ازدياد وتيرة الهجمات الأوكرانية على القرم تزامناً مع بدء كييف هجوماً مضاداً

مسيرات تستهدف مستودعاً للذخيرة تدفع السلطات لعمليات إجلاء وإغلاق جسر كيرتش للمرة الثانية خلال أيام

صورة وزّعتها لجنة التحقيق الروسية لخبراء في موقع تفجير جسر القرم أمس (أ.ف.ب)
صورة وزّعتها لجنة التحقيق الروسية لخبراء في موقع تفجير جسر القرم أمس (أ.ف.ب)
TT

ازدياد وتيرة الهجمات الأوكرانية على القرم تزامناً مع بدء كييف هجوماً مضاداً

صورة وزّعتها لجنة التحقيق الروسية لخبراء في موقع تفجير جسر القرم أمس (أ.ف.ب)
صورة وزّعتها لجنة التحقيق الروسية لخبراء في موقع تفجير جسر القرم أمس (أ.ف.ب)

أخلت سلطات شبه جزيرة القرم عدداً من القرى، وأوقفت خدمة السكك الحديدية، بما فيها خدمة جسر كيرتش، بسبب هجوم استهدف مستودعاً للذخيرة في وسط المنطقة. وقال سيرغي أكسيونوف إن «العدو حاول شن غارة باستخدام طائرات مسيرة ضد البنية التحتية في منطقة كراسنوغفارديسكي في جمهورية القرم... حصل انفجار في مخزن ذخيرة»، مضيفاً: «تم اتخاذ القرار بإجلاء الناس في نطاق 5 كم»، و«بهدف تقليل المخاطر، تم أيضاً تعليق حركة القطارات على السكك الحديدية في القرم».

سفينة روسية تنقل السيارات قريباً من الجسر الذي تعرض لهجوم قبل أيام (رويترز)

ويأتي هذا الهجوم بعد 5 أيام من تعرض جسر مضيق كيرتش، وهو الوحيد الذي يربط بين القرم والبرّ الروسي، لهجوم أوكراني أدى إلى مقتل شخصين. وقال الحاكم المحلي أكسينوف الذي عينته روسيا لشبه الجزيرة، التي ضمتها موسكو عام 2014، خلافاً للقانون الدولي، إن خدمة الطوارئ في الموقع أوقفت «حركة السيارات عبر جسر القرم، وأغلق بشكل مؤقت»، لتعلن بعد نحو 10 دقائق «استئنافها».

سحابة دخانية نتيجة انفجار في شبه جزيرة القرم (رويترز)

وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام رسمية سحابة كثيفة من الدخان في الموقع. ويمكن في بعض المواقع سماع دوي انفجارات.

الجسر الذي يبلغ طوله 19 كيلومتراً، ويتألف من طريق للمركبات وخط للسكك الحديدية يعد رابطاً لوجيستياً حيوياً للقوات الروسية، وكثيراً ما يستخدمه السائحون الروس الذين يزورون شبه جزيرة القرم في فصل الصيف.

وزادت وتيرة الهجمات على شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود في الأسابيع الأخيرة، تزامناً مع بدء كييف هجوماً مضاداً، اعتباراً من مطلع يونيو، لاستعادة مناطق في شرق أوكرانيا وجنوبها تسيطر عليها القوات الروسية.

وتتهم روسيا أوكرانيا بشن هجمات على الجسر، فيما رحب مسؤولون في كييف بالهجمات دون الإعلان عن المسؤولية عنها بشكل مباشر. ورداً على سؤال عما إذا كانت أوكرانيا تعتزم استعادة القرم في هجومها المضاد أم لا، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «الهدف هو استعادة كل القرم؛ لأنها (جزء من) دولتنا ذات السيادة، وأرضنا السيادية هي جزء لا يتجزأ من دولتنا».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يدافع عن استهداف جسر القرم (إ.ب.أ)

عدَّ زيلينسكي، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، أن الهجوم المضاد لقواته في طريقه لـ«اكتساب زخم»، مُعدّاً جسر كيرتش هدفاً مشروعاً؛ لأنه طريق إمداد عسكري لروسيا. وقال زيلينسكي في كلمة عبر الفيديو أمام مؤتمر «أسبن» للأمن، الجمعة، إن جسر القرم يجب أن يتمّ شلّ عمله، وعدَّ أن الجسر يساهم في «تزويد شبه جزيرة القرم بالذخيرة».

