12 قتيلاً في فنزويلا... ومادورو يُحمّل المعارضة مسؤولية العنف

واشنطن طالبت كاراكاس بنشر نتائج الانتخابات

ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)
ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)
TT

12 قتيلاً في فنزويلا... ومادورو يُحمّل المعارضة مسؤولية العنف

ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)
ضابط شرطة يطلق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج ضد حكومة الرئيس مادورو في كاراكاس الاثنين (أ.ف.ب)

اتّهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو -الذي أثارت إعادة انتخابه اضطرابات أسفرت حتّى الآن عن مقتل 12 شخصاً- المعارضة، الثلاثاء، بأنّها «مسؤولة عن العنف»، وذلك في اجتماع أزمة مشترك لمجلس الدولة ومجلس الدفاع جَمع كل السلطات في البلاد.

ومخاطباً زعيمة المعارضة، ماريا كورينا ماتشادو، ومرشّح المعارضة لانتخابات الرئاسة إدموندو غونزاليس أوروتيا، قال مادورو: «إنّني أحمّلكُما المسؤوليّة (...) عن كلّ ما يحدث في فنزويلا، عن العنف الإجرامي، والجرحى، والقتلى، والدمار. غونزاليس أوروتيا وماريا كورينا ماتشادو، أنتما ستكونان مسؤولين بشكل مباشر»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

مظاهرات حاشدة

اشتبك معارضو حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مع شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاج في حي كاتيا بكاراكاس (أ.ف.ب)

وخرج إلى الشوارع في فنزويلا، الثلاثاء، آلاف من أنصار المعارضة التي تُطالب بالشفافيّة في فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسيّة، وهو الأمر الذي يُطالب به أيضاً المجتمع الدولي بإصرار متزايد. وتجمّع أنصار لغونزاليس أوروتيا وماريا كورينا ماتشادو في كراكاس ومدن أخرى في كلّ أنحاء البلاد، هاتفين «حرّية، حرّية!».

وارتفعت إلى 12 حصيلة القتلى المدنيّين في الاحتجاجات التي تشهدها فنزويلا ضدّ فوز مادورو بولاية ثالثة، وفق ما أفادت منظّمة «فورو بينال» غير الحكوميّة الثلاثاء. وقال ألفريدو روميرو، مدير منظّمة «فورو بينال» غير الحكوميّة، في تصريح لصحافيّين في كراكاس «في يوم واحد فقط، لدينا 11 وفاة»، معرباً عن قلقه إزاء «استخدام أسلحة ناريّة» في الاحتجاجات التي شهدت استخدام أفراد من قوّات الأمن الغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية، الاثنين، ضدّ محتجين. كما أفادت المنظّمة غير الحكوميّة باعتقال 177 شخصاً في مختلف أنحاء البلاد. وأعلن النائب العام، طارق وليم صعب، لاحقاً سقوط ضحيّة إضافية، هو جندي قُتل بالرصاص، لترتفع بذلك الحصيلة الإجماليّة لضحايا الاضطرابات إلى 12 قتيلاً.

دعوة أميركية إلى الشفافية

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عقب إعلان فوزه بولاية ثالثة في كاراكاس (أ.ف.ب)

واتّفق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ونظيره الأميركي جو بايدن، خلال محادثة هاتفيّة الثلاثاء، على ضرورة نشر النتائج الكاملة للانتخابات الرئاسيّة في فنزويلا. وشدّد بايدن ولولا على «ضرورة النشر الفوري لبيانات الانتخابات، الكاملة والشفّافة والمفصّلة» من جانب السلطات الانتخابية الفنزويلية، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض.

وتوافق لولا وبايدن أيضاً على أنّ «نتيجة الانتخابات في فنزويلا تُمثّل لحظة أساسيّة للديمقراطيّة»، وتعهّدا «الإبقاء على تنسيق وثيق» بشأن فنزويلا، وفق البيت الأبيض. من جهتها، قالت الرئاسة البرازيليّة إنّ «لولا شدّد على أنّ نشر محاضر (نتائج) انتخابات، الأحد الماضي، أمر أساسي. وقد وافق بايدن على أهمية نشر المحاضر».

