روسيا وأفريقيا نحو شراكة استراتيجية تتحدى «هيمنة الغرب»

أمن الغذاء ومكافحة الإرهاب وملفات التنمية على طاولة بوتين وزعماء القارة

بوتين يتوسط قادة أفريقيا (رويترز)
بوتين يتوسط قادة أفريقيا (رويترز)
TT

روسيا وأفريقيا نحو شراكة استراتيجية تتحدى «هيمنة الغرب»

بوتين يتوسط قادة أفريقيا (رويترز)
بوتين يتوسط قادة أفريقيا (رويترز)

سيطرت أجواء ودية (الجمعة)، خلال أعمال الجلسة العامة للقمة الروسية - الأفريقية الثانية في عاصمة الشمال الروسي سان بطرسبرغ. ومع حرص غالبية الزعماء الحاضرين على التذكير بإسهامات الاتحاد السوفياتي السابق في تحرير بلدانهم من الاستعمار الغربي، والتأكيد أن العلاقة مع روسيا تعد امتداداً للإرث التاريخي من الصداقة والتعاون، هيمنت ملفات عدة تشغل بال القارة الأفريقية حالياً، على النقاشات في الشق المفتوح من الجلسة، التي حضرها إلى جانب الرئيس فلاديمير بوتين رؤساء ومسؤولون من 49 بلداً أفريقياً.

وفي ظل توافق روسي أفريقي على رفض الهيمنة الغربية والدعوة إلى عالم متعدد الأقطاب تشغل فيه القارة الأفريقية مكانة مرموقة، لم تخفِ العبارات البروتوكولية للزعماء الأفارقة قلق بلدانهم بسبب احتدام المواجهة مع الغرب واستمرار الحرب الأوكرانية التي تهدد الأمن الغذائي وأمن واستقرار العالم.

بوتين مع عدد من قادة أفريقيا في القمة الثانية بسان بطرسبرغ (تاس - إ.ب.أ)

ورغم تأكيد الأطراف التوجه «الاستراتيجي» للشراكة بين روسيا وبلدان القارة فقد برز نوع من التباين في الأولويات بين الطرفين. وفي حين انصبّ التركيز الروسي على المواجهة القائمة حالياً مع الغرب، وضرورات إيجاد آليات لزيادة تنسيق السياسات المالية والاقتصادية في مواجهة العقوبات الغربية، فإن الجانب الأفريقي ركز أكثر على متطلبات التنمية وبناء البنى التحتية وملفات الأمن ومكافحة الإرهاب والتهديدات المعاصرة.

في خطابه الاستهلالي، شنَّ بوتين هجوماً قوياً على الغرب، وربط كل مصائب أفريقيا بالماضي الاستعماري في القارة. وقال الرئيس الروسي إن سبب «الوضع غير المستقر في الكثير من مناطق أفريقيا، يعود إلى إرث الحقبة الاستعمارية». وزاد أن «النزاعات العرقية والإثنية، لا تزال مستمرة ولم يتم حلها في الكثير من المناطق الأفريقية، والأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحادة لا تزال باقية ومتفاقمة». وقال بوتين: «هذا بالطبع، إرث ثقيل من الحقبة الاستعمارية، حيث ساد مفهوم (فرِّق تَسُدْ) الذي اتّبعته الدول الغربية في أفريقيا».

بوتين مع رئيس جنوب أفريقيا (رويترز)

وشدد الرئيس الروسي على أن القارة الأفريقية أصبحت لاعباً متزايد الأهمية على المسرح العالمي، ومركزاً جديداً للقوة. أيضاً، رمى بوتين بالمسؤولية عن ارتفاع الأسعار العالمي الذي تعاني منه القارة بشكل واسع، على الغرب، نافياً أن الحرب الأوكرانية سبب في تفاقم المشكلات الاقتصادية في العالم. وقال بوتين إن «السبب الحقيقي لارتفاع الأسعار عالمياً بما في ذلك المواد الغذائية، يعود ليس لأزمة أوكرانيا وإنما لسياسات غير محسوبة في مجال الطاقة اعتمدها الغرب». وأوضح أن «الأزمة في أسواق الأغذية ظهرت في أثناء مكافحة وباء فيروس كورونا عندما أغلقت الدول الصناعية مصانعها واضطرت لدعم سكانها على حساب الآخرين». وزاد أن «التيسير الكمي الذي تم بموجبه طبع العملات الورقية غير المغطاة، هو أيضاً أثّر في تفاقم الأزمة».