ويعد الجسر، الذي تم تشييده عام 2018، ممراً حيوياً لنقل الإمدادات إلى الجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا منذ بدء الغزو مطلع 2022، ويتألف من قسم طرقي وآخر للسكك الحديدية. وتُعد كييف الجسر منشأة «معادية» يخالف بناؤها القانون الدولي.

وأعلنت روسيا حالة التأهب القصوى من احتمال وقوع حوادث عند الجسر، فيما دعا مسؤول على قناة في «تلغرام» الناس إلى عدم الذعر في حالة سماع أجهزة الإنذار.

وفي مؤشر آخر، على وجود مخاوف أمنية في شبه جزيرة القرم، حذر أوليج كريتشكوف وهو مستشار لأكسينوف، الناس من نشر صور للبنية التحتية المهمة على الإنترنت.

وحث المواطنين الذي يعرفون هوية ناشري هذه المنشورات بإبلاغ وزارة الداخلية أو جهاز الأمن الاتحادي الروسي. وأكد: «تذكروا أن نشر أي مقطع مصور على الإنترنت عن الجيش أو منشآت حيوية سيكون في صالح العدو».

كما أعلن حاكم منطقة بيلغورود الروسية، اليوم السبت، أن أوكرانيا أطلقت ذخائر عنقودية على قرية بالقرب من الحدود، أمس الجمعة، لكن ذلك لم يسفر عن سقوط ضحايا أو أضرار.

وقال الحاكم فياتشيسلاف جلادكوف: «في منطقة بيلغورود، تم إطلاق 21 قذيفة مدفعية وثلاث ذخائر عنقودية من نظام صاروخي متعدد الإطلاق على قرية جورافليفكا».

وقالت «رويترز» إن حاكم المنطقة لم يقدم خلال إحاطة يومية أي دليل مرئي، ولم يصدر تعليق بعد من أوكرانيا.

وتسلمت أوكرانيا ذخائر عنقودية من الولايات المتحدة هذا الشهر، لكنها تعهدت بأن استخدامها سيقتصر على طرد تجمعات الجنود الأعداء. وتحتوي كل من الذخائر على عشرات القنابل الصغيرة التي تطلق شظاياها على مساحة واسعة، لكنها محظورة في العديد من البلدان بسبب الخطر المحتمل الذي تشكله على المدنيين. وقالت أوكرانيا مراراً إن استخدام هذه الذخائر سيقتصر على ساحة المعركة. واستُهدفت منطقة بيلغورود، المتاخمة لأوكرانيا، مراراً بما تقول روسيا إنه قصف عشوائي من قِبل القوات المسلحة الأوكرانية.

وهز القتال المنطقة في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، بعد أن عبَر مسلحون من جماعة مسلحة موالية لأوكرانيا الحدود واشتبكوا مع قوات الأمن الروسية. ولا تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن أي هجمات داخل الأراضي الروسية، كما تنفي ضلوعها في هجمات عبر الحدود.

لقي ما لا يقل عن 4 أشخاص حتفهم في أحدث هجمات روسية استهدفت قرية قرب مدنية دونيتسك بشرق أوكرانيا، حسبما قال مكتب المدعي العام، اليوم السبت.

ووفقاً للمكتب، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، أسقطت قوات موسكو قنابل فاب 250، على قرية نيو-يورك في دونيتسك، مساء أمس الجمعة، وتم نقل 3 مصابين مدنيين للمستشفى. وعدد الضحايا مرشح للارتفاع.

