وأخيراً... اتفاق أوروبي حول ميثاق الهجرة

رئيسة المفوضية وصفته بالتاريخي والمجر وبولندا عدّتاه «عقاباً»

زورق صيد يساعد مركباً خشبياً يحمل لاجئين في المياه الإسبانية الخميس (رويترز)
زورق صيد يساعد مركباً خشبياً يحمل لاجئين في المياه الإسبانية الخميس (رويترز)
TT

وأخيراً... اتفاق أوروبي حول ميثاق الهجرة

زورق صيد يساعد مركباً خشبياً يحمل لاجئين في المياه الإسبانية الخميس (رويترز)
زورق صيد يساعد مركباً خشبياً يحمل لاجئين في المياه الإسبانية الخميس (رويترز)

بعد سنوات من التعثّر والخلافات التي تسببت في أزمات عدة بين الدول الأعضاء، توصّل الاتحاد الأوروبي، مساء الخميس، إلى اتفاق، وصفته مصادر المفوضية بأنه بالغ الأهمية، يرفع سقف شروط طلب لجوء المهاجرين، لكنه يفرض توزيع جزء من طالبي اللجوء على جميع بلدان الاتحاد. وهو الأمر الذي كان حتى الآن الحائل الأساسي أمام التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، الذي قالت رئيسة المفوضية إنه خطوة تاريخية على طريق تحديد الإطار العام لميثاق الهجرة واللجوء على الأراضي الأوروبية.

وجاء في البيان الذي صدر عن المجلس الأوروبي إن هذا الاتفاق الذي يقوم على مبدأ «التضامن الإلزامي والمرن»، يلزم جميع الدول الأعضاء المساهمة في إدارة ملف الهجرة، بحيث يتمّ توزيع 30 ألفاً من طالبي اللجوء على بلدان الاتحاد، وفقاً لعدد سكانها وإجمالي ناتجها المحلي.

ويفرض الاتفاق على الدول التي تمتنع عن استقبال اللاجئين سداد مبلغ 20 ألف يورو عن كل لاجئ ترفض استقباله، وذلك بهدف تمويل صندوق بقيمة 600 مليون يورو سنوياً لمساعدة المهاجرين والدول التي تستقبلهم.

وشهدت الساعات الأخيرة من اجتماعات المجلس الأوروبي مناقشات حامية بسبب الاعتراض الشديد من المجر وبولندا على البنود الإلزامية في النص النهائي للاتفاق، الذي يلحظ أيضاً مجموعة من التدابير غير المسبوقة لطرد طالبي اللجوء الذين ترفض طلباتهم إلى بلدان غير التي ينتمون إليها.

وقالت وزيرة الهجرة السويدية ماريّا مالمير ستينيرغراد، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد، إن الاتفاق يقوم على التوازن بين التضامن والمسؤولية، ويهدف إلى معالجة مشتركة لواحد من أهم الملفات الأوروبية وأكثرها حساسية.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، إنه على الرغم من تراجع عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدان الاتحاد من 1.4 مليون في عام 2015 إلى 180 ألفاً في العام الفائت، إلا أنه لا بد من إطار قانوني مشترك يضبط تدفقات الهجرة ويحدّ منها.

رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون در لاين، في بروكسل الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

لكن على الرغم من أهمية هذا الاتفاق، الذي يفرض مجموعة من التدابير الإلزامية التي تعذّر التوصل إليها في السنوات الماضية، إلا أنه لم يحسم بعد الملف الثالث المتبقي من ميثاق الهجرة، وهو إدارة الأزمة التي نشأت في عام 2021 عندما انهارت سياسات الهجرة الأوروبية في أعقاب التدفقات التي تعاقبت على بلدان الاتحاد، وشكّلت التربة الخصبة التي نمت فيها الأحزاب اليمينية المتطرفة.

ويهدف الاتفاق الجديد الذي ينظّم شروط طلب اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي ومعاييره، إلى تشديد تدابير إدارة تدفقات الهجرة على الحدود الخارجية، ويحدد فترات أقصر لمعالجة الطلبات وإصدار القرارات النهائية بشأنها.

لكن أبرز بنوده هو توزيع الأعباء على الدول الأعضاء، والاتجاه نحو نظام لجوء أكثر إنصافاً وفاعلية وتضامناً، كما قال وزير الداخلية الإسباني فرناندو مارلاسكا. وكانت الرئاسة السويدية للاتحاد أصرّت، منذ بداية اجتماعات المجلس، على تمرير الاتفاق بأغلبية الأصوات التي تتيحها قواعد المجالس الوزارية، وذلك منعاً لوصوله إلى طاولة رؤساء الدول والحكومات، في قمة نهاية الشهر الحالي، حيث تتعذر الموافقة عليه سوى بإجماع الدول الأعضاء، وحيث من المؤكد أن تعترض عليه المجر وبولندا.

