خبراء يفسرون أسباب الحرارة القياسية في يوليو عالمياً

منظمة «الأرصاد الجوية» عدّت الأسبوع الأول منه الأسخن تاريخياً

امرأة في بكين تضع كمادات باردة على جبهتها ورقبتها (رويترز)
امرأة في بكين تضع كمادات باردة على جبهتها ورقبتها (رويترز)
TT

خبراء يفسرون أسباب الحرارة القياسية في يوليو عالمياً

امرأة في بكين تضع كمادات باردة على جبهتها ورقبتها (رويترز)
امرأة في بكين تضع كمادات باردة على جبهتها ورقبتها (رويترز)

يبدو أن العالم مُقبل خلال شهور الصيف على تحطيم الأرقام القياسية في درجات الحرارة. فلم يكد ينتهي شهر يونيو (حزيران) الماضي، محطماً الرقم المسجل لأكثر شهور يونيو حرارة، منذ بدأت خدمات تسجيل الأرصاد الجوية في أواخر القرن التاسع عشر، حتى جاء الأسبوع الأول من يوليو (تموز) الجاري، ليكشف عن أن هذا الشهر قد يحطم المزيد من الأرقام القياسية.

ووفق تقرير صادر في 6 يوليو الجاري عن خدمة «كوبرنيكوس» لرصد تغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، كان متوسط درجات الحرارة العالمية في يونيو الماضي، «أكثر سخونة بمقدار 2.5 درجة فهرنهايت (1 فهرنهايت يعادل 17.22 درجة مئوية)، قياساً إلى شهر يونيو في السنوات السابقة منذ بدأت خدمات التسجيل».

وبعد يوم واحد من التقرير، كانت أرقام منظمة الأرصاد الجوية على موقعها الإلكتروني تشير إلى أن يوليو الجاري قد شهد خلال أسبوعه الأول «وصول متوسط درجة الحرارة في العالم إلى مستوى قياسي جديد ثلاث مرات».

ففي 3 يوليو، كان متوسط درجة الحرارة العالمية 62.6 درجة فهرنهايت، ثم ارتفع إلى 62.9 درجة في 4 يوليو، وهذا أعلى بنحو نصف درجة فهرنهايت من الرقم القياسي اليومي السابق المسجل في 14 أغسطس (آب) 2016. ثم في يوم الخميس الماضي، كُسر الرقم القياسي مرة أخرى عندما بلغ متوسط درجة الحرارة العالمية 63 درجة فهرنهايت.

بيانات تُظهر درجة الحرارة القياسية في 3 يوليو الجاري (كوبرنيكوس)

و«يجمع متوسط درجة الحرارة العالمية بين درجات حرارة جميع الأماكن الساخنة، وجميع الأماكن الباردة، وجميع الأماكن الواقعة بينهما، وهو مقياس مهم جداً للتغيرات التي تحدث على الأرض»، كما تقول وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على موقعها الإلكتروني في إجابتها عن سؤال يتعلق بأسباب إعطاء العلماء أهمية لأي زيادة، ولو طفيفة، في متوسط درجة حرارة الأرض. وأضافت الوكالة الأميركية أن «ارتفاع درجة فهرنهايت واحدة فقط في يوم مشمس حيث تعيش، ليس له تأثير يُذكر، لكن ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض (1 درجة فهرنهايت) يُحدث فرقاً كبيراً على سطح الأرض».

تحذيرات الخبراء

ولا يبدو خبراء المناخ متفاجئون بهذه الأرقام القياسية التي تحققت خلال يونيو الماضي، وبدايات يوليو الجاري. فمع بدايات العام الجاري، حذر أكثر من خبير من أن «العالم سيشهد موجات حر غير مسبوقة، بسبب تحالف تغيرات المناخ مع عودة ظاهرة النينو المناخية». وتحدث ظاهرة «النينو» المناخية، عندما تصبح المياه في شرق المحيط الهادئ الاستوائي، دافئة بشكل غير طبيعي، ويحدث ذلك كل سنتين إلى سبع سنوات، ويكون له تأثير في دوران الغلاف الجوي العالمي.

