جولة مفاوضات «صعبة» تدشّن مرحلة جديدة في علاقات أرمن كاراباخ بأذربيجان

باكو سلّمت الجانب الأرميني «مسودة اتفاق سلام»... وبوتين مرتاح لتجاوز المرحلة الحادة من النزاع

صورة من شريط فيديو لمدنيين أجلتهم القوات الروسية في كاراباخ (رويترز)
صورة من شريط فيديو لمدنيين أجلتهم القوات الروسية في كاراباخ (رويترز)
TT

جولة مفاوضات «صعبة» تدشّن مرحلة جديدة في علاقات أرمن كاراباخ بأذربيجان

صورة من شريط فيديو لمدنيين أجلتهم القوات الروسية في كاراباخ (رويترز)
صورة من شريط فيديو لمدنيين أجلتهم القوات الروسية في كاراباخ (رويترز)

انتهت الخميس أولى جولات التفاوض بين سلطات إقليم كاراباخ وممثلي الحكومة الأذرية من دون تحقيق تقدم ملموس. لكن «المفاوضات الصعبة»، كما وصفتها مصادر أرمنية، دشنت للانتقال إلى مرحلة جديدة في العلاقات بين السكان الأرمن في الإقليم والسلطات الأذرية. وناقش الطرفان، برعاية روسية، ترتيبات المرحلة المقبلة وآليات ضمان حقوق السكان الأرمن في كاراباخ. وجرت المناقشات وسط أجواء مشحونة، خصوصا مع ورود معطيات عن وقوع انتهاكات لاتفاق وقف النار في عاصمة الإقليم، وهو أمر نفت أذربيجان صحته، وأكدت أن قواتها ملتزمة باتفاق وقف النار.

ممثلو أذربيجان وأرمن كاراباخ روسيا حول طاولة المفاوضات الخميس (أ.ف. ب)

وكان وفد يمثل السلطات الأرمينية الانفصالية في إقليم كاراباخ وصل إلى مدينة يفلاخ الأذرية صباح الخميس، للقاء ممثلي حكومة أذربيجان، بعد مرور يوم واحد على توصل الطرفين إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الإقليم. ونشرت وسائل إعلام أذرية صور وصول الممثلين الأرمن إلى يفلاخ برفقة ضباط من قوات حفظ السلام الروسية في المنطقة. وعلى الرغم من امتناع الطرفين عن إعلان نتائج الحوار، فإن الجانب الأذري كان قد استبق الجولة بإعلان أجندته للحوار. وقال الرئيس الأذري إلهام علييف إن باكو مستعدة لمنح ضمانات كافية تكفل احترام حقوق جميع الأرمن القاطنين في كاراباخ، بالاستناد إلى مواد الدستور الأذري. بدوره، استبق حكمت حاجييف، مساعد الرئيس الأذري لشؤون السياسة الخارجية، جولة المفاوضات بالتأكيد على أن باكو أعدت خطة لإعادة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لسكان المنطقة، وقال إنها ستكون مطروحة للنقاش في لقاء يفلاخ. وبدا أن التركيز انصب خلال اللقاء على هذه المحاور.

وأعلنت باكو في وقت لاحق، الخميس، أن وفدها المفاوض سلم الجانب الآخر مسودة اتفاق لمناقشتها على مستوى الأرمن في كاراباخ، وكذلك لنقلها إلى يريفان من أجل دراستها على مستوى الحكومة الأرمنية.

مدنيون خائفون لدى سماعهم إطلاق نار في محيط عاصمة إقليم كراباخ الخميس (أ. ب)

وقال ديفيد بابايان، رئيس وفد أرمن كاراباخ، عقب الاجتماع في يفلاخ: «لا يوجد اتفاق نهائي مع باكو، وعلينا الاتفاق على كثير من التفاصيل». وأشار بابايان إلى أن السكان الأرمن في كاراباخ وافقوا على وقف إطلاق النار مع باكو، لكن الشروط لا تزال بحاجة إلى العمل. وأشار إلى أنه «لدينا اتفاق لوقف الأعمال العدائية، ولكننا في انتظار اتفاق نهائي. والمفاوضات مستمرة». وقال إلتشين أميربيكوف، ممثل الرئيس الأذري للمهام الخاصة: «من الصعب توقع حل جميع المشكلات بين أرمن كاراباخ وأذربيجان في اجتماع واحد». وأعرب عن قناعة بأن الجولة الأولى من المفاوضات «وضعت أساسا يمهد للعديد من الاجتماعات. ولا ينبغي للمرء أن يتوقع أن يتم حل جميع المشكلات بين أرمن كاراباخ وأذربيجان في أول لقاء». وترى الحكومة الأذرية أن مسار تسوية ملفات العلاقة مع أرمن كاراباخ «لا عودة عنه» بعد التطورات الميدانية التي أسفرت عن فرض سيطرة أذرية شبه كاملة على الإقليم.

