انطلاق المفاوضات بين أرمن كاراباخ وأذربيجان على وقع تجدد إطلاق النار

موسكو تدعم «ترتيبات إحلال السلام»... وقواتها تجلي 5 آلاف شخص من مناطق خطرة

المفاوضون من أذربيجان وأرمن كاراباخ وروسيا حول الطاولة في مدينة يفلاخ الأذرية الخميس (أ. ب)
المفاوضون من أذربيجان وأرمن كاراباخ وروسيا حول الطاولة في مدينة يفلاخ الأذرية الخميس (أ. ب)
TT

انطلاق المفاوضات بين أرمن كاراباخ وأذربيجان على وقع تجدد إطلاق النار

المفاوضون من أذربيجان وأرمن كاراباخ وروسيا حول الطاولة في مدينة يفلاخ الأذرية الخميس (أ. ب)
المفاوضون من أذربيجان وأرمن كاراباخ وروسيا حول الطاولة في مدينة يفلاخ الأذرية الخميس (أ. ب)

انطلقت، (الخميس)، أولى جولات التفاوض بين سلطات إقليم كاراباخ وممثلي الحكومة الأذرية، برعاية روسية؛ للبحث في ترتيبات المرحلة المقبلة، وآليات ضمان حقوق السكان الأرمن في كاراباخ، وذلك وسط أجواء مشحونة، خصوصاً مع ورود معطيات عن وقوع انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار في عاصمة الإقليم.

ووصل (صباح الخميس) وفد يمثل السلطات الأرمنية الانفصالية في إقليم كاراباخ إلى مدينة يفلاخ الأذرية للقاء ممثلي حكومة أذربيجان، بعد مرور يوم واحد على توصل الطرفين إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الإقليم.

ونشرت وسائل إعلام أذرية صوراً تظهر وصول الممثلين الأرمن إلى يفلاخ برفقة ضباط من قوات حفظ السلام الروسية في المنطقة.

وجرى اللقاء الأول بين الطرفين خلف أبواب مغلقة، لكن الجانب الأذري كان قد استبق الجولة بإعلان أجندته للحوار.

وقال الرئيس الأذري إلهام علييف، إن باكو مستعدة لمنح ضمانات كافية تكفل احترام حقوق جميع الأرمن القاطنين في كاراباخ، بالاستناد إلى مواد الدستور الأذري.

وكان حكمت حاجييف، مساعد الرئيس الأذري لشؤون السياسة الخارجية، استبق جولة المفاوضات بالتأكيد على أن باكو أعدت خطة لإعادة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لسكان المنطقة، وقال إنها «ستكون مطروحة للنقاش» في لقاء يفلاخ.

المبنى الذي يستضيف المحادثات بين المفاوضين من أذربيجان وأرمن كاراباخ وروسيا حول الطاولة في مدينة يفلاخ الأذرية الخميس (إ. ب. أ)

وعلى الرغم من حرص باكو على توفير أجواء إيجابية لضمان نجاح اللقاء، فإن المعطيات التي وردت خلال الاجتماع عن وقوع إطلاق نار في وسط عاصمة الإقليم، وتأكيد مصادر أرمينية أن القوات الأذرية «انتهكت اتفاق وقف النار» أضفى أجواء مشحونة على المحادثات، سارعت وزارة الدفاع الأذرية إلى محاولة تبديدها بتأكيد التزامها بالاتفاق.

وتستند أذربيجان، في موقفها، إلى التبدل الكبير في موازين القوى، بعدما نجحت قواتها في تحقيق تقدم مهم خلال عملية عسكرية استمرت يوماً واحداً، وحملت عنوان «مكافحة الإرهاب». ونجح الجيش الأذري خلالها في السيطرة على غالبية المواقع الحكومية في الإقليم الانفصالي، ودفع القوات الانفصالية الموالية لأرمينيا إلى إلقاء السلاح وإعلان استعدادها للتفاوض.

وأعلنت سلطات جمهورية كاراباخ، المعلنة من طرف واحد، توصل الطرفين إلى وقف كامل للأعمال العدائية بوساطة من قوات حفظ السلام الروسية.

