دعم رواندا انسحابات «إم 23» يخفف توترات شرق الكونغو

خبراء يرجّحون انطلاق مفاوضات جادة تحقق انفراجة

عناصر من جماعة «إم 23» المتمردة في غوما وهي مقاطعة شمال كيفو تقع شرق الكونغو الديمقراطية (رويترز)
عناصر من جماعة «إم 23» المتمردة في غوما وهي مقاطعة شمال كيفو تقع شرق الكونغو الديمقراطية (رويترز)
TT
20

دعم رواندا انسحابات «إم 23» يخفف توترات شرق الكونغو

عناصر من جماعة «إم 23» المتمردة في غوما وهي مقاطعة شمال كيفو تقع شرق الكونغو الديمقراطية (رويترز)
عناصر من جماعة «إم 23» المتمردة في غوما وهي مقاطعة شمال كيفو تقع شرق الكونغو الديمقراطية (رويترز)

خطوة جديدة في مسار سلام محتمل بين الكونغو الديمقراطية وحركة «إم 23» المتمردة والمدعومة من رواندا، بعد إعلان الأخيرة دعمها انسحابات أجرتها الحركة من إحدى مناطق سيطرتها، وإعرابها عن تطلعها لأن تقود لاستقرار البلد الغارق في النزاعات المسلحة منذ 3 عقود.

الإعلان غير المسبوق من رواندا منذ عودة القتال والتصعيد الكبير في يناير (كانون الثاني) الماضي، يراه خبراء في الشأن الأفريقي تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» خطوة مهمة من لاعب رئيسي في النزاع، ستؤدي إلى تخفيف التوترات وإمكانية التوجه إلى مفاوضات جادة تقود إلى حلول للأزمة المعقدة والمتشابكة.

وكان «تحالف نهر الكونغو»، الذي يضم حركة «إم 23» المتمردة، أعلن في بيان، السبت، سحب مسلحيه من مدينة واليكالي الغنية بالمعادن، في إقليم شمال كيفو، و«إعادة تمركز قواته (...) دعماً لمبادرات السلام»، وفق بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووصفت وزارة الخارجية الرواندية، في بيان نقلته وسائل إعلام، الاثنين، خطوة الانسحاب التي أكدت بدء تنفيذها بأنها «إيجابية باتجاه تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو وتحقيق سلام». بالمقابل، أعلنت حكومة الكونغو الديمقراطية في بيان، تعليق العمليات العسكرية في واليكالي، في سياق تنفيذ اتفاق ميداني لخفض التوتر بعد انسحاب «إم 23»، معبرة عن أملها في أن يُمهّد هذا التعليق الطريق لاستئناف الحوار مع الحركة المتمردة وسواها من الفصائل المسلحة.

وحركة «إم 23» من بين نحو 100 جماعة مسلحة تتناحر للحصول على موطئ قدم في شرق الكونغو الغني بالمعادن، والقريب من الحدود مع رواندا، ووفقاً لتقديرات حكومة الكونغو الديمقراطية قبل نحو شهر، فإن 7 آلاف شخص على الأقل لقوا حتفهم في القتال، ونحو 450 ألفاً أصبحوا دون مأوى، بعد تدمير 90 مخيم إيواء منذ يناير الماضي.

وتجدد النزاع، الذي يعود إلى نحو 3 عقود، بشكل لافت في يناير الماضي، مع شنّ المتمردين، الذين تقودهم عرقية «التوتسي» والمدعومين من رواندا، هجوماً في شرق الكونغو الديمقراطية، متقدمين نحو مدينة غوما؛ ثانية كبرى مدن شرق الكونغو الديمقراطية وعاصمة إقليم شمال كيفو الذي يضم مناجم للذهب والقصدير، وكذلك مدينة بوكافو الاستراتيجية؛ كبرى مدن شرق الكونغو وعاصمة إقليم جنوب كيفو، في أكبر توسّع بالأراضي الخاضعة لسيطرة الحركة منذ بدء أحدث تمرد لها في عام 2022، وبعد صعود وهبوط في المواجهات التي ازدادت خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

الخبير في الشؤون الأفريقية مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، عبد الله أحمد إبراهيم، يرى أن «رواندا لاعب رئيسي بهذه الحرب ودعمها بيان الانسحاب يقلل الفجوات نحو السلام، بل قد يؤدي إلى اتفاق دائم».

وفي تقديرات الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، فإن تأييد رواندا انسحاب المتمردين، يحمل جانبين، الأول امتصاص حدة التوتر المتصاعدة بشرق الكونغو، والآخر تفادي أي انفجار قد يحدث بالمنطقة مع احتمال توسع الصراع لدول جوار.

ولاقي زخم التوجه للتهدئة بين المتنازعين، ترحيباً من قطر البلد الأحدث في قطار الوساطة المنطلق منذ أشهر بحضور أفريقي، وقالت الخارجية القطرية، في بيان، الاثنين، إنها «ترحب بالتصريحات الصادرة من الكونغو الديمقراطية، ورواندا، بشأن التزامهما بتهدئة الأوضاع وخفض التصعيد في منطقة شرق الكونغو، والمتعلقة ببيان (إم 23) بالانسحاب من منطقة واليكالي»، وعدَّتها «خطوة إيجابية ومهمة نحو تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة».

وفي 18 مارس (آذار) الحالي، دعا رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، ونظيره الرواندي بول كاغامي، من قطر، إلى وقف إطلاق النار في شرق الكونغو في أول محادثات مباشرة بينهما منذ أن كثف متمردو حركة «إم 23» حملتهم في شرق الكونغو في يناير.

وجاءت «قمة الدوحة» بعد فشل محاولة سابقة في أنغولا قبل أسبوع منها لجمع حكومة الكونغو وحركة «إم 23»؛ لإجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار، بعد إعلان «الاتحاد الأوروبي» فرض عقوبات على قادتها ومسؤولين روانديين.

وأعلنت الرئاسة الأنغولية، في بيان، الاثنين، عن تخليها عن دورها بصفتها وسيطاً لإفساح المجال لجهود أفريقية جديدة تسعى لإعادة محادثات السلام في شرق الكونغو لمسارها.

وكانت وزارة الخارجية الكونغولية قالت، في بيان، الأحد، إن لقاء تشيسيكيدي وكاغامي، في الدوحة «جزء لا يتجزأ من عمليات السلام الأخرى الجارية، التي تهدف إلى إيجاد حل للأزمة الأمنية التي يشهدها شرق الكونغو الديمقراطية».

ويرى عبد الله أحمد إبراهيم، أنه من الصعب أن تعارض كيغالى الدوحة؛ إذ يتمتعان بعلاقات جيدة جداً، خصوصاً مع استثمارات لقطر في رواندا بمليارات الدولارات بما فيها المطار الجديد، مرجحاً أن تقود تلك البيانات الجديدة الداعمة للتهدئة من أطراف النزاع إلى الدفع نحو مفاوضات جادة تؤدي إلى تفاهمات تنهى الأزمة المتجددة.

وبحسب تورشين، فإن الوساطة الجديدة التي تقودها قطر قد تكون الأكثر نجاحاً، وقد تستطيع أن تحقق انفراجات في ضوء مفاوضات جادة ترتكز على مزيد من الضغوط على الأطراف للوصول لحلول خاصة وتلك الأزمة معقدة ومتشابكة، متوقعاً انخفاض التوترات الأمنية الفترة المقبلة حال استمرت الوساطات في جهودها للوصول لتفاهمات حقيقية.


