تشيلي: الناخبون يرفضون الدستور الجديد للمرة الثانية

الهزيمة ستترك أثرها على توازن القوى داخل التحالف اليميني

متظاهرون يعبّرون عن فرحتهم بنتيجة الاستفتاء في وسط سانتياغو الأحد (أ.ف.ب)
متظاهرون يعبّرون عن فرحتهم بنتيجة الاستفتاء في وسط سانتياغو الأحد (أ.ف.ب)
TT

تشيلي: الناخبون يرفضون الدستور الجديد للمرة الثانية

متظاهرون يعبّرون عن فرحتهم بنتيجة الاستفتاء في وسط سانتياغو الأحد (أ.ف.ب)
متظاهرون يعبّرون عن فرحتهم بنتيجة الاستفتاء في وسط سانتياغو الأحد (أ.ف.ب)

بفارق يزيد على عشر نقاط (56 في المائة مقابل 44 في المائة) رفض التشيليون للمرة الثانية نص الدستور الجديد، الذي وضعته الحكومة الائتلافية السابقة بين المحافظين واليمين المتطرف، والذي كانت الحكومة اليسارية الراهنة قد أدخلت عليه بعض التعديلات الطفيفة، وعرضته في استفتاء شعبي، ليكون بديلاً عن الدستور الموروث من حقبة نظام الجنرال بينوشيه الديكتاتوري. كان هذا الاستفتاء الثاني الذي صوّتت فيه تشيلي على نص دستوري جديد تؤيده الأحزاب اليمينية، بعد الاستفتاء الأول في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، والذي كان يحظى بدعم الأحزاب اليسارية.

وفي أول تعليق له بعد ظهور النتائج النهائية، قال الرئيس التشيلي غابرييل بوريش إن «السياسة مدينة للشعب، وهذا الدين نسدده بإيجاد الحلول للمشاكل التي يعاني منها المواطنون، وتلبية مطالبهم بمزيد من الحوار والانفتاح والخروج من المتاريس السياسية، والتخلي عن محاولات فرض الرؤية السياسية الذاتية على الآخرين». وأكد أن حكومته ستطوي صفحة التعديل الدستوري إلى أجل غير مسمّى، وتنصرف لمعالجة المشكلات الوطنية الطارئة. ورأى أن الأحزاب السياسية فشلت في إقناع التشيليين، للمرة الثانية، بالتوافق حول نص دستوري جديد، وأن النص الراهن سيبقى مرعياً حتى إشعار آخر.

الرئيس التشيلي غابرييل بوريش يوجه كلمة للأمة بعد إعلان نتيجة الاستفتاء الأحد (أ.ف.ب)

تجدر الإشارة إلى أن تشيلي، التي كانت بعد سنوات على خروجها من النظام الديكتاتوري تعد قدوة من حيث النمو الاقتصادي المطرد والاستقرار السياسي والأمني، تشهد منذ أواسط العقد الماضي سلسلة من الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية العنيفة، التي قادها الطلاب والعمال، وتسببت في وقوع عشرات القتلى خلال مواجهات مع قوى الأمن والجيش. وعلى الرغم من أن الحكومة الحالية كانت تعارض النص الدستوري الجديد، لاعتباره دون طموحاتها التغييرية، فقد عدّ بوريش أن نتيجة الاستفتاء لا تستدعي الاحتفال، بل هي دعوة إلى التواضع والعمل معاً من أجل بناء مرحلة جديدة تعيد الأمن والرخاء إلى تشيلي.

مناهضو الدستور الجديد يحتفلون بعد إعلان نتيجة الاستفتاء في سانتياغو الأحد (أ.ف.ب)

لكن هذا لا يمنع أن النتيجة جاءت لصالح النظام الحالي، الذي كان يخشى هزيمة انتخابية ثالثة منذ وصوله إلى الحكم في العام الماضي. وكانت الهزيمة الأولى مطلع الخريف الماضي عندما صوّت التشيليون بأكثرية 62 في المائة ضد نص الدستور، الذي كان وضعه المجلس الدستوري بأغلبية يسارية. ثم الهزيمة الثانية في مايو (أيار) الماضي خلال انتخاب أعضاء المجلس الدستوري الجديد، الذي فاز اليمين المتطرف والمحافظون بأغلبية أعضائه.

ولعلّ التعبير الأوضح الذي يعكس واقع الأحزاب اليسارية حالياً في تشيلي، بعد نيف وعام على وصولها إلى الحكم، ما جاء على لسان الرئيسة السابقة، ميشيل باشيليه، عندما قالت وهي تدلي بصوتها ضد النص الدستوري الجديد: «أفضلّ السيئ على الأسوأ». واعترف زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف، أنطونيو كاست، أيضاً أنه ليس هناك ما يستدعي الاحتفال بعد رفض غالبية المواطنين النص الدستوري الذي اقترحته الأحزاب اليمينية، وأن الحكومة والأحزاب اليسارية ليس لديها هي أيضاً ما تحتفل به. وأضاف أن الضرر الذي تسبب به الجدل الدستوري طيلة أربع سنوات سيستغرق تعويضه فترة طويلة. وبعد أن قاد كاست حملة الدفاع عن النص الدستوري الجديد، خلال الحملة الانتخابية التي سبقت الاستفتاء، يُنتظر الآن أن تترك هذه الهزيمة أثرها على توازن القوى داخل التحالف اليميني، الذي يسيطر عليه حزبه بعد أن نال 35 في المائة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة، وأصبح القوة السياسية الأولى في البلاد.

زعيم التحالف اليميني أنطونيو كاست يتحدث بعد إعلان نتيجة الاستفتاء الأحد (أ.ف.ب)

ولن يقتصر التنافس حول مواقع النفوذ وحجمه داخل التحالف اليميني على القوى والأحزاب اليمينية التقليدية، إذ إن كاست يواجه معارضة شديدة داخل الحزب الجمهوري من تيار قوي كان رفض المضي في الدعوة إلى استفتاء شعبي لتغيير الدستور، الذي وضعه نظام بينوشيه في سبعينات القرن الماضي بعد الانقلاب على حكومة سلفادور أليندي، الذي تمّ تعديله حتى الآن أكثر من 70 مرة. ولم يعد مستبعداً أن يقرر زعيم هذا التيّار، العضو في مجلس الشيوخ، روخو إدواردز، الذي شوهد يحتفل مع أنصاره بنتيجة الاستفتاء، أن يقرر تشكيل حزب جديد من شأنه أن يضعف موقع كاست داخل التحالف اليميني، وينال من حظوظه في أن يكون مرشح هذا التحالف في الانتخابات الرئاسية بعد عامين. وأفادت الهيئة المشرفة على الاستفتاء بأن نسبة المشاركة بلغت 84 في المائة، بعد أن كانت الحكومة السابقة قد فرضت التصويت الإلزامي في جميع الانتخابات المحلية والوطنية.

وكانت عدة منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان قد انتقدت النص الدستوري المقترح على الاستفتاء، لاعتباره يشكّل تراجعاً ملحوظاً في مجال حقوق المرأة والأقليات العرقية، وأيضاً في دور القوات المسلحة التي كان النص يجيز تدخلها لحفظ الأمن داخل الحدود، وهو ما كان محظوراً عليها بعد تعديل إحدى مواد الدستور نهاية العقد الماضي.



مرشح المعارضة الفنزويلية لانتخابات الرئاسة مهدد بالسجن

المعارض الفنزويلي إدموندو غونزاليس أوروتيا في كاراكاس فنزويلا - 23 مايو 2024 (أ.ف.ب)
المعارض الفنزويلي إدموندو غونزاليس أوروتيا في كاراكاس فنزويلا - 23 مايو 2024 (أ.ف.ب)
TT

مرشح المعارضة الفنزويلية لانتخابات الرئاسة مهدد بالسجن

المعارض الفنزويلي إدموندو غونزاليس أوروتيا في كاراكاس فنزويلا - 23 مايو 2024 (أ.ف.ب)
المعارض الفنزويلي إدموندو غونزاليس أوروتيا في كاراكاس فنزويلا - 23 مايو 2024 (أ.ف.ب)

بات مرشح المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس أوروتيا الذي يدعي الفوز على نيكولاس مادورو في الانتخابات الرئاسية في 28 يوليو (تموز)، مهدَّداً بالاعتقال إذا لم يمثل صباح الجمعة للرد على استدعاء القضاء الذي سبق له أن تجاهله مرتين.

ويعيش غونزاليس أوروتيا، السفير السابق البالغ 75 عاماً، في شبه سرية، ولم يظهر علناً منذ 30 يوليو. وإمكانية تسليم نفسه إلى مكتب المدعي العام في كاراكاس ضئيلة. وقد سبق له أن امتنع عن تنفيذ استدعاءين سابقين، منهما جلسات المحكمة العليا التي أرادت الاستماع إلى جميع المرشحين في الانتخابات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

في تسجيل فيديو نُشر، مساء الأحد، على شبكة للتواصل الاجتماعي، قال غونزاليس أوروتيا إن النائب العام طارق وليم صعب «يدين مسبقاً ويضغط الآن من أجل استدعاء، دون أي ضمان للاستقلالية».

وأعلن مكتب المدعي العام أنه تم استدعاء غونزاليس أوروتيا «للمثول في 30 أغسطس (آب) الساعة 10:00 صباحا (14:00 بتوقيت غرينتش)»، مؤكداً أنه «إذا لم يمثل»، فستصدر «مذكرة توقيف» بحقه.

وكان صعب اعتبر الجمعة أنه يتعيّن على مرشح المعارضة «تحمل المسؤولية»، مضيفاً: «يجب أن يذهب إلى هذا الاستدعاء للتحدث... عن مسؤوليته قبل 28 يوليو وخلال 28 يوليو وبعد 28 يوليو، عن (تمرده) وعصيانه السلطات المشكَّلة شرعياً».

وأثار إعلان فوز مادورو (61 عاماً) بولاية ثالثة مظاهرات عفوية قُمِعت بوحشية. وقُتل في المظاهرات 27 شخصاً، وأُصيب 192 بجروح فيما اعتقل 2400 شخص، وفق مصادر رسمية.

ويتهم مادورو بانتظام غونزاليس أوروتيا بالمسؤولية عن أعمال العنف، ويصفه بـ«الجبان».

ورد عليه غونزاليس أوروتيا مساء الأحد قائلاً: «حان الوقت لتفهموا مرة واحدة وأخيرة أن الحل لا يكمن في القمع، بل في التحقق الدولي المستقل والموثوق من النتائج».

ومن دون مفاجآت، صادقت المحكمة العليا الفنزويلية التي يعتبرها مراقبون موالية للسلطات، الخميس الماضي، على الفوز المعلَن لمادورو، وهو قرار وصفه الأخير بأنه «تاريخي ولا جدال فيه»، بينما اعتبرته المعارضة «باطلاً وملغى».