بوتين لـ«تعاون استراتيجي» وكيم واثق بـ«انتصار روسيا العظمى»

أطلقا من قاعدة صواريخ روسية... مرحلة جديدة في العلاقات

TT

بوتين لـ«تعاون استراتيجي» وكيم واثق بـ«انتصار روسيا العظمى»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في قاعدة فوستوشني الفضائية في منطقة أمور في أقصى الشرق - روسيا (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال اجتماع في قاعدة فوستوشني الفضائية في منطقة أمور في أقصى الشرق - روسيا (رويترز)

أطلق زعيما روسيا وكوريا الشمالية مرحلة جديدة للتعاون بين البلدين، خلال جولة محادثات وصفت بأنها «حساسة وتجري في توقيت دقيق». ولفت الأنظار تعمد اختيار قاعدة صواريخ استراتيجية روسية في أقصى شرق البلاد، لتكون منصة للقاء الزعيمين في وقت تتركز أنظار العالم على آفاق تطوير التعاون العسكري، وخصوصاً في المجال الصاروخي بين موسكو وبيونغ يانغ. وتبادل الطرفان في مستهل اللقاء عبارات الترحيب التي عكست في جانب منها، الأهمية القصوى التي يوليها الزعيمان لدفع العلاقات في هذه المرحلة.

بوتين وكيم (أ.ف.ب)

وقال كيم مخاطباً الرئيس الروسي أنه يقدر توقيت توجيه الدعوة لعقد هذا اللقاء، في ظروف انشغال بوتين بـ«جدول أعمال مزدحم للغاية». فيما أشار الرئيس الروسي إلى أن توقيت القمة الثنائية يتزامن مع «مناسبات وطنية كبرى، بينها مرور 75 عاماً على تأسيس جمهورية (كوريا الديمقراطية الشعبية)، و70 عاما على الانتصار في (حرب التحرير الكبرى)، و75 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».

تعاون تكتيكي واستراتيجي

حملت عبارات الطرفين خلال مأدبة العشاء الرسمية التي تخللت أعمال القمة، إشارات مباشرة إلى المحور الأساسي للمناقشات، التي تركز على تطوير التعاون العسكري وانخراط روسيا بشكل مباشر في دعم البرنامج الصاروخي الكوري الشمالي. وقال كيم إنه ناقش مع بوتين في الشق المغلق من اللقاء «التعاون التكتيكي والاستراتيجي والوضع في شبه الجزيرة الكورية والوضع في أوروبا خلال المحادثات».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يفحصان منصة الإطلاق خلال اجتماعهما في قاعدة فوستوشني الفضائية (أ.ب)

وأوضح «لقد ناقشنا أنا والرفيق بوتين بعمق الوضع العسكري السياسي في شبه الجزيرة الكورية وفي أوروبا، وتوصلنا إلى توافق مُرضٍ بشأن مواصلة تعزيز التعاون الاستراتيجي والتكتيكي، ودعم التضامن في النضال من أجل حماية الحق السيادي في الأمن، وخلق ضمانات السلام الدائم».

الزعيم الكوري الشمالي (وسط) خلال زيارة لموقع إطلاق الصواريخ الباليستية في مارس 2022 (أ.ب)

وأكد الزعيم الذي يزور روسيا للمرة الثانية منذ عام 2019 أن زيارته تأتي في وقت «تتكشف فيه مواجهة شرسة بين قوى العدل وقوى الظلم، وبين التقدم والقوى التي تحاول منع تطوير العلاقات على الساحة الدولية». معرباً عن ثقته بأن اللقاء مع بوتين «سيعمل على تحويل العلاقات الودية الروسية الكورية إلى علاقات تعاون استراتيجي غير قابلة للكسر». وأضاف أن التعاون مع روسيا يمثل «أولوية مطلقة» بالنسبة إلى بلاده.

بدوره، أعاد بوتين التذكير بماض مشترك طويل في مواجهة التدخلات الأجنبية، وقال: «تأسست علاقاتنا خلال النضال الكوري من أجل الحرية في عام 1945، عندما سحق الجنود الروسيون والكوريون العسكريين اليابانيين كتفاً بكتف. وحتى اليوم نحن نسعى جاهدين لتعزيز أواصر الصداقة الحميمة وحُسن الجوار. ونحن نعمل باسم السلام والاستقرار». وفي تلميح نادر إلى عزم بلاده تطوير التعاون في المجال الصاروخي مع كوريا الشمالية قال الرئيس الروسي إن موسكو «سوف تساعد كوريا الشمالية في بناء الأقمار الاصطناعية (...) هذا هو السبب الذي أتينا من أجله إلى قاعدة فوستوشني الفضائية».

