البنتاغون «واثق ومطمئن» من قدرات أوكرانيا وجهوزيتها لتحرير أراضيها

اجتماع لمسؤولين أمنيين أميركيين وأوروبيين لمناقشة الحرب... ودعوة قوى «محايدة»

الجنرال مارك ميلي قال إنه في حين أن الجيش الأوكراني مستعد بشكل جيد فإنه مع مرور الوقت «ستستمر هذه المعارك لفترة طويلة من الوقت من دون حسم» (رويترز)
الجنرال مارك ميلي قال إنه في حين أن الجيش الأوكراني مستعد بشكل جيد فإنه مع مرور الوقت «ستستمر هذه المعارك لفترة طويلة من الوقت من دون حسم» (رويترز)
TT

البنتاغون «واثق ومطمئن» من قدرات أوكرانيا وجهوزيتها لتحرير أراضيها

الجنرال مارك ميلي قال إنه في حين أن الجيش الأوكراني مستعد بشكل جيد فإنه مع مرور الوقت «ستستمر هذه المعارك لفترة طويلة من الوقت من دون حسم» (رويترز)
الجنرال مارك ميلي قال إنه في حين أن الجيش الأوكراني مستعد بشكل جيد فإنه مع مرور الوقت «ستستمر هذه المعارك لفترة طويلة من الوقت من دون حسم» (رويترز)

قالت مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون): إن أوكرانيا «مستعدة ومجهّزة بشكل جيد، ولدينا ثقة كبيرة في قدرتها على تحرير أراضيها، بما في ذلك في الهجوم المضاد الأخير»، على الرغم من الأنباء التي أشارت إلى تعثر الهجوم المضاد، والصعوبات التي تواجهها القوات الأوكرانية على محاور القتال.

وقالت لورا كوبر، نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون روسيا وأوكرانيا وأوراسيا، خلال جلسة استماع عقدتها اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب، الخميس: إن هدف الوزارة فيما يتعلق بأوكرانيا، «هو ضمان وجودها حرة ومزدهرة وديمقراطية يمكنها الدفاع عن نفسها وردع المزيد من العدوان الروسي».

وأضافت في الجلسة التي خُصصت لمناقشة تقييم سياسة الولايات المتحدة تجاه أوروبا وحلف «الناتو»: «تحاول أوكرانيا تحرير أراضيها من الاحتلال أو السيطرة الروسية، وهي مستعدة ومجهزة بشكل جيد، ونتمتع بثقة كبيرة في قدرتها على تحرير أراضيها، بما في ذلك في الهجوم المضاد الأخير». وشددت على أنه «على الرغم من أن مسار الحرب ديناميكي ولا يمكن التنبؤ به، فإننا نتمتع بثقة كبيرة في قدرات التدريب والتأهب في القوات المسلحة الأوكرانية».

صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية لدبابات أوكرانية محترقة خلال أول أيام «الهجوم المضاد» في جنوب أوكرانيا (إ.ب.أ)

وقالت: إن المساعدة الأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء كبيرة، وتعكس المصالح والقيم المشتركة التي «هي على المحك». وتم تقديم أكثر من 28 مليار دولار من التزامات المساعدة الأمنية من الحلفاء والشركاء، بما في ذلك في المجالات ذات الأولوية القصوى للدفاع الجوي والمدفعية. وأضافت كوبر، أن 9 دول أوروبية ساهمت كل منها بأكثر من مليار دولار.

نصف المساعدات من الحلفاء

وقالت: إن «الحرب العدوانية الروسية تشكل خطراً واضحاً وقائماً ليس فقط على أوكرانيا، ولكن على أمن أوروبا، والمبادئ الأساسية للسيادة، ووحدة الأراضي التي تدعم الاستقرار العالمي». وأضافت أن المجموعة المكونة من نحو 50 دولة في مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، عالجت بشكل جماعي متطلبات وطلبات أوكرانيا ذات الأولوية، سواء للقتال الفوري أو على المدى الطويل.