من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الثلاثاء، إنّه يجب على وكالات إنفاذ القانون في فنزويلا ضمان قدرة المتظاهرين على التجمّع السلمي بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت خلال الاحتجاجات ضدّ فوز مادورو. وقال بوريل في بيان إنّه «في هذه الأوقات الصعبة، من المهمّ أن تكون المظاهرات والاحتجاجات سلميّة. ويجب على قوّات الأمن ضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، لا سيّما الحق في المظاهرات وحرّية التجمّع».



«الأوروبي» يُجدد دعمه لمرشح المعارضة الفنزويلية دون الاعتراف رسمياً برئاسته

إدموندو غونزاليس مع زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو (أ.ف.ب)
إدموندو غونزاليس مع زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو (أ.ف.ب)
TT

«الأوروبي» يُجدد دعمه لمرشح المعارضة الفنزويلية دون الاعتراف رسمياً برئاسته

إدموندو غونزاليس مع زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو (أ.ف.ب)
إدموندو غونزاليس مع زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو (أ.ف.ب)

تقترب فنزويلا من استحقاق سياسي مفصلي في العاشر من الشهر المقبل، الموعد الذي يُحدده الدستور لبداية الولاية الرئاسية الجديدة التي يتنازع عليها الرئيس الحالي، نيكولاس مادورو، ومرشح المعارضة، إدموندو غونزاليس، الذي أكّد في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أنه سيذهب إلى كاراكاس في اليوم المحدد لتسلُّم مهام الرئاسة، «وسط تأييد شعبي حاشد لإعادة الشرعية إلى أصحابها، وإنهاء حكم الاستبداد».

زعيما المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس وماريا كورينا ماتشادو (أرشيفية - إ.ب.أ)

وكان غونزاليس قد جال في الأيام الأخيرة المنصرمة على المؤسسات الأوروبية؛ حيث تسلّم في ستراسبورغ جائزة ساخاروف من رئيسة البرلمان الأوروبي، ثم التقى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون در لاين، ومسؤولة العلاقات الخارجية، كايا كالّاس، ورئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، قبل أن يعود إلى مدريد التي سينتقل منها إلى فنزويلا، والتي كان قد غادرها بعد صفقة مع نظام مادورو والحكومة الإسبانية التي منحته حق اللجوء السياسي.

واعترف غونزاليس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن جميع المسؤولين الأوروبيين الذين التقاهم أعربوا عن تأييدهم ودعمهم للمساعي التي يقوم بها، لكن الاتحاد الأوروبي ما زال يتردد في الاعتراف به رسمياً رئيساً منتخباً لفنزويلا؛ «بسبب الانقسام بين الدول الأعضاء حول هذه الخطوة».

ويعترف المسؤولون الأوروبيون من جانبهم بأنه رغم إجماع الدول الأعضاء على شرعية مطالب المعارضة الفنزويلية، وعدم شرعية نظام مادورو، الذي ما زال يرفض الكشف عن الوثائق التي تثبت فوزه في الانتخابات الرئاسية، التي أجريت أواخر يوليو (تموز) الماضي، يتردد الاتحاد في الإقدام على خطوة الاعتراف رسمياً برئاسة غونزاليس، بعد التجربة الفاشلة التي أسفر عنها الاعتراف برئاسة الزعيم المعارض خوان غوايدو عام 2019.

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يلقي خطاباً بمناسبة إعلان فوزه بالانتخابات بكاراكاس في 28 أغسطس 2024 (رويترز)

وفيما تتعرض الحكومة الاشتراكية في إسبانيا لضغوط متزايدة من أجل الاعتراف رسمياً برئاسة غونزاليس، لا تزال إيطاليا الدولة الأوروبية الوحيدة التي أقدمت على هذه الخطوة، بعد أن أعلنت الإدارة الأميركية اعترافها به «رئيساً منتخباً».