وأعلنت سلطات جمهورية كاراباخ المعلنة من طرف واحد عن توصل الطرفين إلى وقف كامل للأعمال العدائية بوساطة من قوات حفظ السلام الروسية. وتضمن الاتفاق حل جيش كاراباخ ونزع سلاحه، وانسحاب الوحدات المتبقية من القوات المسلحة الأرمينية من منطقة انتشار قوات حفظ السلام الروسية. لكن يريفان اعترضت على البند الأخير وأكدت عدم وجود قوات نظامية أرمينية في الإقليم. كما اتفق الطرفان على مناقشة قضايا إعادة الاندماج وضمان حقوق وأمن السكان الأرمن في كاراباخ. ومع أن هذه العناصر تشكل أولويات لمناقشة ترتيبات المرحلة اللاحقة في كاراباخ بعد توسيع سيطرة أذربيجان على الإقليم، لكنها لا تعد كافية لإنهاء الصراع التاريخي بين أرمينيا وأذربيجان، إذ تجري المفاوضات مع ممثلي سكان الإقليم من دون حضور الطرف الأرميني، كما أن الملفات العالقة بين يريفان وباكو وعلى رأسها مسألة ترسيم الحدود وفتح الممرات التجارية وآليات التوصل إلى معاهدة سلام نهائية لن تكون مطروحة خلال الجولة الحالية. وشكلت هذه النقطة أبرز محاور البحث خلال اتصال هاتفي الخميس أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأذري إلهام علييف. وأعلن الكرملين بعده أن الطرفين اتفقا على «تكثيف العمل على مسار المفاوضات بما يتماشى مع الاتفاقيات الثلاثية (مع أرمينيا) المبرمة في الفترة بين 2020-2022».

جنود روس يقومون بإجلاء مدنيين في كاراباخ الخميس (رويترز)

ووفقا للديوان الرئاسي الروسي، فقد حضَّ بوتين نظيره الأذري على احترام حقوق وأمن أرمن كاراباخ في ترتيبات المرحلة المقبلة. وقدم علييف خلال المكالمة اعتذاراً رسميا لبوتين على حادثة مقتل جنود من قوات حفظ السلام الروسية بالرصاص خلال العملية العسكرية التي شنّتها باكو في الإقليم. وأعرب علييف خلال الاتصال عن «تعازيه العميقة على الوفاة المأساوية لجنود الكتيبة الروسية»، متعهداً إجراء «تحقيق معمّق في هذا الحادث ومعاقبة كل المسؤولين عنه». كما عرض تقديم تعويضات لأسر الضحايا. وفي إطار النقاشات حول مستقبل التسوية السياسية النهائية في المنطقة، قال الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف إن «هناك العديد من القضايا الفنية المتبقية قبل الانتهاء من العمل على معاهدة السلام بين أذربيجان وأرمينيا بشأن كاراباخ، ولكن جميع المتطلبات الأساسية موجودة». ولاحظ الناطق أنه «من غير المرجح أن يتعهد أي شخص بالإشارة إلى إطار زمني، ولكن بالنظر إلى أن القضية الرئيسية المتعلقة بملكية كاراباخ في حد ذاتها قد تم حلها الآن، فقد تم حلها وتسويتها بقرار أرمينيا الاعتراف بسيادة أذربيجان على كاراباخ، يمكننا القول إنه تم تحقيق تقدم كبير... مع توفر حسن النية، سيكون من الممكن الوصول إلى آليات للتسوية النهائية (...) إذا أضفنا إلى النقاشات الجارية حاليا، الجهود المطلوبة بشأن التعاون في مجال لوجيستيات النقل والعبور وما إلى ذلك، كما تمت مناقشته سابقا في الوثائق الثلاثية، فسنصل هنا إلى ديناميكيات التنمية المستدامة إلى حد ما في المنطقة». أضاف: «بعد كل شيء، هذه معاهدة سلام بين أرمينيا وأذربيجان. لذلك، لا يمكن لروسيا أن تشارك بشكل مباشر. ولكن بما أن أساس التوصل إلى هذا الاتفاق تم إنشاؤه من خلال الوثائق الثلاثية، فبالطبع، لدى روسيا دور معين هنا. لأنها لا تزال تعمل بطريقة أو بأخرى كضامن». وكان بوتين أجرى اتصالاً هاتفياً مماثلاً في وقت سابق الخميس، مع رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان أعرب خلاله عن ارتياحه لانحسار موجة العنف الجديدة في كاراباخ وتحدث عن آفاق جيدة لتسوية النزاع بين الأرمن وأذربيجان في المنطقة. وأفاد بيان أصدره الكرملين بأن بوتين «أشار بارتياح إلى أنه تسنى تجاوز المرحلة الحادة من النزاع ورحب بالاتفاق حول وقف العمليات القتالية بشكل كامل وإجراء جولة المفاوضات بين ممثلي باكو وستيباناكرت، والذي تم التوصل إليه بوساطة فعالة من قوات حفظ السلام الروسية». وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الخميس أن قوات حفظ السلام الروسية قامت بإجلاء 5 آلاف شخص من 3 مناطق في إقليم كاراباخ بعد اندلاع الأعمال القتالية هناك.



