حرب أوكرانيا قد تصبح أرض اختبار للذكاء الاصطناعي... كيف سيغير القوانين؟

أشخاص يمرون بجانب جدارية تعبر عن الهجوم الروسي على أوكرانيا في وسط ريفنا بأوكرانيا (رويترز)
أشخاص يمرون بجانب جدارية تعبر عن الهجوم الروسي على أوكرانيا في وسط ريفنا بأوكرانيا (رويترز)
TT

حرب أوكرانيا قد تصبح أرض اختبار للذكاء الاصطناعي... كيف سيغير القوانين؟

أشخاص يمرون بجانب جدارية تعبر عن الهجوم الروسي على أوكرانيا في وسط ريفنا بأوكرانيا (رويترز)
أشخاص يمرون بجانب جدارية تعبر عن الهجوم الروسي على أوكرانيا في وسط ريفنا بأوكرانيا (رويترز)

يقول الأدميرال المتقاعد بالبحرية الأميركية جيمس ستافريديس، إن الذكاء الاصطناعي أصبح فجأة في كل مكان. فنحن غارقون في الأفكار حول كيف يمكننا استغلال الذكاء الاصطناعي بصورة منتجة، ابتداء من الزراعة إلى تغير المناخ، والهندسة، إلى وضع البرمجيات.

وبالمثل هناك الكثير من الملاحظات التحذيرية التي يتم تقديمها حول استخدام الذكاء الاصطناعي للسيطرة على المجتمعات، والتلاعب بالاقتصادات، وهزيمة المنافسين التجاريين، وعموماً تحقيق رؤى أرثر سي كلارك، كاتب الخيال العلمي البريطاني، بوجود آلات تسيطر على الإنسان في عام 2001 في فيلم الخيال العلمي «أوديسا الفضاء».

ويضيف ستافريديس، الذي كان قائداً للقيادة العليا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في تحليل نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أنه مع ذلك، لم يُكتب حتى الآن سوى القليل نسبياً عن تداعيات الذكاء الاصطناعي بالنسبة للحرب والجغرافيا السياسية.

أطلق أفراد الخدمة الأوكرانية في لواء المدفعية المنفصل رقم 55 مدفع «هاوتزر» باتجاه القوات الروسية (رويترز)

وللأفضل أو الأسوأ، تتيح تلك المجالات نفسها لمجموعة من السبل التي يمكن فيها للتكنولوجيات الجديدة أن تحطم فجأة النماذج السائدة. فقد تطورت أساليب الحرب حسب تكنولوجيات كل عصر.

فالغواصات، والرادارات والسونار، والأسلحة النووية يمكن أن تغير التوازن العالمي في لحظة. فهل نحن نشهد هذه اللحظة في ظل الذكاء الاصطناعي؟

ووفقاً لستافريديس، وهو الآن عميد كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس، فإنه عندما تم استخدام القنبلة الذرية في اليابان قال العسكريون المتخصصون إن «الحرب تغيّرت للأبد».

ومع ذلك فإن القتال المباشر في أوكرانيا، ووجود القوات الروسية في خنادقها في انتظار هجوم الصيف الأوكراني الموعود، ومعارك المدفعية المستمرة بين الجانبين كلها تبدو بصراحة تنتمي إلى القرن التاسع عشر.

إذن كيف سوف يغير الذكاء الاصطناعي الحرب تماماً؟

أولاً وقبل كل شيء، سيكون الذكاء الاصطناعي أداة قوية في أيدي صانعي القرار على أرض المعركة على كل المستويات. ويتذكر المرء تماماً قيام طراد تابع للبحرية الأميركية بإسقاط طائرة تجارية إيرانية بطريق الخطأ عام 1988، حيث قدر ضابط العمليات التكتيكية في مركز المعلومات القتالية بطريق الخطأ أن الطائرة هي طائرة عسكرية إيرانية معادية.

وراح ضحية الحادث نحو 300 من المدنيين. ولو كان هناك مستشار ذكاء اصطناعي في ذلك الوقت، قادر على تحليل ملايين نقاط البيانات ومقارنة صورة الرادار بعدد غير محدود من السيناريوهات المماثلة، لكان من المؤكد تقريباً أنه سيتم تحديد الطائرة بأنها مدنية. فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يحد من إزهاق الأرواح من دون قصد.

فبوسع الذكاء الاصطناعي أيضاً تقديم معلومات استراتيجية تفصيلية للغاية عن الاستهداف، وأن يوفر لصانع القرار خريطة طريق لاستخدام الأسلحة الدقيقة في أضعف نقاط السلسلة اللوجستية للعدو. كما أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر القدرة على التحكم في مواجهة أسراب ضخمة من الطائرات دون طيار في تشكيلات هجومية متزامنة. ويمكن توجيه هذا النوع من الضغط الميكانيكي محققاً نتائج مميتة بواسطة طائرات مسيرة منخفضة التكاليف تغمر الدفاعات الجوية.