مقالات ذات صلة

«عشرات القتلى» بين جنود ومدنيين في هجوم بشرق بوركينا فاسو

أفريقيا نُشر مزيد من الجنود في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو عام 2022 لفرض الحالة الأمنية (أرشيفية - غيتي)

«عشرات القتلى» بين جنود ومدنيين في هجوم بشرق بوركينا فاسو

قتل «عشرات» الجنود والمدنيين من مجموعات مساندة لجيش بوركينا فاسو، الجمعة، في هجوم يشتبه بأن جهاديين نفذوه في شرق البلاد، وفق ما أفادت مصادر محلية وأمنية.

«الشرق الأوسط» (أبيدجان)
أفريقيا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (رويترز)

الصومال يعرض على أميركا سيطرة حصرية على قواعد جوية وموانٍ

قال الرئيس الصومالي، في رسالة إلى نظيره الأميركي، إن الصومال مستعد لعرض السيطرة الحصرية للولايات المتحدة على قواعد جوية وموانٍ استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
أفريقيا رئيس جنوب السودان سلفا كير (يسار) يصافح نائب الرئيس رياك مشار (أرشيفية - أ.ب)

حكومة جنوب السودان تؤكد وضع نائب الرئيس «في الإقامة الجبرية»

أكدت حكومة جنوب السودان، الجمعة، أن النائب الأول للرئيس رياك مشار وضع «قيد الإقامة الجبرية» ودعت المواطنين إلى الهدوء.

«الشرق الأوسط» (جوبا)
شمال افريقيا السيسي يستقبل جوليوس مآدا بيو رئيس سيراليون الخميس بقصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو لمقاربة شاملة في مكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله الرئيس السيراليوني جوليوس مآدا بيو إلى تبنى مقاربة شاملة في مكافحة الإرهاب لا تقتصر على الحلول العسكرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا جنود كاميرونيون في كولوفاتا بالكاميرون 16 مارس 2016 (رويترز)

مقتل 20 جندياً كاميرونياً في هجوم نفّذته «بوكو حرام»

قُتل 20 جندياً كاميرونياً، الثلاثاء، في هجوم نفذه متطرفون من جماعة بوكو حرام في شمال شرقي نيجيريا قرب الحدود مع الكاميرون.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)

الجيش النيجيري: مقتل متظاهرين رداً على إطلاق نار استهدف جنودنا

رجل أمن نيجيري في العاصمة أبوجا (رويترز)
رجل أمن نيجيري في العاصمة أبوجا (رويترز)
TT
20

الجيش النيجيري: مقتل متظاهرين رداً على إطلاق نار استهدف جنودنا

رجل أمن نيجيري في العاصمة أبوجا (رويترز)
رجل أمن نيجيري في العاصمة أبوجا (رويترز)

عزا الجيش النيجيري، اليوم الأحد، اشتباكات أسفرت عن مقتل 12 شخصاً، الجمعة، خلال مسيرة نظّمتها جماعة شيعية في أبوجا، إلى متظاهرين «عنيفين» فتحوا النار على قوات الأمن.

وأفاد تقرير استخباراتي حكومي، اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن 11 متظاهراً وجندياً واحداً قتلوا.

وقال فرع «منظمة العفو الدولية» في نيجيريا إن جنوداً أطلقوا الرصاص على محتجين للسيطرة على الحشد. ونفى الجيش هذه الوقائع.

وقال المتحدث باسم الجيش، اللواء أونيما نواشوكوو، لـ«الوكالة»: «المتظاهرون تجاهلوا أي تحذير وأصبحوا عنيفين جداً، وأطلقوا النار على عناصر أمن منتشرين (...) وحاولوا تحييدهم». وأضاف: «للأسف، وخلال تبادل إطلاق النار الذي أعقب ذلك، وبينما كانت القوات تدافع عن نفسها، قضى جندي في القتال وأصيب اثنان آخران».

ووصفت «منظمة العفو الدولية» في نيجيريا المحتجين بأنهم «يمارسون حقّهم في تنظيم مسيرة دينية»، مضيفة: «ليس هناك أي دليل على أنهم شكلوا خطراً داهماً ينطوي على تهديد لأرواح».