وفي ردها على أسئلة المشرعين، حول النسبة المرتفعة التي تقدمها الولايات المتحدة من تلك المساعدات، قالت كوبر: إنها تضع الولايات المتحدة في المرتبة الـ12 عالمياً، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. وأكدت أن أكثر من نصف جميع الدبابات وناقلات الجند المدرعة، وعربات المشاة القتالية، وأنظمة المدفعية، عيار 155ملم، والأنظمة الجوية المضادة للطائرات من دون طيار، ونحو نصف صواريخ «ستينغر» المضادة للطائرات و«جافلين» المضادة للدروع، المقدمة لأوكرانيا، هي من حلفاء وشركاء الولايات المتحدة. وأضافت أن الحلفاء درّبوا أكثر من ثلاثة أضعاف، عدد الجنود الأوكرانيين الذين دربتهم الولايات المتحدة. وأكدت أن ألمانيا وبولندا، تتعاونان لتزويد أوكرانيا بدبابات «ليوبارد»، فضلاً عن التدريب والصيانة والدعم لتلك الدبابات.

رئيسة وزراء الدنمارك تقف أمام «إف - 16» التي قرّرت إدارة بايدن تزويد أوكرانيا بها بعد تردد (أ.ف.ب)

وقالت: إن هولندا والدنمارك تتعاونان لإعداد تدريب للطيارين الأوكرانيين على قيادة طائرات الجيل الرابع، بما فيها طائرات «إف - 16»، مشيرة إلى أن الحلفاء بدأوا أيضاً في تقديم التزامات طويلة المدى. وقالت: إن ألمانيا، وافقت على تقديم نحو 13 مليار دولار، لدعم أوكرانيا على مدى 9 إلى 10 سنوات المقبلة، والتزمت النرويج بأكثر من 7 مليارات دولار، والدنمارك 3.2 مليار دولار.

كما أشارت كوبر إلى «التعاون المتزايد» في الإنتاج الصناعي العسكري، بين الولايات المتحدة وشركائها، لدعم أوكرانيا وتجديد مخزون وزارة الدفاع. وقالت: إن البنتاغون، يدرك أهمية إعطاء الأولوية «للمساءلة عن المساعدة الأمنية الأوكرانية وكيفية التصرف بها». لكنها أضافت: «حتى الآن، لم نر أدلة موثوقة على التحويل غير المشروع للأسلحة التقليدية المقدمة من الولايات المتحدة، على الرغم من مواصلة روسيا نشر معلومات مضللة على عكس ذلك». وقالت: إن وزارة الدفاع تواصل استخدام تدابير المراقبة في أوكرانيا لتتبع أنظمة الأسلحة الأميركية الحساسة، ومنع انتشارها بشكل استباقي.

أفادت مصادر مطلعة بأنه من المقرر أن تعزز الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي حجم الأموال لتمويل شحنات الأسلحة لأوكرانيا بواقع نحو 50 في المائة، ولكن المجر لا تزال تعترض خطط تخصيص المزيد من الأموال لأوكرانيا. وبحسب ما أوردته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى إضافة 3.5 مليار يورو أخرى (3.8 مليار دولار) لمرفق السلام الأوروبي الذي تبلغ موازنته حالياً نحو 7.9 مليار يورو. ويعوض المرفق الحكومات عن الشحنات العسكرية لأوكرانيا، ويستخدم أيضاً في دعم دول أخرى. وجرى تخصيص أغلب رأسمال الصندوق بالفعل للمساعدات العسكرية لأوكرانيا منذ الاجتياح الروسي. ولكن وفقاً لمصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، حيث تناقش مسائل حساسة، تعترض المجر على حزمة ثامنة قدرها 500 مليون يورو لكييف بسبب قرار أوكرانيا إضافة مصرف مجري على قائمة توصم الشركات التي تواصل القيام بأعمال في روسيا.

ووافق سفراء الاتحاد الأوروبي على الإجراء الأسبوع الحالي، ومن المقرر أن يلتقي وزراء خارجية التكتل لتوقيع الخطط عندما يلتقون في لوكسمبورغ يوم الاثنين المقبل.

جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

وفي سياق متصل، يجتمع مسؤولون كبار أمريكيون وآخرون من الاتحاد الأوروبي، مطلع الأسبوع المقبل مع دبلوماسيين، من العديد من الدول، فيما يسمى بجنوب العالم، في مسعى لإشراك دول رئيسية، ظلت حيادية في الغالب، في وجه الحرب الروسية في أوكرانيا. وسيجمع هذا الاجتماع بين كبار المسؤولين الأمنيين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى دعمت أوكرانيا منذ الاجتياح الروسي في فبراير (شباط) 2022. ومن بين المدعوين تظهر أيضاً دول لم تندد بالغزو، حسبما أضاف المصدر من دون تأكيد أي دول.