بوتين مع رئيسة جزر القمر أزالي السوماني (أ.ف.ب)

واتهم بوتين الغرب بأنه «لجأ في الطاقة إلى موارد صديقة للبيئة بسياسة غير مدروسة... خطأ وراء آخر وهو ما قلب الأمور رأساً على عقب في سوق الأسمدة وسوق الطاقة، وهذا هو السبب في ارتفاع الأسعار في جميع المجالات، والذي ظهر حتى قبل اندلاع الأزمة الأوكرانية». وأقرَّ بأن «أحداث أوكرانيا حفَّزت هذه العملية إلى حد ما، لكنها ليست السبب الأساسي للمشكلة».

وأكد الرئيس الروسي أن بلاده «متضامنة مع أفريقيا نحو عالم متعدد الأقطاب وترفض استغلال المناخ وحماية حقوق الإنسان لأغراض سياسية تعارض سياسة إملاء القواعد بدل القوانين، التي يفرضها الغرب».

وقال إن روسيا على استعداد لدرس مقترحات خاصة بتوسيع تمثيل أفريقيا في هيئة الأمم المتحدة بما في ذلك ضمن سياسة إصلاح مجلس الأمن الدولي.

وفي الملف الأمني الذي يشغل الأفريقيين كثيراً، قال إن روسيا تهتم بالتعاون الوثيق بين هيئات إنفاذ القانون الأفريقية والأجهزة الروسية المنوطة بذلك.

وأشار إلى المساعدة العسكرية الكبرى التي تقدمها بلاده لبلدان القارة، وقال إن عدداً من الدول الأفريقية يشارك في تدريبات عسكرية مع القوات الروسية، و«نزوّد نحو 40 دولة أفريقية بالأسلحة لجيوشها في إطار اتفاقيات ثنائية».

وتعهد بوتين بمواصلة هذا المسار، وقال إن روسيا مستعدة لتنشيط تحركاتها لدعم المشروعات التحديثية في القارة، وتقديم العون في مسائل إعداد الكوادر المؤهلة. لكنه تطرق مجدداً إلى المواجهة مع الغرب، وقال إن متطلبات زيادة التبادل التجاري وتنويعه تقف اليوم كواحدة من أولويات الطرفين، مشيراً إلى أهمية الانتقال نحو التعامل بالعملات الوطنية لتجاوز العقوبات الغربية وتحسين قدرات الأطراف على توسيع التعاون.

ولفت بوتين إلى أن النشاطات التي نُظمت على هامش القمة خلال يومين، دلّت على أن روسيا وأفريقيا تريدان توطيد تعاونهما في عدد من القطاعات، و«لدى رجال أعمالنا ما يعرضونه على زملائهم في أفريقيا».

وفي ملف الأمن الغذائي، تعهّد بوتين بزيادة واسعة في إمدادات الحبوب إلى القارة، وقال إن «حجم إمدادات الحبوب في العام الماضي بلغ 11 مليون طن، وخلال النصف الأول من هذا العام بلغ حجم الإمدادات 10 ملايين طن، على الرغم من كل العقوبات غير الشرعية ضدنا».

وأكد أن بلاده سوف توفر الإمدادات الغذائية اللازمة في إطار برنامج الأمم المتحدة، كما تنوي تطوير دعمها بلدان القارة في التكنولوجيات الزراعية. وقال بوتين لضيوفه: «مستعدون جنباً إلى جنب مع الدول الصديقة أن نعمل من أجل المستقبل وبناء شراكة استراتيجية متبادلة المنفعة. نقيم علاقات مع كل دولة أفريقية، ونقيم تلك العلاقات في إطار عالم متعدد الأقطاب».

