كييف: تدمير سد نوفا كاخوفكا يتسبب في أسوأ كارثة بيئية منذ حادثة تشيرنوبل

فرار قرويين من فيضانات بعد انهيار السد

TT

كييف: تدمير سد نوفا كاخوفكا يتسبب في أسوأ كارثة بيئية منذ حادثة تشيرنوبل

غرق الشوارع في مدينة خيرسون الأوكرانية بعد انفجار سد نوفا كاخوفكا (أ.ب)
غرق الشوارع في مدينة خيرسون الأوكرانية بعد انفجار سد نوفا كاخوفكا (أ.ب)

عد مسؤول أوكراني حادث تدمير سد نوفا كاخوفكا الضخم الواقع في الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا من منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا، أمس (الثلاثاء)، «أسوأ كارثة بيئية في أوروبا منذ تشيرنوبل».

ووصف نائب وزير الخارجية الأوكراني أندريه ميلنيك حادث سد نوفا كاخوفكا بأنه «أسوأ كارثة بيئية في أوروبا منذ تشيرنوبل»، مضيفا أن تأثيرات تفجير السد واسعة النطاق، من تشريد الناس إلى إغراق الحيوانات وتلويث البيئة، حسبما نقلت صحيفة «بولتيكو» الأميركية.

وفي سياق متصل، عد رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال اليوم (الأربعاء) أن روسيا تسببت «بإحدى أسوأ الكوارث البيئية في العقود الأخيرة» بعد تفجير السد. وقال في خطاب ألقاه عن بعد أثناء فعالية نظمتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي: «ستجد العشرات من البلدات والقرى نفسها تواجه مشكلات في مياه الشرب والوصول إلى إمدادات مياه الري»، واصفا الفعل الذي تنسب كييف مسؤوليته إلى روسيا بأنه «جريمة ضد الإنسانية» و«إبادة بيئية».

وقال وزير البيئة الأوكراني روسلان ستريليتس في بروكسل: «نحن نعلم الآن أنه تم إطلاق 600 طن أو حتى 800 طن من النفط في المياه». وتابع: «هذا التسرب النفطي سينجرف إلى نهر دنيبرو، وأنا متأكد أنه سيكون في البحر الأسود».

وفي خطابه الليلي الذي نُشر في وقت مبكر من يوم الأربعاء، أطلق زيلينسكي على الهجوم اسم «الإبادة البيئية»، قائلاً: «تشكل بقعة نفطية لا تقل عن 150 طناً ونقلها التيار إلى البحر الأسود. لا يمكننا حتى الآن التنبؤ بكمية المواد الكيماوية والأسمدة وستنتهي منتجات النفط المخزنة في المناطق التي غمرتها الفيضانات في الأنهار والبحر».

وأعلنت روسيا أمس (الثلاثاء)، أن سد نوفا كاخوفكا الهائل للطاقة الكهرومائية والواقع في الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا من منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا تدمر، وأن المياه غمرت المنطقة. وتتهم أوكرانيا روسيا بتفجير السد من الداخل في جريمة حرب متعمدة. وقال رئيس بلدية نوفا كاخوفكا المعين من جانب موسكو إن الجزء العلوي من السد تدمر نتيجة قصف.

وتسيطر روسيا على السد في 24 فبراير (شباط) 2022، في اليوم الأول من غزوها الشامل لأوكرانيا، فيما وجه الكرملين أصابع الاتهام إلى أوكرانيا، لكنه لم يقدم أي دليل.