ومن المتوقع أن يضم الاجتماع، الذي سيُعقد في الدنمارك، مبعوثين من جنوب أفريقيا والبرازيل والهند، بالإضافة إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين ومسؤول أوكراني كبير، طبقاً لمصادر مطلعة، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء اليوم (الجمعة). ولم تؤكد الصين بعد ما إذا كانت ستحضر أم لا ولم يتم الانتهاء من قائمة طويلة من المشاركين، طبقاً لأحد المصادر. وسيتم تمثيل البرازيل من قِبل كبير المستشارين الدبلوماسيين للرئيس، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، طبقاً للمصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها بسبب سرية الخطط.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لايين (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن يكون للاجتماع، الذي أشارت إليه أولاً صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية جدول أعمال رسمي، فإن واحداً من الأهداف الرئيسية للاجتماع سيكون بحث صيغة السلام للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي وجهوده لعقد قمة عالمية حول اقتراحاته. وقال المصدر: إنّ اجتماع كوبنهاغن، الذي لم يكن قد أُعلن عنه بعد، يهدف إلى مناقشة سبل تحقيق «سلام عادل ودائم»، مؤكداً المعلومات الواردة في صحيفة «فاينانشيال تايمز» بهذا الشأن. ووفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، طلبت كييف من واشنطن تشجيع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وكذلك الصين وتركيا العضو في «الناتو» والتي تحافظ على علاقات جيدة مع موسكو، على المشاركة في اجتماع كوبنهاغن.

وقال المسؤول الغربي لوكالة الصحافة الفرنسية: إنّ المناقشات في الدنمارك ستبقى غير رسمية ولن يصدر عنها بيان رسمي. ووفق المصدر ذاته، فإنّ هذه المناقشات ستُعقد خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد زيارة دولة يقوم بها رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي إلى واشنطن التي تحاول عزل موسكو منذ الاجتياح الروسي لأوكرانيا. وتسعى كييف إلى الحصول على مزيد من الدعم في هجومها المضاد الذي بدأ أوائل يونيو (حزيران)، والذي حقّق مكاسب متواضعة حتى الآن.


مقالات ذات صلة

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

أوروبا صورة أرشيفية لترمب وستولتنبرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستدخل الحرب ضد أوكرانيا "قريبا" وكييف كرانيا تطالب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ روسيا

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير

إيلي يوسف (واشنطن)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
TT

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع على جبهات القتال لا تميل لمصلحة أوكرانيا. وفي تقييم للوضع الميداني قالت الاستخبارات البريطانية العسكرية إن خط المواجهة كان أكثر «اضطراباً» من أي وقت مضى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، في تعبير ملطف عمّا تعانيه قوات كييف، على الرغم من كونها من المدافعين عنها.

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أقرّ مصدر رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة الأوكرانية (الجمعة) بأن القوات الروسية تتقدَّم مسافة بين «200 و300 متر يومياً» قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريباً. وفي علامة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي (الجمعة) سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتحتوي هذه المنطقة خصوصاً على رواسب كبيرة من الليثيوم.

واليوم (السبت) أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أنه يتوقع أن يبدأ الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا، المشارَكة الفعلية في القتال قريباً، ضد القوات الأوكرانية، خصوصاً في منطقة كروسك الروسية.

تصعيد مدروس أو متهور؟

وأتت تلك التحذيرات بعد الضجة التي أحدثتها روسيا، جراء الضربة «المدروسة» تداعياتها بدقة، التي نفَّذتها بصاروخ تجريبي فرط صوتي، أرادت من خلالها توجيه رسائل متعددة الاتجاهات. وشهد الأسبوع الماضي، تغييراً جذرياً للصراع في أوكرانيا، خلال سعي طرفَي النزاع المحموم للاستعداد لعودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للسلطة.