بدوره، أعرب رئيس الاتحاد الأفريقي عثمان غزالي، عن ارتياح لـ«التعاون الفعال بين قارتنا وروسيا. وقد لمسنا في أثناء عملنا الأجواء الإيجابية والمستقبل الباهر لصداقتنا، لا سيما إذا ما انخرط في هذا العمل الشباب. علينا أن نهيئ الموارد البشرية، للعمل في مجال التكنولوجيا الرقمية ما يشجّع الاستثمارات الأجنبية».

ومع تأكيد كل الوفود الأفريقية رفض التركة الاستعمارية لكن تفاوتت الكلمات في الجلسة الموسَّعة بين أطراف ركزت فقط على الهيمنة الغربية وضرورات التعاون مع روسيا لمواجهة «الاستعمار الجديد» كما قال رئيس بوركينا فاسو والقائم بأعمال الرئاسة في مالي، وهما بلدان لعبت فيهما روسيا دوراً عسكرياً مباشراً لمواجهة الوجود الفرنسي.

وحض الطرفان الدول الأفريقية على تبني مواقفهما وأنه «يجب على قادة الدول الأفريقية ألا يكونوا دمية في أيدي الإمبرياليين والمستعمرين».

في حين ركزت كلمات أخرى للقادة الأفارقة على أهمية تصحيح «خطأ تاريخي» حرم القارة السمراء من التمثيل العادل في المؤسسات الدولية. وطالب بعضهم روسيا بأن تؤدي دوراً لتصحيح هذا الخطأ.

بوتين مع الرئيس التنزاني (رويترز)

وقال رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى إن البلدان الأفريقية لديها ثروات هائلة لا يتم استغلالها جيداً. ودعا روسيا إلى المساعدة في تطوير بناها التحتية.

وهو أمر ركز عليه رئيس الكونغو في مداخلته التي شددت على أن «هدفنا هو التنمية، لقد حاربنا الاستعمار في الماضي واليوم علينا أن نواجه تحديات معاصرة وأن نعمل من أجل رفاهية ما يصل إلى ملياري أفريقي بحلول عام 2050».

وزاد أن القارة الأفريقية تحتاج إلى الكهرباء، وأن نحو 600 مليون أفريقي يعيشون في الظلام. وزاد: «نحتاج إلى الكهرباء من أجل تدشين الصناعات، وعلينا بناء سكك الحديد والبنى التحتية للتجارة والنقل»، مذكّراً بأن القارة الأفريقية «لا تتوقع السخاء من أحد، ولا نقف ممدودي اليدين، ولكننا نرى أن للتعاون بين روسيا وأفريقيا مستقبلاً مشرقاً».

وفي كلمته دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، إلى تعزيز تعاون البلدان الأفريقية مع مجموعة «بريكس». وقال إن «الشركاء في (بريكس) يشاركون في الدعم الاقتصادي لأفريقيا».

وزاد أن «الدول الأفريقية يجب أن تقرر مصيرها بنفسها كشعوب وككيان مشترك. لدينا مصادر وموارد علينا أن نستفيد بها من أجل مصلحة أفريقيا». وقال إن بلدان القارة تريد أن تقوم بتصدير المنتجات الجاهزة ذات القيمة المضافة، و«لا بد أن يكون هناك احترام لما نقوم به على المستوى الوطني. يجب علينا أن نوقف البلدان التي تستغل مواردنا الطبيعية عند حدها».

ورأى أن قمة روسيا - أفريقيا هي فرصة لتعميق وتعزيز التعاون الدولي والشراكة من أجل التنمية الأفريقية. مؤكداً الترحيب بتركيز القمة على التعاون والاستثمارات و«العمل على الاستفادة من قدراتنا وكفاءاتنا». وزاد أن «علينا مسؤولية أن نعمل من أجل السلام والأمن، وأن نبذل قصارى جهودنا للحد من الأزمات والصراعات والحروب. نحن في جنوب أفريقيا واثقون من أن المفاوضات والحوار هما السبيل الوحيد لحل الأزمات».