وذكر مسؤولون عينتهم روسيا روايات متضاربة عن الحدث، وأرجع بعضهم السبب للقصف الأوكراني، بينما قال آخرون إن السد انهار من تلقاء نفسه. ولم يقدم أي من الجانبين دليلا علنيا بعد يثبت اتهامه. وتحظر اتفاقيات جنيف صراحة استهداف السدود في الحرب لخطره على المدنيين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

غرق الشوارع في مدينة خيرسون الأوكرانية بعد انفجار سد نوفا كاخوفكا (أ.ب)

وينذر تدمير السد بأزمة إنسانية جديدة وسط منطقة الحرب ويتسبب في تحول جبهات القتال بينما تستعد أوكرانيا لشن هجوم مضاد طال انتظاره لطرد القوات الروسية من أراضيها.

وأدت الكارثة التي وقعت في وقت مبكر من يوم أمس (الثلاثاء) عندما دمرت انفجارات سد نوفا كاخوفكا في جنوب أوكرانيا إلى تجفيف أحد أكبر الخزانات في القارة. وأجبر الانفجار على إجلاء آلاف الأشخاص في اتجاه مجرى النهر، وتلوثت الأراضي، ودمرت مولدا كبيرا للكهرباء، وستتسبب في مشكلات مستقبلية في إمدادات المياه.

تحذيرات سابقة

ولطالما حذرت أوكرانيا من الخطر. ففي أكتوبر (تشرين الأول)، دعا الرئيس زيلينسكي الغرب إلى الضغط على روسيا لعدم تفجير السد، الذي قال إنه تم تزويده بالمتفجرات. وقال: «تدمير السد يعني كارثة واسعة النطاق».

خريطة توضح موقع السد وموقع محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا (بولتيكو)

وكتب زيلينسكي على تطبيق تيليغرام: «الإرهابيون الروس. تدمير سد كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية يؤكد فقط للعالم بأسره أنه يجب طردهم من كل ركن من أركان الأراضي الأوكرانية». وأضاف أن الروس «نفذوا تفجيرا داخليا لبنية» السد، مشيرا إلى أن المياه غمرت نحو 80 منطقة سكنية في المنطقة.

لكن بينما يوجد المراقبون الدوليون في زابوروجيا، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، لم يكن هذا هو الحال مع سد نوفا كاخوفكا. وشهد السد شهورا من القتال، حيث دفعت أوكرانيا القوات الروسية للتراجع فوق نهر دنيبرو العام الماضي، وهو الآن يقع على خط المواجهة بين الجيشين.

كارثة إنسانية

وقال حاكم منطقة خيرسون الأوكرانية إن القوات الروسية قصفت المنطقة عدة مرات خلال اليوم المنصرم ما أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة آخر. وقال الحاكم أولكسندر بروكودين عبر تطبيق تيليغرام إن القصف شمل مدينة خيرسون.

مواطن يمر في مياه غمرت الأرض بأحد شوارع مدينة خيرسون الأوكرانية (أ.ف.ب)

وأشار بروكودين إلى أنه قد بدأت عملية إجلاء المواطنين من المناطق الخطيرة، المعرضة لخطر الفيضان بعد تفجير السد، وقال: «بدأت عملية إجلاء السكان من المناطق الخطيرة. جميع الخدمات مستمرة في العمل. خدمات الطوارئ ورجال الشرطة والجيش موجودون. من فضلكم اصطحبوا معكم الوثائق والأغراض الأساسية وانتظروا حافلات الإجلاء».

وأوضح بروكودين أن منسوب المياه سوف يصل لمستوى حرج خلال خمس ساعات. ويعقد الرئيس الأوكراني اجتماعا طارئا مع مجلس الدفاع والأمن القومي بشأن تفجير السد.

منازل غمرتها المياه

وقالت ليديا زوبوفا (67 عاما) التي كانت تنتظر خروج قطار من المدينة بعد مغادرتها قريتها انتونيفكا التي غمرتها المياه: «غمرت المياه مدرستنا المحلية وملعبنا في وسط المدينة... غمرت المياه الطريق بالكامل وتعطلت حافلتنا».