وقال رالف كوني، أستاذ علوم البيئة والمحيطات في جامعة أوكلاند في أستراليا لـ«الشرق الأوسط»: «كان آخر تشكل لهذه الظاهرة قبل سبع سنوات، وتحديداً عام 2016 الذي كان الأكثر سخونة في العالم. لذلك كان من المتوقع عودة الظاهرة في عام 2023. وبدأنا نتيقن من عودتها في مايو (أيار) الماضي، مع ظهور علامات تشير إلى أن يونيو الماضي كان موعداً لعودتها».

أشعة الشمس الحارقة وسط درجات الحرارة المرتفعة في أثينا (إ.ب.أ)

ومن العلامات التي تستخدمها وكالات الطقس حول العالم، أن «تكون درجة حرارة المحيط أكثر من المعتاد بمعدل 0.5 درجة مئوية، لمدة شهر، ويحدث تجاوب للغلاف الجوي مع هذه الحرارة. ويجب أن يكون هناك مؤشرات على استمرار هذا الحدث، وهو ما تحقق»، كما يوضح كوني.

ورغم مسؤولية «النينو» عن الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، فإن كوني يؤكد أن «ذلك يجب ألا يُنسينا الدور التي تلعبه التغيرات المناخية التي تحدث بفعل الإنسان»، مضيفاً: «قبل أن تتشكل ظاهرة النينو، عانينا خلال الصيف الماضي من ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة، وهذه كانت ترجع بشكل مباشر إلى التغيرات المناخية»، متوقعاً أن «يقود تحالف النينو مع تغيرات المناخ إلى تحطيم المزيد من الأرقام القياسية خلال عام 2023. وقد تمتد هذه التأثيرات حتى عام 2024. حيث لم تصل بعد ظاهرة النينو إلى ذروتها».

وقد شدد توماس سميث، عالم الجغرافيا البيئية في كلية لندن للاقتصاد، في مقال نشرته دورية «نيتشر» أوائل يوليو الجاري، على «الدور البشري من خلال غازات الدفيئة الإضافية في الغلاف الجوي». وقال إن «غازات الدفيئة تؤثر أيضاً على درجات حرارة سطح المحيط، لأنها تتلقى طاقة الأشعة تحت الحمراء من الغلاف الجوي».

التأثير على المحاصيل

وتؤثر درجات الحرارة المرتفعة على المحاصيل، وتزيد من خطر حرائق الغابات، كما تتسبب في وفيات نتيجة الإجهاد الحراري. وتسببت موجات الحر الشديدة في «مقتل أكثر من 44 شخصاً في شمال الهند في يونيو الماضي»، وشهدت الصين أيضاً موجات حرارة غير مسبوقة أدت إلى تسجيل «أكبر عدد من الأيام الحارة في البلاد». وحذرت وكالة البيئة الأوروبية الشهر الماضي من أن «جنوب أوروبا قد يشهد أكثر من 60 يوماً هذا الصيف تكون فيها الحرارة خطرة على البشر».

درجة الحرارة العالية تؤثر على المحاصيل (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى هذه التأثيرات على اليابسة، يتوقع مدير خدمات المناخ في المنظمة العالمية للإرصاد الجوية، الدكتور كريس هيويت، في تقرير نشره السبت موقع «نيوزكليك» الهندي، أن «يغذي تحالف النينو مع تغير المناخ الحرارة في المحيطات ويؤدي إلى موجات حرارة بحرية، ما يعني امتصاص المزيد من الطاقة التي ستستمر في البقاء هناك لفترة طويلة، بما يؤثر على الحياة البحرية».

