تغييرات في مراكز تجارة الكوكايين العالمية

كولومبيا تتراجع... وعصابات ألبانية وبرازيلية وإكوادورية وإسرائيلية تتقدم

صورة وزّعها الحرس المدني الإسباني لزورق سريع جرى احتجازه في إطار عملية مشتركة بين إسبانيا والبرتغال ضد مهربي المخدرات في 22 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الحرس المدني الإسباني لزورق سريع جرى احتجازه في إطار عملية مشتركة بين إسبانيا والبرتغال ضد مهربي المخدرات في 22 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

تغييرات في مراكز تجارة الكوكايين العالمية

صورة وزّعها الحرس المدني الإسباني لزورق سريع جرى احتجازه في إطار عملية مشتركة بين إسبانيا والبرتغال ضد مهربي المخدرات في 22 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الحرس المدني الإسباني لزورق سريع جرى احتجازه في إطار عملية مشتركة بين إسبانيا والبرتغال ضد مهربي المخدرات في 22 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

تشهد سوق الكوكايين تغييرات. ومع أن كولومبيا تشكل أكبر منتج لهذا النوع من المخدرات، بدأ لاعبون آخرون في العالم يكتسبون أهمية لناحية إنتاجه وتوزيعه، حسب تقرير يستند إلى آلاف الملفات التابعة للمدعي العام الكولومبي سرّبها قراصنة.

وحققت كولومبيا رقماً قياسياً في زراعة أوراق الكوكا عام 2022، إذ زُرع 230 ألف هكتار وأُنتج 1738 طناً من الكوكايين، حسب الأمم المتحدة.

صورة من الجو لمَزارع أوراق الكوكا في كولومبيا 11 مايو 2023 (أ.ف.ب)

وبدأت مجموعات مكسيكية وألبانية وبرازيلية وإكوادورية وإسرائيلية تكتسب قوة في تجارة المخدرات العالمية، وفق مجموعة من نحو مائة صحافي اطّلعوا على 7 ملايين رسالة بريد إلكتروني و38 ألف ملف، سرّبتها مجموعة «غواكامايا» التي اخترقت عام 2022 الأجهزة الأمنية والجيوش في المكسيك وتشيلي وبيرو والسلفادور وكولومبيا.

من هنا برز «ناركوفايلز»، وهو تقرير يتناول شبكات إنتاج الكوكايين والاتجار به في مختلف أنحاء العالم. وفي حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، يقول ناتان جاكار، العامل في «أورغنايزد كرايم آند كورّبشن ريبورتينغ بروجكت»، وهي شبكة عالمية من الصحافيين الاستقصائيين: «إن السوق تتغير».

كولومبي يحمل أوراق كوكا (أ.ف.ب)

وفي أغسطس (آب) 2022، تمكّن صحافيون من 23 بلداً مع الوصول إلى الملفات المخترَقة من مكتب المدعي العام الكولومبي، التي تُظهر دور إنتاج الموز في تصدير الكوكايين، وزيادة الاتجار على طول طرق مثل نهر الأمازون، الذي تنطلق منه أعداد متزايدة من الغواصات المحمَّلة بالكوكايين إلى المحيط الأطلسي.

ومن النقاط الجديدة في سوق الكوكايين الحدود بين كولومبيا والبيرو والبرازيل، وهي منطقة «كانت هادئة نسبياً قبل 15 عاماً»، حسب جاكار.

مختبر لمعالجة عجينة الكوكا في كولومبيا (أ.ف.ب)

ويكشف تقرير «ناركو فايلز» أيضاً عن أن حقول زراعة أوراق الكوكا تضاعفت في أميركا الوسطى والمكسيك، بينما تُعالج عجينة الكوكا بشكل متزايد داخل مختبرات في أوروبا.

إنتاج الموز

يشير الخبراء إلى أنّ انخفاض أسعار أوراق الكوكا في كولومبيا وظهور مخدرات جديدة في العالم قد أثّرا على تجارة الكوكايين في البلاد. تقول المحللة في «كرايسز غروب» إليزابيث ديكنسون، إن «كولومبيا لم تعد تؤدي دوراً رئيسياً في سلسلة تهريب المخدرات الدولية».

شرطي إسباني يعرض كميات من الكوكايين والمال ومواد أخرى جرى ضبطها في 25 أكتوبر 2018 (رويترز)

ويوضح جاكار أن «تجار المخدرات يقررون الاقتراب من الأسواق» لخفض التكاليف والمخاطر مع زيادة الأرباح إلى الحد الأقصى.

وتشير ديكنسون إلى أن هذه التغييرات أدّت إلى أنّ العصابات الكولومبية، التي كانت تضم سابقاً زعماء كبابلو إسكوبار، لم تعد «تتحكّم» في السوق.

ومع أنّ تنظيمات إجرامية كبيرة، على غرار «كلان ديل غولفو»، المنتج الرئيسي للكوكايين في العالم، لا تزال ناشطة في البلاد، «نشهد انحلالاً لجماعات» تقوّض قوتها، على قول جاكار.

في الوقت نفسه، تكتسب مجموعات مكسيكية وألبانية وبرازيلية وإكوادورية وإسرائيلية قوة. وتؤكد أنّا ماريا رويدا، الباحثة في مؤسسة «أيدياز بارا لا باز»، «ظهور لاعبين آخرين قادرين مستقبلاً على منافسة كولومبيا في السوق».

وتشير مذكرة بين كولومبيا وإسرائيل من ضمن الوثائق المسرَّبة، إلى «زيادة كبيرة» في الجرائم التي يرتكبها في كولومبيا إسرائيليون على خلفية قضايا مرتبطة بتهريب الكوكايين، حسب السلطات المحلية.

ويكشف تقرير «ناركو فايلز» عن الدور المتنامي لإنتاج الموز في تصدير الكوكايين. وتشير المفوضية الأوروبية إلى أنّ 70 في المائة من عمليات ضبط المخدرات في أوروبا تجري في الموانئ. ويستخدم المتاجرون شحنات الموز لإخفاء بضائعهم، لأنّ المنتجات الطازجة تخضع للإجراءات الجمركية سريعاً.



«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

TT

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)
الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

افتتح الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، قمة «مجموعة العشرين»، الاثنين، بإطلاق تحالف عالمي ضد الجوع والفقر «للقضاء على هذه الآفة التي تمثل عاراً على الإنسانية».

وانطلقت القمة وسط أوضاع عالمية صعبة تخيم عليها صعوبات التوصل إلى تسوية حول المناخ والخلافات الكبيرة في وجهات النظر حول أوكرانيا والشرق الأوسط، وترقب عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وقال الرئيس البرازيلي وهو عامل سابق نشأ في الفقر بشمال شرقي البلاد، إن هذا التحالف الذي يضم 81 دولة «ينشأ في قمة مجموعة العشرين، لكنه عالمي. فلتكن لدى هذه القمة الشجاعة للتحرك». ورأت منظمة «أوكسفام» الخيرية أن هذا التحالف العالمي «يمكن أن يكون نقطة تحول في المعركة ضد الجوع والفقر المدقع، لكنها حضت المبادرة على الذهاب إلى أبعد من ذلك من خلال إدخال تغييرات في الزراعة ودعم حقوق الأراضي» ومواجهة «استخدام الجوع سلاحاً».

ويحظى التحالف العالمي ضد الجوع والفقر بدعم منظمات دولية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ـ وكلاهما عضو في مجموعة العشرين ـ وكذلك من مؤسسات مالية ومنظمات غير حكومية، ما يرفع العدد الإجمالي للموقعين على التحالف إلى 147. وهدف المبادرة طموح؛ وهو الحد من الجوع في العالم الذي أثر على 733 مليون شخص في العام الماضي ـ أي ما يعادل 9 في المائة من سكان العالم، بحسب الأمم المتحدة.

تحدي التغير المناخي

ويسعى رؤساء دول وحكومات القوى الاقتصادية الكبرى المتطورة والناشئة، وفي طليعتهم الرئيس الأميركي جو بايدن في أواخر ولايته ونظيره الصيني شي جينبينغ، لإحراز تقدم حول مسألة تمويل سبل التصدي للتغير المناخي.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأحد، قادة الدول العشرين إلى الاضطلاع بدورهم «القيادي» والقيام بـ«تسويات» تسمح بتحقيق «نتيجة إيجابية في مؤتمر (كوب 29)» حول المناخ المنعقد في باكو وحيث المفاوضات حول هذه المسألة متعثرة منذ أسبوع.

 

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

انقسامات

تنعقد القمة في وقت تشهد فيه الأسرة الدولية انقسامات حول مسألتي الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب إسرائيل مع حركة «حماس» في قطاع غزة و«حزب الله» في لبنان. وأقر مصدر حكومي ألماني قبل القمة بأن «المفاوضات حول أوكرانيا والشرق الأوسط... هي الأكثر صعوبة. سنرى إلى أين يمكننا المضي في البيان، سيكون هذا تحدياً». وأوضح مسؤول آخر أنه بينما تقف الصين في صف روسيا فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، تعتقد ألمانيا أن بكين ستجد صعوبة أكبر في البقاء على هذا الموقف مع تحول الصراع إلى «عالمي» مع نشر روسيا قوات كورية شمالية.

