الأمم المتحدة: وضع «كارثي» في هايتي

حذّرت من أن مؤسسات الدولة أصبحت على شفير الانهيار

هايتية تحمل طفلها بانتظار الكشف عليه في عيادة متنقلة لـ«يونيسيف» في العاصمة بور أو برنس (أرشيفية - رويترز)
هايتية تحمل طفلها بانتظار الكشف عليه في عيادة متنقلة لـ«يونيسيف» في العاصمة بور أو برنس (أرشيفية - رويترز)
TT

الأمم المتحدة: وضع «كارثي» في هايتي

هايتية تحمل طفلها بانتظار الكشف عليه في عيادة متنقلة لـ«يونيسيف» في العاصمة بور أو برنس (أرشيفية - رويترز)
هايتية تحمل طفلها بانتظار الكشف عليه في عيادة متنقلة لـ«يونيسيف» في العاصمة بور أو برنس (أرشيفية - رويترز)

حذرت الأمم المتحدة، الخميس، من أن الوضع «كارثي» في هايتي التي تعمّها الفوضى، حيث قُتل أكثر من 1500 شخص في أعمال عنف تمارسها العصابات هذه السنة، منددةً باستمرار وصول أسلحة إلى البلاد.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في مقدمة تقرير جديد: «من المثير للصدمة أنه رغم الوضع المرعب على الأرض، لا تزال الأسلحة تتدفق. أدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فاعلية».

وجاء في التقرير: «قادت عوامل هيكلية وتخيلية هايتي إلى وضع كارثي يتسم بعدم الاستقرار السياسي البالغ وبمؤسسات هشة للغاية».

هايتيون ينتظرون دورهم للحصول على علاج من عيادة متنقلة لـ«يونيسيف» في العاصمة بور أو برنس (أرشيفية - رويترز)

وتشهد هايتي، التي كانت تعاني أصلاً أزمة سياسية وأمنية عميقة، تصاعداً للعنف منذ بداية الشهر الحالي، عندما اتّحدت عدّة عصابات لمهاجمة مواقع استراتيجية في العاصمة، مطالبةً بتنحّي رئيس الوزراء أرييل هنري.

وقدّم هنري، الذي لطالما كان محور خلاف، استقالته في 11 مارس (آذار) وقد تعهَّد المجلس الرئاسي الانتقالي، الذي يُفترض أن يتسلم مقاليد السلطة في البلاد، الأربعاء، بإعادة «النظام العام والديمقراطي».

وأشارت الأمم المتحدة في تقريرها إلى أن «الفساد والإفلات من العقاب وسوء الإدارة، بالإضافة إلى المستويات المتزايدة من عنف العصابات، أدى إلى تآكل سيادة القانون وتقويض مؤسسات الدولة... التي أصبحت على شفير الانهيار».

هايتية تفر من منطقة أحرقتها العصابات في العاصمة بور أو برنس (أرشيفية - أ.ف.ب)

حسب تقرير الأمم المتحدة ارتفع عدد القتلى والجرحى بسبب عنف العصابات بشكل ملحوظ في عام 2023 مع سقوط 4451 قتيلاً و1668 جريحاً. وارتفع عدد الضحايا بشكل كبير خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، حيث قُتل 1554 شخصاً وأُصيب 826 حتى 22 مارس.

«قوة نيران متفوقة»

وأشارت المفوضية السامية إلى أنه على الرغم من حظر الأسلحة، فإن «الاتجار غير المشروع بالأسلحة والذخيرة عبر الحدود السهلة الاختراق قد وفَّر للعصابات سلسلة إمداد موثوقة»، بحيث باتت «تحظى في كثير من الأحيان بقوة نيران متفوقة على قوة الشرطة الوطنية الهايتية».

وأكدت أهمية نشر بعثة متعددة الجنسيات لدعم الأمن عاجلاً من أجل مساعدة الشرطة الوطنية على الحد من العنف وبسط سيادة القانون.

وشدد تورك على أنه «من الضروري أن تقوم البعثة بدمج حقوق الإنسان بشكل فعال في إدارة عملياتها».

عجوز بقي في المستشفي الجامعي رغم هجره في بور أو برنس (أرشيفية - إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، تواصل العصابات استخدام العنف الجنسي لقمع السكان ومعاقبتهم والتحكم بهم. لكن نادراً ما يتم الإبلاغ عن العنف الجنسي، وفي أغلب الأحيان يمر دون عقاب.

كما تواصل العصابات تجنيد الأطفال وإساءة معاملتهم، من الذكور والإناث، الذين قُتل بعضهم في أثناء محاولتهم ترك صفوف هذه المجموعات.

وفي موازاة تصاعد عنف العصابات وعجز الشرطة عن مواجهته، تتشكل «فرق الدفاع الذاتي» وتتولى تطبيق القانون بنفسها، وفق التقرير.