بوتين مع كيم ويظهر على اليمين الطاقم الروسي ويضم وزيري الدفاع والخارجية (إ.ب.أ)

وأشار إلى أن «زعيم كوريا الديمقراطية يبدي اهتماماً كبيراً بتكنولوجيا الصواريخ، ويحاول تطوير صناعات الفضاء». وسئل بوتين عما إذا كان التعاون العسكري التقني مدرجاً على جدول الأعمال فقال: «سنتحدث عن كل القضايا دون عجل. هناك ما يكفي من الوقت لدينا».

اجتماع في قاعدة صواريخ استراتيجية

جرت المفاوضات بين الرئيسين في قاعدة «فوستوشني» الفضائية. وقبل جلسة المحادثات الرسمية قام الزعيمان بجولة في القاعدة التي تعد أهم مراكز تطوير التكنولوجيات الصاروخية الفضائية الروسية.

وبعد مراسم الاستقبال التي جرت عند المدخل الرئيسي لمبنى تركيب واختبار الصواريخ الحاملة للمركبات الفضائية، قاد بوتين ضيفه في جولة في صالة تجميع الصاروخ الفضائي «أنغارا»، كما اصطحبه لمشاهدة قاعدة إطلاق الصواريخ الفضائية من طراز «سويوز».

بعد «الجولة الميدانية» جرت المفاوضات في قاعة جهزت لهذا الغرض، داخل مبنى في مجمع الصواريخ الفضائية «سويوز - 2». بدأ الحوار الرئاسي بعبارة لافتة من بوتين الذي أشار إلى المكان، مشددا على أن روسيا «فخورة بإنجازاتها في مجال تطوير القطاع الصاروخي الفضائي». وهو أمر رد عليه كيم: «لقد تمكنا من رؤية حاضر ومستقبل القوة الفضائية الروسية بأعيننا (..) روسيا نهضت الآن للنضال المقدس لحماية أمنها، وسوف نكون دائماً معاً في الكفاح ضد الإمبريالية ومن أجل بناء دول ذات سيادة».

الطاقم الكوري الشمالي خلال لقاء بوتين وكيم (رويترز)

وخلال مأدبة العشاء تبادل الزعيمان الروسي والكوري الشمالي قال بوتين إنه يتطلع لمرحلة جديدة كلياً للعلاقات مع البلد الصديق، فيما أبدى الزعيم الكوري الشمالي ثقته بأن العالم سوف يرى «مزيدا من الانتصارات الجديدة لروسيا العظمى». وأضاف كيم جونغ أون: «أنا واثق من أن الجيش الروسي والشعب الروسي سوف يحققان بالتأكيد انتصاراً كبيراً في النضال المقدس لمعاقبة تجمع الشر الذي يدعي الهيمنة ويغذي وهم الهروب وخلق بيئة مستقرة للتنمية».

تكهنات غربية بصفقة كبرى

على الرغم من أن القمة انتهت من دون صدور إعلان مشترك، مع تركيز وسائل إعلام حكومية روسية على أن هذا الإجراء «تقليدي» في العلاقات الروسية الصينية والعلاقات الروسية الكورية الشمالية، فإن ما صدر عن الرئيسين، وما تردد خلال الزيارة في وسائل الإعلام حول الملفات المطروحة للنقاش، دفع إلى توقع انطلاق تحول كبير في مستوى التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ.

واستبقت الصحافة الغربية انتهاء اللقاء بترجيحات حول صفقة كبرى محتملة. وكتبت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن كيم حل ضيفاً على روسيا برفقة مسؤولين بارزين من الجيش ومتخصصين في صناعة السلاح.

ويقول محللون إن كوريا الشمالية ربما تمتلك عشرات الملايين من القذائف المدفعية والصواريخ المصنوعة وفقاً لتصاميم سوفياتية، ويمكن أن تمنح الجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا دفعة قوية، وفق ما نقلت صحيفة «إندبندنت» البريطانية. وقالت الصحيفة إن بين أعضاء الوفد المرافق مسؤولون مرتبطون بجهود بيونغ يانغ لامتلاك أقمار اصطناعية لأغراض التجسس، وغواصات تعمل بالطاقة النووية ومزوَّدة بصواريخ باليستية.

وأضافت «إندبندنت» أن كيم «بحاجة ماسة للطاقة ومساعدات غذائية». بينما ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن قمة بوتين - كيم ربما ستترجَم إلى ذخائر وصواريخ وقاذفات مضادة للدبابات تصل إلى القوات الروسية في أوكرانيا. ورأت الوكالة في الوقت نفسه أن تعزيز التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية «يهدد الاستقرار في كل من أوروبا وآسيا».

ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية إن بيونغ يانغ تمتلك مخزونات من قذائف المدفعية من عيار 122 ملم و155 ملم وصواريخ 122 ملم، التي يحتاج إليها الجيش الروسي بشدة، أيضا، لدى كوريا الشمالية قدرات مهمة في مجال إنتاج طائرات من دون طيار وصواريخ أكثر تقدماً.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يفحصان منصة الإطلاق خلال اجتماعهما في قاعدة فوستوشني الفضائية (أ.ب)

تعهد بمحاربة العقوبات على بيونغ يانغ

بالتوازي مع الحديث النشط عن تطوير التعاون في مجالات مختلفة وعلى رأسها في المجال العسكري، بدا أن الدبلوماسية الروسية تستعد بدورها لخوض معركة لصالح كوريا الشمالية، وقال وزير الخارجية الروسي، في لقاء تلفزيوني الأربعاء، إنه «تم تبني العقوبات الدولية السابقة ضد كوريا الشمالية في بيئة جيوسياسية مختلفة تماما عن الوضع الحالي». وأضاف «في تلك الفترة، كانت هناك مشاكل في بدء الحوار والمناقشات الجادة في مجلس الأمن الدولي. ولكن بعد اعتماد القرار الأخير (كان ذلك في عام 2017)، قلنا بحزم إنه لن يكون هناك مزيد من العقوبات ضد كوريا الشمالية. واتخذ شركاؤنا الصينيون الموقف نفسه».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

وأشار لافروف إلى أن الدول الغربية كانت قد وعدت بأن يتم بالتوازي مع مسار العقوبات، تنفيذ المسار السياسي وحل القضايا الإنسانية في كوريا الشمالية، لكن «تبين أن هذه الضمانات والوعود كاذبة، وهذا التنصل من الوعود يؤدي إلى إفشال المحاولات لإصدار قرار ضد كوريا الشمالية عبر مجلس الأمن الدولي». وذكر لافروف، أن الولايات المتحدة رغبت في مايو (أيار) من العام الماضي بتمرير قرار دوري لمجلس الأمن الدولي حول العقوبات ضد كوريا الشمالية، لكن روسيا لم تسمح بذلك.

وقال: «قمنا مع الأصدقاء الصينيين، بإعداد مشروع قرار يركز حصريا على حل القضايا الإنسانية (وهي قضايا جدية للغاية في كوريا الشمالية)، فضلا عن استئناف العملية السياسية بوصفها جزءا من مهام تعزيز الأمن في شمال شرقي آسيا».

وتابع الوزير الروسي القول: «ولكن الولايات المتحدة بدلا من ذلك تقوم، إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وحلفاء آخرين، بمحاولات لنقل عناصر من قواتها الاستراتيجية إلى جنوب شبه الجزيرة الكورية، بما في ذلك يجري الحديث عن احتمال ظهور أسلحة نووية أميركية في شبه الجزيرة الكورية بهذا الشكل أو ذلك». وأكد الوزير مجددا أن بلاده لن تسمح بفرض عقوبات جديدة على البلد الجار.


مقالات ذات صلة

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مكتب «غولد سيلفر سنترال» في سنغافورة (رويترز)

الذهب يستعد لأفضل أسبوع له في عام

ارتفعت أسعار الذهب 1 في المائة وكانت في طريقها لتسجيل أفضل أسبوع لها في عام، الجمعة، بدعم من الطلب على الملاذ الآمن وسط التصعيد المستمر بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)

الولايات المتحدة تؤكد أنها «لا تسعى إلى حرب» مع روسيا

أعلنت الولايات المتحدة الخميس أنها "لا تسعى إلى حرب مع روسيا"، متهمة موسكو بـ"إثارة التصعيد" في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

