فرنسا تغيب عن «قمة مكافحة الهجرة غير الشرعية» في روما

إيطاليا تسعى لإقناع الجهات المعنية بتوقيع ميثاق مشترك

مهاجرون يبحرون باتجاه جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في 29 يونيو (د.ب.أ)
مهاجرون يبحرون باتجاه جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في 29 يونيو (د.ب.أ)
TT

فرنسا تغيب عن «قمة مكافحة الهجرة غير الشرعية» في روما

مهاجرون يبحرون باتجاه جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في 29 يونيو (د.ب.أ)
مهاجرون يبحرون باتجاه جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في 29 يونيو (د.ب.أ)

تستضيف العاصمة الإيطالية، الأحد، قمة متوسطية أفريقية مصغّرة تتويجاً لـ9 أشهر من المساعي الدبلوماسية الحثيثة للتوصل إلى ميثاق مشترك حول موضوع الهجرة غير الشرعية، الذي يشكّل المحور الأساس لبرامج الأحزاب اليمينية المتطرفة منذ سنوات، ويتصدّر هواجس الحكومات التي تعاقبت على السلطة في إيطاليا منذ أزمة عام 2008 المالية، وما نشأ عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية، والذي كان سبب خلافات وأزمات دبلوماسية بين روما وشركائها الأوروبيين غير مرة.

وتسعى رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى وضع ميثاق مشترك لإدارة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، واجتذاب الاستثمارات التي تحتاج إليها بلدان المنشأ للحد من تدفق مواطنيها وركوبهم المخاطر سعياً وراء فرص العمل في البلدان الأوروبية.

خلافات مع باريس

تشارك في هذه القمة قيادات رفيعة المستوى من مصر وتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا والإمارات وتركيا، فضلاً على اليونان ومالطا وقبرص وإسبانيا، إلى جانب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، وعدد من كبار المسؤولين في صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة وصناديق التنمية العربية. لكن الغائب الأكبر عن هذه القمة هي فرنسا، التي نشبت بينها وإيطاليا أزمة دبلوماسية منذ أشهر بسبب من موضوع الهجرة غير الشرعية، ما زالت تحول دون الصفاء التام في العلاقات بين الطرفين رغم المحاولات الكثيرة للتهدئة وتنقية الأجواء.

رئيسة وزراء إيطاليا لدى عقدها مؤتمراً صحافياً في فيلنيوس 12 يوليو (إ.ب.أ)

ويخشى الإيطاليون أن يؤثر غياب فرنسا على نتائج القمة، نظراً لنفوذ باريس على عدد من الدول الأفريقية المعنية مباشرة بملف الهجرة. ومن المنتظر أن تعرض رئيسة الحكومة الإيطالية خطّة تتحدث عنها منذ أشهر، لكن من غير أن تكشف عن تفاصيلها، تحمل اسم «خطة ماتيي»، نسبة إلى أحد السياسيين والمفكرين الإيطاليين الذي كان طرح أواسط القرن الماضي خطة لتنمية البلدان الأفريقية على غرار مشروع مارشال الأميركي لمساعدة أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

أولوية إيطالية

وكانت ميلوني قد وضعت كل ثقلها، وكرّست جهداً كبيراً منذ توليها رئاسة الحكومة، لمعالجة هذا الملف الذي يشكّل المحور الأساسي للنقاش السياسي في إيطاليا منذ سنوات، والذي كانت مواقف اليمين المتطرف منه السبب الرئيسي في صعودها السريع ووصولها إلى السلطة. ويتضح من الأرقام الأخيرة لتدفقات الهجرة على السواحل الإيطالية أن هذه الظاهرة في طريقها للخروج عن السيطرة، إذا لم تتمكن إيطاليا من التوصل إلى اتفاق مع شركائها وجيرانها لمعالجتها بصورة مشتركة، إذ تفيد إحصاءات المنظمة العالمية للهجرة أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين عبروا المتوسط، ووصلوا الموانئ الإيطالية منذ بداية هذا العام يزيد على 83 ألفاً، مقابل 34 ألفاً طوال السنة الماضية.

عملية أمنية عند سواحل فرنسا الشمالية في 18 يوليو (أ.ف.ب)

وكان وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني قد جال على العواصم المتوسطية في الأشهر الأخيرة، سعياً وراء استراتيجية مشتركة بين بلدان الاتحاد الأوروبي والدول المطلة على المتوسط لوقف تدفقات الهجرة غير الشرعية، وتقاسم أعباء استقبال اللاجئين ومساعدة دول المنشأ بتمويل مشاريع إنمائية فيها، والتعويض عليها مقابل إعادة أولئك الذين ترفض طلباتهم للحصول على اللجوء أو فرصة عمل في أوروبا.

ميثاق مشترك

وتشدد الحكومة الإيطالية على أنها غير قادرة على التصدي وحدها للأعباء الاقتصادية والاجتماعية الناشئة عن هذه الظاهرة، وتصرّ على شركائها في الاتحاد الأوروبي لتقاسم هذه الأعباء، لكن من دون نتيجة حتى الآن رغم الجهود التي تبذلها المفوضية منذ سنوات لإنجاز ميثاق الهجرة المشترك الذي ما زال يلقى معارضة شديدة من بعض الدول الأعضاء.

