رئيس وزراء هايتي للتنحي وتشكيل مجلس رئاسي

وسط مخاوف من تحوّل عنف العصابات حرباً أهلية

رئيس الوزراء الهايتي أرييل هنري مخاطباً الأمة (رويترز)
رئيس الوزراء الهايتي أرييل هنري مخاطباً الأمة (رويترز)
TT

رئيس وزراء هايتي للتنحي وتشكيل مجلس رئاسي

رئيس الوزراء الهايتي أرييل هنري مخاطباً الأمة (رويترز)
رئيس الوزراء الهايتي أرييل هنري مخاطباً الأمة (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الهايتي، أرييل هنري، الثلاثاء، أنه سيستقيل ما إن يتشكل مجلس رئاسي انتقالي، راضخاً بذلك للضغوط الإقليمية والدولية التي يتعرض لها، والتي تسعى إلى وضع حد لعنف العصابات والمخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.

واتخذ هنري هذا الموقف بعد ساعات من انعقاد قمة طارئة لمجموعة الكاريبي «كاريكوم» المؤلفة من 15 دولة في العاصمة الجامايكية كينغستون، بمشاركة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لمناقشة الطرق الأنسب لوقف دوامة العنف في هايتي. وتوصلت القمة إلى موقف بالاجتماع على ضرورة تشكيل مجلس رئاسي.

إذ أشار إلى الفوضى التي تجتاح هايتي، قال هنري في شريط فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي إن «رؤية كل هؤلاء الناس يموتون تؤلمنا وتثير غضبنا. ولا يمكن للحكومة التي أقودها أن تبقى غير مبالية تجاه هذا الوضع. ولا توجد تضحية أعظم يمكن أن نقدّمها لوطننا هايتي»، مضيفاً أن «الحكومة التي أقودها ستنسحب فوراً بعد تنصيب هذا المجلس».

ولكن لم يكن من الواضح على الفور متى سيقوم هنري، الذي كان يتعرض لضغوط متزايدة للتنحي عن منصبه في هايتي وخارجها، بذلك فعلياً. ولكن رئيس غويانا محمد عرفان علي الذي يترأس «كاريكوم» أفاد بعد الاجتماع بأن اللمسات النهائية على الخطة لم توضع. وقال: «لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن متوسطاً رئيس غوايانا عرفان علي ورئيس الوزراء الجامايكي أندرو هولنس خلال قمة مجموعة الكاريبي «كاريكوم» في كينغستون (رويترز)

دعم أميركي

وأعلن بلينكن أن الولايات المتحدة ستقدم 100 مليون دولار إضافية؛ مساعداتٍ لمهمة أمنية متعددة الجنسيات تدعمها الأمم المتحدة ومن المقرر نشرها في هايتي. كما تعهد تقديم 33 مليون دولار إضافية مساعداتٍ إنسانية، وبذلك تصل التزامات الولايات المتحدة إلى 333 مليون دولار. وأضاف: «نستطيع المساعدة في استعادة أساس الأمن» في البلاد. ولكن «وحده شعب هايتي يستطيع، وشعب هايتي وحده هو الذي يجب أن يقرر مستقبله، وليس أي طرف آخر».

وكان هنري غادر هايتي إلى نيروبي في أوائل مارس (آذار) لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق ينص على نشر القوة المتعددة الجنسيات، بقيادة كينيا، من أجل وقف عنف العصابات والقضاء عليها. ومنذ ذلك الحين، تقطعت به السبل خارج بلاده بينما يعيث رجال العصابات الفوضى ويطالبون باستقالته. وعلى الأثر توجه إلى بورتوريكو، الدولة المجاورة لبلده. ولكنه لم يحضر القمة الكاريبية في جامايكا. ولم يتضح ما إذا كان شارك فيها عبر الفيديو.

شرطة من كينيا

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مجتمعاً مع رئيس الوزراء الجامايكي أندرو هولنس ووزيرة الخارجية كامينا جونسون سميث والسفير الأميركي لدى جامايكا نيك بيري في كينغستون (أ.ف.ب)

وبعد أشهر من التأخير، وقعت هايتي وكينيا اتفاقاً هذا الشهر للمضي قدماً في نشر ألف من الضباط وعناصر الشرطة الكينيين في الدولة الكاريبية. وقال الرئيس الكيني ويليام روتو إن بلاده لديها «واجب تاريخي» للمضي في ذلك؛ لأن «السلام في هايتي مفيد للعالم ككل».

