بعضهم هياكل عظمية... «عنف العصابات» يفاقم سوء تغذية أطفال هايتي

طفل من هايتي يعاني من سوء التغذية في مستشفى فونتين في سيتي سولاي، أكبر حي فقير في العاصمة بور أو برنس (أ.ف.ب)
طفل من هايتي يعاني من سوء التغذية في مستشفى فونتين في سيتي سولاي، أكبر حي فقير في العاصمة بور أو برنس (أ.ف.ب)
TT

بعضهم هياكل عظمية... «عنف العصابات» يفاقم سوء تغذية أطفال هايتي

طفل من هايتي يعاني من سوء التغذية في مستشفى فونتين في سيتي سولاي، أكبر حي فقير في العاصمة بور أو برنس (أ.ف.ب)
طفل من هايتي يعاني من سوء التغذية في مستشفى فونتين في سيتي سولاي، أكبر حي فقير في العاصمة بور أو برنس (أ.ف.ب)

في سيتي سولاي، أكبر حي فقير في العاصمة الهايتية بور أو برنس، الذي تسيطر عليه عصابات، تتدفّق أعداد كبيرة من الأطفال المصابين بسوء تغذية إلى مستشفى فونتين.

توفّر هذه العيادة المحلية التي أنشئت منذ أكثر من 30 عاماً في هذا الحي الفقير من العاصمة الهايتية التي تسيطر العصابات على معظمها، واحة أمان للسكان في «منطقة ينعدم فيها القانون»، على حد تعبير مؤسسها جوزيه أوليس.

يعتني مقدمو الرعاية هنا بالرضع والأطفال الذين تجلبهم أمهاتهم أو ترسلهم جمعيات أو كهنة، على ما أوضح المدير لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال أوليس: «نستقبل كل يوم 120 إلى 160 طفلاً لتلقيحهم، وعندها نجري اختبارات وفحوصاً، خصوصاً لسوء التغذية».

وأضاف: «قبل أربع سنوات، كان يأتي نحو 10 أطفال يومياً مصابين بسوء تغذية، لكن اليوم هناك 40 إلى 50 طفلاً في حاجة إلى مساعدة غذائية يومياً».

عاملة صحية خلال علاج طفلة في مستشفى فونتين في سيتي سولاي، أكبر حي فقير في العاصمة بور أو برنس (أ.ف.ب)

في مواجهة هذا الارتفاع الحاد في حالات سوء التغذية، يجري المركز فرزاً. يعالج الأطفال الذين يعانون حالات أقل خطورة ويرسلهم إلى المنزل مع مساعدة غذائية لعائلاتهم، أما الذين يعانون أشكالاً أكثر خطورة من سوء التغذية، فيتم إدخالهم المستشفى.

وقال أوليس: «في بعض الحالات، يكون الأطفال مجرد هيكل عظمي ويواجهون صعوبة في التنفس».

وأضاف: «في السابق، كانت لدينا طاقة استيعابية تراوح بين 20 و25 سريراً، لكن هذا العام مع ذروة (حالات سوء التغذية الحاد)، زدنا عدد الأسرة. لدينا الآن نحو 60».

يبقى الأطفال في المركز حتى يستقر وزنهم، وقد يستغرق الأمر في بعض الأحيان عدة أسابيع.

يراقب دافيد البالغ 19 شهراً واقفاً على مدخل إحدى الغرف، الوافدين والراحلين. هو أحد نزلاء المركز الذين يعانون سوء تغذية حاداً.

هذه العيادة الصحية المدعومة من اليونيسف، هي أحد المراكز القليلة التي لا تزال مفتوحة في العاصمة، حيث انتشر في كل أنحائها إرهاب مجموعات مسلحة في السنوات الأخيرة.

* عنف العصابات

أدى عنف العصابات في البلاد إلى زيادة بنسبة 30 % في سوء التغذية الحاد بين الأطفال خلال عام واحد، وفق الأرقام التي نشرتها اليونيسف في مايو (أيار).

