زيلينسكي يحشد الدعم في كندا... بعد «فتور جمهوري» في أميركا

الرئيس الأوكراني حصل على 325 مليون دولار دعماً من إدارة بايدن

زيلينسكي وترودو خلال اجتماعهما في أوتاوا اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
زيلينسكي وترودو خلال اجتماعهما في أوتاوا اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يحشد الدعم في كندا... بعد «فتور جمهوري» في أميركا

زيلينسكي وترودو خلال اجتماعهما في أوتاوا اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
زيلينسكي وترودو خلال اجتماعهما في أوتاوا اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

واصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جولته في أميركا الشمالية، بزيارة قام بها اليوم (الجمعة)، إلى كندا التي تدعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي. وجاءت زيارته في ختام لقاءات أجراها في نيويورك ثم في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث واجه إحباطاً نتيجة ردود فعل الجمهوريين بالكونغرس، في مقابل ترحيب ومساندة من البيت الأبيض و«البنتاغون». وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن توفير 325 مليون دولار من المساعدات الأميركية الجديدة لأوكرانيا.

ففي زيارته السريعة لواشنطن، يوم الخميس، التقى زيلينسكي قادة الكونغرس المنهمكين في معركة إنفاق وخفض للنفقات الفيدرالية، بينما يلوح شبح إغلاق الحكومة الفدرالية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق. وفي خضم هذه المعارك المشتعلة بين المشرعين، كان الترحيب بالرئيس الأوكراني فاتراً على خلاف الترحيب الحار الذي لاقاه في زيارته للكونغرس خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

الرئيسان الأميركي والأوكراني في البيت الأبيض الخميس (أ.ف.ب)

وفي لقاءاته صباح الخميس مع قادة الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين، سعى الرئيس الأوكراني لإقناع المشرعين الجمهوريين بأهمية تمرير حزمة المساعدات التي طالبت بها إدارة بايدن وتقدر بنحو 24 مليار دولار. وواجه زيلينسكي أسئلة حادة من الجمهوريين حول التقدم المحرز في الحرب ضد روسيا بعد مضي 19 شهراً على بدء الحرب الروسية - الأوكرانية ومعارضة جمهورية مزدادة لاستمرار التمويل لأوكرانيا. وجاءت الأصوات الأكثر معارضة من ناحية الجناح اليميني المتشدد من الجمهوريين المتحالفين مع المرشح الرئاسي دونالد ترمب.

وقال زيلينسكي للمشرعين الجمهوريين إنه يحتاج إلى المساعدات من الولايات المتحدة لتفادي الهزيمة، قائلاً: «أنتم تقدمون الأموال، لكننا نقدم أرواحنا للفوز في هذه المعركة». وشدد على أنه إذا لم تحصل أوكرانيا على المساعدات فستخسر الحرب. وأكد أن الأوكرانيين لديهم خطة حرب قوية، وأنهم «ينتصرون»، في وقت يراقب فيه العالم الدعم الغربي لكييف.

وحذّر زيلينسكي أيضاً من أن التأخر في توفير الأسلحة المتطورة يمنح روسيا الوقت والفرصة لوضع الألغام في المناطق الأوكرانية ومنع تقدم الهجوم المضاد وبناء خطوط الدفاع بشكل أفضل.

ولم تخرج تصريحات من المشرعين الجمهوريين تشير إلى تغيّر في موقفهم الرافض لمنح مزيد من المساعدات لأوكرانيا.

الرئيس الأوكراني يتوسط رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين ماكارثي (يسار الصورة) وزعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس حكيم جيفريز في مقر الكابيتول بواشنطن يوم الخميس (أ.ب)

من جانبه، قال مايك ماكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن زيلينسكي كرر طلبه في الحصول على أنظمة «ATACMS» وطائرات «F-16» خلال اجتماعه مع أعضاء المجلس. وفي تصريحاته للصحافيين مساء الخميس، تعهد ماكول بتقديم المساعدات لأوكرانيا، قائلاً: «سوف نقوم بذلك، لكن هناك كثيراً من المكائد السياسية في الوقت الحالي وسننجح في اجتيازها». ويعد ماكول أحد أقوى النواب الجمهوريين المؤيدين لمواصلة الدعم لأوكرانيا، فيما وعد السيناتور الديمقراطي جون فيزمان، بتقديم تنازلات غير تقليدية للجمهوريين في مجلس النواب لتأمين تمرير الموافقة على الأموال لأوكرانيا.