طاقم سفينة إنقاذ يصطحبون مهاجرين إلى اليابسة في لاس بالماس في 10 يوليو (د.ب.أ)

ويعترف مسؤولون إيطاليون بأن خطورة هذا الوضع، واستحالة التصدي له بصورة منفردة، تُحتّم الانفتاح على شركاء ليس من السهل التعامل معهم بسبب من تضارب المصالح حول هذا الموضوع الذي له تشعّبات اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية واسعة.

وبينما كانت التحضيرات جارية لهذه القمة، أفاد خفر السواحل الإيطالي عن غرق زورق آخر تسبب في مقتل 27 مهاجراً، بينما كانت المنظمات غير الحكومية تعلن عن تنظيم «قمة مضادة» تدين انتهاكات المواثيق والاتفاقيات الدولية حول الهجرة وحقوق المهاجرين على يد الحكومات المعنية.

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا آثار الحريق على أحد المبنيين (أ.ف.ب)

اعتقال سوري في ألمانيا بعد حرائق وصدم محلين تجاريين

أعلنت الشرطة الألمانية اليوم (الأحد)، أنها اعتقلت رجلاً سورياً بعد اندلاع حرائق في مبنيين سكنيَّين، وصدم شاحنة صغيرة محلين تجاريَّين في مدينة إيسن بغرب ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا مهاجرون ينتظرون النزول من قارب مزدحم بعد رحلة استمرت ثلاثة عشر يوماً من ساحل السنغال في ميناء لا إستاكا بإسبانيا (أ.ب)

إنقاذ 7 سوريين وفقد نحو ‭20‬ شخصاً بعد غرق قارب في البحر المتوسط

فُقد 20 مهاجراً بعد غرق قاربهم في البحر الأبيض المتوسط، قرب جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وفق ما أعلن، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا مهاجرون خارج عربة إسعاف بعد عملية إنقاذ نفّذها خفر السواحل اليوناني (أرشيفية - أ.ب)

المعارضة اليونانية تطالب بالتحقيق في مزاعم إلقاء مهاجرين في البحر

طالب حزب المعارضة اليوناني بفتح تحقيق بعد تقرير «بي بي سي»، يزعم أن خفر السواحل اليوناني كان مسؤولاً عن وفاة عشرات المهاجرين خلال السنوات الثلاث الماضية.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

قلق في الجزائر بسبب تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف

وصول 160 مهاجراً جزائرياً إلى سواحل إسبانيا خلال الأسبوع الحالي، تزامناً مع قلق السلطات الجزائرية من تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
TT

«تهيمنان على برامج التصفح على الهواتف»... بريطانيا تحقق بشأن «أبل» و«غوغل»

شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)
شعار «غوغل» على هاتف محمول (أ.ف.ب)

قالت هيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، اليوم الجمعة، في تقرير إن شركتي «أبل» و«غوغل» لا توفران للمستهلكين خياراً حقيقياً لبرامج التصفح على الإنترنت للهواتف المحمولة، وأوصت بإحالتهما إلى تحقيقٍ بموجب القواعد الرقمية الجديدة في المملكة المتحدة، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

ووجهت هيئة المنافسة والأسواق انتقادات لشركة «أبل»، قائلة إن تكتيكات الشركة المصنعة لهاتف آيفون تعيق الابتكار عن طريق منع المنافسين من منح المستخدمين ميزات جديدة مثل تحميل صفحات الإنترنت بشكل أسرع.

وأفاد تقرير الهيئة بأن شركة «أبل» تفعل ذلك من خلال تقييد تطبيقات الويب المتطورة، والتي لا يتطلب الأمر تنزيلها من تطبيق لمتجر التطبيقات، ولا تخضع لعمولات تطبيق متجر التطبيقات.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية إن «هذه التطبيقات غير قادرة على الانطلاق بشكل كامل على الأجهزة التي تعمل بنظام تشغيل (آي أو إس) الذي طورته شركة (أبل)»، وجاء ذلك في تقرير مؤقت للهيئة عن تحقيقها بشأن برامج تصفح الهواتف المحمولة، والذي شرعت فيه بعد أن خلصت دراسة أولية إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» لديهما سيطرة فعالة على «الأنظمة البيئية المحمولة».

وتوصل تقرير هيئة المنافسة والأسواق أيضاً إلى أن شركتي «أبل» و«غوغل» تتلاعبان بالخيارات المقدمة لمستخدمي الهواتف المحمولة؛ لجعل برامج التصفح الخاصة بهما هي «الخيار الأكثر وضوحاً أو سهولة».

وقالت الهيئة إن اتفاقاً لتقاسم الإيرادات بين شركتي التكنولوجيا الكبيرتين في الولايات المتحدة «يقلل بشكل كبير من حوافزهما المالية» للتنافس في مجال برامج تصفح الهواتف المحمولة على نظام التشغيل «آي أو إس» الذي تصنعه شركة «أبل» لأجهزة آيفون.

وقالت الشركتان إنهما «ستتعاونان بشكل بناء» مع هيئة المنافسة والأسواق.

وذكرت شركة «أبل» أنها لا توافق على نتائج تقرير الهيئة، وأعربت عن قلقها من أن تؤدي التوصيات إلى تقويض خصوصية وأمن المستخدم.

وأشارت شركة «غوغل» إلى أن انفتاح نظام تشغيل «آندرويد» للأجهزة المحمولة الخاص بها «ساعد في توسيع الاختيار وخفض الأسعار، وأتاح الوصول إلى الهواتف الذكية والتطبيقات»، وأنها «ملتزمة بالمنصات المفتوحة التي توفر الإمكانيات للمستهلكين».