وتضمن الاتفاق حل جيش كاراباخ ونزع سلاحه، وانسحاب الوحدات المتبقية من القوات المسلحة الأرمينية من منطقة انتشار قوات حفظ السلام الروسية. لكن يريفان اعترضت على البند الأخير وأكدت عدم وجود قوات نظامية أرمينية في الإقليم.

كما اتفق الطرفان على مناقشة قضايا إعادة الاندماج، وضمان حقوق وأمن السكان الأرمن في كاراباخ.

صورة من شريط فيديو لعناصر من قوات السلام الروسية يحرسون مدنيين أرمن لدى دخولهم قاعدة روسية قرب عاصمة كاراباخ الخميس (أ. ف. ب)

ومع أن هذه العناصر تشكّل أولويات لمناقشة ترتيبات المرحلة اللاحقة في كاراباخ بعد توسيع سيطرة أذربيجان على الإقليم، فإنها لا تعد كافية لإنهاء الصراع التاريخي بين أرمينيا وأذربيجان، إذ تجري المفاوضات مع ممثلي سكان الإقليم من دون حضور الطرف الأرميني، كما أن الملفات العالقة بين يريفان وباكو، وعلى رأسها مسألة فتح الممرات التجارية وآليات التوصل إلى معاهدة سلام نهائية، لن تكون مطروحة خلال الجولة الحالية.

في موسكو، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، عن ارتياحه لانحسار موجة العنف الجديدة في كاراباخ، وتحدث عن آفاق جيدة لتسوية النزاع بين الأرمن وأذربيجان في المنطقة.

وأفاد بيان أصدره الكرملين بأن بوتين «أشار بارتياح إلى أنه تسنى تجاوز المرحلة الحادة من النزاع، ورحب بالاتفاق حول وقف العمليات القتالية بشكل كامل، الذي تم التوصل إليه بوساطة من قوات حفظ السلام الروسية، وإجراء جولة المفاوضات بين ممثلي باكو وستيباناكيرت».

صورة من شريط فيديو لمدنين أرمن يصلون الى قاعدة روسية قرب عاصمة اقليم كاراباخ الخميس (أ. ف. ب)

وأضاف البيان أنه «على الرغم من الظروف الصعبة، تواصل قوات حفظ السلام أداء مهامها بشكل دقيق، وتقدم المساعدات كافة للسكان المدنيين واللاجئين، بما في ذلك من خلال جهود الأطباء العسكريين». وأكد أنه «تم التعبير عن الأمل في أن تتطور الأوضاع لاحقاً باتجاه وقف التصعيد، وإحلال الاستقرار بشكل نهائي».

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الخميس، أن قوات حفظ السلام الروسية أجلت 5 آلاف شخص من 3 مناطق في إقليم كاراباخ بعد اندلاع الأعمال القتالية هناك.

وقالت الوزارة في بيان: «منذ بدء الأعمال القتالية، قامت قوات حفظ السلام الروسية بإجلاء المدنيين من مناطق ماردكيرت ومارتوني وأسكيران. وتم نقل نحو 5 آلاف شخص إلى مقر مجموعة قوات حفظ السلام».

وأكد البيان أن قوات حفظ السلام الروسية تواصل تنفيذ المهام في كاراباخ. وأضاف أن هذه القوات «تبقى على تفاعل مستمر مع باكو ويريفان وستيباناكيرت، بهدف منع إراقة الدماء واحترام القانون الإنساني فيما يتعلق بالمدنيين، وكذلك ضمان سلامة قوات حفظ السلام».

وأوضح البيان أنه تم توفير أماكن للراحة والوجبات الساخنة لجميع الذين تم إجلاؤهم، بينما يقدم لهم الأطباء العسكريون الروس الرعاية الطبية اللازمة.



أوكرانيا تقصف مستودعاً للنفط ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي

سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)
سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تقصف مستودعاً للنفط ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي

سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)
سكان العاصمة كييف يعاينون الدمار إثر غارة روسية على كييف (أ.ف.ب)

قال الجيش الأوكراني الجمعة إنه قصف مستودع أطلس للنفط في منطقة روستوف الروسية ليلاً فنشب به حريق، مضيفاً أن «أطلس جزء من المجمع الصناعي العسكري الروسي الذي يزود الجيش الروسي بالمنتجات النفطية». وقال في بيانه إن كييف ضربت أيضاً محطة رادار لنظام بوك للدفاع الجوي الروسي في منطقة زابوريجيا جنوب أوكرانيا.

أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أنه أسقط 47 مسيّرة أوكرانية خلال الليل استهدفت خصوصاً منطقة روستوف الواقعة على الحدود مع أوكرانيا، حيث اندلع حريق كبير في موقع صناعي. وقال الجيش الروسي في بيان إن «أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمّرت 47 مسيّرة أوكرانية»، بينها 29 فوق منطقة روستوف (جنوب) التي تضم مقر العملية الروسية في أوكرانيا.

تظهر هذه الصورة غير المؤرخة التي أصدرها الجيش الأوكراني حطام طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد» أطلقتها روسيا قيل إنها أسقطت بالقرب من كوبيانسك في أوكرانيا (أ.ب)

وأشارت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إلى أن هذا الموقع الذي ضربته أوكرانيا في الصيف أيضاً، «هو جزء من المجمع الصناعي العسكري الروسي الذي يمد الجيش الروسي بالمنتجات النفطية».

وأفاد حاكم هذه المنطقة الروسي يوري سليوسار عبر «تلغرام» بوقوع «هجوم جوي أوكراني ضخم» خلال الليل، مؤكداً تدمير أو تحييد 30 طائرة مسيّرة. وبعد ساعتين، أفاد كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية» بوقوع «حريق كبير في موقع صناعي» في المنطقة التي يقع فيها المستودع، من دون أن يسميه أو يحدد ما إذا كان ذلك على صلة بالهجوم.

من جانبه، أعلن الجيش الروسي سيطرته على قريتين في شرق أوكرانيا، حيث تسارع تقدم قواته منذ خريف هذا العام. فيما أعلنت أوكرانيا الجمعة أنها تعرضت خلال الليل لهجوم روسي بنحو 130 مُسيّرة، بعد يوم من الضربات الواسعة النطاق التي استهدفت البنية التحتية للطاقة فيها.

وذكرت القوات الجوية الأوكرانية في بيان على تطبيق «تلغرام» أنها أسقطت 88 من أصل 132 طائرة مسيّرة أطلقتها موسكو، وفقدت أثر 41 مسيّرة أخرى بسبب الحرب الإلكترونية، فيما عادت طائرة أدراجها إلى الأراضي الروسية. وكثفت روسيا هجماتها الليلية بالطائرات المسيّرة على المدن الأوكرانية في وقت تواصل فيه تقدمها على طول الخط الأمامي الشرقي، في توغل يعد من بين الأكبر خلال شهر واحد منذ 2022.

بدوره، أعلن الجيش الروسي السيطرة على قرية جديدة في جنوب منطقة دونباس في شرق أوكرانيا حيث تسارع تقدم القوات الروسية في الخريف. وأفادت وزارة الدفاع الروسية، كما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن «تجمع الجنوب للقوات الروسية... حرر بلدة روزدولنيه»، مشيراً كذلك إلى السيطرة على قرية ثانية في منطقة دونيتسك دون تحديد موقعها.

وقامت روسيا في وقت مبكر، الخميس، بثاني هجوم كبير على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا هذا الشهر، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء على نطاق واسع في أنحاء البلاد. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، إن الهجوم الجوي الروسي على أوكرانيا ليلاً «شائن» ويعد تذكيراً بمدى ضرورة وأهمية دعم الشعب الأوكراني.

وقال بايدن في بيان أصدره البيت الأبيض: «تواصل روسيا التقليل من شأن شجاعة الشعب الأوكراني وصموده وعزمه. وتقف الولايات المتحدة مع أكثر من 50 دولة في دعم أوكرانيا ونضالها من أجل الحرية».

سكان يقفون بجوار منزلهم المتضرر بسبب ضربة صاروخية وسط هجوم روسي على مشارف أوديسا بأوكرانيا 28 نوفمبر 2024 (رويترز)

اتهم مدير جهاز الاستخبارات البريطاني روسيا بتنفيذ حملة «تخريب» في أوروبا، فيما يواصل الرئيس فلاديمير بوتين حربه ضد أوكرانيا، لافتاً إلى أن جهازي الاستخبارات البريطاني والفرنسي لعبا دوراً «حاسماً» في قرارات حكومتي البلدين «لذا بإمكانهما التعامل بنجاح مع مزيج الغطرسة والعدوان الذي يلجأ إليه بوتين».

