تعتزم الحكومة البريطانية الطعن في قرار قضائي صدر الخميس، وقضى بوقف تنفيذ خطّتها لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا، في نكسة لجهود تبذلها لندن للحد من أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى المملكة المتحدة.
وخلصت هيئة مؤلفة من 3 قضاة في محكمة استئناف إلى أن رواندا لا يمكن اعتبارها بلداً آمناً، بعدما تقدّم 10 مهاجرين ومنظمة خيرية تدعم طالبي اللجوء بطعن في الآلية الحكومية. ورحّبت منظّمات حقوقية بالقرار القضائي الذي أثار في المقابل استياء في كيغالي، التي أصرّت على أنها مستوفية معايير الأمم المتحدة على صعيد التعامل مع المهاجرين.
وفي حين أكّد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أنه يحترم قرار المحكمة، وقال إنه يخالف القضاة «جوهرياً» في استنتاجاتهم. وأعرب سوناك عن اعتقاده أن «الحكومة الرواندية وفّرت الضمانات اللازمة للتأكيد على عدم وجود مخاطر حقيقية بأن يعاد طالبو لجوء تم نقلهم إلى رواندا (...) إلى بلدان أخرى». وقال: «رواندا بلد آمن. المحكمة العليا موافقة. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لديها خطّتها الخاصة للمهاجرين الليبيين في رواندا». وتابع: «سنسعى حالياً لطلب الإذن بالطعن بهذا القرار أمام المحكمة العليا».
نكسة جديدة
مثّل قرار المحكمة نكسة جديدة لتعهد رئيس الوزراء البريطاني بوقف طالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد في قوارب صغيرة عبر القنال الإنجليزي. كما يمثل الحكم ضربة كبيرة لسوناك الذي يواجه مشكلات منها التضخم المرتفع وارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الشعبية وسط ضغوط متزايدة من حزبه والمواطنين للتعامل مع الأعداد المتزايدة من طالبي اللجوء الذين يكلفون الدولة ثلاثة مليارات جنيه إسترليني سنويا لاستيعابهم.
وأصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قرارا عرقل في اللحظات الأخيرة أول رحلة مزمعة لترحيل طالبي اللجوء العام الماضي، وأمرت المحكمة بمنع ترحيل أي طالب لجوء لحين انتهاء الإجراءات القضائية في بريطانيا. وكانت المحكمة العليا في لندن قد قضت في ديسمبر (كانون الأول) بمشروعية سياسة الترحيل، لكن عددا من طالبي اللجوء من عدة بلدان، مثل سوريا والعراق وإيران، ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان طعنوا في القرار.
وقالت محكمة الاستئناف إن أوجه القصور في نظام اللجوء في رواندا تعني أن هناك أسبابا جوهرية للاعتقاد أن أولئك الذين سيرسلون إلى هناك سيعادون إلى بلدانهم الأصلية، حيث سيواجهون «الاضطهاد أو غيره من أشكال المعاملة غير الإنسانية». وحتى لو كان قرار محكمة الاستئناف في صالح الحكومة، فإنه كان من المستبعد أن تبدأ رحلات الترحيل هذا العام.
اتفاق مثير للجدل
بات التصدي للجوء معضلة تواجه حكومة المحافظين التي يقودها سوناك، والتي تعهّدت بـ«استعادة السيطرة» على حدود البلاد بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. ومنذ مطلع العام الحالي، عبر أكثر من 11 ألف شخص بحر المانش (القناة) على متن قوارب صغيرة انطلاقاً من السواحل الشمالية لفرنسا، في حين بلغ التأخر في بت طلبات اللجوء مستويات قياسية.
وتسعى الحكومة إلى كبح الهجرة غير النظامية عبر اتفاقها مع رواندا، الذي خططت بموجبه لإرسال عشرات الآلاف من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى شواطئها في رحلة تمتد لأكثر من 6400 كيلومتر إلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا. وكلف الاتفاق المبدئي، الذي أُبرم مع رواندا العام الماضي، 140 مليون جنيه إسترليني (177 مليون دولار). وقالت الحكومة هذا الأسبوع إن ترحيل كل طالب لجوء إلى رواندا سيتكلف 169 ألف جنيه إسترليني (213 ألفا و450 دولارا) في المتوسط.
ويقول منتقدون إن سياسات الحكومة تهدف إلى حشد الدعم السياسي ولن تحل المشكلات الأساسية. ويضيفون أنه لا توجد حاليا مسارات قانونية لمعظم الفارين من الحروب أو الاضطهاد لتقديم طلب اللجوء لدخول بريطانيا، ولذا يرى كثير منهم أن ركوب القوارب الصغيرة الخطرة هو الخيار الوحيد.