023 (أ.ب)

وأعلن هذا الجيب ذو الغالبية الأرمينية، الذي ألحقته السلطات السوفياتية بأذربيجان عام 1921، استقلاله من جانب واحد عام 1991.

وشهدت المنطقة حربين بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين؛ أذربيجان وأرمينيا، الأولى من 1988 إلى 1994 (30 ألف قتيل)، والأخرى في خريف 2020 (6500 قتيل).

وكانت أذربيجان قد وافقت على السماح للانفصاليين الذي يلقون أسلحتهم بالمغادرة إلى أرمينيا بموجب اتفاقية لوقف إطلاق النار تم التوصل إليها الأربعاء الماضي.

غير أن مصدراً حكومياً أذربيجانياً قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن حرس الحدود يبحثون أيضاً عن أشخاص متهمين بارتكاب «جرائم حرب» يتعين أن يمثلوا أمام المحاكمة.

أرمن فارون من ناغورنو كاراباخ يستريحون على جانب الطريق بعد عبور الحدود مع أذربيجان، بالقرب من قرية كورنيدزور، أرمينيا، 28 سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

وأمرت محكمة أذربيجانية، الخميس، بوضع الزعيم الانفصالي السابق روبن فاردانيان قيد الحبس الاحتياطي، عقب اتهامه بتمويل الإرهاب وارتكاب جرائم أخرى.

وتصل عقوبة هذه التهم إلى السجن 14 عاماً بحق الملياردير فاردانيان، الذي ترأس حكومة ناغورنو كاراباخ من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 حتى فبراير (شباط) 2023.

ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، الخميس، إلى احترام حقوق فاردانيان، بعدما وضعته أذربيجان في الحبس الاحتياطي.

واتهم رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، الخميس، حرس الحدود الأذربيجانيين بـ«تنفيذ اعتقالات غير قانونية» بحق أرمن يحاولون الفرار من ناغورنو كاراباخ.

يحاول سكان أرمن من مدينة ستيباناكيرت المغادرة في سياراتهم، نحو أرمينيا، 24 سبتمبر 2023 (رويترز)

بوادر أزمة مع موسكو

انتقد رئيس الوزراء الأرميني روسيا، ما قد يؤدي إلى أزمة بين يريفان وحليفتها التقليدية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

واتهم باشينيان موسكو بالفشل في وقف هجوم باكو، ووصف التحالفات الأمنية الحالية لبلده بأنها «غير فعالة». كما حثّ البرلمان على المصادقة على عضوية أرمينيا في المحكمة الجنائية الدولية، في جلسة من المقرر أن تبدأ الأربعاء.

كانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على خلفية عمليات ترحيل قسرية لأطفال في أوكرانيا.

وقال الكرملين إنه سيتعامل مع عضوية أرمينيا في المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها عملاً «عدائياً للغاية».

لكن يريفان حصلت على التزام سياسي مهم بالدعم من رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس آيد) سامانثا باور التي تزور أرمينيا.

وقالت باور، في بيان أعلنت فيه نشر فريق أميركي للاستجابة للكوارث في المنطقة، إن «العملية العسكرية غير المقبولة التي جرت الأسبوع الماضي أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً».


مقالات ذات صلة

دفعة جديدة للتطبيع بين أنقرة ودمشق بعد زوال عقدة الانسحاب

شؤون إقليمية الأسد وإردوغان في دمشق قبل عام 2011

دفعة جديدة للتطبيع بين أنقرة ودمشق بعد زوال عقدة الانسحاب

تجددت الجهود لإحياء مسار محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، عقب إعلان الرئيس السوري بشار الأسد أن بلاده لا تضع انسحاب تركيا العسكري شرطاً للمفاوضات معها

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية.

بولا أسطيح (بيروت)
أوروبا وزيرة الداخلية والشؤون الداخلية الألمانية نانسي فايزر (الثانية من اليمين) تحضر الجلسة الخاصة للجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان الألماني في برلين - الجمعة 30 أغسطس 2024 (أ.ب)

ألمانيا تباشر ترحيل اللاجئين المدانين بجرائم

رحّلت الحكومة الألمانية، أمس، 28 أفغانياً مدانين بارتكاب جرائم، وذلك للمرة الأولى منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة في 2021، في رسالة حازمة بشأن الهجرة.