جندي أوكراني يرفع علم بلاده على موقع تمت استعادته من القوات الروسية في إقليم دونيتسك يوم 16 سبتمبر الحالي (أ.ب)

وتعتمد القوات الأوكرانية على الشحنات التي تقدمها الولايات المتحدة من قذائف المدفعية ومعدات إزالة الألغام في هجومها المضاد ضد الجيش الروسي، وتطالب بمزيد من أنظمة الأسلحة المتقدمة مثل أنظمة صواريخ «باتريوت» للحماية من الطائرات من دون طيار الروسية والصواريخ.

ترحيب فاتر

وبدا واضحاً الاستقبال الفاتر من الجمهوريين لزيلينسكي في الكونغرس، حيث رفض رئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، الانضمام إلى زعيم الأقلية بمجلس النواب حكيم جيفريز، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وزعيم الأقلية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل في استقبال زيلينسكي عند وصوله إلى مبنى الكابيتول. ورفض مكارثي أيضاً طلب زيلينسكي عقد جلسة مشتركة للكونغرس للحديث عن الوضع في أوكرانيا ومخاطبة الرأي العام الأميركي من قاعة مجلس النواب. وبرر مكارثي الرفض بعدم توافر الوقت الكافي لذلك، مع انشغال المشرعين بالعمل لتجنب إغلاق الحكومة.

ورغم المناشدات الأوكرانية، رفض مكارثي إدراج المساعدات الأوكرانية في حزمة الإنفاق لتمويل الحكومة الفيدرالية، وألقى بالمسؤولية على عاتق إدارة بايدن.

جنود أوكرانيون على الجبهة ضد القوات الروسية في منطقة دونيتسك اليوم الجمعة (رويترز)

وقبل زيارة زيلينسكي، وقع 28 مشرعاً جمهورياً من مجلسي الشيوخ والنواب رسالة مفتوحة لبايدن، أبدوا فيها رفضهم لزيادة المساعدات لأوكرانيا وأشاروا إلى أن البيت الأبيض لم يقدم ما يكفي لإقناع الكونغرس بشأن التقدم في الحرب ضد روسيا.

وقدم الكونغرس 4 جولات سابقة من التمويل لأوكرانيا بلغت 113 مليار دولار منذ بداية الحرب. وطلبت إدارة بايدن من الكونغرس توفير 24 مليار دولار إضافية لتلبية احتياجات أوكرانيا العسكرية والإنسانية، لكن معارضة الجمهوريين أدت إلى تعليق البت في هذه المساعدات.

في المقابل، استقبل جو بايدن زيلينسكي على السجادة الحمراء في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، وأقام مراسم ترحيبية واسعة له وزوجته، وهو الترحيب الحار نفسه الذي حظي به زيلينسكي في البنتاغون، حينما التقى بوزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي.

وخلال الاجتماع في المكتب البيضوي، أكد بايدن التزام إدارته بمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، وأعلن بدء تسليم أولى دبابات «أبرامز» الأميركية إلى أوكرانيا الأسبوع المقبل.

زيلينسكي وترودو في أوتاوا اليوم الجمعة (أ.ب)

وأعلنت الإدارة الأميركية عن 325 مليون دولار أخرى فيما يعرف بالمساعدة الرئاسية لأوكرانيا، وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن الحزمة الجديدة ستشمل دفاعاً جوياً إضافياً، وذخائر المدفعية، والقدرات المضادة للدروع، وصواريخ نظام الإطلاق الصاروخي المتعدد الموجهة لأنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة، وصواريخ جافلين المضادة للدبابات. وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، إن الرئيس بايدن بهذا الإعلان عن المساعدات الجديدة «يرسل رسالة لا لبس فيها مفادها أنه في القرن الحادي والعشرين، لا يمكن السماح للديكتاتور بالاستيلاء على أراضي جارته أو تقسيمها».

