قتيل في روسيا جراء ضربة أوكرانية على مركز للنازحين

قُتل شخص وأصيب اثنان بجروح، الثلاثاء، في قصف أوكراني على مركز للنازحين في منطقة بيلغورود الحدودية، بحسب ما أعلن الحاكم فياتشيسلاف غلادكوف.

وقال غلادكوف على تلغرام: «قصفت القوات المسلحة الأوكرانية بسلاح المدفعية مركزاً للنازحين يضم مدنيين مسنين وأطفالاً... قتل حارس أمن وأصيب شخصان بجروح».

وذكر أن الجريحين «في حالة خطيرة في العناية المركزة» مع «إصابات اخترقت بطن أحدهما، بينما أصيب الآخر في الصدر».

وأرفق غلادكوف رسالته بصور لمبنى متضرر نوافذه محطمة، وخندق ناجم عن اصطدام قرب غرفة حارس الأمن، وبالغين وأطفال يتم إجلاؤهم في حافلات.

وتعرضت منطقة بيلغورود المتاخمة لأوكرانيا مراراً للقصف الأوكراني، فضلاً عن محاولات توغل جماعات مسلحة قادمة من أوكرانيا.

وازدادت التفجيرات والتوغلات خلال الأسابيع الأخيرة في حين تقول كييف إنها تحضّر لهجوم مضاد كبير يهدف إلى طرد القوات الروسية من الأراضي التي تحتلها في أوكرانيا.

وتعرضت العاصمة الروسية موسكو فجر الثلاثاء لهجوم غير مسبوق بطائرات مسيرة، ما تسبب بأضرار طفيفة وإصابة شخصين، بحسب السلطات المحلية.

سكان بيلغورود الروسية «باقون» رغم الهجمات من أوكرانيا

لم يمنع القصف المتكرر، والتوغل الأخير لمسلحين تسللوا من أوكرانيا إلى بيلغورود الروسية، سكان المدينة من البقاء فيها؛ فقد «اعتادوا على ذلك»، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية».

كانت بيلغورود مسرحاً لأكبر توغُّل مسلح من أوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022، في تسلّل رافقته عمليات قصْف ونيران مسيّرات، ما أثار تساؤلات عن صلابة الدفاعات الروسية.

وفرّ سكان العديد من البلدات الحدودية، في حين أشار الجيش وقوات الأمن الروسيان إلى أنهما صدّا المهاجمين، (الثلاثاء)، بالطيران والمدفعية، لكن في العاصمة الإقليمية، واسمها أيضاً بيلغورود وتقع على مسافة 40 كيلومتراً من الحدود، لم يظهر أي مؤشر ذُعْر رغم سقوط مسيّرات وقذائف بشكل متكرر على المدينة وضواحيها منذ أشهر.

وقالت مارينا سابريكينا (34 عاماً)، وتعمل مديرة مبيعات، إن «الأخبار مقلقة فعلاً، نحن قلقون، فالقصف يحدث كل يوم، نسمعه، لكن حتى لو كان ذلك مخيفاً، اعتدناه».

وتردد فيكتور كروغلوف (24 عاماً)، وهو موظف في أحد مواقع البيع على الإنترنت، في مغادرة بيلغورود بسبب القصف المتكرر. وقال إنه «بصرف النظر عن المكان الذي تذهب إليه، ما كُتب لك سيحدث».

ويبدو أن هذا الشعور سائد في هذه المدينة. فرغم أن بعض السكان عبّروا عن قلق محدود، ليس هناك ذُعْر واضح. لا وجود عسكرياً في وسط المدينة، ولا حتى وجود معزز للشرطة.

من جهتها، تشعر ريما مالييفا (84 عاماً)، وهي مدرّسة متقاعدة، بالقلق على كلبها الذي يصاب بالذعر عندما تُحلّق مروحيات عسكرية فوق منزلها أو عندما تدوّي انفجارات. وأضافت: «ماذا يمكن أن نفعل؟ لا يسعنا إلا الصراخ. ما الذي يمكننا تغييره؟».

وخلفها، سهْم أبيض مرسوم على واجهة مبنى يشير إلى أقرب ملجأ للاحتماء من الغارات الجوية، مُذكّراً بواقع الصراع المحتدم.

وفي أنحاء المدينة، عُلّقت صور لـ«أبطال روسيا»؛ جنود قُتلوا في معارك في أوكرانيا، إلى جانب ملصقات تدعو المواطنين للانضمام إلى الجيش.

كما تختلط رموز النزاع المستمر هذه بالنجوم السوفياتية الحمراء وصور مقاتلي الحرب العالمية الثانية، وهي بقايا من احتفالات 9 مايو (أيار) السنوية التي تقام بمناسبة الانتصار على «ألمانيا النازية». وهي ذكرى مبجّلة في هذه المنطقة التي كانت مسرحاً لواحدة من أكبر معارك الدبابات في التاريخ عام 1943.

