الحرب في أوكرانيا: هل ما زال بإمكان الطيران الروسي تغيير مسار الصراع؟

طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ-31» تحلقان فوف الساحة الحمراء بموسكو يوم احتفالات عيد النصر في 9 مايو 2018 (رويترز)
طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ-31» تحلقان فوف الساحة الحمراء بموسكو يوم احتفالات عيد النصر في 9 مايو 2018 (رويترز)
TT

الحرب في أوكرانيا: هل ما زال بإمكان الطيران الروسي تغيير مسار الصراع؟

طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ-31» تحلقان فوف الساحة الحمراء بموسكو يوم احتفالات عيد النصر في 9 مايو 2018 (رويترز)
طائرتان مقاتلتان من طراز «ميغ-31» تحلقان فوف الساحة الحمراء بموسكو يوم احتفالات عيد النصر في 9 مايو 2018 (رويترز)

تتمتع القوات الجوية الروسية بعدد كبير من الطائرات متفوقة على ما تمتلكه أوكرانيا في هذا المجال، لكن الروس يواجهون معوقات تحد من إمكاناتهم التدميرية ضد هجوم كييف المضاد المرتقب، وفق تقرير نشرته اليوم (الجمعة) صحيفة «لوموند» الفرنسية.

على الورق، لم تتأثر القوات الجوية للاتحاد الروسي إلا قليلاً بالحرب في أوكرانيا. فوفق التقرير، منذ بداية الصراع، لم يسع الروس إلى غزو الأجواء الأوكرانية لأسباب تتعلق بالعقيدة فضلاً على القدرات. النتيجة: خسرت القوات الجوية الروسية «فقط» 82 طائرة مقاتلة، أهمها «سوخوي سو-25» و«سوخوي سو-34» و87 طائرة هليكوبتر خاصة «كاموف كا-52 أليغايتور».

وفي حين كان لدى روسيا أسطول جوي من 1300 طائرة قتالية قبل الحرب في أوكرانيا، فإنها رغم خسائرها لا تزال تمتلك عدداً كبيراً من هذه الطائرات.

ترسانة كييف تحت الضغط

إن استمرار روسيا بامتلاك الإمكانات الجوية يبعث على القلق أكثر (لدى أوكرانيا وحلفائها)، وفق التقرير، مع ظهور شكوك حول حالة الدفاعات المضادة للطائرات الأوكرانية؛ إذ إنه منذ خريف عام 2022، تضايق روسيا بطاريات الجيش الأوكراني للدفاع أرض - جو من خلال استهداف أوكرانيا بطائرات مسيرة وصواريخ.

وفي حين أن هذه الضربات ليس لها تأثير استراتيجي يُذكر، فإنها ضغطت على مخزونات الذخيرة الأوكرانية. وحسب الباحث في الشؤون الاستراتيجية فينسان توري، «قد تضطر أوكرانيا إلى الاختيار غداً بين الدفاع عن مدنها أو حماية هجومها المضاد».

ومع ذلك، يقول المحللون العسكريون إنهم متشككون نسبياً بشأن قدرة سلاح الجو الروسي على إعاقة هجوم مضاد كبير تشنه كييف. فعلى عكس الغربيين الذين جعلوا السيطرة على السماء شرطاً أساسياً لأي عمل عسكري على الأرض، يعد الروس القوة الجوية في المقام الأول بمثابة مساعدة لمدفعيتهم؛ لذلك لم ينفذوا حملات هجومية مكثفة في بداية الصراع، الأمر الذي كان من شأنه أن يجعل من الممكن تدمير القدرات الجوية والمضادة للطائرات لأوكرانيا.

نقص الطيارين ذوي الخبرة

وأكد التقرير أنه مما صعب الأمر أيضاً على سلاح الجو الروسي، أن الطيارين الروس أظهروا، منذ بداية الصراع، أوجه قصور كبيرة بدعمهم قواتهم البرية، مفضلين الابتعاد عن الجبهة وإطلاق الصواريخ على المواقع الثابتة الأوكرانية. ويرجع هذا أولاً إلى الافتقار إلى التدريب المشترك على الأسلحة، وهو سمة سائدة داخل الجيش الروسي، ولكن أيضاً بسبب الصعوبات في استهداف مواقع العدو، إذ إن للروس وسائل قليلة لتحديد الهدف، وهذا سبّب لأسطولهم الجوي الكثير من المتاعب في استهداف الأهداف المتحركة. كما أن الافتقار إلى التنسيق الروسي بين الأسلحة (في أثناء القصف) يزيد من خطر حدوث إصابات بنيران صديقة.

وأشار التقرير إلى أن عاملاً آخر يصعب مهمة سلاح الجو الروسي بالنسبة للمحللين، هو الافتقار إلى الطيارين ذوي الخبرة، ما يقلل أيضاً من قدرات التدخل الخاصة للطيران الروسي، يضاف إليه ضعف الصيانة في الجيش الروسي. كما أن القيادات العسكرية الغربية واثقة بمرونة القدرات المضادة للطائرات الأوكرانية، التي تعد معدلات اعتراضها الأهداف تزيد على 75 في المائة، وهي معدلات «جيدة جداً»، حسب التقرير. وبفضل المساعدات الغربية، تمتلك قوات كييف معدات قادرة على تهديد الطائرات الروسية بشكل كبير فوق الأجواء الأوكرانية.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

لافروف: تصريحات كييف في شأن مفاوضات السلام «متناقضة»

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مشاركته باجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان الجمعة (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مشاركته باجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان الجمعة (رويترز)
TT

لافروف: تصريحات كييف في شأن مفاوضات السلام «متناقضة»

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مشاركته باجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان الجمعة (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مشاركته باجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان الجمعة (رويترز)

رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، السبت، أن تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير خارجيته حول مفاوضات السلام تنم عن تناقض، مؤكداً أنه «لا يستمع إليهما».