وفي الأسابيع الماضية، كانت إيطاليا هي التي تمسك بمفتاح المفاوضات، إذ إن الحكومة اليمينية المتطرفة التي ترأسها جيورجيا ميلوني، زعيمة حزب «إخوان إيطاليا»، تدرك أنها لن تكون قادرة على تسويق اتفاق لا يرفع سقف شروط اللجوء ويفرض توزيع المهاجرين غير الشرعيين على الدول الأعضاء، خصوصاً بعد أن وصل عدد الذين وصلوا إلى شواطئها منذ بداية هذا العام إلى 27 ألفاً، وفقاً لبيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

يضاف إلى ذلك أن أي اتفاق لا يحظى بموافقة الحكومة الإيطالية، واستعدادها للتعاون، يبقى محكوماً بالفشل ومصدراً لمزيد من الخلافات والتوتر بين الدول الأعضاء.

وقد حصلت إيطاليا على بعض التنازلات التي كانت تطالب بها، مثل خفض حصص استقبال المهاجرين غير الشرعيين، وتقصير مدة الالتزام بالعناية بهم على أراضيها وتحديدها بسنتين، بعد أن كانت دول أخرى مثل ألمانيا وهولندا والدنمارك تطالب بأن تكون 3 سنوات.

وكانت المجر وبولندا اعترضتا بشدة على نص الاتفاق الذي وصفه وزير الداخلية البولندي بارتوز غرودشكي، بأنه «ليس تضامناً، بل هو عقاب وحزمة من الغرامات، لن يساعد على معالجة ملف الهجرة ويشكّل خطوة إلى الوراء ويزرع ألغاماً على طريق العلاقات بين الدول الأعضاء».

وأكد رئيس الوزراء المجري القومي، فيكتور أوربان، الجمعة، أن الاتفاق «غير مقبول». وكتب المتحدث باسم الحكومة المجرية، زولتان كوفاكس، في رسالة نشرت على «تويتر»: «بروكسل تستغل سلطتها». وأضاف أن الأوروبيين «يريدون (نقل) المهاجرين إلى المجر بالقوة. هذا غير مقبول».


مقالات ذات صلة

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)
شمال افريقيا الدبيبة في موقع انهيار البناية في جنزور غرب طرابلس (حكومة «الوحدة»)

مقتل 7 مهاجرين في انهيار بناية غرب العاصمة الليبية

قال الهلال الأحمر الليبي، إن فرق الإنقاذ التابعة له تواصل جهودها المكثفة للبحث عن ناجين تحت الأنقاض، بعد سقوط عقار في مدينة جنزور غرب طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج خلال مشاركته في طاولة مستديرة في جامعة بنغازي عن الهجرة (وزارة الخارجية بحكومة حمّاد)

ليبيا ترفض أن تكون «شرطياً لأوروبا» لصد تدفقات «المهاجرين»

دعت وزارة الخارجية في حكومة شرق ليبيا الدول المطلة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط إلى ضرورة التعاون لحل أزمة تدفقات المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال افتتاح مؤتمر «الجمعية العامة للإنتربول» في غلاسكو ببريطانيا يوم 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء البريطاني يطالب العالم باليقظة لمواجهة مهربي البشر

قال رئيس الوزراء البريطاني إن عصابات تهريب البشر، الذين يرسلون المهاجرين عبر القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة، يشكلون تهديداً للأمن العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)
ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)
TT

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)
ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

في تحقيق قاد إلى اكتشاف إحدى كبرى فضائح المخدرات في إسبانيا، اعتقلت السلطات الإسبانية أوسكار سانشيز جيل، الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

ألقت الشرطة القبض على جيل الأسبوع الماضي كجزء من تحقيق واسع في أكبر ضبطية كوكايين في تاريخ البلاد، حيث صادرت السلطات الإسبانية 13 طناً من الكوكايين مخبأة بين شحنات موز قادمة من الإكوادور. وتورط في الاعتقال أيضاً 15 شخصاً، من بينهم شريكته التي تعمل ضابطة شرطة في مدريد.

تمت مداهمة منزل جيل في بلدة ألكالا دي هيناريس، حيث عثرت الشرطة على النقود موزعة في جدران وأسقف المنزل، إضافةً إلى مليون يورو إضافي مخبَّأ في مكتبه، وفقاً لمصادر الشرطة. وقد وُجهت إلى الزوجين تهم تتعلق بتهريب المخدرات وغسل الأموال والانتماء إلى منظمة إجرامية.

وتشير التحقيقات إلى أن جيل، الذي كان يشغل منصباً رفيعاً في مكافحة الاحتيال، قد استغل منصبه لتمرير معلومات للتجار حول عمليات التفتيش الجمركية، مما سهَّل وصول المخدرات إلى إسبانيا على مدى خمس سنوات، وفقاً لتقارير إعلامية.

هذا الكشف المفاجئ، الذي وصفت وسائل الإعلام الإسبانية تفاصيله بأنه يشبه قضايا تهريب المخدرات الكبرى مثل قضية بارون المخدرات الشهير بابلو إسكوبار، أثار جدلاً واسعاً في البلاد. كما يسلط الضوء على ازدياد نشاط شبكات المخدرات في إسبانيا، التي تعد إحدى نقاط الدخول الرئيسية للمخدرات إلى أوروبا.