تقرير: وقف اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود يهدد الأمن الغذائي في المنطقة العربية

الإسكوا: يزيد تأثّر المنطقة العربية بشكل خاص بسبب اعتمادها على الأسواق العالمية للأغذية

العلم الأوكراني مغطى بالحبوب (رويترز)
العلم الأوكراني مغطى بالحبوب (رويترز)
TT

تقرير: وقف اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود يهدد الأمن الغذائي في المنطقة العربية

العلم الأوكراني مغطى بالحبوب (رويترز)
العلم الأوكراني مغطى بالحبوب (رويترز)

بعد عام من تفعيل اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، رفضت روسيا تمديده في 17 يوليو (تموز) 2023، ما أثار قلق المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي. وكان الاتفاق يضمن تصديراً آمناً للحبوب من المرافئ المحددة في أوكرانيا إلى العالم. وتم التفاوض على الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، بعد أن شهدت أسعار الغذاء العالمية أعلى نسب ارتفاع مسجلة بعد الحرب في أوكرانيا في مارس (آذار) 2022. لكن الأسعار انخفضت ببطء منذ توقيع الاتفاق في يوليو 2022.

صورة أرشيفية لتوقيع اتفاق الحبوب بإسطنبول في 22 يوليو 2022 (رويترز)

وقبل النزاع، حتى عام 2021، كانت روسيا وأوكرانيا من أكبر المنتجين العالميين للقمح والذرة والشعير وزيت دوار الشمس والأسمدة والزيت، ومِن أبرز موردي القمح للمنطقة العربية، حيث استوردت مصر ولبنان وعُمان وقطر والصومال ما يصل إلى ثلثي احتياجاتهم من القمح من هاتين الدولتين، وذلك حسب تقرير أعدته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) بالاستناد إلى مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) وبيانات مبادرة الأمم المتحدة (مركز التنسيق المشترك لحبوب البحر الأسود 2023).

ومع بداية الحرب، سمح الاتفاق بتصدير حوالي 33 مليون طن من المواد الغذائية الأوكرانية، بين يوليو 2022 ويوليو 2023. وصل من بينها 4.2 مليون طن (12.8 في المائة) إلى المنطقة العربية، حيث استوردت مصر وتونس وليبيا واليمن الكميات الكبرى.

تقول ريم نجداوي، رئيسة فريق سياسات الغذاء والبيئة، في «الإسكوا»، وزميلتها ماريا بيلار أورو باز، مسؤولة الشؤون الاقتصادية، في تقرير للمنظمة، التي تتخذ من بيروت مقراً لها، إن السلع الأكثر استيراداً من قبل الدول العربية من خلال هذه المبادرة هي الذرة (46 في المائة) والقمح (39 في المائة)، يليهما الشعير (5 في المائة) وزيت دوار الشمس (4 في المائة).

ويتم استخدام الذرة والشعير على نطاق واسع كأعلاف للحيوانات، بينما يعتبر القمح وزيت دوار الشمس منتجات غذائية أساسية. وبالنسبة لبعض البلدان، كانت الكميات المستوردة من خلال اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود تمثل الحصة الكبرى من احتياجاتها، فقد استوردت ليبيا 54 في المائة من احتياجاتها من الذرة لتستعمل أعلافاً للحيوانات، واستوردت عُمان القمح لتغطية ما يقارب من 15 في المائة من استهلاكها للقمح.

سفينة شحن تركية تعبر مضيق البسفور (رويترز)

ويثير التقرير، مرة أخرى، مخاوف بشأن توفر الغذاء بعد إعلان إنهاء الاتفاق. وإذا لم يتم التوصل قريباً إلى اتفاق جديد بين الأطراف، من المتوقع زيادة الأسعار العالمية للأغذية في الأشهر المقبلة. ويزيد تأثّر المنطقة العربية بشكل خاص بسبب اعتمادها على الأسواق العالمية للأغذية، حيث تستورد أكثر من 60 في المائة من احتياجاتها من القمح. وفي ذات الوقت، تعاني دول المنطقة من مديونية عالية تفوق 1.5 تريليون دولار. وبالإضافة إلى ذلك، يتعرض كثير من البلدان في المنطقة، مثل لبنان والسودان ومصر، لضغوط التضخم التي ستزداد سوءاً جراء هذا السيناريو.

في السنوات الأخيرة، تفاقم الوضع الهش للأمن الغذائي في المنطقة العربية، حسب «الإسكوا»، بسبب تأثيرات الحرب في أوكرانيا وجائحة «كوفيد 19»، والنزاعات، وتغير المناخ. إذ يتأثّر أكثر من ثُلث السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني 12 في المائة من سكان المنطقة من سوء التغذية.