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية تركيا تعدّ وجودها العسكري في سوريا ضماناً لوحدتها (إكس)

تركيا: لا يجب التعامل مع أزمة سوريا على أنها مجمّدة

أكدت تركيا أن الحل الدائم الوحيد للأزمة السورية يكمن في إقامة سوريا تحكمها إرادة جميع السوريين مع الحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر خلال الإعلان عن إجراءات مشددة بشأن حمل السكاكين في الأماكن العامة (أ.ف.ب)

ألمانيا تلغي المساعدات لبعض طالبي اللجوء بعد هجوم زولينغن

أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، أن الائتلاف الحاكم في البلاد اتفق على إلغاء المساعدات لفئة محددة من طالبي اللجوء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

روسيا: سنغير عقيدتنا النووية بسبب دور الغرب في أوكرانيا

العاصمة الروسية موسكو (أ.ب)
العاصمة الروسية موسكو (أ.ب)
TT

روسيا: سنغير عقيدتنا النووية بسبب دور الغرب في أوكرانيا

العاصمة الروسية موسكو (أ.ب)
العاصمة الروسية موسكو (أ.ب)

نقلت وسائل إعلام رسمية روسية عن سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية القول، اليوم (الأحد)، إن موسكو ستُدْخِل تعديلات على عقيدتها النووية؛ رداً على ما تعدّه تصعيداً غربياً للحرب في أوكرانيا، وفقاً لـ«رويترز».

وتنصّ العقيدة النووية الروسية الحالية، وفقاً لمرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين في 2020، على أن روسيا «قد تستخدم أسلحة نووية في حالة وقوع هجوم نووي من عدو، أو هجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة».

وحثّ محللون عسكريون، معروفون بمواقفهم المتشددة، بوتين على أن يغيّر ذلك لشروط أقل؛ لاستخدام الأسلحة النووية من أجل «إفاقة» أعداء روسيا في الغرب، على حد قولهم.

وقال بوتين في يونيو (حزيران) إن العقيدة النووية «أداة حية» ربما تتغير وفقاً لما يجري في العالم. وتعدّ تعليقات ريابكوف، اليوم (الأحد)، أوضح تصريح حتى الآن يؤكد أن تغييرات ستتم بالفعل.

ونقلت وكالة «تاس» عن ريابكوف القول: «إن العمل في مرحلة متقدمة، وهناك نية واضحة لإجراء تصحيحات».

وقال إن القرار «مرتبط بمسار التصعيد الذي ينتهجه خصومنا الغربيون» فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا.

وتتهم روسيا الغرب باستغلال أوكرانيا لشنّ حرب عليها بالوكالة؛ بهدف إنزال «هزيمة استراتيجية» بروسيا وتفكيكها.

وتنفي الولايات المتحدة وحلفاؤها ذلك، قائلين إنهم يساعدون أوكرانيا على الدفاع عن نفسها في مواجهة حرب عدوانية ذات أسلوب استعماري تشنها روسيا.

«خطوط حمراء»

قال بوتين، في أول يوم من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، إن مَن يحاول منعه أو تهديده سيعاني «من عواقب لم يشهدها في تاريخه».

ويصدر بوتين منذ ذلك الحين سلسلةً من التصريحات التي يعدّها الغرب تهديدات نووية، كما أعلن نشر أسلحة نووية تكتيكية روسية في روسيا البيضاء.

ولم يُثْنِ هذا الولايات المتحدة وحلفاءها عن تكثيف الدعم العسكري لأوكرانيا بطرق لم يكن من الممكن تصورها عند بدء الحرب، بما في ذلك إرسال دبابات وصواريخ بعيدة المدى، ومقاتلات من طراز «إف-16».

وباغتت كييف موسكو، الشهر الماضي، باختراق حدودها الغربية في توغل، لآلاف القوات، لا تزال روسيا تكافح لصده.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن العملية تهزأ «بالخطوط الحمراء» التي رسمها بوتين. ويضغط زيلينسكي أيضاً بقوة لدفع الولايات المتحدة إلى السماح له باستخدام أسلحة غربية متقدمة في مهاجمة أهداف في عمق روسيا.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، في مقابلة نُشرت اليوم (الأحد)، إن الغرب «يتمادى»، وإن روسيا ستفعل كل ما بوسعها لحماية مصالحها.

ولم يفصح ريابكوف عن الموعد الذي ستكون فيه العقيدة النووية المُحدّثة جاهزة. وقال: «وقت إكمال هذا العمل سؤال صعب بالنظر إلى أننا نتحدث عن أهم جوانب ضمان أمننا القومي».