مجلس الأمن يطالب بـ«وقف استخدام الغذاء سلاحاً»

تجنب الإشارة إلى موسكو… وبلينكن لمواجهة «الابتزاز» الروسي

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)
حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)
TT

مجلس الأمن يطالب بـ«وقف استخدام الغذاء سلاحاً»

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)
حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دول العالم على الضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» (رويترز)

تجنب مجلس الأمن توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا خلال مطالبته (الخميس) المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات «لوقف استخدام الغذاء سلاحاً» في النزاعات المسلحة، مندداً «بشدة باستخدام تجويع المدنيين أسلوباً حربياً»، رغم أن ذلك محظور بموجب القوانين الدولية. فيما حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دول العالم بالضغط على روسيا لوقف «الابتزاز» عبر وقف نقل الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.

جاءت هذه المطالبة من مجلس الأمن عبر بيان رئاسي، أعدّته الولايات المتحدة في مستهلّ رئاستها هذا المنبر الدولي في أغسطس (آب) الجاري، بعدما ضمنت تأييد أكثر من 75 دولة أعضاء في الأمم المتحدة مبادرة «تلتزم فيها باتخاذ إجراءات لإنهاء استخدام الغذاء سلاحَ حرب وتجويع المدنيين تكتيكاً من أساليب الحرب».

أعلن بلينكن أن مجلس الأمن اعتمد بإجماع أعضائه الـ15 بياناً رئاسياً أُعد بمبادرة من الولايات المتحدة (رويترز)

وفي مستهل الجلسة التي عُقدت برئاسة أميركية، أعلن بلينكن أن مجلس الأمن اعتمد بإجماع أعضائه الـ15 بياناً رئاسياً أُعد بمبادرة من الولايات المتحدة، وتجنب ذكر أيٍّ من روسيا وأوكرانيا بالاسم. وكرر المجلس بموجبه «التزامه التصدي لانعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك المجاعة، في حالات النزاع المسلح»، مكرراً «تأكيد الاحترام الكامل لسيادة الدول وسلامة أراضيها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة».

وأكد «أهمية دور المنظمات والترتيبات الإقليمية ودون الإقليمية والتعاون معها بشكل متسق مع الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، فيما يتعلق بالحفاظ على السلام والأمن الدوليين، والمساهمة في الجهود الدولية لدعم ومنع المجاعة وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الناجم عن النزاعات». وعبّر عن «قلقه إزاء عدم كفاية المساعدات الإنسانية والإنمائية والتمويل الذي يحدّ من الجهود المبذولة للتصدي (...) لانعدام الأمن الغذائي والتهديد بالمجاعة».

ورحب مجلس الأمن بـ«التزام بنوك التنمية والمؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف توحيد خبراتها والتمويل لزيادة الدعم السياسي والمالي للبلدان المعرضة لأزمات الأمن الغذائي». وعبّر عن «قلقه إزاء ازدياد عدد النزاعات المسلحة في مناطق جغرافية مختلفة في كل أنحاء العالم»، مكرراً «الحاجة إلى كسر الحلقة المفرغة بين النزاع المسلح وانعدام الأمن الغذائي».

أتاحت الاتفاقية خلال زهاء عام تصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية إلى مختلف بقاع الأرض بما فيها أفريقيا (أ.ف.ب)

وأخذ علماً بأنه «في عام 2022 كان النزاع المسلح هو الدافع الأكثر أهمية لمستويات عالية الحدة من انعدام الأمن الغذائي لنحو 117 مليون شخص في 19 دولة وإقليماً» عبر العالم. وندد «بشدة باستخدام تجويع المدنيين أسلوباً حربياً يحظره القانون الدولي الإنساني». وحض «كل الجهات الفاعلة ذات الصلة بما في ذلك التي لديها القدرة على التأثير على الجماعات المسلحة، والعمل على وقف إغلاق الطرق المطلوبة وإلحاق الضرر لإمداد الأسواق المحلية بمصادر الغذاء، بما فيها المحاصيل والثروة الحيوانية، وكذلك المستلزمات الطبية والإنسانية».