حذر بوتين من أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لن تكون قادرة على إيقاف الصاروخ الجديد (رويترز)
حذر بوتين من أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لن تكون قادرة على إيقاف الصاروخ الجديد (رويترز)
TT

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

حذر بوتين من أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لن تكون قادرة على إيقاف الصاروخ الجديد (رويترز)
حذر بوتين من أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لن تكون قادرة على إيقاف الصاروخ الجديد (رويترز)

بعد يوم من التكهنات من قبل كييف وواشنطن، وصمت موسكو، حول نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا، نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء الجمعة عن وزارة الدفاع الروسية قولها إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية في استهدافها لمجمع صناعي عسكري في أوكرانيا، الخميس، وإنها حذرت واشنطن قبل نصف ساعة من الإطلاق.

وأوضحت الوزارة أن إطلاق الصاروخ «الباليستي» فرط الصوتي جاء رداً على استخدام أوكرانيا أسلحة أميركية وبريطانية بعيدة المدى ضدها.

وقال الكرملين الجمعة إنه «على ثقة» من أن الولايات المتحدة «فهمت» رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن صواريخ موسكو قادرة على حمل رؤوس نووية. وأوضح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، غداة الضربة الصاروخية: «نحن على ثقة بأن الإدارة الحالية في واشنطن كان لها فرصة إدراك الإعلان وفهمه»، مشدداً على أن الرسالة «كانت شاملة وواضحة ومنطقية». وأشار إلى أن روسيا لم تكن ملزمة بتحذير الولايات المتحدة بشأن الضربة، ومع ذلك أبلغتها قبل 30 دقيقة من الإطلاق. وقال إن بوتين ما زال منفتحاً على الحوار.

لقطة أرشيفية لصاروخ «باليستي» روسي أُطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)

وكررت الصين الجمعة دعواتها لجميع الأطراف في الحرب الأوكرانية إلى «الهدوء» و«ضبط النفس». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية لين جيان في مؤتمر صحافي دوري: «يجب على جميع الأطراف التزام الهدوء وممارسة ضبط النفس، والعمل على تهدئة الوضع من خلال الحوار والتشاور وتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار».

كان الرئيس الروسي قد قال إن روسيا أطلقت صاروخاً «باليستياً» جديداً متوسط المدى على أوكرانيا رداً على استخدام كييف صواريخ أميركية وبريطانية قادرة على ضرب عمق روسيا.

أشخاص يحتمون داخل محطة مترو خلال هجوم عسكري روسي على أوكرانيا (أ.ف.ب)

وفي خطاب متلفز للأمة الروسية، حذر بوتين من أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لن تكون قادرة على إيقاف الصاروخ الجديد الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»، وهي كلمة روسية تعني «شجرة البندق».

وأضاف بوتين أن هذا الصاروخ يمكن أيضاً استخدامه في مهاجمة أي دولة حليفة لأوكرانيا يتم استخدام صواريخها لمهاجمة روسيا.

وتابع بوتين في أول تعليق له منذ منح الرئيس الأميركي جو بايدن أوكرانيا الضوء الأخضر هذا الشهر لاستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية لضرب أهداف محدودة داخل روسيا، قائلاً: «نعتقد أن لدينا الحق في استخدام أسلحتنا ضد المنشآت العسكرية للدول التي تسمح باستخدام أسلحتها ضد منشآتنا».

وبعد الضربة، حمّل بوتين في خطابه الغرب مسؤولية تصعيد النزاع. واعتبر أنّ الحرب في أوكرانيا اتخذت «طابعاً عالمياً»، وهدد بضرب الدول المتحالفة مع كييف.

وقالت المديرية العامة للمخابرات الأوكرانية الجمعة إن الصاروخ الروسي الذي أُطلق على مدينة دنيبرو بأوكرانيا حلّق لمدة 15 دقيقة، وتجاوزت سرعته القصوى 13 ألف كيلومتر في الساعة.

وأشار جهاز المخابرات في بيان إلى أن «مدة تحليق هذا الصاروخ الروسي من لحظة إطلاقه في منطقة أستراخان حتى سقوطه في مدينة دنيبرو كانت 15 دقيقة»، مضيفاً أن الصاروخ كان «على الأرجح من منظومة صواريخ (كيدر)». ووفقاً للبيان: «كان الصاروخ مزوداً بستة رؤوس حربية، كل منها مزود بست قطع ذخائر فرعية. وكانت السرعة في الجزء الأخير من المسار تزيد على 13 ألف كيلومتر في الساعة». وتردد أن الصواريخ الجديدة متوسطة المدى، المستخدمة في دنيبرو، قادرة على التزود برؤوس نووية.

ويعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات الأسبوع المقبل في بروكسل لبحث التصعيد الأخير، وفق ما قال دبلوماسيون الجمعة. ومن المقرر أن يُعقد هذا الاجتماع الذي دعت إليه أوكرانيا، الثلاثاء على مستوى السفراء.

وقال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا في مؤتمر صحافي الجمعة إن أوكرانيا تنتظر قرارات «ملموسة ومهمة» ضد روسيا بعد اجتماعها مع دول حلف شمال الأطلسي. وأوضح الوزير أن كييف ستطرح «كيفية الحد من قدرة روسيا على إنتاج هذا النوع من الأسلحة».

وألغى البرلمان الأوكراني جلسته الجمعة خشية ضربات روسية تستهدف قلب كييف، وذلك غداة تحذيرات أطلقها بوتين للغرب. ومع استمرار التوتر في أوكرانيا، أفاد نواب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن البرلمان «ألغى» جلسته بسبب تلقي «إشارات إلى تزايد خطر وقوع هجمات ضد المنطقة الحكومية في الأيام المقبلة».

وتقع هذه المنطقة في قلب كييف حيث مقر الرئاسة والحكومة والبنك المركزي، والتي كانت بمنأى حتى الآن من القصف. ويفرض الجيش على دخولها رقابة مشددة.

الرئيس زيلينسكي يزور كتيبة أوكرانية في دونيتسك (أ.ف.ب)

وأكد المتحدث باسم الرئيس فولوديمير زيلينسكي، من جانبه، أن الإدارة الرئاسية «تواصل عملها كالمعتاد مع مراعاة القواعد الأمنية المعتادة». ودعا زيلينسكي المجتمع الدولي إلى «الرد»، مندداً بـ«الجارة المجنونة» التي تستخدم بلاده «ساحة تجارب».

واتهمت الولايات المتحدة روسيا بأنها تتسبب في «التصعيد» وانتهاج خطاب نووي «غير مسؤول». وتحدثت الأمم المتحدة عن «تطور مقلق». وأعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن أسفه لـ«التصعيد المروع».

وعززت كازاخستان، حليفة موسكو، إجراءاتها الأمنية بسبب «التصعيد في أوكرانيا». ويأتي ذلك في حين عدلت روسيا عقيدتها النووية بشكل يتيح لموسكو استخدام هذه الأسلحة ضد دول لا تملكها.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

ونقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قوله الجمعة إن تصرفات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل الرئيس المنتخب دونالد ترمب مستقبلاً. ونقلت الوكالة عن الوزير قوله: «بايدن، من خلال السماح بضرب العمق الروسي، يسعى إلى ترك إرث سيئ قدر الإمكان للإدارة القادمة... تصرفات إدارة بايدن محاولة لإفساد عمل إدارة ترمب في المستقبل». وأضاف لافروف خلال مؤتمر صحافي: «الديمقراطيون يريدون ترك إرث سيّئ قدر المستطاع للإدارة الأميركية المقبلة».

وقال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف في مقطع فيديو نشرته الوزارة الجمعة إن القوات الروسية سرعت تقدمها في شمال شرقي أوكرانيا، وسحقت أفضل وحدات الجيش الأوكراني هناك. وظهر بيلوسوف في المقطع وهو يزور موقع قيادة تديره مجموعة «الشمال» من الجيش الروسي في أوكرانيا ويسلم ميداليات الشجاعة.

وقال بيلوسوف: «هذا العمل الذي قمنا به هنا سحق الآن أفضل الوحدات (الأوكرانية). والآن التقدم يتسارع. أحبطنا حملتهم بالكامل لعام 2025».

وتقدمت القوات الروسية، التي تسيطر على أقل قليلاً من 20 بالمائة من مساحة أوكرانيا، في بلدة كوبيانسك اللوجستية بمنطقة خاركيف في الشمال الشرقي.

وتتقدم على مدى الشهرين الماضيين في نقاط مختلفة على الخطوط الأمامية بأسرع معدل لها منذ مارس (آذار) 2022، وفقاً لبيانات مفتوحة المصدر، كما نقلت عنها «رويترز».