وحسب الوكالة التابعة للأمم المتحدة، يعاني طفل من بين كل أربعة أطفال تقريباً سوء تغذية مزمناً، ويتوقّع أن يعاني 115600 طفل من أخطر أشكال سوء التغذية في عام 2023.

أطفال وحديثو الولادة يعانون من سوء التغذية في مركز بمستشفى فونتين في سيتي سولاي، أكبر حي فقير في العاصمة بور أو برنس (أ.ف.ب)

أما السبب فهو تفاقم الأزمة الأمنية والسياسية المزمنة التي تواجهها الدولة الكاريبية الصغيرة، بالإضافة إلى عودة مقلقة لحالات الكوليرا.

وقال رئيس منظمة اليونيسف في هايتي برونو مايس، في مايو: «عدد متزايد من الأمهات والآباء لم تعد لديهم الوسائل لتوفير الرعاية والغذاء المناسبين لأطفالهم».

من جهته، قال أوليس: «للعنف تبعات على حياة سكان هايتي برمتها: على الصحة لأن الناس لم يعد بإمكانهم الوصول إلى المراكز الصحية، وعلى الاقتصاد لأن الناس لا يستطيعون الذهاب إلى العمل من دون المخاطرة بتوقيفهم وسلبهم في طريق العودة إلى المنزل، وعلى التجارة...».

وختم قائلاً: «العنف في كل مكان»، مع انتشار قناصة على الأسطح وعمليات اغتصاب وخطف وقتل.


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

TT

«مجموعة العشرين» تعقد قمتها وسط أوضاع عالمية غير مستقرة

جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)
جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

يلتقي قادة «مجموعة العشرين»، الاثنين، في ريو دي جانيرو لعقد قمة تجري وسط أوضاع عالمية صعبة تخيم عليها صعوبات التوصل إلى تسوية حول المناخ والخلافات الكبيرة في وجهات النظر حول أوكرانيا والشرق الأوسط وترقب عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ويسعى رؤساء دول وحكومات القوى الاقتصادية الكبرى المتطورة والناشئة، وفي طليعتهم الرئيس الأميركي جو بايدن في أواخر ولايته ونظيره الصيني شي جينبينغ، لإحراز تقدم حول مسألة تمويل سبل التصدي للتغير المناخي.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأحد، قادة الدول العشرين إلى الاضطلاع بدورهم «القيادي» والقيام بـ«تسويات» تسمح بتحقيق «نتيجة إيجابية في مؤتمر (كوب 29)» حول المناخ المنعقد في باكو وحيث المفاوضات حول هذه المسألة متعثرة منذ أسبوع.

وتمثل «مجموعة العشرين» المؤلفة من 19 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و80 المائة من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم.

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

انقسامات

تنعقد القمة في وقت تشهد فيه الأسرة الدولية انقسامات حول مسألتي الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب إسرائيل مع حركة «حماس» في قطاع غزة و«حزب الله» في لبنان. وأقر مصدر حكومي ألماني قبل القمة بأن «المفاوضات حول أوكرانيا والشرق الأوسط... هي الأكثر صعوبة. سنرى إلى أين يمكننا المضي في البيان، سيكون هذا تحدياً». وأوضح مسؤول آخر أنه بينما تقف الصين في صف روسيا فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، تعتقد ألمانيا أن بكين ستجد صعوبة أكبر في البقاء على هذا الموقف مع تحول الصراع إلى «عالمي» مع نشر روسيا قوات كورية شمالية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

ووجهت الرئاسة الفرنسية تحذيراً بشأن أوكرانيا التي تعرضت للتو لواحدة من أضخم الهجمات الروسية منذ أشهر، قائلة: «سنعارض بحزم أي تراجع في الخطاب».

وسيكون الرئيس فلاديمير بوتين الغائب الأكبر عن القمة، بعدما تَغَيَّبَ عن الاجتماعات الأخيرة، غير أن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى لحظة استراتيجية؛ إذ أعلنت واشنطن الأحد أنها أجازت لكييف استخدام صواريخ بعيدة المدى سلمتها إياها لضرب عمق الأراضي الروسية.