من جانبه أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن القمة تُعقد «في ظرف دولي بالغ التعقيد ومناخ عام يتسم بدرجة عالية من الاستقطاب». وقال إن الدول الأفريقية هي «دول ذات سيادة تنشد السلم والأمن وتبحث عن التنمية المستدامة التي تحقق مصالح شعوبها أولاً وتنأى بنفسها عن الصراعات»، مؤكداً الحاجة لمواجهة «عدد ضخم من التحديات التي تهدد محددات أمن القارة وحقوق الأجيال القادمة».

وحث السيسي بشكل غير مباشر، روسيا على دفع التسوية في الصراع الأوكراني، وقال إن «مصر كانت رائدة وسباقة في انتهاج مسار السلام». موضحاً أن حلحلة الصراعات يجب أن تتأسس على ميثاق الأمم المتحدة وضرورة التعامل مع مسببات الأزمات لا سيما المتعلقة بمتطلبات الأمن القومي للدول.

وقال إن مصر تندد بالعقوبات غير الشرعية خارج إطار القوانين الدولية. كما أكد أهمية إيجاد حلول عاجلة لأزمة الحبوب والأسمدة، مع البحث عن الدعم في مجال التكنولوجيات الزراعية لأفريقيا.

بوتين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

في الوقت ذاته، برزت دعوات بعض القادة إلى وضع استراتيجية واضحة للتعاون المستقبلي بين روسيا وبلدان القارة، تقوم على «خريطة طريق» مدروسة وتضع سقفاً زمنياً لتنفيذ مشروعات حيوية مهمة. وشكَّلت هذه نقطة بارزة لم تتطرق إليها القيادة الروسية خلال الحوار، تضاف إلى مسألة القلق المتزايد على متطلبات الأمن الغذائي للقارة رغم التطمينات الروسية حول زيادة الصادرات من الحبوب. وهو أمر برز من خلال تركيز غالبية القادة الأفارقة على أهمية التعامل بشكل إيجابي مع المبادرة الأفريقية للسلام التي كانت بلدان القارة قد اقترحتها في وقت سابق. وهو أمر تجنب الرئيس الروسي الرد عليه في الجلسة المفتوحة، مكتفياً بالإشارة إلى أن هذا الموضوع «سيكون محور مناقشات خلال أعمال القمة»، وزاد أن «الوساطة الأفريقية للأزمة الأوكرانية مهمة لأن أفريقيا على استعداد لحل القضايا الدولية، وليست وساطة مما يسمى (العالم الديمقراطي الحر)».


مقالات ذات صلة

هجوم صاروخي أوكراني يقتل 19 جندياً روسياً في لوغانسك

أوروبا دبابة أوكرانية في مدينة دونيتسك الأوكرانية (أ.ف.ب)

هجوم صاروخي أوكراني يقتل 19 جندياً روسياً في لوغانسك

ألحق الجيش الأوكراني خسائر فادحة بالقوات الروسية في هجوم صاروخي في لوغانسك، شرق أوكرانيا، حيث أفادت تقارير بمقتل نحو 19 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عمال إطفاء يحاولون إخماد حريق منشأة نفطية في كورسك بعد قصفها من قبل أوكرانيا في 15 فبراير (شباط) 2024 (أ.ف.ب)

حريق بمستودع نفط في كورسك الروسية بعد هجوم بمسيرات أوكرانية

النيران اندلعت في 3 خزانات بمستودع للنفط في المنطقة نتيجة هجوم بطائرات مسيرة شنته أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات «صريحة ومثمرة» أجراها مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مشاركته باجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان الجمعة (رويترز)

لافروف: تصريحات كييف في شأن مفاوضات السلام «متناقضة»

