مادورو يراوغ أزمة الشرعية بعيد ميلاد «سابق لأوانه»

قيادات معارضة عبّرت لـ«الشرق الأوسط» عن أملها في زيادة الضغط الخارجي

جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

مادورو يراوغ أزمة الشرعية بعيد ميلاد «سابق لأوانه»

جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)

منذ سنوات والمعارضة الفنزويلية تُكرر، في تصريحات قياداتها، أن «أيام النظام باتت معدودة»، والقيادات الأميركية؛ جمهورية وديمقراطية، تُحذّر من أن «كل الخيارات على الطاولة»، بينما تؤكد الأمم المتحدة في تقاريرها أن «الحكومة تنتهك حقوق الإنسان، وتقمع المعارضة السياسية بالتعذيب والترهيب والملاحقات القانونية المُفبركة»، والمنظمات الدولية تنضمّ إلى جوقة القوى الإقليمية التي تقودها واشنطن، وتُندد بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مطالبةً بكشف وثائق الفرز التي تقول المعارضة إنها تثبت فوز مرشحها.

لكن الواقع، كما نراه اليوم من كاراكاس، هو أن نيكولاس مادورو يستعد لتجديد ولايته الرئاسية، مطلع العام المقبل، بعد أن أصدر مرسوماً بتقديم موعد أعياد الميلاد إلى هذا الشهر، وارتدت العاصمة حُلّة من الزينة والأنوار تضفي عليها مسحة سوريالية تُضاعف من غرابة المشهد في بلدٍ غادره، في السنوات العشر المنصرمة، 8 ملايين من مواطنيه بحثاً عن باب رزق، وهرباً من البؤس والقمع، ويعيش نصف سكانه تقريباً على المساعدات الغذائية والسلع الأساسية المدعومة.

بهجة... قبل الانفجار

فنزويلي يلتقط صورة مع شجرة ميلاد في كاراكاس 3 أكتوبر (غيتي)

يتدافع المارّة أمام مبنى قيادة القوات البحرية وسط العاصمة، من غير أن يلتفتوا إلى شجرة الميلاد الضخمة المُضاءة بألوان العَلم الفنزويلي. وتقول سيليا، التي تملك متجراً صغيراً محاذياً لبيع الزهور: «كل هذا قد يعيد بهجة عابرة إلى قلوب الأطفال، لكن البلاد على شفا انفجار يتعامى عنه الجميع».

وليست هذه أول مرة يقرر فيها نيكولاس مادورو تقديم موعد أعياد الميلاد كلما لاحت أزمة في الأفق، وهو يفعل ذلك منذ عام 2018 بهدف إضفاء أجواء «طبيعية» على الأوضاع الاجتماعية والسياسية المتأزمة، وتنشيط الاستهلاك بعد أشهر من الركود التجاري، بسبب من الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، أواخر يوليو (تموز) الماضي، وما أعقبها من قمع واضطرابات.

المعارضة أقامت، بدورها، شجرتها للميلاد، لكن على منصّات التواصل الاجتماعي، وزيّنتها بصور عن وثائق الفرز التي تُثبت فوز مرشحها، إدموندو غونزاليس، بنسبة 67 في المائة من الأصوات، والتي قدّمها مركز «كارتر»، منذ أيام، أمام منظمة البلدان الأميركية. لكن ذلك لم يمنع مادورو من مواصلة الظهور على شاشات التلفزيون والاحتفالات وهو يتناول حلوى الميلاد، غير مكترث للإدانات التي تتوالى في المنتديات الدولية للانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها أجهزة الأمن في حق المعارضين، بما في ذلك مزاعم تعذيب قاصرين في مراكز الاعتقال، ومتجاهلاً انتقادات الكنيسة الكاثوليكية التي أعلنت رفضها تغيير موعد عيد الميلاد.

آمال المعارضة

في غضون ذلك، أعلن مرشح المعارضة للرئاسة من منفاه في مدريد أنه لا يستبعد تقديم موعد عودته إلى فنزويلا، رداً على قرار مادورو تقديم موعد الميلاد.

وفي السفارة الإسبانية، تحدّثنا إلى بعض قيادات المعارضة، التي لجأت إلى البعثة الدبلوماسية؛ هرباً من ملاحقة الأجهزة الأمنية والقضائية، وأيضاً في سفارة الأرجنتين التي لجأ إليها جميع أعضاء اللجنة المركزية للتجمع الذي تقوده زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو. وبدا الكل واثقاً من أن النظام سيتراجع، قبل موعد بداية الولاية الرئاسية الجديدة في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، لكن أحداً لا يقدّم أدلّة أو حججاً مقنعة سوى أن الضغط الخارجي سيتصاعد بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية، وسيضطر مادورو للجلوس إلى طاولة المفاوضات، خاصة أن ثمة مؤشرات متزايدة على تصدّع في الحلقة السياسية والعسكرية المحيطة به.