فرد من المتطوعين في الفريق الطبي يسير أمام مبنى مدمر في دونيتسك بأوكرانيا (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، قال 3 مسؤولين أميركيين، الجمعة، إن الولايات المتحدة تعتزم الإعلان في وقت قريب جداً، قد يكون الثلاثاء المقبل، عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تصل قيمتها إلى 400 مليون دولار، وتتكون أساساً من عتاد مدفعية وصواريخ دفاع جوي ومركبات، في الوقت الذي تواصل فيه كييف هجومها المضاد.

وقال اثنان من المسؤولين، الذين تحدثوا مشترطين عدم الكشف عن هويتهم، إن القنابل العنقودية غير مدرجة في حزمة المساعدات. وأرسلت الولايات المتحدة ذخائر تقليدية محسنة ثنائية الغرض، وهي قنابل عنقودية تُطلق من مدفع هاوتزر عيار 155 ملليمتراً إلى أوكرانيا لأول مرة في وقت مبكر من يوليو (تموز).

وقال المسؤولون، كما نقلت عنهم «رويترز»، إن الحزمة تتضمن عدداً من ناقلات الجند المدرعة من طراز «سترايكر»، وعتاداً للتخلص من الألغام وذخائر لأنظمة صواريخ (ناسامس) وهي صواريخ سطح - جو، وذخائر لأنظمة صواريخ المدفعية عالية الحركة (هيمارس)، وأسلحة مضادة للدبابات، منها (تو) و(جافلين) وذخيرة لأنظمة «باتريوت» و«ستنغر» المضادة للطائرات.

ولم يتم الانتهاء من الحزمة بعدُ، وقد تتغير بنودها. والحزمة تمولها آلية سلطة السحب الرئاسي التي تخول للرئيس إرسال مواد وخدمات من المخزون الأميركي دون موافقة الكونغرس في حالات الطوارئ. وهذه المواد من فائض المخزون الأميركي. وحزمة المساعدة الأمنية هذه هي الثالثة والأربعون التي وافقت عليها الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، ليزيد إجمالي هذه المساعدات عن 41 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

أوروبا جنازة جندي أوكراني قتل خلال المعارك في كورسك (أ.ب)

روسيا وأوكرانيا تتبادلان جثث مئات الجنود

سلمت موسكو جثث 502 من الجنود الأوكرانيين الذين لقوا حتفهم في المعارك ضد القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي قوات روسية في سوريا (أرشيفية)

روسيا المنخرطة في أوكرانيا... كيف تواجه معارك سوريا؟

دخلت موسكو على خط المعارك الساخنة في سوريا بعد اندلاع أوسع مواجهات تشهدها البلاد منذ عام 2020؛ فما خيارات روسيا المنخرطة في الحرب الأوكرانية؟

رائد جبر (موسكو)
أوروبا وزير الدفاع الروسي أندري بيلوسوف مع نظيره الكوري الشمالي نو كوانغ تشول (أ.ب)

أوكرانيا تقصف مستودعاً للنفط ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي

أوكرانيا تقصف ليلاً مستودعاً للنفط بروستوف في روسيا ومحطة رادار للدفاع الجوي الروسي في منطقة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (باريس) «الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

قال مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور، إن روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا، وإن بوتين لن يتوقف عند حد تحويل أوكرانيا إلى دولة خاضعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تتحدث على خشبة المسرح خلال تقديم كتابها «الحرية: ذكريات 1954 - 2021» في مسرح دويتشز ببرلين - 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

ميركل تدعو للتفكير بحلول دبلوماسية موازية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

ناشدت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أوكرانيا وداعميها التفكير بالتوازي في حلول دبلوماسية، في خضم معترك إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
TT

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

اتهم رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) روسيا، الجمعة، بإطلاق «حملة متهورة للغاية» للتخريب في أوروبا بالإضافة إلى تكثيف تهديداتها النووية لتخويف دول أخرى، وثنيها عن دعم أوكرانيا.

