تفجير «نورد ستريم» ما زال لغزاً بعد عام على وقوعه

فنيون يسيرون بجانب أنابيب لخط «نورد ستريم» في منشأة تخزين في موكران بجزيرة روجن في بحر البلطيق (رويترز)
فنيون يسيرون بجانب أنابيب لخط «نورد ستريم» في منشأة تخزين في موكران بجزيرة روجن في بحر البلطيق (رويترز)
TT

تفجير «نورد ستريم» ما زال لغزاً بعد عام على وقوعه

فنيون يسيرون بجانب أنابيب لخط «نورد ستريم» في منشأة تخزين في موكران بجزيرة روجن في بحر البلطيق (رويترز)
فنيون يسيرون بجانب أنابيب لخط «نورد ستريم» في منشأة تخزين في موكران بجزيرة روجن في بحر البلطيق (رويترز)

يحاول كثير من التحقيقات فك لغز تفجير خط أنابيب غاز «نورد ستريم»، الحدث الجيوسياسي البارز الذي وقع في بحر البلطيق قبل عام، في سياق حساس للغاية بسبب الحرب في أوكرانيا.

مليارات تحت البحر

خيمت أجواء صادمة عندما تم رصد 4 نقاط لتسرب هائل للغاز، بعد انفجارات تحت الماء في خطَّي أنابيب «نورد ستريم 1 و2» المصممين لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا، في 26 سبتمبر (أيلول).

حينها، كانت موسكو قد قطعت إمدادات الغاز عبر «نورد ستريم 1»، على خلفية مواجهة حول الطاقة مع الدول الأوروبية التي تدعم أوكرانيا.

أما خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» الذي أثار خلافاً بين برلين وواشنطن لسنوات عديدة، فقد اكتمل بناؤه في نهاية عام 2021؛ لكنه لم يوضع في الخدمة قط.

توجد مرافق البنية التحتية المقدرة بمليارات اليوروات في قاع البحر. ورُصدت نقاط التسريب كلها في المياه الدولية، قبالة جزيرة بورنهولم الدنماركية، وسواحل جنوب السويد.

محققون متكتمون للغاية

لم تثمر حتى الآن أي من التحقيقات القضائية الثلاثة التي فتحتها ألمانيا والسويد والدنمارك بشكل منفصل.

في أبريل (نيسان)، قال المدعي العام السويدي ماتس ليونغكفيست، إن «الفرضية الرئيسية تفيد بأن دولة ما تقف وراء هذا التفجير»، مضيفاً أن مرتكبيه «يعلمون جيداً أنهم سيتركون آثاراً».

وأكد مكتب المدعي العام الألماني لوكالة «الصحافة الفرنسية» أنه «لا يمكن حالياً الإدلاء بتصريحات موثوقة» بشأن هوية مرتكبي الهجوم ودوافعهم، ولا «حول مسألة الحصول على دعم دولة ما».

واعتبر الخبير في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية كريستشن مولينغ، أنه «إما لا توجد فرضية جيدة بما فيه الكفاية، وإما أن الأمر حساس من الناحية السياسية».

لكن المدعي العام السويدي صرح لوكالة «الصحافة الفرنسية» بأنه «في المرحلة النهائية من التحقيق»، معرباً عن أمله في التوصل إلى «قرار» بحلول عام 2024.

مسلسل إعلامي

تحاول وسائل إعلام استقصائية تسليط الضوء على تفاصيل عملية معقدة للغاية، من خلال بعثات للاطلاع على الوضع، بعضها يستخدم مُسيَّرات غواصة أو خبراء وعملاء سابقين في الاستخبارات، وفرضيات على صلة بوارسو إلى شبه جزيرة القرم مروراً بمولدافيا.

في مطلع مارس (آذار)، نسبت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية استناداً إلى معلومات حصلت عليها الاستخبارات الأميركية، العملية التخريبية إلى «جماعة موالية لأوكرانيا» من دون أن يكون للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يد فيها.