وكذلك أعلن وزير الداخلية الكيني كيثور كينديكي أن المهمة كانت لا تزال في «مرحلة ما قبل الانتشار»، وأن كل البرامج وإجراءات التنفيذ الأخرى المتعلقة بالانتشار باتت موجودة بالفعل.

وقال رئيس الوزراء الجامايكي أندرو هولنس: «نشعر بحزن عميق لأن الوقت فات بالفعل بالنسبة للكثيرين الذين فقدوا الكثير على أيدي العصابات الإجرامية»، مضيفاً أن «الخوف من تفاقم الوضع في هايتي وتحوله إلى حرب أهلية صار الآن حقيقياً. نحن جميعاً متفقون على أنه لا يمكن السماح بحدوث ذلك، ليس في نصف الكرة الأرضية الذي نعيش فيه».

ودخلت هايتي في حالة من الاضطرابات الشديدة منذ اغتيال الرئيس جوفينيل مويز عام 2021 وانتشار أعمال عنف العصابات. وحتى الآن، لا يوجد للبلاد رئيس ولا أي مسؤولين وطنيين منتخبين آخرين.

وأدى هنري اليمين رئيساً للوزراء بعد أسبوعين من اغتيال مويز. لكن الهايتيين لم يتمكنوا بعد من اختيار خليفة منتخب ديمقراطياً.

ووصلت الاضطرابات الحالية إلى مستويات لا سابق لها منذ عقود. وأدى التصعيد الأخير لأعمال العنف، وهجمات العصابات على مراكز الشرطة، وغيرها من الهجمات المنسقة على سجنين، إلى إطلاق نحو أربعة آلاف من السجناء، وإلى جعل الهايتيين يواجهون كارثة إنسانية في ظل تقييد إمكانية الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية بشدة.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أجلت القوات الأميركية الموظفين غير الأساسيين من السفارة الأميركية في بورت أو برنس.



الانتخابات الفنزويلية: تفاؤل حذر في صفوف المعارضة ومخاوف بأوساط النظام

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره في كاراكاس في 25 يوليو (د.ب.أ)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره في كاراكاس في 25 يوليو (د.ب.أ)
TT

الانتخابات الفنزويلية: تفاؤل حذر في صفوف المعارضة ومخاوف بأوساط النظام

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره في كاراكاس في 25 يوليو (د.ب.أ)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره في كاراكاس في 25 يوليو (د.ب.أ)

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والعامة في فنزويلا، ضاعف نظام نيكولاس مادورو هجماته ضد وسائل الإعلام التي يتّهمها بدعم الدبلوماسي المخضرم إدموندو غونزاليس الذي اختارته مرشحة المعارضة ماريا كورينا، بديلاً عنها بعد أن أصدرت المحكمة الانتخابية قراراً ينزع عنها أهلية الترشح في الانتخابات الرئاسية.

وتقول أوساط النظام إن الصحف المحلية تُروّج لنتائج استطلاعات مزوّرة تُرجّح فوز غونزاليس، وهي استطلاعات سبق أن أصابت ترجيحاتها في الماضي. وتدّعي هذه الأوساط أنّ ثمّة مؤامرة دولية تُحاك على عدة جبهات لإسقاط نيكولاس مادورو، وإنهاء ربع قرن من حكم الحركة التي أسسها الرئيس الراحل هوغو تشافيز.

هجوم حاد

وتُشارك في هذه الحملة قيادات النظام، من مادورو وذراعه اليمنى خورخي رودريغيز، إلى النائب العام ورئيس المحكمة الانتخابية. ويتّهمون عدداً من الصحف الأجنبية بتمويل حملة كورينا ضد النظام من أموال المخدرات والودائع الفنزويلية المجمّدة في الخارج.

