كاراكاس تنتقل من الدفاع عن «فوز» مادورو إلى شن هجوم واسع على قادة المعارضة

نتائج الانتخابات الرئاسية ما زالت موضع خلاف وقد تسببت في أزمة تهدد بانفجار اجتماعي جديد

رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
TT

كاراكاس تنتقل من الدفاع عن «فوز» مادورو إلى شن هجوم واسع على قادة المعارضة

رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

بعد مضي شهر على الانتخابات الرئاسية الفنزويلية التي ما زالت نتائجها موضع خلاف عميق، وتسببت في أزمة تهدد بانفجار اجتماعي جديد، يبدو النظام واثقاً من قدرته على الصمود في وجه الضغوط الإقليمية والدولية، بعد أن انتقل من الدفاع عن «فوز» نيكولاس مادورو إلى شن هجوم واسع على قادة المعارضة والجهات الخارجية التي تدعمها.

مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية في فنزويلا إدموندو غونزاليس يتحدث إلى مناصريه 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

آخر الخطوات التصعيدية التي أقدم عليها النظام كانت استدعاءً يتعلق بتحقيق جنائي وجهته النيابة العامة، الخميس، إلى مرشح المعارضة إدموندو غونزاليس للمثول أمام القضاء من أجل استنطاقه حول تهم التآمر والتحريض على التمرد، وتحذيره من أنه في حال عدم مثوله سوف تصدر في حقه مذكرة جلب بوصفه فاراً من وجه العدالة. وتعيد هذه الخطوة إلى الأذهان الإجراءات التي كان يلجأ إليها النظام في السابق لملاحقة قيادات المعارضة ورموزها، إذ كان يعتقل بعضاً منهم، ويدفع آخرين إلى اللجوء في السفارات أو مغادرة البلاد سراً.

وقال مكتب المدعي العام إنه أصدر أمر استدعاء ثالث بحق غونزاليس، وفقاً لمنشور عبر حسابه على موقع «إنستغرام». وتم استدعاء غونزاليس ليمثل أمام مكتب المدعي العام في الساعة العاشرة صباح اليوم (الجمعة).

جانب من مظاهرة داعمي الرئيس نيكولاس مادورو في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

وفيما لا يزال غونزاليس متوارياً عن الأنظار في كاراكاس، أكّدت زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي ما زال مكان إقامتها مجهولاً، أن مرشح المعارضة لن يمثل أمام المدعي العام طارق صعب؛ لعدم استقلالية السلطة القضائية التي تتحرك بتوجيهات النظام، وقالت في شريط فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي: «المدعي العام يواصل التصرف بتوزيعه الاتهامات السياسية وإصدار الإدانة مسبقاً».

من التهم الموجهة إلى المعارضة أنها نشرت وثائق فرز أقلام الاقتراع التي تبقى في حوزة السلطات الانتخابية، والأجهزة الأمنية التي تتولى حماية مراكز الاقتراع ومندوبي الأحزاب السياسية. وكانت المعارضة قد نشرت 83 في المائة من هذه الوثائق التي تبيّن فوز مرشحها بنسبة 67 في المائة من الأصوات، وذكّرت أن الحزب الاشتراكي الموحد الذي ينتمي إليه مادورو كان قد نشر وثائق فرز انتخابات عام 2013 التي فاز فيها بفارق ضئيل على مرشح المعارضة إنريكي كابريلي الموجود حالياً في المنفى، إضافة إلى غيره من زعماء المعارضة مثل خوان غوايدو الذي تحدّى مادورو عام 2019 بإعلانه «رئاسة مؤقتة» بعد أن رفضت الأسرة الدولية الاعتراف بنتائج عام 2018 التي منعت المعارضة من المشاركة فيها. وكرر مادورو في الخطب التي ألقاها مؤخراً أنه يتوقع لغونزاليس مصير غوايدو نفسه، واتهمه بأنه يحاول الهرب من البلاد.

مظاهرة حاشدة لمعارضي حكومة مادورو في كاراكاس يوم 17 أغسطس (أ.ف.ب)

وكانت الأجهزة الأمنية الفنزويلية قد بدأت منذ مطلع هذا العام حملة اعتقالات شملت عدداً من مساعدي زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، فيما لجأ آخرون إلى السفارة الأرجنتينية التي أصبحت الآن في عهدة البرازيل بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين فنزويلا والأرجنتين.

في غضون ذلك، يواصل مادورو صولاته الانتخابية ضد المعارضة والجهات الخارجية التي يتهمها بالتواطؤ معها، وقال إن ماتشادو قد أبرمت «ميثاقاً شيطانياً مع أيلون ماسك»، واتهم مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية، جوزيب بورّيل، بأنه يخطط مع المعارضة لقلب النظام في فنزويلا.