«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
TT

«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)
يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس (الجمعة)، أن الدرع الواقية في محطة تشرنوبل النووية بأوكرانيا، التي تم بناؤها لاحتواء المواد المشعة الناجمة عن كارثة 1986، لم تعد بإمكانها أداء وظيفتها الرئيسية للسلامة، بعد تعرضها لأضرار بسبب طائرة مسيرة، وهو ما اتهمت أوكرانيا روسيا بالمسؤولية عنه، بحسب «رويترز».

وقالت الوكالة إن عملية تفتيش الأسبوع الماضي لهيكل العزل الفولاذي الذي اكتمل في عام 2019، وجدت أن تأثير الطائرة المسيرة في فبراير (شباط)، أي بعد 3 سنوات من الصراع الروسي في أوكرانيا، أدى إلى تدهور الهيكل.

وقال رافائيل غروسي المدير العام للوكالة في بيان، إن «بعثة التفتيش أكدت أن (هيكل الحماية) فقد وظائف الأمان الأساسية، بما في ذلك القدرة على الاحتواء، ولكنها خلصت أيضاً إلى أنه لم يكن هناك أي ضرر دائم في هياكله الحاملة أو أنظمة المراقبة».

وأضاف غروسي أنه تم بالفعل إجراء إصلاحات «ولكن لا يزال الترميم الشامل ضرورياً لمنع مزيد من التدهور، وضمان السلامة النووية على المدى الطويل».

وذكرت الأمم المتحدة في 14 فبراير، أن السلطات الأوكرانية قالت إن طائرة مسيرة مزودة برأس حربي شديد الانفجار ضربت المحطة، وتسببت في نشوب حريق، وألحقت أضراراً بالكسوة الواقية حول المفاعل رقم 4 الذي دُمر في كارثة عام 1986.

وقالت السلطات الأوكرانية إن الطائرة المسيرة كانت روسية، ونفت موسكو أن تكون قد هاجمت المحطة.

وقالت الأمم المتحدة في فبراير، إن مستويات الإشعاع ظلت طبيعية ومستقرة، ولم ترد تقارير عن تسرب إشعاعي.

وتسبب انفجار تشرنوبل عام 1986 في انتشار الإشعاع بجميع أنحاء أوروبا، ودفع السلطات السوفياتية إلى حشد أعداد هائلة من الأفراد والمعدات للتعامل مع الحادث. وتم إغلاق آخر مفاعل يعمل بالمحطة في عام 2000.

واحتلت روسيا المحطة والمنطقة المحيطة بها لأكثر من شهر في الأسابيع الأولى من غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، حيث حاولت قواتها في البداية التقدم نحو العاصمة الأوكرانية كييف.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أجرت التفتيش في الوقت نفسه الذي أجرت فيه مسحاً على مستوى البلاد للأضرار التي لحقت بمحطات الكهرباء الفرعية، بسبب الحرب التي دامت نحو 4 سنوات بين أوكرانيا وروسيا.


قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.