آخِر التقارير الدورية، التي تضعها المنظمات الحقوقية الناشطة في فنزويلا، يشير إلى وجود ما يناهز ألفيْ معتقل سياسي، معظمهم دخل السجن في الأشهر الثلاثة المنصرمة؛ أي ستة أضعاف ما كان عليه هذا العدد قبل صدور نتائج الانتخابات الرئاسية، وهو ما يضع فنزويلا في المرتبة الأولى بين بلدان أميركا اللاتينية من حيث عدد المعتقلين السياسيين، تليها نيكاراغوا وكوبا الحليفتان الرئيسيتان لنظام مادورو.

ويشمل هذا العدد عشرات القياديين السياسيين من أحزاب المعارضة، فضلاً عن 12 صحافياً ومئات الطلاب الجامعيين. وتؤكد منظمة «بروفيا» الناشطة في مجال حقوق الإنسان، أن 25 شخصاً قُتلوا في الأيام التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، معظمهم خلال الاحتجاجات الشعبية، وبعضهم في مراكز الاعتقال تحت التعذيب.

زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو والمرشح الرئاسي إدموندو غونزاليس أوروتيا يحييان مناصرين في كاراكاس، 30 يوليو (أ.ف.ب)

وتقول أوساط دبلوماسية إن النظام يواصل حملة القمع والاعتقالات وإخفاء المعارضين، ومداهمة مقار الأحزاب المعارضة، في حين تقوم الأجهزة القضائية، التي تخضع لأوامر المدعي العام للنظام، طارق صعب، بتوجيه اتّهامات لقيادات المعارضة بالتخطيط لعمليات عسكرية مدعومة من الخارج، وإشاعة الفوضى والعنف.

وأمام ارتفاع عدد المعتقلين، أعلن مادورو، منذ أيام، برنامجاً لتوسعة بعض السجون في وسط البلاد، وإجراء تحسينات على البعض الآخر، في انتظار محاكمة مئات المتهمين بالإرهاب والتحريض على الحقد وخيانة الوطن.

ترقب لليوم التالي

وتفيد البعثة الخاصة للأمم المتحدة المكلَّفة بتقصّي الحقائق، بأن «حكومة فنزويلا كثّفت جهودها بشكل كبير لقمع الاحتجاجات السلمية، ما تسبّب في واحدة من أخطر أزمات حقوق الإنسان التي عرفتها البلاد حتى الآن». وأضافت، في تقريرها الأخير، الذي سيُرفع، مطلع الشهر المقبل، إلى مجلس حقوق الإنسان: «ليست هذه أفعالاً معزولة أو عشوائية، بل هي جزء من خطة منسقة ومتواصلة لإسكات المعارضة السياسية وقمعها وإحباطها».

مادورو يحيِّي أنصاره خلال مظاهرة في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

ومع اقتراب موعد بداية الولاية الرئاسية الجديدة، ينأى الفنزويليون عن المجازفة بالتوقعات حول ما يمكن أن يحصل من الآن حتى ذلك التاريخ، في حين يتساءل كثيرون حول الخطوة المقبلة لزعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي ما زالت متوارية عن الأنظار وتتوعد، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بأن النظام بات قاب قوسين من السقوط.



السجن 20 عاماً لرئيس بيرو السابق توليدو بعد إدانته بتلقي رشى

رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو خلال جلسة محاكمته (رويترز)
رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو خلال جلسة محاكمته (رويترز)
TT

السجن 20 عاماً لرئيس بيرو السابق توليدو بعد إدانته بتلقي رشى

رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو خلال جلسة محاكمته (رويترز)
رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو خلال جلسة محاكمته (رويترز)

أدين رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو بتلقي رشى من شركة البناء البرازيلية العملاقة «أودبريخت»، وحكم عليه بالسجن 20 عاماً وستة أشهر.

يمثل هذا الحكم أول إدانة لمسؤول رفيع المستوى في بيرو فيما يتعلق بفضيحة فساد «لافا خاتو» في البرازيل التي امتدت إلى دول أخرى في أميركا اللاتينية.

توليدو خبير اقتصادي يبلغ من العمر 78 عاماً وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة ستانفورد، وحكم الدولة الواقعة في منطقة الأنديز بين عامي 2001 و2006، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال المدعون إن توليدو أدين بتلقي رشى قيمتها 35 مليون دولار من الشركة المعروفة سابقاً باسم «أودبريخت» مقابل السماح لها بالفوز بعقد لبناء الطريق الذي يربط الآن ساحل بيرو الجنوبي بغرب البرازيل.

وخلال المحاكمة التي استمرت عاماً، نفى توليدو تهم غسل الأموال والتواطؤ.

وكانت شركة «أودبريخت»، المعروفة الآن باسم «نوفونور»، في قلب أكبر فضيحة فساد في قارة أميركا اللاتينية، بعد أن اعترفت في عام 2016 بأنها قدمت رشى لمسؤولين في عشرات الدول لضمان الحصول على عقود الأشغال العامة.

وطلب توليدو من المحكمة الأسبوع الماضي السماح له بقضاء عقوبته في المنزل لأنه يعاني من مرض السرطان. وقال «من فضلكم... دعوني أتماثل للشفاء في منزلي أو أموت فيه».

وصدر الحكم داخل سجن صغير في العاصمة ليما حيث يحتُجز توليدو منذ العام الماضي.