وأفاد ريتشارد مور، الجمعة، في أثناء خطاب بباريس: «كشفنا مؤخراً عن حملة تخريب روسية في أوروبا متهورة بشكل لا يصدّق بينما يلجأ بوتين وأتباعه إلى التلويح بالنووي لبث الخوف من عواقب مساعدة أوكرانيا»، محذراً من أنه لا يتوقع أن يتخلى بوتين عن أي من أهدافه التوسعية حال نجاحه بتحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة.

وقال: «إذا سُمح لبوتين بأن ينجح في تحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة فإنه لن يتوقف عند هذا الحد». لكنه أضاف: «لا شك لدينا بأن أصدقاءنا الأوكرانيين لديهم الإرادة لتحقيق الانتصار».

في غضون ذلك، ناشدت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أوكرانيا وداعميها التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية في خضم معترك إنهاء الحرب الروسية. وقالت ميركل في تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني «زد دي إف»: «لا ينبغي لروسيا أن تكسب هذه الحرب... ما فعله (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) مع أوكرانيا عمل سافر منتهك للقانون الدولي»، موضحة في المقابل أنها تقول أيضاً: «يتعين دائماً التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية»، مشيرة إلى أنه لا داعي لمناقشة هذه الحلول الآن، موضحة أن تحديد الوقت المناسب لذلك أمر يتعين على الجميع - أوكرانيا وداعميها - مناقشته معاً».

وأكدت ميركل أنها تدعم ما تفعله الحكومة الألمانية الحالية من أجل أوكرانيا، مشيرة إلى أنه من المعروف أن تحقيق أوكرانيا نصر عسكري ضد جارتها الكبرى روسيا لن يكون سهلاً، وقالت: «ومع ذلك، فإنني أؤيد كل ما يفعله المجتمع الدولي لوضع أوكرانيا في وضع جيد... ليس من مصلحة أوكرانيا فحسب، بل من مصلحتنا أيضاً ألا ينتصر بوتين في هذه الحرب»، مؤكدة أنها بذلت قصارى جهدها لضمان عدم حدوث مثل هذا التصعيد.

سكان كييف داخل محطات المترو خوفاً من هجمات روسية تستهدف العاصمة الأوكرانية (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، وصل وزير الدفاع الروسي أندري بيلوسوف، الجمعة، في زيارة غير معلنة إلى كوريا الشمالية لتعزيز العلاقات «في كل المجالات» مع بيونغ يانغ التي تربطها بموسكو معاهدة للدفاع المشترك. وقال بيلوسوف وفق ما نقلت عنه «وكالات أنباء روسية»: «العلاقات الودية بين روسيا وكوريا الشمالية تتوسع بشكل نشط في كل المجالات، بما فيها التعاون العسكري». وأضاف أنه «مقتنع» بأن هذه المحادثات في بيونغ يانغ «ستعمل على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الروسية الكورية في مجال الدفاع».

سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

من جهته، أكد نظيره الكوري الشمالي، نو كوانغ تشول، أن جيش بلاده عازم على «تعزيز وتطوير التعاون بشكل مستمر مع الجيش الروسي».

ووقع البلدان اتفاق دفاع مشترك في يونيو (حزيران) وتمت المصادقة عليه. ويلزم هذا الاتفاق الدولتين بتقديم مساعدة عسكرية «دون تأخير» في حال وقوع هجوم على الدولة الأخرى والتعاون دولياً للتصدي للعقوبات الغربية.

واتهمت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بيونغ يانغ، التي تملك السلاح النووي، بإرسال أكثر من عشرة آلاف جندي لمساعدة روسيا في الحرب في أوكرانيا. وأفاد خبراء بأن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون سعى في المقابل إلى اكتساب تكنولوجيا متقدمة وخبرة قتالية لقواته. وتُخضع كل من كوريا الشمالية وروسيا لعقوبات الأمم المتحدة، كيم جونغ أون، لتطوير ترسانته النووية وفلاديمير بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا.