ميلي: «إف-16» ليست «سلاحاً سحرياً» ولن تقلب معادلات الحرب الراهنة في أوكرانيا

هولندا والدنمارك تقودان الدول المتحالفة لإعداد الطيارين بدعم من بريطانيا وبلجيكا

الجنرال مارك ميلي (يمين) مع وزير الدفاع لويد أوستن (رويترز)
الجنرال مارك ميلي (يمين) مع وزير الدفاع لويد أوستن (رويترز)
TT

ميلي: «إف-16» ليست «سلاحاً سحرياً» ولن تقلب معادلات الحرب الراهنة في أوكرانيا

الجنرال مارك ميلي (يمين) مع وزير الدفاع لويد أوستن (رويترز)
الجنرال مارك ميلي (يمين) مع وزير الدفاع لويد أوستن (رويترز)

جدد الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية المنتهية ولايته، تأكيدات وزير القوات الجوية الجنرال فرانك كيندال، حول الدور المحدود الذي يمكن أن تلعبه طائرات «إف-16»، في الحرب الأوكرانية الدائرة اليوم. لكنه أكد أن روسيا «لن تكسب الحرب، كما أنه من غير المرجح أن يتم دحر كل القوات الروسية في أي وقت قريب».

الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية المنتهية ولايته (رويترز)

وقال ميلي، في ختام أعمال اجتماع افتراضي لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، إن تسليم تلك الطائرات، لن يكون «سلاحا سحريا» يقلب المعادلات في ساحات المعارك بين القوات الأوكرانية والروسية.

وقال في مؤتمر صحافي مع وزير الدفاع لويد أوستن، في البنتاغون، الخميس، إنه في بداية الصراع، ركزت الولايات المتحدة ودول مجموعة الاتصال الأخرى على الدفاع الجوي الأرضي، باعتباره أفضل وأسرع طريقة لحرمان روسيا من التفوق الجوي على أوكرانيا. وقال إن 10 طائرات من طراز «إف-16» تبلغ قيمتها مليار دولار مع مليار دولار إضافية تكاليف صيانة واستمرارية.

وقال: «إذن، أنت تتحدث عن ملياري دولار لعشر طائرات. لدى الروس الآلاف من مقاتلات الجيلين الرابع والخامس. لذلك، إذا كنت ستواجه روسيا في الجو، فستحتاج إلى عدد كبير من مقاتلات الجيلين الرابع والخامس. وإذا نظرت إلى منحنى التكلفة والقيام بالتحليل، فإن أذكى ما فعلناه هو بالضبط ما فعلناه حتى اليوم، وهو توفير قدر كبير من الدفاع الجوي المتكامل لتغطية ساحة المعركة وحرمان الروس من المجال الجوي. وهذا بالضبط ما حدث».

وزير الدفاع لويد أوستن (رويترز)

وأضاف ميلي أن إنفاق الأموال على الأسلحة قصيرة المدى، بدلا من الطائرات الحربية باهظة الثمن مع احتياجاتها اللوجستية المعقدة، كان مجديا. وقال: «إذا تم إرسال الطائرات عاجلاً، سيكون التمويل على حساب القدرات الأخرى التي وضعت أوكرانيا في المقدمة». وأضاف: «لا توجد أسلحة سحرية في الحرب، وطائرات (إف-16) ليست كذلك ولا أي شيء آخر». وقال ميلي إن طائرات «إف-16» لها دور في المستقبل، لكن «الأمر سيستغرق وقتا طويلا لبناء قوة جوية بهذا الحجم والنطاق، الذي سيكون ضروريا أيضا».

وكان وزير القوات الجوية، الجنرال فرانك كيندال، قد أعلن في ندوة دفاعية يوم الاثنين، أن حصول أوكرانيا على تلك الطائرات من «غير المرجح أن يكون قادرا على إحداث تغيير دراماتيكي لقواعد اللعبة». وتعد الطائرات المقاتلة معدات أغلى بكثير من قذائف المدفعية والمدرعات، والتي ركز الحلفاء الغربيون على تزويد أوكرانيا بها للمساعدة في التصدي لهجمات القوات الروسية.

من جهة أخرى، قال ميلي إن روسيا لن تحقق نصرا عسكريا في أوكرانيا، مثلما أنه من غير المرجح أيضا أن يتم دحر كل القوات الروسية في أي وقت قريب. وقال للصحافيين: «لن تكسب روسيا عسكريا هذه الحرب». وأضاف أن «الشعب الأوكراني ما زال صامدا، وخيب آمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحقيق نصر سريع». وأشار ميلي إلى أن «الأوكرانيين يستخدمون نظام باتريوت ونظام جافلين بنجاعة عالية». وردا على أسئلة الصحافيين، قال ميلي إن الولايات المتحدة طلبت منذ فترة طويلة من أوكرانيا عدم استخدام معدات عسكرية قدمتها لها واشنطن لشن هجمات داخل الأراضي الروسية. وأضاف أن مكتبه يدقق في صور تظهر مركبات يُزعم أنها استخدمت في هجوم على منطقة بيلغورود الحدودية الروسية.

من ناحيته، قال وزير الدفاع لويد أوستن، إن تدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدام تلك الطائرات، سوف يستغرق بعض الوقت لتزويد أوكرانيا بقدرة قابلة للحياة. لكنه أضاف أنه «مثال مهم على التزامنا طويل الأمد بأمن أوكرانيا». وقال إن الدنمارك وهولندا تتصدران التحالف المشترك لتدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات مقاتلة حديثة. وأضاف أن النرويج وبلجيكا وبولندا والبرتغال تعهدت أيضا بالمشاركة في التدريب. وأشار أوستن إلى أن الولايات المتحدة «ليست في حالة حرب مع روسيا»، مشددا بالقول: «هذه معركة أوكرانيا».

رجح مصدران مطلعان أن ترسل هولندا مقاتلات «إف-16» إلى أوكرانيا، بعد الانتهاء من تدريب الطيارين الأوكرانيين على هذه الطائرات. ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن أحد المصادر قوله إن هولندا والدنمارك تقودان الدول المتحالفة لإعداد الطيارين بدعم من بريطانيا وبلجيكا، وإن الحكومة الهولندية تبحث بالفعل، وتتباحث مع حلفائها، بشأن خطط النشر المحتملة للطائرات.

رئيسة الوزراء الدنماركية في قاعدة جوية وتظهر «إف-16» خلفها

وذكرت «بلومبرغ» أنه رغم استعداد الحكومة الهولندية للمساعدة في تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية «بأسرع ما يمكن»، فإن تدريب الطيارين وإعداد خطط النشر واللوجستيات قد يستغرقان عدة أشهر. وجدير بالذكر أن هولندا تمتلك حاليا 42 طائرة مقاتلة طراز إف-16، من بينها 24 طائرة يستخدمها الجيش الهولندي في الوقت الحالي، ولا يمكن إرسالها إلى أوكرانيا حتى منتصف 2024، كما أن 12 من المقاتلات الـ 18 المتبقية من المقرر بيعها إلى شركة دراكن إنترناشونال الأمريكية للخدمات الجوية، وإن كانت حكومة أمستردام قد أرجأت تسليم الطائرات للشركة حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل، دون الكشف عن الأسباب، بحسب «بلومبرغ».

هذا ويخطط التحالف لتدريب ما يقرب من 20 طياراً أوكرانياً في البداية، على الرغم من أن العدد الدقيق سيعتمد على قدرة الدول على دعم المشروع، وفقاً لمتحدث باسم الحكومة البريطانية. وقال إن أوكرانيا ستحتاج إلى «خط أنابيب» من الطيارين، لمعرفة أساسيات الطيران، قبل الانتقال بعد ذلك إلى تشغيل تلك الطائرات. ولتحقيق هذه الغاية، ستركز المرحلة الأولى على التدريب الأساسي الأرضي للطيارين، الذين سيكونون مستعدين بعد ذلك لتعلم خصائص الطائرات المحددة، مثل «إف 16» وغيرها. ولم يوضح أوستن وميلي، ما هي الجهة التي ستقوم بتسليم طائرات «إف 16» أو غيرها لكييف، وما هو دور الولايات المتحدة في هذه العملية، بخلاف إعطاء الضوء الأخضر لنقل الطائرات من دول الطرف الثالث إلى أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أوروبا عناصر الدفاع المدني يحاولون إخماد نيران ناجمة بعد هجوي جوي في كوستيانتينيفكا بإقليم دونيتسك (أ.ف.ب)

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيَّرة، ليل السبت - الأحد، على العاصمة الأوكرانية كييف والبنية التحتية لميناء أوديسا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن - واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق المراهقة تواجه تهمة القتل غير العمد وهي حالياً قيد الاحتجاز الوقائي (رويترز)

صدمة في الرأس وكدمات ونزيف... مراهقة عائدة من أوكرانيا تضرب جدتها حتى الموت

وُجهت اتهامات لفتاة أوكرانية تبلغ من العمر 14 عاماً انتقلت مؤخراً إلى ولاية فلوريدا الأميركية بصفتها شخصاً بالغاً بعدما ضربت جدتها البالغة من العمر 79 عاماً حتى

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزير خارجية البوسنة والهرسك: نسعى للتعاون مع «الناتو» لتدابير أمننا

وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)
TT

وزير خارجية البوسنة والهرسك: نسعى للتعاون مع «الناتو» لتدابير أمننا

وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)
وزير الخارجية البوسني (الشرق الأوسط)

في ظل المخاطر التي تطوِّق بلاده من كل الجوانب، أقر وزير خارجية البوسنة والهرسك ألمدين كوناكوفيتش بسعي بلاده لتعزيز تعاونها مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتفعيل تدابير أمنها الداخلي، بما في ذلك مبادرات الأمن السيبراني وتحديث قطاع الدفاع، مشدداً على ضرورة إيقاف إراقة الدماء التي تُسكب في غزة فوراً.

