وصلت سفينة ثانية محملة بقمح أوكراني إلى إسطنبول عبر البحر الأسود في تحدٍ لتهديد روسيا بضرب أي سفن تنطلق من أوكرانيا، بعد توقف العمل باتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود في يوليو (تموز) الماضي.
ووفق وسائل إعلام تركية، وصلت إلى مضيق البوسفور في إسطنبول، الأحد، السفينة «أرويات» التي ترفع علم جزر بالاو بعد انطلاقها، الجمعة، من ميناء تشورنومورسك جنوب أوديسا، وهي ثاني سفينة تسلك ممراً بحرياً أقامته أوكرانيا في المياه الإقليمية بمحاذاة سواحل بلغاريا ورومانيا للالتفاف على الحصار الذي تفرضه روسيا على حركة السفن من موانئها.
وأكد موقعا «مارين ترافيك» و«فيسل فايندر»، المتخصصان في مراقبة حركة السفن أن سفينة «أرويات»، التي تحمل 17600 طن من القمح الأوكراني الموجه إلى مصر، كانت عند المخرج الجنوبي لمضيق البوسفور في بحر مرمرة صباح الأحد. ويتوقع أن تكمل طريقها إلى مضيق الدردنيل للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط في طريقها إلى مصر.
وكانت سفينة أخرى محملة بـ 3000 طن من القمح، وترفع أيضاً علم جزر بالاو، وصلت الخميس الماضي إلى إسطنبول بعد إبحارها (الثلاثاء) من تشورنومورسك أيضاً.
وتسعى أوكرانيا إلى إقامة طريق بديلة للممر الآمن للحبوب بالبحر الأسود، الذي أُقِرَّ بموجب اتفاقية وُقّعت في إسطنبول في 22 يوليو 2022، واستمر العمل بها حتى انسحاب روسيا منها في 17 يوليو الماضي.
وتبادلت موسكو وكييف التهديدات باستهداف السفن المتجهة إلى الموانئ الأوكرانية أو الروسية، وأعلنت أوكرانيا في أغسطس (آب) الماضي فتح «ممر إنساني» مؤقت لشحن الحبوب من موانئها، مؤكدة أنها قادرة على حمايته.
كما أعلنت كييف أنها عرضت على تركيا خطتها لإقامة ممر بديل عبر المياه الإقليمية في البحر الأسود، حيث يجري النقل من خلال رومانيا وبلغاريا، لكن تركيا لم ترد على المقترح، وحذرت من أن أي طريق أخرى غير الممر الآمن للحبوب لن تكون آمنة.
وتسعى القوات المسلحة الأوكرانية منذ أسابيع لمواجهة السيطرة العسكرية الروسية على البحر الأسود، لا سيما من خلال مهاجمة شبه جزيرة القرم، مقر الأسطول الروسي، والتي ضمتها موسكو في عام 2014.
وقال السفير الأوكراني لدى أنقرة، فاسيل بودنار، إن روسيا «حاولت وقف مبادرة الحبوب في البحر الأسود، لكننا الآن نواصل شحن الحبوب لنظهر أن العالم لم يَنْسَنا وأننا لم ننس العالم». وأضاف بودنار، خلال منتدى الأعمال التركي - الأوكراني - الياباني الذي عُقد في إسطنبول (الجمعة): «نحن لا نستسلم، بل نحاول هزيمة قوة أكبر منا، لم يحدث هذا بفضل شجاعة الشعب الأوكراني فحسب، بل بفضل دعم الدول الصديقة وفي مقدمتها تركيا». وتابع: «ربما يكون قطاع الأعمال التركي من أشجع القطاعات في العالم؛ لأن تجارتنا نمت على الرغم من الحرب، وينمو قطاع الأعمال التركي في أوكرانيا، ونحن نقدم الفرص للدول الأخرى».
وكانت روسيا قد علقت مشاركتها في اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، التي وقّعتها في إسطنبول في 22 يوليو 2022 مع أوكرانيا بوساطة تركيا ورعاية الأمم المتحدة، ورفضت تمديدها في 17 يوليو الماضي، مع تأكيد إمكانية عودتها للاتفاقية إذا نُفِّذ الشق الخاص بالحبوب والمنتجات الزراعية والأسمدة الروسية ووصولها إلى الأسواق أسوة بالشق الخاص بأوكرانيا.
وسمحت الاتفاقية بخروج 33 مليون طن من الحبوب من موانئ أوكرانيا منذ بدء العمل بها في مطلع أغسطس 2022، وحتى توقف العمل بها.
ولا تزال تركيا تواصل جهودها مع كل من روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة في مسعى لاستئناف العمل بالاتفاقية، وبحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المسألة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما في سوتشي في جنوب روسيا في وقت سابق من الشهر الحالي.
وقال إردوغان إن بوتين أبلغه أنه لا يمانع عودة بلاده للعمل بالاتفاقية على الفور إذا قبل الغرب بتنفيذ الشق الخاص بها في الاتفاقية، وقُدِّمت ضمانات لأمن السفن ودمج البنك الزراعي الروسي في نظام التحويلات الدولي (سويفت).
وبحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، السبت، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، المستجدات في أوكرانيا واتفاقية الحبوب، على هامش اجتماعات الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت وزارة الخارجية التركية إن فيدان وغوتيريش بحثا آخر المستجدات في أوكرانيا، ومبادرة شحن الحبوب عبر البحر الأسود. وعبّر بيان، صدر عن مكتب المتحدث باسم غوتيريش، عن تقدير الأمين العام للتعاون الوثيق بين الأمم المتحدة وتركيا وجهودها لمعالجة الآثار العالمية للحرب في أوكرانيا، بما في ذلك جهودها في مبادرة شحن الحبوب.