ويشرح ستافريديس أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتوجيه المسيرات في أوكرانيا، على سبيل المثال، يمكن أن يتيح لحكومة كييف زيادة استنزاف إمدادات روسيا المتضائلة من المدرعات، ودفع قواتها لفقدان صواريخ دفاع جوي مهمة. كما يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة قوية في الحرب النفسية والمعلوماتية. فمن الممكن لتزييف مقاطع فيديو تهدف لاستعراض تأثيرات قتال معينة، أن يتسبب في ردود فعل خاطئة من جانب قوات العدو.

ويمكن لأوكرانيا أن تزيد شعور الروس بفشلهم في الحرب من خلال مجموعة كبيرة من الصور الزائفة والروايات الزائفة، والعمليات الافتراضية من إنتاج الذكاء الاصطناعي.

وسوف يكون الذكاء الاصطناعي مفيداً للغاية في الأنشطة الدفاعية في الحرب. فاللوجستيات كما رأينا في الغزو الروسي لأوكرانيا يمكن أن تكون نقطة ضعف الجيوش. وبقيام الذكاء الاصطناعي بتحليل أنماط الصيانة، واقتراح الصيانة الوقائية، وتفكيك سلاسل الإمداد القتالية، وتوفير النصح اللوجستي الفوري، سيكون لدى القادة ميزة كبيرة للغاية على الخصوم الذين تخلفوا في سباق تطوير هذه الأدوات ونشرها.

وأخيراً، يوضح ستافريديس أن القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بهجمات مضادة قد تكون أخطر سماته. فمع مواصلة الجيوش عملياتها القتالية، ولوجستياتها وتهديفها ومخابراتها وكل مظاهر الحرب الحديثة التي يعتبر الإنترنت عمودها الفقري، سوف تكون القدرة على اقتحام الشبكات الإلكترونية للعدو أمراً حيوياً. وحتى ونحن نبحث المكاسب الهائلة للذكاء الاصطناعي بالنسبة لمجتمعاتنا، نحتاج إلى تفهم واضح تماماً لمدى التأثير العميق الذي سيكون على سير الحرب. وهو مدعاة لأن يواصل البنتاغون تنقيح تفهمه وتنفيذه للذكاء الاصطناعي في الحملة الأوكرانية. التي ستكون لها فوائد لعقود مقبلة.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق وسائل إعلام

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي يعلن أنه التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في كييف

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، أنه التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في كييف، في إعلان رسمي نادر عن اجتماع بينهما.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا واجهة مطار قازان الروسي (أرشيفية - ريا نوفوستي)

إعادة تشغيل مطار قازان في روسيا عقب هجوم أوكراني

أعلنت الوكالة الاتحادية للنقل الجوي في روسيا (روسافياتسيا) إعادة فتح مطار مدينة قازان بعد إغلاقه مؤقتاً عقب هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (د.ب.أ)

وزير الدفاع الألماني: لن نرسل جنوداً إلى أوكرانيا ما دامت الحرب لم تنتهِ

لم يستبعد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن تضطلع بلاده بدور عقب وقف محتمل لإطلاق النار في الحرب الروسية على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
TT

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد، استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق وسائل إعلام.

وسُجلت نحو 20 واقعة لأفراد حاولوا بشكل منفصل تفجير عبوات ناسفة صغيرة أو إلقاء ألعاب نارية على المباني منذ الجمعة، لا سيما في موسكو وسان بطرسبرغ وضواحيهما، وفق وكالة «تاس» للأنباء، والموقع المستقل «فونتانكا».

ونقلت «تاس» عن مصدر في الشرطة، لم تكشف هويته، قوله إن محتالين جنّدوا هؤلاء الأشخاص عبر الإنترنت للقيام بهذه الهجمات لقاء المال.

وأظهرت صور التقطتها كاميرات المراقبة في بعض المواقع، وتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، أشخاصاً يصورون بواسطة جوالاتهم المحمولة الحرائق التي يحاولون إشعالها.

وبينت لقطات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تحطم جهاز صراف آلي ونوافذ قريبة بعد هجوم، بينما عرض مقطع فيديو آخر سيارة شرطة مشتعلة.

تم استهداف أجهزة الصراف الآلي التابعة لمصارف حكومية، ومراكز تسوق، ومكاتب بريد، ومراكز تجنيد ومركبات للشرطة، ومبان رسمية أخرى.

وتحدث بنك «سبيربنك» عن زيادة في حوادث الحرائق المتعمدة بنسبة 30 في المائة خلال الأسبوع الماضي، وفق ما نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن مكتبه الإعلامي.

وأشارت وكالة «تاس» إلى أن معظم الموقوفين عقب محاولة الهجوم من المتقاعدين. وأضاف البنك أن المهاجمين تم تجنيدهم من قبل أشخاص في أوكرانيا.

وكانت أجهزة الأمن الروسية قد حذرت من أن محتالين أوكرانيين يتصلون بمسنين ليطلبوا منهم إضرام النار عمداً مقابل المال أو الوصول إلى حسابات محظورة.

ومنذ بدء الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا والإعلان عن التعبئة العسكرية في روسيا في خريف عام 2022 أُبلغ عن عشرات الهجمات أو محاولات الهجوم على مراكز إدارية أو مكاتب تجنيد عسكرية في جميع أنحاء البلاد. وصدرت أحكام سجن مشدّدة ضدّ مشتبه فيهم في إشعال حرائق.