رأت روسيا أن تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير خارجيته ديمتري كوليبا حول مفاوضات السلام تنم عن تناقض.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
أوروبا القوات الروسية دمرت 7 مسيّرات أوكرانية فوق أراضي مقاطعة ريازان (رويترز)

روسيا: تدمير 21 مسيّرة أوكرانية خلال الليل وصباح اليوم

أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم (السبت) تدمير 21 طائرة دون طيار أوكرانية خلال ساعات الليل والصباح في عدد من مقاطعات البلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
TT

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)

تواصَل، السبت، الاضطراب في حركة القطارات السريعة الفرنسية غداة إعلان شركة السكك الحديدية عن تعرّضها «لهجوم ضخم» أتى قبل ساعات من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجّلت حركة القطارات السريعة تحسناً، السبت، لكن الاضطرابات ما زالت قائمة.

وسيشهد الخطان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي تشغيل قطارين سريعين من ثلاثة، بينما سيشهد الخط الشمالي 80 في المائة من الحركة المعتادة للقطارات السريعة، وفق تقديرات شركة السكك الحديدية «إس إن سي إف».

وأوضحت أن الحركة عبر الخط الشرقي ستجري كالمعتاد، مرجحة أن تستمر الاضطرابات، الأحد، على الخط الشمالي، وأن يشهد الخط الأطلسي تحسّناً.

إلا أن شركة «إس إن سي إف» أكدت أن «كل عمليات النقل للفرق والمعتمدين» للمشاركة في أولمبياد باريس، مؤمّنة.

وتعرضت الشركة إلى «هجوم ضخم» ليل الخميس – الجمعة، ما تسبب باضطراب كبير في حركة القطارات أثّر على 800 ألف مسافر قبل حفل الافتتاح. وقالت، الجمعة، إن «العديد من الأعمال الخبيثة المتزامنة» أثرت على خطوطها الأطلسية والشمالية والشرقية.

وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً في الهجمات. وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن العملية كانت «محضّرة بشكل جيد»، وتقف خلفها «الهيكلية ذاتها»، بينما أكد مصدر مقرّب من الملف أن أي طرف لم يعلن مسؤوليته.

وأوضحت الشركة، الجمعة، أن «حرائق متعمدة» أُضرمت في محطات الإشارات في كورتالين على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غربي باريس، وفي كرواسي على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة، وبايني سور موزيل على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق، متحدثة عن «هجوم واسع النطاق».

على خط الجنوب الشرقي، تمكن عمال السكك الحديدية من «إحباط عمل خبيث» في أثناء قيامهم بعمليات صيانة ليلية في فيرجيني، على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب شرقي باريس. ورصد العمال أشخاصاً وأبلغوا قوات الدرك، ما دفعهم إلى الهروب، وفق جان بيار فاراندو، رئيس مجلس إدارة الشركة.

وأعلن فاراندو، الجمعة، أن «الهجوم الضخم» على شبكة القطارات السريعة يؤثر على 800 ألف راكب.

وأضاف: «من المتوقع أن يستمر الوضع طوال عطلة نهاية الأسبوع على الأقل في أثناء إجراء الإصلاحات»، موضحاً أن الحرائق استهدفت أنابيب «تمر عبرها العديد من الكابلات المستخدمة في محطات الإشارات» و«علينا إصلاح الكابل تلو الآخر».

وندد الوزير المنتدب للنقل باتريس فيرغريت بـ«عمل إجرامي مشين».

وقع الهجوم قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث كان العديد من المسافرين يعتزمون التوجه إلى العاصمة، كما أنه سبق عطلة نهاية أسبوعٍ تشهد حركة واسعة في وسائل النقل في موسم العطل الصيفية.

ولجأ موظفو شركة السكك الحديدية إلى إجراءات استثنائية داخل محطات القطار لتسهيل الحركة، مثل السماح بصعود عدد من الركاب يفوق عدد المقاعد، أو عدم التأكد من حيازة كل منهم تذكرة.