واستنكرت غالينا (74 عاماً)، وهي متقاعدة وتعيش في بيلغورود منذ 50 عاماً، تمكُّن عشرات المقاتلين من دخول روسيا عبر أوكرانيا.

وقالت: «إنه أمر غريب، عادة تتسلل مجموعات صغيرة، لكن هذه المرة كانت المجموعة كبيرة جداً، لكن لا يهم، لقد تم صدّهم، وقتْل بعضهم»، معبّرة عن ثقتها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

على غرارها، قال معظم السكان إنهم يثقون بأن السلطات ستتعامل مع الثغرات التي كشفها التوغُّل الأخير، في حين قال يفغيني تشييكين، وهو عامل بناء (41 عاماً)، إنه يُعوَّل الآن على السلطات «لسد هذه الثغرة. بالطبع ما كان يجب أن يحدث ذلك، لكنّ عملاً جاداً سيُبذل لتعزيز الأمن».

وأكد أنه لا ينوي مغادرة المنطقة، حتى إنه «مستعد للدفاع عن المدينة إذا لزم الأمر».

قائد فصيل روسي متمرد هاجم بيلغورود يتوعد موسكو بمزيد من الهجمات

قال القائد الروسي لميليشيا نفذت هجوما على منطقة حدودية روسية هذا الأسبوع، اليوم، إن مجموعته ستشن قريبا مزيدا من التوغلات داخل الأراضي الروسية، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وتحدث دينيس كابوستين الذي قال إنه قائد فيلق المتطوعين الروس، إلى الصحافيين، عن الجانب الأوكراني من الحدود مع روسيا بعد يوم من قول موسكو إنها دحرت اقتحاما في منطقة بيلغورود.

وقالت كييف إن الهجوم نفذه مواطنون روس، ووصفوه بأنه صراع روسي داخلي. وأعلنت مجموعتان تعملان في أوكرانيا، وهما فيلق المتطوعين الروس وفيلق حرية روسيا، مسؤوليتهما عن عملية الاقتحام. وقال الجيش الروسي إنه دحر المسلحين الذين نفذوا هجومهم باستخدام مدرعات ورد الناجين منهم على أعقابهم إلى أوكرانيا.

وقال كابوستين إن اثنين من مقاتليه أصيبا «بجروح طفيفة» وإن إجمالي الخسائر التي منيت بها قواته في العملية قتيلان وعشرة مصابين. وتقول موسكو إنها قتلت ما يزيد على 70 من «القوميين الأوكرانيين». وأضاف كابوستين أن مقاتليه استولوا على عربة مدرعة روسية ومدفع مضاد للطائرات المسيرة.

وقال كابوستين الذي قدم نفسه عبر لافتة كتب عليها وايت ريكس «أعتقد أنكم ستروننا مرة أخرى على هذا الجانب. لا يمكنني الكشف عن هذه الأشياء القادمة، لا يمكنني حتى الكشف عن الاتجاه.... الحدود طويلة جدا. مرة أخرى سيكون هناك بقعة ملتهبة». وتلقى أسئلة كثيرة عن تقارير صحافية غربية أفادت بأن ميليشياته استخدمت معدات عسكرية أميركية كان من المفترض أن تساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الغزو الروسي، لكنه امتنع عن الرد مباشرة.

وقال: «أعرف بالضبط من أين حصلت على أسلحتي. للأسف ليس من الشركاء الغربيين». وأشار أيضا إلى أن روسيا استولت على معدات عسكرية غربية في معركة باخموت بشرق أوكرانيا وأن هذه المعدات يمكن شراؤها من السوق السوداء.

وقال كابوستين إن أوكرانيا لا تدعم فيلق المتطوعين الروس إلا بالمعلومات والوقود والأغذية والعقاقير. وأضاف: «وبالطبع، أخذ الجيش الأوكراني جرحانا. لكن أي شيء أكثر من ذلك سيجعل الأمور صعبة». وقال: «كل قرار نتخذه... خارج حدود الدولة هو قرارنا الخاص. من الواضح أنه يمكننا أن نطلب من رفاقنا (الأوكرانيين) وأصدقائنا مساعدتهم في التخطيط». ويقول فيلق المتطوعين الروس إنه مؤلف من روس يقاتلون من أجل أوكرانيا وضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووصفت رابطة مكافحة التشهير ومقرها الولايات المتحدة كابوستين بأنه «نازي جديد روسي عاش في ألمانيا سنوات كثيرة».

وقال كابوستين إن جماعته يمينية، لكن حين سئل إذا كان يشعر بالقلق من تصنيفه نازيا، قال إنه «لا يعتقد أنها إهانة». وقال كابوستين «خطتنا في المستقبل هي مناطق جديدة في روسيا الاتحادية، وسندخلها بالتأكيد... يجب أن تتحلى بالصبر قليلا، وتنتظر يومين فقط».

تقرير: قوات موالية لأوكرانيا استخدمت مركبات أميركية خلال توغلها في بيلغورود

كشفت صور ومقاطع فيديو، تحققت منها صحيفة «نيويورك تايمز»، أن المقاتلين المُوالين لأوكرانيا استخدموا، على الأقل، 3 عربات مدرَّعة أميركية الصنع، خلال التوغل إلى منطقة بيلغورود الروسية، يوم الاثنين.

وأظهرت أدلة بصرية إضافية أن القوات الروسية استولت على ما لا يقل عن اثنتين من تلك المركبات. وليس من الواضح كيف أن الوحدات المُوالية لأوكرانيا، التي تقف وراء التوغل، والتي تتكون في الغالب من الروس المناهضين للرئيس فلاديمير بوتين، قد امتلكت المركبات - المعروفة عموماً باسم «MRAPs».

كما أن الظروف التي أدّت إلى استيلاء الروس على هذه المركبات غير معروفة، لكن مجموعات مُوالية لموسكو بدأت نشر صور للمُعدات، مساء الاثنين، عبر تطبيق «تلغرام»، بعد ساعات من بدء التوغل.

وحدَّدت «نيويورك تايمز» المركبات التي تحمل علامات معينة، عندما كانت داخل أوكرانيا، ومرة أخرى بعد أن كانت في أيدي القوات الروسية.

جرى تصنيع «MRAPs»، لأول مرة، لدعم القوات الأميركية في العراق وأفغانستان، وقدَّمت الولايات المتحدة عدة مئات منها إلى الجيش الأوكراني.

مقاتلون دخلوا الاثنين إلى روسيا من أوكرانيا وهاجموا عدة بلدات في منطقة بيلغورود (إ.ب.أ)

في حين أن عدداً من الدول اشترت واستخدمت المركبات، فإن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة المعروفة بإرسالها إلى أوكرانيا، على وجه التحديد.

وفي إحدى الصور المنشورة لمركبة «MRAP»، التي جرى الاستيلاء عليها، يقف جندي روسي بجوار مركبة، عليها علامة مميزة مطلية باللون الأبيض - سهم يشير إلى الأعلى. شُوهدت مركبة تحمل هذه العلامة، في مقطع فيديو للقوات المُهاجمة على بُعد حوالي 5 أميال من الحدود، قبل ساعات فقط من توغلهم في روسيا.

وتُظهر صورة لمركبة أخرى استولت عليها روسيا، ونُشرت لأول مرة على الإنترنت، خلال الـ24 ساعة الماضية، وتتضمن تفاصيل - علامة بيضاء - كانت على عدد من المركبات الأخرى التي ظهرت في الصور المنشورة للهجوم داخل روسيا.

عربة مدرَّعة تظهر بعد مهاجمة منطقة بيلغورود الروسية الحدودية (رويترز)

وظهرت أيضاً مركبة ثالثة بعلامات مشابهة في مقطع فيديو قصير يُظهر جندياً موالياً لأوكرانيا في قرية غلوتوفو، على بُعد حوالي ميلين من الأراضي الروسية.

من جهته، قال مسؤول أميركي إن الحكومة اطلعت على تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن هذه المركبات استُخدمت في التوغل، وتُواصل التدقيق فيها؛ لتحديد ما إذا كانت صحيحة.

أوضح ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية: «سأقول إننا متشككون، في الوقت الحالي، في صحة هذه التقارير». وكرَّر أن الولايات المتحدة «لم تشجِّع أو تمكِّن الضربات داخل روسيا، وقد أوضحنا ذلك».

وأضاف: «لكن، كما قلنا أيضاً، الأمر متروك لأوكرانيا، لتقرر كيفية إدارة هذه الحرب».

قد يؤدي استخدام المُعدات العسكرية الأميركية على الأراضي الروسية إلى توتر في العلاقات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، التي منحت كييف عشرات المليارات من الدولارات مساعدات عسكرية، بشرط ألا يجري استخدامها لمهاجمة روسيا داخل حدودها.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو عشرات المقاتلين المُوالين لأوكرانيا يستخدمون المركبات أثناء عبورهم الحدود الروسية إلى قرية كوزينكا، صباح الاثنين. ولم يتضح دور الجيش الأوكراني في العملية.

وأعلنت روسيا، أمس الثلاثاء، أن قواتها المسلَّحة «سحقت»، بواسطة الطيران والمدفعية، المجموعة التي هاجمت، الاثنين، منطقة بيلغورود الروسية الحدودية، في أخطر توغل في الأراضي الروسية منذ بدء غزو موسكو لأوكرانيا.

الاثنين، دخل مقاتلون روسيا من أوكرانيا، وهاجموا عدة بلدات في منطقة بيلغورود التي تعرضت أيضاً لقصف بالمدفعية وهجمات بمسيّرات دفعت السكان إلى الفرار.

وعبّر «الكرملين» عن «قلق عميق»، بعد هذا التوغل، داعياً إلى «بذل مزيد من الجهود»؛ لمنع عمليات التوغل، التي ازدادت، خلال الأشهر الماضية، وأثارت تساؤلات حول صلابة الدفاعات الروسية، في وقت تقول كييف إنها تحضِّر لهجوم واسع النطاق.