وقال الوزير في حديث مع «الشرق الأوسط» إن بلاده تأمل الوصول لعضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030؛ «لذا يمكننا أن نقول إن أهدافنا متوافقة لنفس المدى الزمني، مع برامج ومشاريع التعاون مع «رؤية 2030» السعودية.

وزير خارجية البوسنة والهرسك ألمدين كوناكوفيتش (الشرق الأوسط)

ويرى الوزير أن الحرب الروسية ـ الأوكرانية تعيد تشكيل التحالفات العالمية، مبيناً أن بلاده تتعامل بحذر مع التحديات الجيوسياسية المعقدة، كما أقر بأن المخاطر المشتركة مع أوروبا، تتمثل في القضايا الأمنية، واضطرابات سلسلة التوريد والتجارة، والانقسامات السياسية، والتضخم، في وقت تعتمد فيه بلاده بشكل كبير على الطاقة الروسية، خصوصاً الغاز الطبيعي.

وحول سرّ تمسُّك بلاده بالانضمام للاتحاد الأوروبي، قال كوناكوفيتش: «إن الاستقرار والسلام هما المفتاح في طريقنا نحو العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، وهذا هو المكان الذي تركز عليه سياستنا الخارجية، حيث يرتبط تراثنا الغربي والأوروبي بفرص وإمكانات الشراكة مع الشرق»، مشدداً على أن الأولوية للوحدة القائمة، على التنمية الاقتصادية، وتعزيز بيئة أعمال أفضل.

وعن تجاوز بلاده محنة تفويج اللاجئين إلى أوروبا عبر بلاده، قال كوناكوفيتش: «نسعى للتوافق مع أنظمة الاتحاد الأوروبي، وندرك أن قضية الهجرة حساسة للغاية من الناحية السياسية في السياق العالمي؛ لذلك نبذل قصارى جهدنا لتنفيذ التدابير التي تحافظ على كرامة وحقوق الإنسان لأولئك الأكثر ضعفاً».

العلاقات مع السعودية

على صعيد العلاقات السعودية ـ البوسنية، قال كوناكوفيتش: «ممتنون إلى الأبد للدعم السعودي لبلادنا في العقود الثلاثة الماضية، لإعادة البناء بعد العدوان والحرب في أوائل التسعينات، فضلاً عن دعم الرياض الأخير للقرار المتعلق بالإبادة الجماعية في عام 1995 في سربرنيتسا، حيث تجاوز عددهم 8 آلاف معظمهم من النساء والأطفال».

وزير خارجية البوسنة والهرسك ألمدين كوناكوفيتش لدى لقائهما بالرياض في شهر أغسطس 2024 (الشرق الأوسط)

وأضاف: «أعتقد اعتقاداً راسخاً أن هناك مجالاً كبيراً لمواصلة تعزيز التعاون الدبلوماسي والاقتصادي. وسنظل ممتنين إلى الأبد للدعم والمساعدة اللذين قدمتهما السعودية لبلادنا في العقود الثلاثة الماضية، ما ساعدنا على إعادة بناء البلاد بعد العدوان والحرب في أوائل التسعينات».

ويرى الوزير أن دعم السعودية الأخير لـ«القرار المتعلق بالإبادة الجماعية في سربرنيتسا، وتحديد يوم عالمي للتأمل وإحياء الذكرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضاً أمر نعتز به ونقدره»، بوصفه احتراماً واجباً لضحايا الإبادة الجماعية في عام 1995 الذين تجاوز عددهم 8 آلاف معظمهم من النساء والأطفال.

ووفق كوناكوفيتش، فإن الاستثمارات السعودية بلغت في بلاده 200 مليون يورو بحلول نهاية عام 2023، حيث تشمل أهم الاستثمارات، أول بنك إسلامي في جنوب شرقي أوروبا، وهو بنك البوسنة الدولي (BBI)، مع كون «مجموعة البنك الإسلامي للتنمية» المساهم الأكبر.

وتشمل الاستثمارات السعودية الأخرى عدداً من المشاريع التي طورتها مجموعة «الشدي»، معظمها في مجال العقارات والضيافة، بينما نفذت شركة جنوب أوروبا للاستثمار استثمارات في كثير من المشاريع العقارية والسياحية، بالإضافة إلى مجموعة «ملاك»، حيث يوجد أكثر من 500 شركة في البلاد مسجَّلة برأس مال سعودي.

ونوه بأن لدى الصندوق السعودي للتنمية كثيراً من المشاريع الجارية في البلاد، بالإضافة إلى الطلبات الجديدة التي ستجري الموافقة عليها قريباً من قبل حكومتنا، مثل مؤسسات البحث والتعليم في سراييفو وبانيالوكا، ومشاريع البنية التحتية والرعاية الصحية في أجزاء مختلفة من البلاد، التي تتجاوز قيمتها 115 مليون يورو، «وتمت مناقشة هذه الشراكة مع الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، سلطان المرشد، ونتوقع أن تنمو أكثر في المستقبل القريب».