وفي بروكسيل قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، مساء الخميس، نزولاً عن طلب إسبانيا، عدم الاعتراف بشرعية رئاسة مادورو كونها تفتقد الشرعية الديمقراطية. وقال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل آلباريس، إن الاتحاد الأوروبي نفد صبره بعد إصرار النظام الفنزويلي على عدم نشر وثائق الفرز رغم مرور شهر على الانتخابات.

زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو قادت مظاهرة المعارضة في كاراكاس 17 أغسطس (أ.ف.ب)

وبعد أن تواصل الوزراء الأوروبيون مع مرشح المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس عبر الفيديو، قال بورّيل: «سيبقى مادورو رئيساً بحكم الأمر الواقع، لكننا لن نعترف بشرعيته».

ويأتي هذا التشدد في الموقف الأوروبي، الذي اكتفى حتى الآن برفض النتائج التي أعلنها النظام من غير أن يرفض الاعتراف برئاسة مادورو، تجاوباً مع إصرار الحكومة اليسارية الإسبانية.

مادورو يحيِّي أنصاره خلال مظاهرة في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

وكانت مدريد قد طلبت فرض عقوبات على النظام الفنزويلي في حال إصراره على عدم نشر وثائق الفرز للتحقق من النتائج، لكن تعذر التوصل إلى اتفاق حول هذا الطلب، علماً أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على 55 شخصية فنزويلية، من بينها نائبة الرئيس، ووزيرة النفط في الحكومة الجديدة، ووزير الداخلية. ودعا المجلس الأوروبي إلى إيجاد الوسائل الكفيلة بالتوصل إلى «حل سلمي بين الفنزويليين لا يُفرض عليهم من الخارج، ويسمح بالتفاوض بين النظام والمعارضة».

لكن، على غرار ما حصل في السابق مع «الرئيس المؤقت» خوان غوايدو، استبعد المجلس الأوروبي الاعتراف بإدموندو غونزاليس رئيساً منتخباً، رغم أن البيان الأخير المشترك الذي صدر عن الدول الأعضاء في الاتحاد، يشير إلى أنه «استناداً إلى الوثائق المنشورة، يبدو أن إدموندو غونزاليس هو الفائز في الانتخابات بفارق كبير».


مقالات ذات صلة

«الشيوخ المصري»: إعلان القوائم النهائية وتكثيف الدعاية بين المرشحين

شمال افريقيا جلسة سابقة لمجلس الشيوخ المصري (مجلس الشيوخ)

«الشيوخ المصري»: إعلان القوائم النهائية وتكثيف الدعاية بين المرشحين

أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، الجمعة، القائمة النهائية للمرشحين الذين سيخوضون انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا تأتي خطوة خفض سن الاقتراع بالتزامن مع إصلاحات أوسع نطاقاً تشمل تشديد قواعد تمويل الحملات الانتخابية لمنع الشركات الوهمية ذات الملكية الغامضة من التبرع للأحزاب السياسية (رويترز)

بريطانيا ستخفّض سن التصويت إلى 16 عاماً

أعلنت الحكومة البريطانية اليوم الخميس أنها ستخفض سن التصويت من 18 إلى 16 عاماً قبل الانتخابات الوطنية المقبلة في إطار إجراءات لتعزيز المشاركة الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر (إعلام التيار)

«رسائل كبرياء وكسر عظام» بين الصدر و«الإطار التنسيقي»

فتح مقرب من زعيم التيار الصدري ما يشبه المزاد على نحو 800 ألف صوت وقيل إن سياسيين «لم يخلدوا إلى النوم يتخيّلون كيف سيكون مذاق الفوز» في الانتخابات المقبلة.

علي السراي (لندن)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدلي بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ عام 2020 (الرئاسة المصرية)

زخم انتخابات «الشيوخ» غائب عن الشارع المصري

تُجرى انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) في مصر، يومي 4 و5 أغسطس المقبل، وسط اهتمام شعبي محدود.

رحاب عليوة (القاهرة)
تحليل إخباري ترمب وماسك في البيت الأبيض 30 مايو 2025 (أ.ب)

تحليل إخباري هل ينجح حزب ماسك في استغلال استياء الأميركيين من نظام الحزبَين؟

يواجه ماسك عقبات كثيرة لتأسيس حزب ثالث، فقد سعى كثيرون قبله لتحدّي نظام الحزبَيْن دون النجاح في الوصول إلى مقاعد صنع القرار.