ولافروف الموجود في فينتيان بلاوس، كان يتحدث بعد زيارة للصين قام بها هذا الأسبوع وزير الخارجية الأوكراني، ديمتري كوليبا، وإثر تصريحات لزيلينسكي رأى فيها أن بكين وجهت «إشارة دعم واضحة» لوحدة أراضي أوكرانيا.

ورداً على أسئلة طرحها صحافيون على هامش اجتماع رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، كان لافروف يشير إلى تعليقات أخيرة لزيلينسكي وكوليبا انطوت في رأيه على شيء من الازدراء.

ففي مقابلة مع قناة «تي إس إن» الأوكرانية خصصت لزيارته لبكين، الجمعة، أعلن كوليبا أنه لا يمكن إجبار كييف على التفاوض مع موسكو، وأن بكين التي ترغب في أداء دور الوسيط بين البلدين تحترم وحدة أراضي أوكرانيا.

مصافحة بين وزيري خارجية الصين وانغ يي وروسيا سيرغي لافروف في عاصمة لاوس فينتيان الخميس (أ.ف.ب)

وعلق لافروف بالقول إن كوليبا «لا يقول ذلك للمرة الأولى، وقد أعلن أحياناً موقفاً مناقضاً تماماً». أضاف: «قبل وقت غير بعيد، تحدث (الأوكرانيون) عن مفاوضات. أبدى زيلينسكي استعداده للجلوس إلى طاولة مفاوضات مع ممثلين لروسيا. ولأكون صادقاً، لا أستمع إليهم».

كذلك، أوضح لافروف أنه تطرق خلال محادثاته مع نظيره الصيني، وانغ يي، في فينتيان إلى التصريحات التي صدرت خلال زيارة كوليبا، مؤكداً أن الروس «شعروا بأن الموقف الصيني لم يتغير».

وفي رأيه يرى أن بكين تشدد على وجوب أن يكون شكل مفاوضات السلام «مقبولاً لدى جميع الأطراف».

وأعلن زيلينسكي أخيراً أنه يجب أن تمثَّل موسكو في قمة ثانية حول السلام، بخلاف ما حصل خلال قمة أولى استضافتها سويسرا في يونيو (حزيران) الفائت، الأمر الذي دفع الصين إلى عدم المشاركة فيها.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتفقد جنوداً جرحى في أحد مستشفيات كييف السبت (أ.ف.ب)

وتناول لافروف أيضاً الموقف الذي يمكن أن يتبناه الرئيس الأميركي السابق الجمهوري، دونالد ترمب، حيال أوكرانيا في حال فاز في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الرئاسية، وقال: «فيما يتعلق بترمب، سمعت أنه اقترح إقراض أوكرانيا 500 مليار دولار، بدلاً من مجرد إعطائها المال»، لافتاً إلى أن ذلك يعكس براغماتية «رجل أعمال». أضاف: «لا يمكنني أن أعلق على أفكار عديدة ليست جدية فعلاً... حين يتم طرح شيء جدي، مثلما قال الرئيس (فلاديمير بوتين)، نحن جاهزون دائماً لإجراء حديث صادق، مع أخذ الحقائق الراهنة في الاعتبار».

ميدانياً، قال مصدر بالمخابرات العسكرية الأوكرانية لوكالة «رويترز» إن طائرات مسيّرة أوكرانية ألحقت ضرراً بقاذفة قنابل استراتيجية روسية من طراز «تو - 22 إم 3» في مطار عسكري بشمال روسيا.

وأضاف المصدر أنه تمت إصابة قاذفة القنابل فرط الصوتية بعيدة المدى، في مطار أولينيا العسكري قرب أولينيغورسك بشمال روسيا.

وذكرت صحيفة «أوكراينسكا برافدا» أن المطار الذي تُقلع منه الطائرات الاستراتيجية الروسية لشن هجمات صاروخية على أوكرانيا، يبعد 1800 كيلومتر عن الحدود الأوكرانية.

وأضافت الصحيفة أنه تم شن هجمات أخرى على روسيا شملت مطاراً عسكرياً في مدينة إنعلز بمنطقة ساراتوف، ومطار دياغيليفو في منطقة ريازان. كما أصابت طائرة مسيّرة مصفاة نفط في ريازان.

نيران تتصاعد من مسيرة روسية أسقطتها الدفاعات الأوكرانية في خيرسون الجمعة (رويترز)

ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من التقارير على نحو مستقل.

وفي المقابل، أعلنت روسيا، السبت، سيطرتها على بلدة جديدة شرق أوكرانيا حيث تواصل تقدمها البطيء منذ أشهر من دون تحقيق خرق كبير في هذه المرحلة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها اليومي إن «وحدات من مجموعة القوات المركزية حررت بلدة لوزوفاتسكي».

تقع هذه البلدة شرق مدينة بوكروفسك، في قطاع أوتشريتين حيث تقدمت القوات الروسية بسرعة نسبياً في الأشهر الأخيرة.

بدأت روسيا تكتسب المزيد من الأرض منذ فشل الهجوم الأوكراني المضاد الكبير في صيف 2023، وسقوط أفدييفكا في فبراير (شباط).

وتواجه القوات الروسية جيشاً أوكرانياً يفتقر إلى الأسلحة والذخيرة مع تفكك المساعدات الغربية، ويواجه صعوبات في التجنيد.