وفي الوقت نفسه، أعلنت النيابة الألمانية فتح تحقيق بشأن قارب يشتبه في أنه قام بنقل المتفجرات.

ولتتبع هذه الفرضية، عمدت وسيلتا الإعلام «شبيغل» و«زي دي إف» الألمانيتان إلى استئجار هذا القارب الشراعي المسمى «أندروميدا» ويبلغ طوله 15 متراً، للإبحار على خطى الرحلة التي قام بها -حسبهما- طاقم أوكراني مكون من 5 رجال وامرأة، من ميناء روستوك الألماني إلى ساحل جزيرة بورنهولم الدنماركية.

ونقلت «شبيغل» عن ضابط سابق في الاستخبارات البحرية البريطانية، أنه يشتبه بسفينة علمية روسية، هي «سيبيرياكوف»، في حين أشارت صحيفة «إنفورماسيون» اليومية الدنماركية إلى أن سفينة من طراز «إس إس-750» وهي سفينة تابعة للبحرية الروسية متخصصة في العمليات تحت الماء، كانت موجودة قرب موقع التخريب قبيل الانفجارات.

تكهنات

ونفت كل من أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة بشدة أي مسؤولية لها عن العملية.

وفي يونيو (حزيران)، ذكرت تقارير إخبارية أن الاستخبارات العسكرية الهولندية أبلغت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بوجود خطة أوكرانية لتفجير خط أنابيب الغاز.

واعتبر مولينغ أن ما يرشح عن أجهزة الاستخبارات «ليس سوى جزء من اللغز»، مضيفاً: «هناك أيضاً أشخاص يعيشون في أوكرانيا، ويمكنهم العمل لصالح الاستخبارات الروسية».

وسيكون من الصعب للغاية على حلفاء كييف الغربيين التعامل مع تورط أوكرانيا في العملية.

ويرى أندرياس أوملاند، الخبير في مركز استوكهولم لدراسات أوروبا الشرقية، أن الرواية التي تتعلق بروسيا هي «الأكثر ترجيحاً».

وبما أن موسكو قطعت عن أوروبا الإمدادات رداً على العقوبات الغربية، فإن التخريب ساهم في «ضرب عصفورين بحجر»، حسب أوملاند.

وأوضح أنه من ناحية، تخلصت شركة «غازبروم»، المساهم الأكبر في خطوط أنابيب الغاز، من مطالبة عملائها بالتعويض من خلال التذرع بحالة «القوة القاهرة»، ومن ناحية أخرى، التشكيك في كييف و«تشويه سمعة أوكرانيا».

واضطرت برلين التي كانت تعتمد بشدة على الغاز الروسي قبل النزاع، إلى شرائه من مصادر أخرى، بأسعار مرتفعة للغاية.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية»


ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)
ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)
TT

ماكرون يدعو أوكرانيا للتحلي بـ«الواقعية»


ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)
ماكرون يلقي كلمته خلال اجتماع سفراء فرنسا حول العالم في الإليزيه أمس (رويترز)

شغلت أوكرانيا حيزاً أساسياً في خطاب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمام الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم، بالإليزيه أمس، موجهاً رسائل بشأنها في اتجاهات عدة.

فقد لمح ماكرون للأوكرانيين بأن وضع حد للحرب لا يمكن أن يتم من غير تنازل كييف عن بعض أراضيها. وقال إن على الأوكرانيين تقبل «إجراء مناقشات واقعية حول القضايا الإقليمية»، أي حول الأراضي.

وخاطب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قائلاً: «لا يوجد حل سريع وسهل في أوكرانيا»، داعياً إلى «توفير المساعدة من أجل تغيير طبيعة الوضع وإقناع روسيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات». كما حذر من أن أميركا «لا تملك أي فرصة للفوز بأي شيء إذا خسرت أوكرانيا».

وهاجم ماكرون بعنف إيلون ماسك من دون تسميته، عادّاً أنه يشكل خطراً على الديمقراطية ومؤسساتها.