صورة وزعها الجيش الأوكراني لمخزن حنطة دمرته ضربة روسية في أوديسا (رويترز)

حالياً، وفي ظل النزاعات المستمرة في المنطقة مثل الحرب في السودان، تزيد الحاجة للمساعدات الإنسانية لملايين الأفراد. لكن من المرجح أن تتأثر المساعدات الإنسانية بشكل سلبي جراء توقف العمل باتفاق الحبوب الذي رفضت روسيا تمديده.

ففي حين استورد برنامج الأغذية العالمي 80 في المائة من احتياجات القمح من أوكرانيا حتى يوليو 2023، سيتعين على البرنامج الاعتماد على بدائل أخرى على الأغلب أكثر تكلفة، ما يمثل ضغطاً إضافياً على ميزانية البرنامج. فقد أجبرت القيود المالية برنامج الأغذية العالمي على التوقف عن توزيع الغذاء لـ2.5 مليون أسرة في سوريا بعد يوليو 2023، كما تم تخفيض حجم التوزيعات والمستفيدين في اليمن وفلسطين في الأشهر الماضية. ويتوقع تقرير «الإسكوا» أن تأثيرات وقف اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود ستكشف انعدام الأمن الغذائي، وستؤدي إلى سوء التغذية قريباً، وبذلك تصبح محافظة المجتمع الدولي على استقرار أسواق الغذاء أكثر أهمية من أي وقت مضى.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يناقش تعزيز التعاون مع دول «الكومنولث»

الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال استقباله الأمين العام لمنظمة دول الكومنولث البارونة باتريشيا أسكتلند في الرياض (الخارجية السعودية)

وزير الخارجية السعودي يناقش تعزيز التعاون مع دول «الكومنولث»

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، مع نظيره الأوكراني أندري سيبها، الأحد، العلاقات الثنائية، ومستجدات الأزمة الأوكرانية – الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا عناصر الدفاع المدني يحاولون إخماد نيران ناجمة بعد هجوي جوي في كوستيانتينيفكا بإقليم دونيتسك (أ.ف.ب)

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيَّرة، ليل السبت - الأحد، على العاصمة الأوكرانية كييف والبنية التحتية لميناء أوديسا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن - واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)
TT

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (السبت)، إلى الكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة، لافتاً إلى أن الأولوية هي للحلّ السياسي للحرب المستمرة منذ عام بين إسرائيل وحركة «حماس»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال ماكرون، في تصريحات لإذاعة «فرنس إنتر»: «أعتقد أن الأولوية اليوم هي العودة إلى حلّ سياسي، والكفّ عن تسليم الأسلحة لخوض المعارك في غزة».

وأكد خلال هذه المقابلة التي تم تسجيلها في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، أن فرنسا «لا تقوم بتسليم» أسلحة.

وأعرب الرئيس الفرنسي عن أسفه لعدم تغير الوضع في غزة، رغم كل الجهود الدبلوماسية المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، خصوصاً مع إسرائيل.

وقال ماكرون «أعتقد أنه لم يتم الإصغاء إلينا، لقد قلت ذلك من جديد لرئيس الوزراء (بنيامين) نتنياهو وأعتقد أن ذلك خطأ، بما في ذلك بالنسبة لأمن إسرائيل مستقبلاً».

وأضاف «إننا نلمس ذلك بوضوح لدى الرأي العام، وبشكل أفظع لدى الرأي العام في المنطقة، إنه في الجوهر استياء يتولد، وكراهية تتغذى عليه».

ويعارض الرئيس الأميركي جو بايدن حتى الآن تسليم إسرائيل بعض أنواع الأسلحة، وعلّق إرسال أنواع معينة من القنابل في مايو (أيار).

وفي سبتمبر (أيلول)، أعلنت بريطانيا، من جانبها، تعليق 30 من أصل 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرة إلى «خطر واضح» من إمكان استخدامها في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي في الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة.

واندلعت الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل و«حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية. وتوعّدت تل أبيب بـ«القضاء» على الحركة.

وأصدر الجيش الإسرائيلي، خلال الحرب، كثيراً من أوامر الإخلاء. واضطرت الغالبية العظمى من سكان القطاع، البالغ عددهم 2.4 مليون شخص، إلى النزوح مرة واحدة على الأقل منذ بدء الحرب. كما تعرّضت مساحات واسعة من القطاع لدمار هائل من جرّاء القصف والمعارك.

وتسبّب هجوم «حماس» في مقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.

ورد الجيش الإسرائيلي بهجوم مدمّر على قطاع غزة تسبّب في مقتل 41 ألفاً و825 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس» التي تعدّها الأمم المتحدة موثوقة.