وخلال هذا الأسبوع، تقاذفت واشنطن وموسكو المسؤولية عن التصعيد. وقالت إدارة بايدن إن سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» لضرب العمق الروسي، جاء رداً على استقدام نحو 11 ألف جندي كوري شمالي، حيث ترجح تقييمات استخباراتية أميركية وكورية جنوبية، أن يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

في المقابل، قالت موسكو إن ضربتها الصاروخية، كانت رداً على السماح باستهداف أراضيها بالصواريخ الغربية. وفي حين وصف كل من الجانبين الآخر بأنه «متهور»، يخشى البعض من أن يتحوَّل هذا التصعيد بسرعة إلى حرب. فواشنطن تحاول بشكل يائس تغيير الوضع الميداني المتراجع لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، قبل مغادرة بايدن الرئاسة. وروسيا تتجه نحو مسارات أكثر خطورة لاستعادة قيمة الردع التي فقدتها في السنوات الثلاث الماضية. ورغم أن الطرفين لن ينخرطا في صراع مباشر، بدليل حرص موسكو على إبلاغ واشنطن قبل 30 دقيقة عن ضربتها الصاروخية، فإنهما سينخرطان بشكل أوسع في المواجهة التي أصبحت «عالمية» في أوكرانيا.

وطلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن أن «وزير الدفاع الأوكراني تَواصَل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة».

دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهَّزة «بأكثر الأسلحة تدميراً في العالم»، التي «تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية».

مشاركة جنود بيونغ يانغ

ويقدِّر وزير الدفاع الأميركي وجود نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي الآن في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقَّع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة إلى القوات الكورية الشمالية.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

وذكر أوستن أنه «لم يرَ أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن، على الرغم من صدور تقارير أوكرانية، أشارت إلى مقتل عدد منهم في ضربة نفَّذتها كييف بصواريخ «أتاكمز» أخيراً في بريانسك.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية، هذا الأسبوع، إن موسكو تُقدِّم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات، ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجود قوات كورية شمالية، وبدلاً من ذلك انتقد الغرب بسبب دعمه لأوكرانيا. وقالت كوريا الشمالية، الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

وفي حين يعجل فريق الرئيس ترمب الحديث عن المفاوضات، كانت الأوضاع على جبهات القتال قاتمةً في كل مكان في أوكرانيا. فالقوات الروسية تواصل الضغط على القوات الأوكرانية في منطقة كورسك لإخراجها منها، وتتقدم جنوب خاركيف، بالقرب من مدينة كوبيانسك. وتتعرَّض خطوط الإمداد للخطر حول منطقة دونباس الشرقية، في حين جنوب زابوريجيا تحت ضغط أكبر، بحسب تقييمات عسكرية في واشنطن.

التأثير على ترمب

ورغم وصف المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي، الصاروخ الروسي «أوريشنيك» بأنه «متوسط ​​المدى وتجريبي»، في تعليقات بدت كأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، فإنها كانت تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو، يعود إلى عام 2019، خلال رئاسة ترمب الأولى. في ذلك العام، انسحب ترمب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، التي كانت تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهماً روسيا بانتهاكها.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ «متوسط المدى»، الذي بدا قادراً على حمل أسلحة نووية، ربما يكون إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج تلك المعاهدة التي انتهت صلاحيتها الآن. لكنه ربما كان أيضاً بمثابة إشارة إلى ترمب، بأن موسكو لا تزال منخرطة في تصنيع تلك الأسلحة التي اتهمها بتطويرها خلال ولايته الأولى.

لقاء روته بترمب

وأشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن لقاء الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس ترمب، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، كانت على رأسه، مناقشاتهما الوضع في أوكرانيا. وقالت فرح دخل الله، الناطقة باسم «الناتو»، اليوم (السبت) في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وطبقاً لمعلومات من مصادر داخل الحلف، ناقش الجانبان الاجتياح الروسي المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى قضية الإنفاق الدفاعي لأعضاء «الناتو»، بين قضايا أخرى.

كما اجتمع روته وفريقه أيضاً مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، وأعضاء آخرين بفريق الأمن القومي للرئيس المنتخب، حسب بيان «الناتو».

وكان روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق، أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية. وتولى روته منصب الأمين العام للناتو في أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المقرر أن يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل (الثلاثاء)؛ لبحث الوضع. وتقول كييف إنها تتوقَّع قرارات «ملموسة» من حلفائها.

واختار ترمب، يوم الأربعاء، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي. وأوضح ترمب في بيان أن ويتاكر «محارب قوي، ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار». غير أن اختياره ويتاكر ممثلاً لدى «الناتو»، عُدَّ اختياراً غير اعتيادي، نظراً لخلفيته بصفته محامياً، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن ترمب، يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال فترة رئاسته الأولى من 2017 إلى 2021، مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى ألمانيا، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً لتلك المصادر. وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك.