قدمت الولايات المتحدة «دعماً مبدئياً» لخطة من شأنها إزالة الحواجز أمام انضمام أوكرانيا إلى حلف «الناتو»، من دون تحديد جدول زمني لقبولها. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن المسؤولين الأميركيين يأملون من هذه الخطوة المتواضعة، سد الانقسامات بين الدول الأعضاء حول مسار انضمام كييف للحلف. وقال مسؤول أميركي كبير إن إدارة الرئيس جو بايدن «مرتاحة» لاقتراح من أمين عام الحلف، ينس ستولتنبرغ، من شأنه أن يسمح لأوكرانيا بالتخلي عن عملية «ترشيح رسمية» كانت مطلوبة من بعض الدول، وهي خطوة يمكن أن تسرع دخول كييف لـ«الناتو».
وفي حال وافقت الدول الـ31 أعضاء الحلف، على هذا الاقتراح، خلال اجتماعهم المقبل في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، الشهر المقبل، فإن ذلك سيتوج مطالب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بسرعة انضمام أوكرانيا للحلف. وبموجب الخطة، سيعلن «الناتو» أن أوكرانيا يمكنها الالتفاف على خطة عمل «عضوية الحلف»، وهي عملية تتلقى فيها الدول المرشحة التقييمات والمشورة أثناء اتخاذ خطوات للوفاء بمعايير «الناتو» بشأن الدفاع والمسائل الأخرى. ومن شأن ذلك أن يضع أوكرانيا في فئة «العضو الجديد»، لكن الاقتراح لا يزال يتطلب من كييف إجراء إصلاحات.
وقال مسؤولون أميركيون إن الاقتراح يتجاوز المسار المعتاد للدول المشاركة في قبول عضوية دولة جديدة، وسط خشية البعض أن تؤدي عضوية أوكرانيا إلى تكثيف المواجهة بين الغرب وروسيا. وبينما امتنع مسؤول أميركي كبير عن تسمية تلك الدول، حثّ مسؤولون من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة على توخي الحذر في الماضي. وأكد أن المشاورات جارية لمعرفة ما إذا كان هناك دعم أوسع للخطة. ويقول المسؤولون، إن وزراء خارجية الحلف أعربوا في اجتماعهم الأخير في النرويج بحضور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عن دعمهم لفعل ما هو أكثر من تكرار الوعود الغامضة بشأن العضوية التي قدمها «الناتو» لأول مرة لأوكرانيا عام 2008.
ووصلت المحادثات حول مسار انضمام أوكرانيا إلى «الناتو»، إلى ذروتها مع تكثيف التكهنات حول القيادة المستقبلية للحلف، حيث تسعى إدارة بايدن إلى تجنب ما يمكن أن يكون مأزقاً مزعجاً، بشأن اختيار بديل لستولتنبرغ في هذا الوقت. وطلب الرئيس الأميركي جو بايدن من ستولتنبرغ البقاء في منصبه لعام آخر، حسبما ذكرت وسيلتا إعلام في النرويج الجمعة. وتم تعيين ستولتنبرغ في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2014 لولاية مدتها أربع سنوات، وتولى منصبه لولايتين وتم تمديد بقائه حتى 30 سبتمبر (أيلول) 2023. وتبحث الدول الأعضاء الـ31 في الحلف عن خلف له لكنها لم تتوصل إلى توافق على مرشح. وأوردت هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة النرويجية «إن آر كي» وصحيفة «داينز نيرينغسليف» نقلاً عن مصادر لم تسمياها، أن تعذر إيجاد بديل يقود إلى تمديد ولاية ستولتنبرغ حتى القمة المقررة في واشنطن العام المقبل، التي ستصادف الذكرى الـ75 لتأسيس التحالف.
وقالت الصحيفة: «الحرب في أوكرانيا وعضوية السويد غير المحسومة (في الناتو) حجتان قويتان لعدم تغيير الأمين العام حالياً».
وأكدت وسيلتا الإعلام أن بايدن طلب خلال اجتماع في البيت الأبيض هذا الأسبوع أن يظل ستولتنبرغ في منصبه، وهو أمر كان قد رفضه الأمين العام للحلف في فبراير (شباط) وفق «داينز نيرينغسليف». وأضافت الصحيفة: «كانت أقوى دولة في الحلف أكثر وضوحاً: هذه المرة، لن يقبل الرئيس الأميركي بالرفض إجابة».
لطالما أدلى ينس ستولتنبرغ بإجابة غامضة لا تغلق الباب بالكامل أمام تمديد ولايته. وكرر المسؤول، الجمعة، في بروكسل بعد اجتماع لوزراء دفاع الدول: «ليس لديّ أي نية للسعي إلى تمديد». وتؤكد هذه المعلومات تصريحات مسؤولين في الحلف تفيد بأن «الناتو» يتجه نحو تمديد ولاية النرويجي.
ومن بين المرشحين الأوفر حظاً لخلافته رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن، وهي خارج السباق في هذه المرحلة لكنها قد تتولى المسؤولية العام المقبل، وفق «داينز نيرينغسليف».
وفي سياق متصل، يسعى حلف شمال الأطلسي (الناتو) حالياً إلى تحسين وسائل حماية خطوط الأنابيب وكابلات البيانات البحرية، خوفاً من شن هجمات روسية محتملة. وقال ستولتنبرغ، الجمعة، إن وزراء دفاع الدول الأعضاء وافقوا على خطط لإنشاء «مركز بحري لأمن البنى التحتية الحيوية الموجودة تحت الماء»، وذلك في اجتماعهم المنعقد في بروكسل. ومن المقرر أن يتم إنشاء هذا المركز في المقر البحري لحلف «الناتو» في منطقة «نورثوود» قرب العاصمة البريطانية لندن، ومن بين أمور أخرى سيتم إنشاء نظام مراقبة جديد. وسيكون هذا المركز مسؤولاً عن أجزاء من المحيط الأطلسي، وكذلك عن مناطق في بحر الشمال وبحر البلطيق والبحر المتوسط والبحر الأسود.
ووفقاً للجنرال الألماني السابق، هانز فيرنر فيرمان فإن هذه الخطة تعود إلى معلومات تفيد بأن سفناً روسية رسمت خريطة للبنى التحتية الحيوية في منطقة نفوذ الحلف. وأعرب فيرمان عن قلقه من مهاجمة روسيا للكابلات البحرية لشل الحياة العامة، إلا أنه لم يذكر موعداً لتولي الفريق الجديد مهام عمله.
يشار إلى أن الجهود المبذولة لحماية البنى التحتية جاءت كرد فعل على أعمال التخريب المزعومة التي استهدفت خطي أنابيب الغاز الطبيعي «نورد ستريم 1» و«نورد ستريم 2» ولا يزال المسؤول عن تلك الأعمال غير معروف.
وتشير عمليات التتبع إلى احتمال أن يكون الجناة من أوكرانيا. ولكن حسبما أفاد خبراء، فإنه من الممكن أن يكون التخريب أيضاً عملية تمت تحت علم زائف من قبل روسيا.
في غضون ذلك، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إن جمهوريات البلطيق، إلى جانب المملكة المتحدة وكندا وألمانيا، تخطط لإجراء تدريب عسكري رئيسي في الجناح الشرقي لحلف «الناتو». وفي حديثه خلال مؤتمر لوزراء الدفاع في «الناتو»، قال الوزير الألماني إن التدريبات ستركز على الحركة السريعة للقوات وتحسين التنسيق بين ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا والدول الأعضاء الثلاث الكبرى في «الناتو»، التي لها قوات متمركزة في منطقة البلطيق. ولم يحدد الوزير موعداً للتدريبات، قائلاً إنها يمكن أن تُجرى قبل بداية عام 2025.