محكمة بريطانية ترفض خطة ترحيل طالبي اللجوء لرواندا

حكومة سوناك تتوعد بالطعن في القرار

جانب من جلسة المحكمة حول اتفاق الهجرة مع رواندا بلندن (د.ب.أ)
جانب من جلسة المحكمة حول اتفاق الهجرة مع رواندا بلندن (د.ب.أ)
TT

محكمة بريطانية ترفض خطة ترحيل طالبي اللجوء لرواندا

جانب من جلسة المحكمة حول اتفاق الهجرة مع رواندا بلندن (د.ب.أ)
جانب من جلسة المحكمة حول اتفاق الهجرة مع رواندا بلندن (د.ب.أ)

تعتزم الحكومة البريطانية الطعن في قرار قضائي صدر الخميس، وقضى بوقف تنفيذ خطّتها لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا، في نكسة لجهود تبذلها لندن للحد من أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى المملكة المتحدة.

وخلصت هيئة مؤلفة من 3 قضاة في محكمة استئناف إلى أن رواندا لا يمكن اعتبارها بلداً آمناً، بعدما تقدّم 10 مهاجرين ومنظمة خيرية تدعم طالبي اللجوء بطعن في الآلية الحكومية. ورحّبت منظّمات حقوقية بالقرار القضائي الذي أثار في المقابل استياء في كيغالي، التي أصرّت على أنها مستوفية معايير الأمم المتحدة على صعيد التعامل مع المهاجرين.

وفي حين أكّد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أنه يحترم قرار المحكمة، وقال إنه يخالف القضاة «جوهرياً» في استنتاجاتهم. وأعرب سوناك عن اعتقاده أن «الحكومة الرواندية وفّرت الضمانات اللازمة للتأكيد على عدم وجود مخاطر حقيقية بأن يعاد طالبو لجوء تم نقلهم إلى رواندا (...) إلى بلدان أخرى». وقال: «رواندا بلد آمن. المحكمة العليا موافقة. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لديها خطّتها الخاصة للمهاجرين الليبيين في رواندا». وتابع: «سنسعى حالياً لطلب الإذن بالطعن بهذا القرار أمام المحكمة العليا».

نكسة جديدة

مثّل قرار المحكمة نكسة جديدة لتعهد رئيس الوزراء البريطاني بوقف طالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد في قوارب صغيرة عبر القنال الإنجليزي. كما يمثل الحكم ضربة كبيرة لسوناك الذي يواجه مشكلات منها التضخم المرتفع وارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الشعبية وسط ضغوط متزايدة من حزبه والمواطنين للتعامل مع الأعداد المتزايدة من طالبي اللجوء الذين يكلفون الدولة ثلاثة مليارات جنيه إسترليني سنويا لاستيعابهم.

وزيرة الداخلية البريطانية تعلّق على قرار المحكمة في 29 يونيو (أ.ف.ب)

وأصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قرارا عرقل في اللحظات الأخيرة أول رحلة مزمعة لترحيل طالبي اللجوء العام الماضي، وأمرت المحكمة بمنع ترحيل أي طالب لجوء لحين انتهاء الإجراءات القضائية في بريطانيا. وكانت المحكمة العليا في لندن قد قضت في ديسمبر (كانون الأول) بمشروعية سياسة الترحيل، لكن عددا من طالبي اللجوء من عدة بلدان، مثل سوريا والعراق وإيران، ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان طعنوا في القرار.

وقالت محكمة الاستئناف إن أوجه القصور في نظام اللجوء في رواندا تعني أن هناك أسبابا جوهرية للاعتقاد أن أولئك الذين سيرسلون إلى هناك سيعادون إلى بلدانهم الأصلية، حيث سيواجهون «الاضطهاد أو غيره من أشكال المعاملة غير الإنسانية». وحتى لو كان قرار محكمة الاستئناف في صالح الحكومة، فإنه كان من المستبعد أن تبدأ رحلات الترحيل هذا العام.

اتفاق مثير للجدل

بات التصدي للجوء معضلة تواجه حكومة المحافظين التي يقودها سوناك، والتي تعهّدت بـ«استعادة السيطرة» على حدود البلاد بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. ومنذ مطلع العام الحالي، عبر أكثر من 11 ألف شخص بحر المانش (القناة) على متن قوارب صغيرة انطلاقاً من السواحل الشمالية لفرنسا، في حين بلغ التأخر في بت طلبات اللجوء مستويات قياسية.

وزيرة الداخلية البريطانية السابقة بريتي باتيل ووزير الخارجية الرواندي فنسان بيروتا يوقعان اتفاق الهجرة في أبريل 2022 (أ.ف.ب)

وتسعى الحكومة إلى كبح الهجرة غير النظامية عبر اتفاقها مع رواندا، الذي خططت بموجبه لإرسال عشرات الآلاف من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى شواطئها في رحلة تمتد لأكثر من 6400 كيلومتر إلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا. وكلف الاتفاق المبدئي، الذي أُبرم مع رواندا العام الماضي، 140 مليون جنيه إسترليني (177 مليون دولار). وقالت الحكومة هذا الأسبوع إن ترحيل كل طالب لجوء إلى رواندا سيتكلف 169 ألف جنيه إسترليني (213 ألفا و450 دولارا) في المتوسط.

ويقول منتقدون إن سياسات الحكومة تهدف إلى حشد الدعم السياسي ولن تحل المشكلات الأساسية. ويضيفون أنه لا توجد حاليا مسارات قانونية لمعظم الفارين من الحروب أو الاضطهاد لتقديم طلب اللجوء لدخول بريطانيا، ولذا يرى كثير منهم أن ركوب القوارب الصغيرة الخطرة هو الخيار الوحيد.


مقالات ذات صلة

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم إلى سوريا سيراً على الأقدام عبر حفرة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية تهدف إلى قطع الطريق السريع بين بيروت ودمشق عند معبر المصنع في شرق البقاع بلبنان في 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

عبور 385 ألف سوري و225 ألف لبناني من لبنان إلى سوريا منذ 23 سبتمبر

أظهر تقرير للحكومة اللبنانية تسجيل عبور أكثر من 385 ألف سوري و225 ألف لبناني إلى الأراضي السورية منذ 23 سبتمبر (أيلول) وحتى الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.