وفي كلمته خلال رئاسته الجلسة في نيويورك حول «المجاعة وانعدام الأمن الغذائي بسبب النزاع»، دعا بلينكن إلى «التصدي للحرب العدوانية الروسية» ضد أوكرانيا وعواقب ذلك على النظام الغذائي العالمي، مضيفاً أن مبادرة البحر الأسود التي تفاوضت عليها الأمم المتحدة وتركيا مع كل من روسيا وأوكرانيا، أدت إلى تسليم 32 مليون طن من المواد الغذائية الأوكرانية إلى العالم.

وأوضح أن «صادرات القمح وحدها تعادل 18 مليار رغيف خبز»، مؤكداً أنه «تم تصدير أكثر من نصف المنتجات الغذائية من خلال هذا الجهد وذهب ثلثا القمح إلى البلدان النامية». ولاحظ أنه «منذ انسحاب روسيا من هذا الترتيب في 17 يوليو (تموز)، متجاهلةً النداءات العالمية، ارتفعت أسعار الحبوب بأكثر من 8 في المائة حول العالم».

واستشهد بوصف وزارة الخارجية الكينية الخطوة الروسية بأنها «طعنة في الظهر»، وكرر أن العقوبات الدولية على روسيا «تستثني صراحةً المواد الغذائية والأسمدة الروسية». وندّد بالقصف الروسي لمخازن الحبوب الأوكرانية والتهديد بمهاجمة أي سفينة في البحر الأسود، معتبراً أن هذه الإجراءات «تتفق مع قرار روسيا الشهر الماضي منع إعادة تفويض المساعدة الإنسانية الضرورية عبر الحدود إلى سوريا».

مستودع الحبوب الذي استهدفته مسيّرة روسية في ميناء إيزماييل الأوكراني على نهر الدانوب أمس (أ.ف.ب)

وعبّر عن «تقديره الكبير لتركيا والآخرين الذين يعملون على إعادة الصفقة الكبرى» الخاصة بالحبوب، ورأى أنه «يجب على كل عضو في مجلس الأمن، وكل عضو في الأمم المتحدة، أن يخبر موسكو بأنه يكفي استخدام البحر الأسود كابتزاز»، بموازاة «رفض معاملة أضعف الناس في العالم بوصفهم وسيلة ضغط لهذه الحرب غير المبررة وغير المنطقية» ضد أوكرانيا، داعياً إلى «تعزيز الأمن الغذائي الضروري لتحقيق رؤية ميثاق الأمم المتحدة لإنقاذ الأجيال من ويلات الحرب وإعادة تأكيد كرامة وقيمة كل إنسان».

وكان مسؤول أميركي كبير قد أشار إلى أن بلينكن سيعلن أيضاً تمويلاً جديداً بنحو 362 مليون دولار «لمعالجة دوافع انعدام الأمن الغذائي وتعزيز الصمود» في نحو 12 دولة أفريقية وهايتي. وفي إشارة إلى أن البيان الرئاسي لا يسمي أي دولة على وجه التحديد، قال المسؤول الأميركي: «لا نسعى إلى تحويل ذلك إلى مواجهة في روسيا أو أي دولة أخرى» في مجلس الأمن. وأضاف أنه «مهما كانت تصرفات موسكو بغيضة، كما نراها نحن وكثير من الدول في كل أنحاء العالم، فإننا ندرك أن هذا تحدٍّ أكبر من دولة واحدة». وزاد: «نحن نعلم أيضاً أن شركاءنا، خصوصاً في جنوب الكرة الأرضية، يفضّلون الاستماع إلى التركيز على الحلول بدلاً من توجيه أصابع الاتهام».

واتّهمت فرنسا (الأربعاء) روسيا بتعريض الأمن الغذائي العالمي للخطر «على نحو متعمَّد من خلال تدمير بنى تحتية أساسية لتصدير الحبوب». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: «إنها تسعى لتحقيق مصلحتها الخاصة على حساب السكان الأكثر ضعفاً عبر رفع أسعار المنتجات الزراعية ومحاولة منع أحد منافسيها الرئيسيين من تصدير منتجاته» وهي أوكرانيا.

وأعلن وزير البنى التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف، أن الضربات الروسية التي استهدفت منشآت تابعة لميناء أوكراني مطلّ على نهر الدانوب صباح الأربعاء أدت إلى «إتلاف» نحو 40 ألف طن من الحبوب المعدة للتصدير. وأكّد كوبراكوف على «تلغرام»، «ضرب الروس مستودعات وصوامع حبوب، ما أدى إلى إتلاف نحو 40 ألف طن من الحبوب كانت معدَّة للتصدير»، متّهماً روسيا باستخدام مسيّرات إيرانية الصنع لتنفيذ الهجوم. وأشارت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن - كلير لوجندر، إلى أن فرنسا ستواصل تقديم مساعداتها الغذائية إلى «البلدان الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي الناجم عن العدوان الروسي». كما نددت بالضربات التي استهدفت مجدداً بنى تحتية مدنية، قائلةً إنها «انتهاك للقانون الإنساني الدولي»، مضيفةً أن «هذه الأعمال غير المقبولة تشكل جرائم حرب ولا يمكن أن تمر من دون عقاب»، مرددة تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا.

وبدأت موسكو، بعد انسحابها من الاتفاق، استهداف الموانئ الأوكرانية والبنية التحتية للحبوب بالبحر الأسود ونهر الدانوب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب في أنحاء العالم. وتقول موسكو إنه في حال تلبية مطالبها الخاصة بتسهيل تصدير حبوبها وأسمدتها فإنها ستبحث عودة العمل بموجب اتفاق الحبوب مجدداً.

وقالت رومانيا (الخميس)، إنها ستُنهي الإجراءات الجمركية لما يصل إلى 30 سفينة تنتظر دخول رومانيا من موانئ أوكرانية على نهر الدانوب في غضون يومين، في إشارة إلى أن حركة التجارة لم تتوقف على الرغم من الهجوم الروسي على الميناء الأوكراني الرئيسي في النهر.

وقال الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، إن الهجمات الروسية المستمرة على البنية التحتية المدنية الأوكرانية في نهر الدانوب تصل إلى مستوى جرائم الحرب. ويشكل المرور عبر النهر آخر ملاذ لشحن صادرات الحبوب الأوكرانية عبر ممر مائي بعدما أعادت روسيا فرض الحصار الفعلي على موانئ أوكرانيا على البحر الأسود وأغلقتها الشهر الماضي.

وذكرت وكالة «إنترفاكس» الأوكرانية للأنباء، الخميس، نقلاً عن رئيس الوزراء دينيس شميهال قوله إن البلاد تبحث إمكانية تقديم خدمات التأمين للسفن التي تُبحر عبر «ممر الحبوب». ونُقل عن شميهال قوله في مؤتمر صحافي: «تُجري الحكومة المناقشات، وأنا على يقين من أننا سنتخذ قراراً بشأن تأمين السفن والشركات ذات الصلة التي ستعمل في ممر الحبوب». وكان ما يقرب من ربع صادرات الحبوب الأوكرانية يمر عبر موانئ نهر الدانوب قبل أن تنسحب روسيا من الاتفاق. وتنقل شحنات الحبوب على صنادل عبر النهر إلى ميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود لتواصل طريقها إلى وجهاتها بعد ذلك. وقال فلورين أوزومتوما، مدير الملاحة في إدارة نهر الدانوب الرومانية، لـ«رويترز»: «نحاول التعامل مع هذه التكدسات بأفضل ما في وسعنا لتخفيف الازدحام الملاحي في نهر الدانوب». وأضاف: «سنُنهي الإجراءات الجمركية لنحو 30 سفينة في يومين، 12 على الأقل اليوم -إن لم يكن 14- والباقي غداً». وقال إن الإدارة أنهت الإجراءات الجمركية لأعداد قياسية من السفن القادمة من الموانئ الداخلية الأوكرانية في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، والتي بلغت أكثر من 477 سفينة في الشهر.