 

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

ووجهت الرئاسة الفرنسية تحذيراً بشأن أوكرانيا التي تعرضت للتو لواحدة من أضخم الهجمات الروسية منذ أشهر، قائلة: «سنعارض بحزم أي تراجع في الخطاب».

وسيكون الرئيس فلاديمير بوتين الغائب الأكبر عن القمة، بعدما تَغَيَّبَ عن الاجتماعات الأخيرة، غير أن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى لحظة استراتيجية؛ إذ أعلنت واشنطن الأحد أنها أجازت لكييف استخدام صواريخ بعيدة المدى سلمتها إياها لضرب عمق الأراضي الروسية.

غموض بشأن موقف ميلي

فهل تتوصل مجموعة العشرين إلى التفاهم على بيان ختامي بحلول نهاية القمة، الثلاثاء؟

واقترنت الخلافات حول النزاعات الكبرى الجارية خلال الأيام الأخيرة بغموض حول الموقف الذي سيعتمده الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي الليبرالي المتطرف والمشكك في حقيقة التغير المناخي. وقال رئيس الوفد الأرجنتيني إلى القمة فيديريكو بينييدو إن بوينوس أيريس قدمت بعض الاعتراضات، ولن توقع «بالضرورة» النص، دون الخوض في التفاصيل.

ويأمل الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يستضيف القمة أن يسجل نقاطاً في الملفات الاجتماعية، وهو المروج لمفهوم «الجنوب الشامل» والمدافع عن الطبقات الأكثر فقراً. وحذر لولا مساء الأحد في مقابلة أجرتها معه شبكة «غلوبو نيوز» البرازيلية بأنه يعتزم طرح النزاعات جانباً «وإلا فلن نناقش المسائل الأخرى التي تهم... الفقراء المنسيين في العالم».

والرئيس البرازيلي، وهو نفسه عامل سابق ومتحدر من عائلة فقيرة، مصمِّم على تحقيق إنجاز كبير مع إطلاق «تحالف عالمي ضد الجوع والفقر»، صباح الاثنين.

وسيجمع هذا التحالف دولاً من العالم بأسره ومؤسسات دولية سعياً لإيجاد وسائل مالية ودعم المبادرات التي تحقق نتائج محلياً. كما يدفع لولا باتجاه فرض ضرائب على الأكثر ثراءً، بعدما تعهد وزراء مالية «مجموعة العشرين» بـ«التعاون» في هذه المسألة خلال اجتماعاتهم في ريو دي جانيرو في يوليو (تموز) وفي واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول).

شرذمة

يخيم ظل ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، مطلع العام المقبل، على اجتماع ريو، لا سيما بعدما زاره ميلي في مقره في فلوريدا قبل بضعة أيام. ووجه بايدن رسالة إلى خلفه خلال زيارة قام بها لمنطقة الأمازون البرازيلية، إذ أكد أنه «لا أحد يمكنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء» في ما يتعلق بـ»ثورة الطاقة النظيفة». ودافع في قلب الغابة الاستوائية في ماناوس عن حصيلته في مكافحة الاحتباس الحراري، مؤكدا أن هذه الظاهرة «ربما تكون التهديد الوجودي الوحيد لكل دولنا وللبشرية جمعاء».

وعند أبواب الولاية الجديدة للرئيس الأميركي الجمهوري المؤيد للطاقات الأحفورية والمعارض للنهج التعددي، تتصاعد المخاوف من تراجع مكافحة الاحتباس الحراري، وازدياد شرذمة الأسرة الدولية.

وقال أوليفر ستونكل أستاذ العلاقات الدولية في مؤسسة «جيتوليو فارغاس» في ساو باولو: «ندخل بالتأكيد سيناريو عالمياً تزداد صعوبة التكهن بالمنحى الذي سيتخذه، غير أنه يترك هامشاً أكبر بكثير لدول الجنوب، للصين وسواها... لوضع رؤيتها الخاصة؛ لأن النظام القديم على وشك الانهيار».

 

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قبل اجتماعهما على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يعتزم شي جينبينغ الذي وصل، الأحد، إلى ريو دي جانيرو قادماً من ليما؛ حيث شارك في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، عقد لقاءات ثنائية مع كثير من القادة. وأفادت وسائل إعلام صينية بأن من المقرر أن يجري الرئيس شي محادثات شاملة مع نظيره البرازيلي، تتطرق إلى «تعزيز العلاقات بين البلدين بشكل أكبر».