ووصل زيلينسكي إلى العاصمة الكندية أوتاوا في وقت متقدم مساء الخميس، وكان في استقباله رئيس الوزراء جاستن ترودو الذي أكد له «دعم كندا الثابت» في نزاعه مع روسيا. وبعد إلقائه كلمة أمام البرلمان الكندي، سيتوجه زيلينسكي برفقة ترودو إلى مدينة تورنتو، حيث سيلتقيان رؤساء شركات وعناصر من الجالية الأوكرانية في كندا.

وكندا آخر دولة من مجموعة السبع يزورها زيلينسكي، وهي تضم ثاني أكبر جالية أوكرانية في العالم بعد روسيا، يصل عددها إلى نحو 1.4 مليون شخص من أصول أوكرانية. وهذه أول زيارة رسمية للرئيس الأوكراني إلى كندا منذ بداية الغزو الروسي عام 2022.


مقالات ذات صلة

«الناتو»: أوكرانيا قد تواجه «أصعب شتاء» منذ نشوب الحرب

أوروبا سيدتان تقفان بجوار مبنى سكني تضرّر خلال غارة روسية على بلدة أوكرانية (رويترز)

«الناتو»: أوكرانيا قد تواجه «أصعب شتاء» منذ نشوب الحرب

حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، الثلاثاء، من أن أوكرانيا قد «تواجه أصعب شتاء» على الإطلاق منذ بدء الغزو الروسي الشامل لها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم دونالد ترمب وفلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)

ترمب تَوَاصَلَ «سراً» مع بوتين بعد مغادرة البيت الأبيض

ذكر الصحافي الأميركي بوب ودورد في كتابه الجديد، المقرَّر نشره الأسبوع المقبل، أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تواصل سراً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا مسيّرات روسية هاجمت أوديسا الأوكرانية (رويترز)

القوات الروسية تتقدم نحو توريتسك بعد أيام من سقوط فوليدار

قوات موسكو تتقدم نحو بلدة توريتسك المتنازع عليها منذ فترة طويلة، وذلك بعد أقل من أسبوع من سقوط بلدة فوليدار.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا زيلينسكي مع وزير الدفاع الأميركي (أ.ب)

الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة لمواجهة الهجمات الروسية الهجينة

تعتزم دول الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على روسيا وزيلينسكي يطالب بمزيد من الأسلحة قبيل اجتماع رامشتاين.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (برلين) «الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس في المؤتمر السنوي الثالث والعشرين للمجلس الألماني للتنمية المستدامة (د.ب.أ)

حرب أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط أولوية اجتماع بين شولتس وبايدن وماكرون وستارمر

يستقبل المستشار الألماني أولاف شولتس، في برلين، الرئيسَين الأميركي والفرنسي، ورئيس الوزراء البريطاني؛ لبحث الحرب في أوكرانيا، والوضع في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (برلين)

فرنسا: الجمعية الوطنية تُسقط مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة

رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: الجمعية الوطنية تُسقط مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة

رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)

أُسقطت مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية في الجمعية الوطنية، قدّمها ائتلاف اليسار والاشتراكيين والخضر واليسار الراديكالي؛ إذ اقتصر الدعم لها على 197 صوتاً، وهو أدنى بكثير من 289 صوتاً لازمة للإطاحة بحكومة ميشال بارنييه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

فبعد شهر على تكليف الرئيس إيمانويل ماكرون، في مطلع سبتمبر (أيلول)، على نحو مفاجئ، بارنييه؛ اليميني المخضرم البالغ 73 عاماً، بتشكيل الحكومة، ندّد الأخير بمذكرة حجب الثقة التي رفض اليمين المتطرف دعمها، فأُسقطت بغالبية كبيرة كما كان متوقعاً.