كانت المملكة المتحدة قد بدأت تشعر بهذه التأثيرات التي أشار إليها هيويت، حيث أدت درجات الحرارة المرتفعة القياسية في يونيو الماضي، إلى «نفوق غير مسبوق للأسماك». كما حذر خبراء بيئيون، حسب تقرير نشرته (السبت) شبكة «بي بي سي»، من أن «درجات الحرارة المرتفعة تهدد بقاء الحشرات على قيد الحياة، والتي كانت تتغذى على النباتات التي ذَوَت بفعل الحرارة».

فتيان يسبحون في نهر بقرية البومصطفى قرب الحلة حيث تجاوزت درجات الحرارة 45 درجة مئوية (أ.ف.ب)

الحلول

و«لا تملك الدول حلولاً سوى العمل على وقف تغيرات المناخ بفعل النشاط البشري»، كما يقول أحمد الدروبي، مدير الحملات الدولية في شبكة العمل المناخي (شبكة دولية تضم المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في قضايا المناخ). وأضاف الدروبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «ذلك يتحقق عندما تنجح حكومات العالم في الوفاء بالتزامها نحو تحقيق الهدف العالمي، المتمثل في تحقيق صافي صفر من الانبعاثات الكربونية»، موضحاً أنه «عندما نصل إلى تلك النقطة، سيظهر تأثير ذلك بشكل واضح على درجات الحرارة، ونستطيع حينها التخفيف من الشعور بآثار ظاهرة النينو».


مقالات ذات صلة

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

العالم شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة.

«الشرق الأوسط» (كانبيرا)
الولايات المتحدة​ عرض الأعلام الأميركية على الواجهة الغربية لمبنى الكابيتول الأميركي حيث يتم إجراء مراسم التنصيب الرئاسي تقليدياً في 17 يناير 2025 بالعاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)

الحفل الثاني لتنصيب ترمب... صقيع قطبي واستنفار أمني وعمالقة التكنولوجيا

سيصبح دونالد ترمب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة يوم الاثنين في واشنطن التي تشهد ذروة فعاليات تمتد أربعة أيام وسط درجات حرارة قطبية متوقعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

زادت ظاهرة التغيّر المناخي نسبة حدوث فيضانات في منطقة البحر المتوسط، حيث تلعب الجغرافيا والنمو السكاني دوراً في مفاقمة الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ رجال الإطفاء يسعون لإخماد الحرائق بمنطقة مانديفيل كانيون في لوس أنجليس (رويترز)

لوس أنجليس: سباق مع الزمن لاحتواء الحرائق قبل عودة الطقس السيئ

دخلت فرق الإطفاء في سباق مع الزمن لاحتواء حرائق الغابات المشتعلة في لوس أنجليس، الاثنين لليوم السادس على التوالي.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس - لندن)
الولايات المتحدة​ الثلوج تغطي أجزاء من أتلانتا وسط عاصفة قوية (أ.ف.ب)

عاصفة شتوية تعطل آلاف الرحلات الجوية في جنوب الولايات المتحدة

ألغيت أكثر من 3 آلاف رحلة جوية أمس (الجمعة) وتأخرت آلاف الرحلات الأخرى بسبب عاصفة شتوية في جنوب الولايات المتحدة وفقاً لشركات طيران وموقع «فلايت أوير».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بوتين لا يأخذ تهديدات ترمب على محمل الجد لكنه مستعد للتفاوض معه

فلاديمير بوتين ودونالد ترمب خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 (رويترز)
فلاديمير بوتين ودونالد ترمب خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 (رويترز)
TT

بوتين لا يأخذ تهديدات ترمب على محمل الجد لكنه مستعد للتفاوض معه

فلاديمير بوتين ودونالد ترمب خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 (رويترز)
فلاديمير بوتين ودونالد ترمب خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 (رويترز)

واصلت روسيا سياسة «التجاهل» النسبي واللغة «الهادئة»، للردّ على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول مستقبل الحرب في أوكرانيا. وقال الكرملين، الجمعة، إن الحرب في أوكرانيا مرتبطة بالأمن القومي لروسيا، وليس بأسعار النفط، وذلك بعد أن دعا ترمب إلى خفض أسعار النفط من بين الوسائل التي رأى أنها قد تُسهم في إجبار روسيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

دونالد ترمب خلال اجتماعه مع فلاديمير بوتين على هامش قمة «مجموعة الدول العشرين» في أوساكا باليابان عام 2019 (رويترز)

ورغم ذلك، قال بوتين إنه منفتح على إجراء مباحثات مع نظيره الأميركي بشأن بعض القضايا، منها الحرب في أوكرانيا، وأسعار الطاقة.

وذكر الرئيس الروسي، لمراسل تلفزيوني محلي، أن مسألة التفاوض مع أوكرانيا معقّدة بسبب توقيع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرسوماً يمنعه من إجراء محادثات مع بوتين.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، ردّاً على سؤال بشأن تلك التصريحات، إن المسألة بالنسبة لروسيا في أوكرانيا تتعلّق بالأمن القومي والتهديدات التي تُواجه الروس الذين يعيشون هناك، ورفض الولايات المتحدة وأوروبا الإصغاء إلى مخاوف موسكو.

وترى أوساط أميركية أن الدائرة الداخلية لبوتين تعتقد أن تهديدات ترمب لا تزال حتى الساعة «جوفاء»، ولا تُعد أكثر من موقف تمهيدي لأي مفاوضات، وليست جزءاً من المفاوضات نفسها، منتظرين منه عرضاً أكثر جوهرية.

وتضيف الأوساط أن بوتين من المرجح أن يتعامل مع التحذير الأخير لترمب، على أنه ليس أكثر من خدعة من الرئيس الأميركي لدعم قاعدته، وإظهار الموقف الصارم الذي وَعد به فيما يتعلّق بخصوم الولايات المتحدة.

برنده مستقبلاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في «دافوس» 21 يناير (أ.ف.ب)

وبالنسبة للرئيس الروسي، الذي ظلّ في السلطة لمدة 25 عاماً، فإن الحرب تُشكل فرصة تاريخية لتوحيد روسيا وأوكرانيا مرة أخرى، ووقف ما ندّد به منذ فترة طويلة، بوصفه توسعاً غربياً زاحفاً إلى الفناء الخلفي لروسيا.

ورغم أن الحرب قد استنزفت موارد روسيا، وقوتها البشرية، يعتقد الكرملين أنها صمدت بنجاح ضد العقوبات، وأن موسكو لديها القدرة على الصمود لمدة عام آخر على الأقل من الصراع.

ومما لا شك فيه أن الاقتصاد الروسي يعاني من صعوبات، ويحاول التوازن في مواجهة التضخم الشديد، في ظل ضخ مليارات الدولارات إلى صناعة الدفاع في البلاد. كما أن أن الحوافز التي تُشجع الشباب الروسي على الانضمام للجيش والفوائد التي تُقدم لأسر القتلى أو الجرحى تؤثر على ميزانية البلاد، في ظل تقديرات بتكبدها أكثر من 700 ألف قتيل.

قوات الطوارئ الأوكرانية تقوم بعمليات الإنقاذ في بناية قريباً من كييف بعد استهدافها من قبل روسيا (إ.ب.أ)

ورغم ذلك، يقول المحللون إن روسيا لديها ما يكفي من الموارد لمواصلة القتال على الأقل طيلة العام الحالي، ولها اليد العليا في جبهات القتال.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن فاسيلي كاشين، مدير إدارة الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو قوله: «لدينا اختلالات في التوازن والتضخم، ولكن الأمر ليس حادّاً إلى الدرجة التي تجعلنا نطالب بوقف كل الأعمال الحربية. نحن في وضع يسمح لنا بالمضي قدماً بمطالبنا... وإذا استمر انهيار دفاع أوكرانيا، كما الحال الآن، فسيكون من الحكمة أن يوافق الجانب الآخر على شروطنا».

وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، الجمعة، إن نحو 450 ألف شخص وقّعوا عقوداً للخدمة في الجيش الروسي في 2024، وإن الهدف هو جذب عدد مماثل خلال العام الحالي.

وأضاف -في منشور على حساب رسمي على موقع للتواصل الاجتماعي- أن أكثر من 40 ألف شخص انضموا أيضاً إلى ألوية المتطوعين، وذهبوا للقتال في أوكرانيا خلال العام الماضي.

الناس يهرعون من المكان الذي تعرض لهجوم بالمسيّرات الأوكرانية في منطقة ريازان (رويترز)

ومع احتمال وقف المساعدات الأميركية لأوكرانيا، تعتقد روسيا أن تحذيرات ترمب لن تؤدي إلى إجبارها على تغيير مطالبها الأساسية، والتي تشمل الاعتراف الفعلي بالأرض التي اكتسبتها، وإنهاء العلاقات بين حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، وتقليص حجم الجيش الأوكراني بشكل كبير.

وترى الصحيفة أن التسويات الطموحة التي يفضلها بوتين حالياً تحتوي على عناصر من تلك الشروط، والحل بالنسبة إليه من شأنه أن يتضمن ترتيبات جيوسياسية شاملة، من النوع الذي تم الاتفاق عليه في يالطا، في نهاية الحرب العالمية الثانية، بين زعماء المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، الذي قسّم أوروبا الشرقية إلى مناطق نفوذ سوفياتية وغربية. وهو ما يرغب في تكراره الآن، والحرب في أوكرانيا هي وسيلته لجلب الغرب إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى «يالطا-2».

في المقابل، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين سابقين، عملوا مع إدارة ترمب، بينهم نائب رئيس الأركان السابق للجيش الأميركي جاك كين، تقديمهم اقتراحات لمساعدة الرئيس على تحقيق وعده بوقف الحرب، والضغط على روسيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات. وقدّموا، خصوصاً، اقتراحاً لحل قضية المساعدات العسكرية الأميركية الإشكالية لأوكرانيا.

جنود روس في مكان غير معلن في أوكرانيا (أ.ب)

وبدلاً من وقف تدفق الأسلحة، اقترحوا طريقاً لتأمين «السلام الدائم» في أوكرانيا من «دون مطالبة دافعي الضرائب الأميركيين دفع الفاتورة». ومن بين الحلول «جعل روسيا تدفع ثمن هذه الأسلحة»، (ما يذكر بشعار ترمب بجعل المكسيك تدفع ثمن الجدار) عبر قيام الولايات المتحدة بإنتاج الأسلحة لأوكرانيا باستخدام الأصول الروسية المجمدة، بحيث «تحصل أوكرانيا على الأسلحة، وتحصل الولايات المتحدة على الأموال، في حين تتحمّل روسيا تكلفة عدوان بوتين».

وعلى الصعيد الميداني، قال الجيش الأوكراني، الجمعة، إن طائراته المسيّرة ضربت منشآت نفطية في مدينة ريازان الروسية، ومصنعاً لإنتاج الإلكترونيات الدقيقة في بريانسك. وأضاف في بيان أن المنشآت التي تعرضت للهجوم تشارك في إمداد الجيش الروسي.

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، أنّها أسقطت خلال الليل 120 مسيّرة أوكرانية فوق 12 منطقة، من بينها موسكو، في واحدة من كبرى الهجمات من هذا النوع على الأراضي الروسية، منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

جنديان أوكرانيان يطلقان مسيّرة للتجسس قرب الحدود مع روسيا (أ.ف.ب)

وقالت الوزارة في بيان إنّ قوات الدفاع الجوي «اعترضت ودمّرت» 120 مسيّرة، معظمها فوق مناطق روسية قريبة من الحدود مع أوكرانيا وأيضاً فوق العاصمة موسكو، إضافة إلى مسيّرة أخرى فوق شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا في عام 2014. وأفادت وسائل إعلام روسية بتسجيل أضرار في كثير من المناطق.