طالت في الأشهر الأخيرة شائعات كثيرة صحةَ الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، والقائد الشيشاني رمضان قديروف. هذا النوع من الشائعات هو في الواقع ليس أمراً جديداً عندما يتعلق الأمر ببوتين وحلفائه، ويعود لتقليد نظام مغلق قائم على السرية، وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.
وبحسب بعض المراقبين، فإن رمضان قديروف يشارف على الموت. يوم الجمعة 15 سبتمبر (أيلول)، أشارت مصادر من داخل الاغتراب الشيشاني، أكدتها المخابرات الأوكرانية، إلى أن الزعيم الشيشاني كان في غيبوبة، وهو في حالة صحية «خطيرة». وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، ردد العديد من مستخدمي الإنترنت هذه الشائعات المستمرة، مبررين ذلك بدخوله المفترض إلى إحدى العيادات الطبية في موسكو، ووجود العديد من السيارات المسجلة في الشيشان أمام هذا المستشفى نفسه.
وفي نهاية هذا الأسبوع، أعلن زعيم المعارضة الشيشانية في المنفى عن وفاة قديروف الحليف المخلص لفلاديمير بوتين. ومع ذلك، لا يوجد حالياً أي دليل ملموس لدعم هذه الأطروحات، وفق التقرير. وفي مقطع فيديو نُشر يوم الأحد، سخر قديروف، حيث ظهر بوجه منتفخ بشكل واضح، من هذه التصريحات، دون إمكانية تحديد تاريخ الفيديو المنشور.
تقليد روسي وسوفياتي طويل
اعتبر التقرير أن هذا النوع من الشائعات هو في الواقع ليس بالجديد عندما يتعلق الأمر بحلفاء بوتين. في بداية شهر مايو (أيار)، كانت صحة الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بالفعل في قلب التكهنات، عندما بدا ضعيفاً ويده ملفوفة بضمادة، خلال احتفالات «يوم النصر» على ألمانيا النازية. وفي بعض الأحيان يكون فلاديمير بوتين نفسه موضوعاً للشائعات، حيث يشتبه البعض في إصابته بالسرطان. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن رئيس المخابرات الأوكرانية كيريلو بودانوف أن الرئيس الروسي سيموت «في مدة وجيزة».
لكن كل واحد من هذه الأحداث لا يستند أبداً إلى أي شيء آخر غير التكهنات، التي يغذيها «نظام مغلق، يعمل على السرية» (في روسيا أو بيلاروسيا)، يقول أندريه كوزوفوي، أستاذ التاريخ الروسي والسوفياتي في جامعة ليل في فرنسا. فبحسب هذا المؤرخ، عرفت روسيا القيصرية هذا النظام (المغلق المحاط بالسرية)، منذ بدايات القرن السابع عشر.
واكتسبت التكهنات حول الحياة الخاصة للقادة الروس أهمية خاصة منذ بداية الحقبة السوفياتية. يؤكد أندريه كوزوفوي: «عندما مرض لينين، انتشرت الشائعات بسرعة». لكن في ذلك الوقت، ظلت تلك الشائعات محصورة في حدود الاتحاد السوفياتي. فقط مع مرض الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف سوف يتم «تدويل هذا الشائعات»، وستجذب اهتمام الغرب، كما هو الحال اليوم مع بوتين أو لوكاشينكو أو قديروف.
الإنكار التام أو الصبر
واليوم، يتم الإبقاء على تقليد السرية من قبل بوتين وحلفائه، قادة «الأنظمة القائمة على حكم شخصية كاريزماتية»، تحلل تاتيانا كاستويفا جان، مديرة مركز روسيا وأوراسيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري). وتضيف المتخصصة في العلوم السياسية: «إن شرعية سلطة هؤلاء القادة تعتمد على إيمان الناس والنخب بصفاتهم القيادية الاستثنائية، والتي تعتبر ضرورية للحكم». ومسألة صحتهم هي في قلب هذا التصور، والمعارضة تعرف ذلك. ومن خلال بث شائعات حول احتمال إصابة أحد هؤلاء القادة بمرض، فإنه يتم «تقويض هذه القناعة وتضعف شرعيتهم».
وأمام هذه الظاهرة، فإن أمام الذين تطالهم الشائعات خياران؛ فمن ناحية، يمكنهم الإنكار التام، كما فعل قديروف في مقطع الفيديو الخاص به، «لكن الناس لا يثقون بهذه الصور التي يمكن التلاعب بها»، تؤكد تاتيانا كاستويفا - جان. ومن ناحية أخرى، يعتمدون الصبر والصمت، بحيث تُترك الإشاعات تمر، ويمنح الزعيم نفسه الوقت لتحويلها لصالحه، أو يتم انتظار الزعيم حتى يتعافى (في حال مرضه) لتقديمه للجمهور معافى، بطريقة لا جدال فيها».
ويقول أرنو دوبيان، مدير المرصد الفرنسي - الروسي في موسكو، إنه لا ينبغي التقليل من أهمية «عمليات التضليل التي تنفذها أوكرانيا ويدعمها الغرب»، وخاصة في أوقات الحرب.