مقالات ذات صلة

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
يوميات الشرق النظام الغذائي النباتي يعتمد بشكل أساسي على الأطعمة النباتية (جامعة كولومبيا)

التحول للنظام النباتي يوفر 650 دولاراً للفرد سنوياً

أظهرت دراسة أميركية أن اتباع نظام غذائي نباتي منخفض الدهون يمكن أن يخفض تكاليف الطعام للفرد بنسبة 19%، أي ما يعادل 1.80 دولار يومياً أو نحو 650 دولاراً سنويا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي نزوح سكان شمال غزة في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

المنسق الأممي للسلام: الوضع في غزة «كارثي» مع بداية الشتاء ونزوح سكان الشمال

قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند اليوم الاثنين إن الوضع في قطاع غزة «كارثي» مع بداية فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أفريقيا أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أفاد تقرير بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (أبوجا )

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)
وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)
TT

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)
وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد)، بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا، قد «تطفئ الأنوار لملايين الأشخاص»، و«تدفع ملايين الأشخاص نحو الظلام»، وذلك خلال مؤتمر «الناتو» الذي سيعقد غداً (الاثنين).

وسيقول وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد وقادر على إطلاق هجوم إلكتروني «مزعزع للاستقرار وموهن» على المملكة المتحدة، بحسب صحيفة «تليغراف».

وسيحذر ماكفادن، الذي يشرف على سياسة الأمن القومي والتهديدات التي تواجهها الدولة، من أن روسيا «عدوانية ومتهورة بشكل استثنائي في عالم الإنترنت»، وتريد الحصول على «ميزة استراتيجية وإضعاف الدول التي تدعم أوكرانيا».

وأفادت الصحيفة بأن مستشار دوقية لانكستر سيقول خلال المؤتمر، إن هناك خطراً وشيكاً من هجوم إلكتروني روسي على البنية التحتية والشركات البريطانية، قد «يغلق شبكات الطاقة» ويوجه ضربة قوية للاقتصاد.

 

جيش «غير رسمي»

وفي كلمته أمام مؤتمر الدفاع السيبراني لحلف شمال الأطلسي في لندن غداً (الاثنين)، سيشير ماكفادن في خطابه، إلى أن الجيش الروسي و«جيشه غير الرسمي من مجرمي الإنترنت والناشطين في مجال القرصنة» لم يكثفا هجماتهما فحسب خلال العام الماضي، بل وسعا نطاق أهدافهما إلى عدد من أعضاء وشركاء حلف «الناتو»، كما استهدفت موسكو وسائل الإعلام والاتصالات، والمؤسسات السياسية والديمقراطية، والبنية التحتية للطاقة.

وأردفت الصحيفة أن الوزير البريطاني سيحذر من خطورة الحرب السيبرانية، التي يمكن أن تكون «مزعزعة للاستقرار ومدمرة»، مع إمكانية شن روسيا هجوماً يؤثر على شبكات الكهرباء، وسيشير إلى أن «هذه هي الحرب الخفية التي تشنها موسكو على أوكرانيا الآن».

وتأتي هذه التكهنات بعد أيام قليلة من تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن جيشه يمكنه استهداف المملكة المتحدة، رداً على استخدام أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية. وقال الزعيم الروسي إن روسيا اختبرت صاروخاً جديداً متوسط ​​المدى في ضربة على أوكرانيا، وإنها يمكن أن تستخدم السلاح بشكل مشروع ضد الدول التي سمحت لصواريخها بضرب روسيا، والتي تشمل بريطانيا والولايات المتحدة.