تم الإبلاغ عن 528 حالة إعدام خارج نطاق القانون على الأقل (510 رجال و18 امرأة) في عام 2023، و59 حالة في عام 2024.

وإذ بدت بعض عمليات القتل عشوائية، إلا أن بعضها الآخر تم تشجيعه أو دعمه أو تسهيله من أفراد في الشرطة وفي العصابات المنتمين إلى تحالف العصابات يُعرف باسم «مجموعة التسعة» وحلفائها، حسب التقرير.

بقايا عربات أحرقتها العصابات قرب القصر الرئاسي في العاصمة بور أو برنس (أرشيفية - رويترز)

كانت مديرة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) كاترين روسيل، حذرت من أن «عدداً لا يُحصى من الأطفال» يواجه خطر الموت بسبب الأزمة متعددة الأبعاد التي تشهدها هايتي، معربةً عن قلقها خصوصاً على 125 ألف طفل مهدّدين بسوء التغذية الحاد.

وقالت كاترين روسيل في بيان إن «للعنف وانعدام الاستقرار في هايتي تداعيات أبعد من مخاطر العنف بذاته. ويتسبب الوضع في أزمة صحية وغذائية قد تُزهق أرواح عدد لا يحصى من الأطفال».

وأضافت: «آلاف الأطفال على شفير الهاوية، في حين أن المساعدات الحيوية جاهزة للتوزيع في حال توقّف العنف وأُعيد فتح الطرق والمستشفيات».

وحسب التقرير الأخير حول التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي صدر قبل بضعة أيام، تدهور الوضع في البلد وبات نحو 5 ملايين شخص، أي قرابة نصف سكان هايتي، في حالة خطرة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 1.64 مليون شخص مصنّفين في المستوى الرابع (مستوى الطوارئ) من هذا التصنيف المتضمن خمسة مستويات.

وأدّى تصاعد عنف العصابات خصوصاً في مقاطعة أرتيبونيت والمقاطعة الغربية التي تشمل العاصمة بور أو برنس، إلى الحد من عمليات توزيع المساعدات الإنسانية وتقويض نظام صحي ضعيف أصلاً، «مما يشكّل تهديداً وشيكاً على حياة أكثر من 125 ألف طفل يواجهون خطر سوء التغذية الحادّ»، حسب «يونيسيف».

ودعت المنظمة الأممية المجتمع الدولي إلى الإسراع في إعادة الأمن وزيادة الدعم المالي، في حين لم ترسل بعد بعثة دولية بقيادة كينيا تُعنى بالحفاظ على الأمن.


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

كراكاس: اعتراف واشنطن بأوروتيا رئيسا لفنزويلا خطوة «سخيفة»

زعيم المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس أوروتيا (رويترز)
زعيم المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس أوروتيا (رويترز)
TT

كراكاس: اعتراف واشنطن بأوروتيا رئيسا لفنزويلا خطوة «سخيفة»

زعيم المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس أوروتيا (رويترز)
زعيم المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس أوروتيا (رويترز)

اعتبرت كراكاس الثلاثاء اعتراف واشنطن بزعيم المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا "رئيسا منتخبا" لفنزويلا خطوة "سخيفة" وتكرارا لسيناريو اعترافها بالمعارض خوان غوايدو في 2019 رئيسا مؤقتا للبلاد.

وقالت وزارة الخارجية الفنزويلية في بيان إنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني "بلينكن، وهو عدو لدود لفنزويلا"، اتّخذ هذه الخطوة "السخيفة بإصراره على القيام بذلك مرة أخرى (مع غونزاليس أوروتيا) بنسخة ثانية من غوايدو مدعوم من فاشيين وإرهابيين خاضعين للسياسة الأميركية".

وأتى ردّ الفعل الفنزويلي بعد أن أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ الولايات المتّحدة تعترف بزعيم المعارضة رئيسا منتخبا لفنزويلا. وكتب بلينكن على منصة إكس "لقد قال الشعب الفنزويلي كلمته المدوية في 28 يوليو (تموز) وجعل (غونزاليس أوروتيا) الرئيس المنتخب"، لافتا إلى أنّ "الديموقراطية تتطلب احترام إرادة الناخبين".

ولم تعترف واشنطن بفوز الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بولاية جديدة في الانتخابات التي جرت في 28 يوليو (تموز).

واتّهمت المعارضة النظام بتزوير النتائج، مؤكّدة أنّ الفائز هو مرشّحها إدموندو غونزاليس أوروتيا. وسبق للولايات المتحدة أن أعلنت أن أوروتيا حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات، لكن من دون أن يصل بها الأمر إلى اعتباره "الرئيس المنتخب".