وقال ريتشارد مور رئيس الجهاز إن أي تراخٍ في دعم أوكرانيا أمام الغزو الروسي الشامل الذي بدأ منذ 2022 سيمنح الجرأة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحلفائه، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر مور أن أوروبا وشركاءها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي لا بد أن يصمدوا في مواجهة ما قال إنه عدوان متزايد، وذلك فيما يبدو أنها رسالة إلى إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب وبعض الحلفاء الأوروبيين الذين يشككون في الدعم المتواصل لأوكرانيا في الحرب الضارية.

زيادة الضغط على الغرب

قال مور في خطاب في باريس: «كشفنا في الآونة الأخيرة حملة متهورة للغاية للتخريب الروسي في أوروبا، حتى مع لجوء بوتين ومساعديه إلى التهديد النووي لنشر الخوف من تبعات مساعدة أوكرانيا».

وأضاف: «تكلفة دعم أوكرانيا معلومة جيداً، لكن تكلفة عدم دعمها ستكون أعلى بشكل أكبر بكثير. إذا نجح بوتين، فستقيّم الصين التداعيات، وستكتسب كوريا الشمالية الجرأة، وستصبح إيران أخطر».

وقال مور في سبتمبر (أيلول) إن أجهزة المخابرات الروسية أصبحت «جامحة بعض الشيء» في أحدث تحذير من حلف شمال الأطلسي ومن رؤساء آخرين لأجهزة مخابرات غربية مما يصفونها بأنها أفعال روسية عدائية تتنوع من هجمات متكررة عبر الإنترنت إلى إحراق ممتلكات عمداً.

وتنفي موسكو مسؤوليتها عن جميع الحوادث على هذا النحو. ولم ترد السفارة الروسية في لندن بعد على طلب من وكالة «رويترز» للتعليق على تصريحات مور.

وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية (إم آي 5) في بريطانيا، الشهر الماضي، إن جهاز المخابرات العسكرية الروسي يسعى إلى إحداث «فوضى». وقالت مصادر مطلعة على معلومات مخابراتية أميركية لـ«رويترز» إن موسكو على الأرجح ستكثف حملتها على أهداف أوروبية لزيادة الضغط على الغرب بسبب دعمه كييف.

انتظار رئاسة ترمب

ركز مور في معظم حديثه على أهمية تضامن الغرب، قائلاً إن القوة الجماعية لحلفاء بريطانيا ستفوق بوتين الذي ذكر مور أن ديونه للصين وكوريا الشمالية وإيران تزداد.

وعبّر ترمب وجمهوريون آخرون في الولايات المتحدة عن تحفظاتهم بشأن دعم واشنطن الاستراتيجي القوي وإمداداتها بالأسلحة الثقيلة لكييف. وتعهد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، إلا أنه لم يوضح الكيفية.

وقال مور: «إذا سُمح لبوتين بالنجاح في تحويل أوكرانيا إلى دولة تابعة لها، فلن يتوقف عند ذلك. سيتعرض أمننا للخطر في بريطانيا وفرنسا وأوروبا والجانب الآخر من المحيط الأطلسي».

وأضاف مور أن العالم يشهد بصورة عامة أخطر أوضاعه خلال 37 عاماً من عمله في المخابرات، إذ يعود تنظيم «داعش» إلى الظهور، وتظل طموحات إيران النووية تهديداً متواصلاً، بالإضافة إلى عدم التيقن بشكل تام حتى الآن من الأثر المترتب على هجمات حركة «حماس» الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل على صعيد النزعة للتطرف.

وقال نيكولا ليرنر رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية إن أجهزة المخابرات الفرنسية والبريطانية تعمل جنباً إلى جنب «لمواجهة ما يمثل دون شك أحد أكثر التهديدات خطورة، ما لم يكن الأخطر على الإطلاق، في الشهور المقبلة وهو الانتشار النووي الإيراني المحتمل». ودأبت طهران على نفي سعيها إلى تصنيع أسلحة نووية.