ويبرر المسؤولون الإسبان موقفهم بأنهم ما زالوا يراهنون على اتفاق مع النظام الفنزويلي حول مرحلة انتقالية لتسليم الحكم إلى المعارضة والاعتراف بفوز مرشحها، ويتوقعون تصعيداً في الموقف الأميركي، مع وصول الإدارة الجديدة التي يتميّز وزير خارجيتها، ماركو روبيو، بمواقفه المتشددة إزاء النظام الفنزويلي.

وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر عشيّة عطلة نهاية السنة توسيع العقوبات التي فرضها على النظام الفنزويلي، والتي من المفترض تجديدها في العاشر من الشهر المقبل، أي في اليوم نفسه المُحدد لجلوس الحكومة الفنزويلية الجديدة. لكن يعترف الأوروبيون بأن هذه العقوبات لم تُحقق النتائج المنشودة منها، رغم أنها باتت تشمل عملياً جميع أعضاء النظام الفنزويلي.

ويقول غونزاليس: «إن اعتراف جميع الدول الديمقراطية برئاستي شرط أساسي لكي نستعيد السيادة الشعبية ونبدأ عملية المصالحة الوطنية بسلام».

جانب من مظاهرة داعمي الرئيس نيكولاس مادورو في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

وبدا واضحاً في القمة الأوروبية الأخيرة أن الأزمة الفنزويلية ليست على لائحة أولويات الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن، إذ اكتفى البيان الختامي بالإشارة إلى «القلق إزاء الوضع في فنزويلا»، بعد أن كانت مسؤولة العلاقات الخارجية الأوروبية اكتفت من جانبها بالقول، بعد لقائها غونزاليس، إنها أكدت له من جديد دعم الاتحاد الأوروبي لطموحات الشعب الفنزويلي.

جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس 3 أغسطس (أ.ف.ب)

وحدها رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، أبدت تجاوباً مع مطالب مرشح المعارضة الفنزويلية، إذ دعت الدول الأعضاء إلى حشد جميع الوسائل المتاحة لدعم الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة، وقالت: «علينا أن نقوم بالكثير لدعم هذا البلد، الذي كان رائداً إقليمياً، قبل أن يصبح أكبر مصدّر للهجرة تحت نظام الاستبداد». لكن رغم هذا التجاوب العلني فشلت روبرتا ميتسولا في انتزاع أي اعتراف رسمي برئاسة غونزاليس من قيادات الحزب الشعبي الأوروبي الذي تنتمي إليه.

ولم يكشف غونزاليس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن أي تفاصيل عن الطريق الذي سيسلكه للعودة إلى كاراكاس لتسلم المهام التي تُشير كل الدلائل إلى أن مادورو هو الذي سيتسلمها في العاشر من الشهر المقبل. في غضون ذلك تتجه كل الأنظار إلى واشنطن، والموقف الذي ستتخذه الإدارة الجديدة من النظام الذي قال وزير الخارجية الأميركي المقبل، ماركو روبيو، إن إسقاطه سيكون من أولوياته.

إدموندو غونزاليس أوروتيا مرشح المعارضة الذي ادّعى الفوز على نيكولاس مادورو في الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

مادورو من جهته يبدو مصمماً على تسلّم مهام الرئاسة المتنازع عليها في الموعد الدستوري المحدد، وأعلن عزمه على إجراء تعديل دستوري «يوطّد السيادة الشعبية» بعد أن شكّل فريقاً من الاستشاريين الدوليين والمحليين لوضع تصور حول الإصلاحات الدستورية الهادفة إلى ترسيخ النظام الديمقراطي في المجتمع الفنزويلي، على حد قوله.

تجدر الإشارة إلى أن التعديلات الدستورية في فنزويلا، التي يقتضي إبرامها الموافقة عليها في استفتاء شعبي، تسببت في أول هزيمة سياسية مني بها الرئيس الراحل هوغو تشافيز عام 2007، عندما حاول تعديل الدستور بهدف عدم وضع حد لعدد الولايات الرئاسية. لكن بعد عامين من تلك الهزيمة أصدر تشافيز مرسوماً اشتراعياً لتعديل الدستور وفقاً للاقتراح الذي كان الشعب قد رفضه في الاستفتاء.