وقالت يفينيا، وهي من السكان لوكالة «رويترز» للأنباء إن المياه كانت مرتفعة في الشارع الرئيسي الذي كان يسير فيه جنود روس بأحذية مطاطية عالية. وأضافت: «إذا حاولت الذهاب إلى مكان لا يسمحون به، فإنهم يوجهون بنادقهم الآلية إليك على الفور... يتدفق مزيد من المياه كل ساعة».

وعلى ضفة نهر دنيبرو التي تسيطر عليها روسيا، قال رئيس بلدية نوفا كاخوفكا إن منسوب المياه ارتفع إلى 11 مترا.

وقال سكان إن بعضهم قرر البقاء على الرغم من أن المحتلين الروس أمروا بالخروج. وقال رجل يدعى هليب عن المواجهات مع القوات الروسية: «يقولون إنهم مستعدون لإطلاق النار دون سابق إنذار. إذا اقتربت بمقدار متر واحد مما هو مسموح به، فإنهم يبدأون على الفور بالسباب. ما زال غير مسموح لنا بالذهاب إلى المتجر، لكننا لا نعرف الأوامر التي ستصدر بعد ذلك».

وكتب أحد الأشخاص على صفحة حديقة حيوان كازكوفا ديبروفا على «فيسبوك» يقول إن الحديقة الواقعة على ضفة النهر التي تسيطر عليها روسيا غمرتها المياه بالكامل وإن جميع الحيوانات البالغ عددها 300 قد نفقت.

رجل أمن أوكراني يساعد مواطنين خلال عملية الإجلاء جراء انفجار السد (أ.ف.ب)

وقال مسؤول إقليمي عينته روسيا اليوم الثلاثاء إن بلدة أوليشكي الصغيرة الواقعة على ضفة نهر دنيبرو التي تسيطر عليها روسيا غمرتها المياه بالكامل تقريبا، فيما قال أندريه أليكسينكو، رئيس الحكومة التي عينتها لمنطقة خيرسون الأوكرانية، على تيليغرام: «الإخلاء... لا يمكن تنفيذه إلا باستخدام معدات خاصة».

ويمد سد نوفا كاخوفكا شبه جزيرة القرم ومحطة زابوريجيا للطاقة النووية بالمياه، وتخضع كلتاهما لسيطرة روسيا، والخزان الضخم خلف السد ممتد بطول 240 كيلومترا وعرض 23 كيلومترا. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن محطة زابوريجيا للطاقة النووية، والواقعة على الضفة التي تسيطر عليها روسيا من نهر دنيبرو، سيكون لديها ما يكفي من الماء لتبريد مفاعلاتها «لبضعة أشهر» من بركة منفصلة.


مقالات ذات صلة

أوروبا رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)

رئيس بيلاروسيا يعفو عن 37 سجيناً أُدينوا بـ«التطرف»

أصدر رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو، الاثنين، عفواً عن 37 شخصاً سُجنوا بتهمة «التطرف»، حسبما أعلنت الرئاسة، وهو مصطلح يستخدم عادة لوصف المعارضين.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا يقف جندي روسي بجوار مركبة عسكرية أوكرانية متضررة في منطقة الحدود الروسية الأوكرانية في منطقة كورسك (أ.ب)

روسيا تأمر بإخلاء قرى على الحدود مع أوكرانيا في منطقة كورسك

أمر حاكم منطقة كورسك الروسية التي تشهد هجوماً أوكرانياً منذ مطلع أغسطس (آب)، الاثنين، السكان بإخلاء القرى الواقعة على مسافة أقل من 15 كيلومتراً من أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 16 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بوتين يأمر بزيادة عديد الجيش الروسي إلى 1.5 مليون جندي

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، بزيادة عدد أفراد الجيش الروسي بواقع 180 ألف جندي ليصل العدد الإجمالي للقوات إلى 1.5 مليون جندي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جندي روسي يقوم بإطلاق قذيفة في منطقة كورسك (أ.ب)

كييف تدعو الأمم المتحدة لزيارة كورسك... وموسكو تندد بـ«استفزاز» أوكراني

قالت أوكرانيا الاثنين إنها طلبت من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر زيارة الجزء الذي تحتله القوات الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو )

رئيس بيلاروسيا يعفو عن 37 سجيناً أُدينوا بـ«التطرف»

رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)
رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)
TT

رئيس بيلاروسيا يعفو عن 37 سجيناً أُدينوا بـ«التطرف»

رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)
رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو (أرشيفية - أ.ب)

أصدر رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو، الاثنين، عفواً عن 37 شخصاً سجنوا بتهمة «التطرف»، حسبما أعلنت الرئاسة، وهو مصطلح يستخدم عادة لوصف المعارضين.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أفادت الرئاسة في بيان بأن من بين السجناء المُعفى عنهم ست نساء وأشخاصاً يعانون مشاكل صحية، من دون الكشف عن هوياتهم. وخلال الشهرين الماضيين أصدرت السلطات في البلاد الحليفة لروسيا، حيث يُقمع أي انتقاد للسلطة، إعفاءات عن أشخاص محتجزين بسبب انتقداهم السلطات.

وأصدر لوكاشنكو في مطلع سبتمبر (أيلول) عفواً عن 30 سجيناً سياسياً، وكان أصدر عفواً عن 30 آخرين في منتصف أغسطس (آب). وفي كل مرة تؤكد الرئاسة البيلاروسية أن هؤلاء المعتقلين تابوا وطلبوا العفو.

وأفادت منظمة «فياسنا» غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، بأنه جرى إطلاق سراح 20 سجيناً سياسياً في يوليو (تموز) في بيلاروسيا بعدما أمضوا مدة عقوبتهم كما أُفرج عن 18 آخرين بعدما «أُعفي عنهم أو كانوا جزءاً من صفقة تبادل».

ووفق أرقام منظمة «فياسنا»، ما زال هناك نحو 1300 شخص مسجون في بيلاروسيا بسبب معارضتهم نظام ألكسندر لوكاشنكو في الجمهورية السوفياتية السابقة التي تعدّ أقل من 10 ملايين نسمة.

وقمع لوكاشنكو الذي يحكم البلاد منذ 30 عاماً والمتحالف مع موسكو، احتجاجات مؤيدة للديمقراطية مرات عدة.

وتخضع بيلاروسيا لعقوبات غربية بسبب ممارسة السلطات قمعاً سياسياً داخلياً ودعمها الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأعلن لوكاشنكو في فبراير (شباط) الماضي نيته الترشح لولاية أخرى العام المقبل.

بعدما اعتبرت المعارضة أن نتائج الانتخابات التي أعادت لوكاشنكو إلى السلطة في أغسطس 2020 مزورة، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص خلال أسابيع مطالبين برحيله في أكبر حركة احتجاجية منذ استقلال بيلاروسيا عام 1991.

وفي وقت لاحق اعتُقل آلاف الأشخاص، وتعرض آخرون للتعذيب، وصدرت أحكام مشددة بحق ناشطين وصحافيين.

وفرّ مئات آلاف المواطنين من القمع في بيلاروسيا، خصوصاً إلى بولندا المجاورة.

وتكرر زعيمة المعارضة البيلاروسية في المنفى سفيتلانا تيخانوفسكايا الإعراب عن قلقها من الحالة الصحية لبعض السجناء السياسيين الذين يواجهون ظروف اعتقال قاسية ويُعزل بعضهم عن العالم.

وهذا هو حال ماريا كوليسنيكوفا، إحدى قادة الاحتجاجات الحاشدة ضد إعادة انتخاب ألكسندر لوكاشنكو في عام 2020، والتي فقدت وفقاً لمقربين منها الكثير من الوزن في السجن وحُرمت من أي اتصال مع العالم الخارجي منذ أكثر من عام ونصف العام.