رنا أبتر (واشنطن)

رئيس البرازيل السابق بولسونارو: أريد جواز سفري للقاء ترمب

تظهر صور أقدام الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو في أثناء توقفه للتحدث مع الصحافة خلال مغادرته أمانة إدارة السجون بعد أن أمرت المحكمة العليا بتزويده بجهاز مراقبة كاحل إلكتروني (أ.ب)
تظهر صور أقدام الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو في أثناء توقفه للتحدث مع الصحافة خلال مغادرته أمانة إدارة السجون بعد أن أمرت المحكمة العليا بتزويده بجهاز مراقبة كاحل إلكتروني (أ.ب)
TT

رئيس البرازيل السابق بولسونارو: أريد جواز سفري للقاء ترمب

تظهر صور أقدام الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو في أثناء توقفه للتحدث مع الصحافة خلال مغادرته أمانة إدارة السجون بعد أن أمرت المحكمة العليا بتزويده بجهاز مراقبة كاحل إلكتروني (أ.ب)
تظهر صور أقدام الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو في أثناء توقفه للتحدث مع الصحافة خلال مغادرته أمانة إدارة السجون بعد أن أمرت المحكمة العليا بتزويده بجهاز مراقبة كاحل إلكتروني (أ.ب)

قال الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، لوكالة «رويترز» في مقابلة، يوم الجمعة، إنه سيلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب إذا تمكن من الوصول إلى جواز سفره، وذلك في أعقاب عمليات تفتيش نفذتها الشرطة الاتحادية لمنزله ومقر حزبه.

وصادرت السلطات جواز سفر بولسونارو العام الماضي بناء على أوامر من قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس، الذي كثف عمليات التفتيش وأوامر التقييد ضد الرئيس السابق، يوم الجمعة، بسبب مزاعم التواطؤ مع ترمب للتدخل في محاكمته بتهمة تدبير انقلاب.

ووصف بولسونارو مورايس بـ«الديكتاتور» في مقابلة مع وكالة «رويترز» بمقر حزبه.

وأضاف بولسونارو أنه يعتقد أن أوامر المحكمة جاءت للرد على انتقاد ترمب لمحاكمته أمام المحكمة العليا.

وأصدرت المحكمة العليا في البرازيل أمراً للرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو بارتداء سوار مراقبة إلكتروني في الكاحل، لتتبع تحركاته، حسبما أعلن مكتبه الصحافي، الجمعة.

وجاء هذا التطور فيما قامت الشرطة الاتحادية بتنفيذ عمليات تفتيش في منزله ومقر حزبه في العاصمة برازيليا، بحسب مصادر مطلعة على القرار القضائي.

أمرت المحكمة بولسونارو بارتداء جهاز مراقبة في الكاحل (إ.ب.أ)

وأفادت مصادر إعلامية محلية بأنه «تم منع بولسونارو أيضاً من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو التواصل مع أشخاص آخرين قيد التحقيق من قبل المحكمة الاتحادية العليا، ومن بينهم ابنه، إدواردو بولسونارو، (وهو عضو بالكونغرس البرازيلي مقيم حالياً في الولايات المتحدة، ومعروف بصلاته الوثيقة بالرئيس الأميركي دونالد ترمب».

وأفاد بيان للشرطة بأن عناصرها في برازيليا نفذوا «أمرين بتفتيش ومصادرة مواد، بالإضافة إلى إجراءات احترازية لا تشمل الاعتقال»، تنفيذاً لقرار المحكمة العليا، وذلك دون أن تذكر اسم بولسونارو صراحة.

ويواجه بولسونارو حالياً محاكمة أمام المحكمة العليا بتهمة محاولة مزعومة للانقلاب لقلب نتائج انتخابات 2022 التي خسرها أمام الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو محاطاً بالصحافة في أثناء مغادرته أمانة إدارة السجون التي وصل إليها بعد أن أمرت المحكمة العليا بتزويده بجهاز مراقبة كاحل إلكتروني (أ.ب)

وأظهرت لقطات مصورة جواً بثتها وسائل إعلام محلية وجود مركبات للشرطة الاتحادية خارج مقر إقامة بولسونارو في برازيليا.

ومن جانبه، قال النائب البرلماني سوستينيس كافالكانتي، زعيم حزب بولسونارو في البرلمان، لوكالة «أسوشييتد برس» إن الضباط قاموا أيضاً بتفتيش مكتب بولسونارو في المقر الرئيسي للحزب.

ووصف العملية بأنها «فصل آخر من ملاحقة المحافظين وشخصيات اليمين» في البرازيل.