غموض بشأن موقف ميلي

فهل تتوصل مجموعة العشرين إلى التفاهم على بيان ختامي بحلول نهاية القمة، الثلاثاء؟

واقترنت الخلافات حول النزاعات الكبرى الجارية خلال الأيام الأخيرة بغموض حول الموقف الذي سيعتمده الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي الليبرالي المتطرف والمشكك في حقيقة التغير المناخي. وقال رئيس الوفد الأرجنتيني إلى القمة فيديريكو بينييدو إن بوينوس أيريس قدمت بعض الاعتراضات، ولن توقع «بالضرورة» النص، دون الخوض في التفاصيل.

ويأمل الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يستضيف القمة أن يسجل نقاطاً في الملفات الاجتماعية، وهو المروج لمفهوم «الجنوب الشامل» والمدافع عن الطبقات الأكثر فقراً. وحذر لولا مساء الأحد في مقابلة أجرتها معه شبكة «غلوبو نيوز» البرازيلية بأنه يعتزم طرح النزاعات جانباً «وإلا فلن نناقش المسائل الأخرى التي تهم... الفقراء المنسيين في العالم».

والرئيس البرازيلي، وهو نفسه عامل سابق ومتحدر من عائلة فقيرة، مصمِّم على تحقيق إنجاز كبير مع إطلاق «تحالف عالمي ضد الجوع والفقر»، صباح الاثنين.

وسيجمع هذا التحالف دولاً من العالم بأسره ومؤسسات دولية سعياً لإيجاد وسائل مالية ودعم المبادرات التي تحقق نتائج محلياً. كما يدفع لولا باتجاه فرض ضرائب على الأكثر ثراءً، بعدما تعهد وزراء مالية «مجموعة العشرين» بـ«التعاون» في هذه المسألة خلال اجتماعاتهم في ريو دي جانيرو في يوليو (تموز) وفي واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول).

شرذمة

يخيم ظل ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، مطلع العام المقبل، على اجتماع ريو، لا سيما بعدما زاره ميلي في مقره في فلوريدا قبل بضعة أيام. ووجه بايدن رسالة إلى خلفه خلال زيارة قام بها لمنطقة الأمازون البرازيلية، إذ أكد أنه «لا أحد يمكنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء» في ما يتعلق بـ»ثورة الطاقة النظيفة». ودافع في قلب الغابة الاستوائية في ماناوس عن حصيلته في مكافحة الاحتباس الحراري، مؤكدا أن هذه الظاهرة «ربما تكون التهديد الوجودي الوحيد لكل دولنا وللبشرية جمعاء».

وعند أبواب الولاية الجديدة للرئيس الأميركي الجمهوري المؤيد للطاقات الأحفورية والمعارض للنهج التعددي، تتصاعد المخاوف من تراجع مكافحة الاحتباس الحراري، وازدياد شرذمة الأسرة الدولية.

وقال أوليفر ستونكل أستاذ العلاقات الدولية في مؤسسة «جيتوليو فارغاس» في ساو باولو: «ندخل بالتأكيد سيناريو عالمياً تزداد صعوبة التكهن بالمنحى الذي سيتخذه، غير أنه يترك هامشاً أكبر بكثير لدول الجنوب، للصين وسواها... لوضع رؤيتها الخاصة؛ لأن النظام القديم على وشك الانهيار».

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قبل اجتماعهما على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يعتزم شي جينبينغ الذي وصل، الأحد، إلى ريو دي جانيرو قادماً من ليما؛ حيث شارك في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، عقد لقاءات ثنائية مع كثير من القادة. وأفادت وسائل إعلام صينية بأن من المقرر أن يجري الرئيس شي محادثات شاملة مع نظيره البرازيلي، تتطرق إلى «تعزيز العلاقات بين البلدين بشكل أكبر».