زعيمة المعارضة ماريا كورينا ومرشّحها إدموندو غونزاليس في فعالية انتخابية بكاراكاس في 25 يوليو (أ.ف.ب)

وكان مادورو بذاته قد أدلى بتصريحات هذا الأسبوع، هاجم فيها عدداً من الصحف المحلّية والأجنبية فيما وصفها بأنها «خطة لإعلان الانتخابات مزوّرة مسبقاً، بالاتفاق مع المعارضة». وقال مادورو إن هذه الخطة تديرها مجموعة من «وسائل الإعلام المأجورة، مثل (وكالة الصحافة الفرنسية) و(أسوشييتد برس) و(سي إن إن) وصحيفة (إلباييس) و(نيويورك تايمز) و(واشنطن بوست)».

ويأتي هذا التصعيد من جانب النظام الفنزويلي عشية الانتخابات، بالتزامن مع تصريحات لبعض الزعماء الإقليميين القريبين منه الذين يحضّون مادورو على التخلي عن الحكم في حال فوز المعارضة. وكان الرئيس الأرجنتيني السابق ألبرتو فرنانديز قد أعلن، أمس، أن الحكومة الفنزويلية طلبت إليه عدم التوجه إلى كاراكاس للمشاركة في مراقبة الانتخابات، كما سبق أن طلبت منه المحكمة الانتخابية. وذلك بعد أن قال في تغريدة له على «إكس»، إنه يتوجب على مادورو المغادرة إذا خسر الانتخابات. وكان الرئيس البرازيلي لولا قد أدلى بتصريحات مماثلة منذ أيام، قال فيها: «من يخسر يغادر الحكم، ومن يفوز يحكم. هذه هي الديمقراطية». وقال لولا إنه أصيب بالهلع من تصريحات لمادورو، حذّر فيها من «حمّام دم» في فنزويلا إذا فازت المعارضة، ودعا الرئيس الفنزويلي لتناول «شراب لتهدئة الأعصاب».

قلق إقليمي

أنصار مادورو في فعالية انتخابية بكاراكاس في 25 يوليو (رويترز)

من جهته، قال الرئيس الكولومبي بترو إن حكومته تراقب باهتمام كبير وحذر شديد هذه الانتخابات الفنزويلية؛ وذلك نظراً للعلاقات التاريخية التي تربط البلدين المتجاورين، ودعا إلى احترام النتائج أياً كانت، كاشفاً أن حكومته تسعى منذ فترة لإقناع المعارضة الفنزويلية والنظام بالتوقيع على ميثاق يتعهد فيه الطرفان باحترام نتائج انتخابات الأحد المقبل. وقال بترو إنه أجرى محادثات مطوّلة مع مادورو منذ أيام، شدّد فيها على ضرورة أن تعود فنزويلا إلى «النظام الديمقراطي الليبرالي»، وأبلغ نظيره الفنزويلي بأنه والرئيس البرازيلي على استعداد لبذل ما يلزم من جهود لرفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن فنزويلا، شريطة أن يكفّ النظام عن مضايقة المعارضة وملاحقتها، وأن يُنظّم انتخابات حُرّة وعادلة. وكان بترو قد انتقد بشدة القرار الذي اتخذته المحكمة الانتخابية الفنزويلية بنزع أهلية الترشح عن زعيمة المعارضة ماريا كورينا.

ومن المؤشرات على تزايد المخاوف الإقليمية من التطورات التي قد تنشأ عن الانتخابات الفنزويلية، خاصة في حال فوز المعارضة ورفض مادورو النتائج والتخلي عن الحكم، ما جاء في تصريحات أدلى بها لولا إلى التلفزيون البرازيلي مساء الخميس؛ إذ قال: «قلت لمادورو مرّتين، وهو يعرف ذلك، إن السبيل الوحيدة لعودة فنزويلا إلى وضعها الطبيعي هي إجراء انتخابات تحظى باحترام الجميع. وإذا كان مادورو يريد المساهمة في عودة بلاده إلى مسار النمو الاقتصادي، وعودة الذين غادروا فنزويلا، يجب عليه أن يحترم العملية الديمقراطية».

في موازاة ذلك، فاجأت تصريحات أدلى بها نيكولاس مادورو غيرّا، نجل الرئيس الفنزويلي، قال فيها: «إذا فاز مرشح المعارضة إدموندو غونزاليس، سنسلمه الحكم وننتقل إلى المعارضة».