ويعتقد الوزراء في الحكومة البريطانية أنه في حين أنهم لا يستطيعون منع روسيا من شن هجمات إلكترونية على المملكة المتحدة، فإنهم واثقون من أنهم يتخذون الخطوات اللازمة لمنع انقطاع إمدادات الطاقة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وفي وقت سابق من هذا العام، تم اختراق مستشفيين من مستشفيات هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، مما تسبب في تأجيل أكثر من 800 عملية جراحية مخططة و700 موعد خارجي. وشمل المرضى الذين تم تعطيلهم أولئك الذين يحتاجون إلى علاج السرطان وزرع الأعضاء. وكان يُعتقد أن الاختراق من عمل «قيلين»، وهي عصابة إجرامية إلكترونية روسية. وأظهرت البيانات التي نشرتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، أنه كان لا بد من تأجيل ما يقرب من 100 علاج للسرطان في فترة 6 أيام، بسبب المشاكل الناجمة عن الهجوم.

 

تهديد «القراصنة النشطاء»

وسوف يسلط ماكفادن الضوء على الخطر الذي يشكله «القراصنة النشطاء غير الرسميين» الذين يرتكبون هجمات «متكررة بشكل مزداد، وفي بعض الحالات، مزدادة التعقيد» في جميع أنحاء العالم.

ونقلت الصحيفة عن خطاب الوزير البريطاني المرتقب: «هناك عصابات من القراصنة والمرتزقة لا تخضع لسيطرة الكرملين بشكل مباشر، ولكن يُسمح لها بالتصرف دون عقاب ما دام أنها لا تعمل ضد مصالح بوتين».

وسينقل الخطاب: «لقد استهدفوا (القراصنة) مؤخراً شريك (الناتو) في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كوريا الجنوبية، رداً على مراقبتها لنشر القوات الكورية الشمالية في كورسك، حيث تقاتل روسيا أوكرانيا، وقد أعلنت مجموعات روسية متحالفة مع الدولة مسؤوليتها عن 9 هجمات سيبرانية منفصلة على الأقل بدرجات متفاوتة من الشدة ضد دول (الناتو)، بما في ذلك الهجمات غير المبررة ضد بنيتنا التحتية الوطنية الحيوية»، وأفاد: «هذه المجموعات غير متوقعة، فهي تتصرف بتجاهل للعواقب الجيوسياسية المحتملة، وبخطأ حسابي واحد فقط يمكن أن تسبب دماراً في شبكاتنا».

وسيقول ماكفادن إن روسيا «لن تفكر مرتين في استهداف الشركات البريطانية»، لأن بوتين «سعيد باستغلال أي ثغرة في دفاعاتنا السيبرانية». وسوف يلتقي ماكفادن بقادة الأعمال هذا الأسبوع، إلى جانب كبار مسؤولي الأمن القومي، لمناقشة كيفية تعزيز دفاعاتهم ضد الهجمات الإلكترونية.

وأشارت التقديرات السابقة إلى أن تكلفة الجرائم الإلكترونية على اقتصاد المملكة المتحدة وصلت إلى نحو 27 مليار جنيه إسترليني سنوياً.

صاروخ كروز «ستورم شادو» معروض خلال معرض باريس الجوي في لو بورجيه 19 يونيو 2023 (أرشيفية - أ.ب)

ويضع الوزراء تشريعات تهدف إلى تعزيز دفاعات المملكة المتحدة ضد الهجمات الإلكترونية. وسوف يعزز مشروع قانون الأمن السيبراني والمرونة سلطات الجهات التنظيمية ويجبر الشركات على الإبلاغ عن الهجمات التي تتجاهلها حالياً.

ومن المتوقع أن يفرض مشروع القانون على جميع مقدمي البنية التحتية الأساسية فهم وحماية سلاسل التوريد الخاصة بهم من الهجوم. وقد تشمل التدابير أيضاً تحسين إدارة البيانات المتعلقة بالهجمات الإلكترونية للتعلم من الدروس المستفادة من عمليات الاختراق السابقة.

وقد استخدمت أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية في روسيا لأول مرة هذا الأسبوع. وأعطى جو بايدن الضوء الأخضر لكييف لاستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع داخل روسيا، مما يمهد الطريق لرفع القيود المفروضة على صواريخ «ستورم شادو» البريطانية.