في الوقت الذي أُعلن فيه عن استعداد حكومات تونس والجزائر وليبيا لعقد قمة ثلاثية مصغرة جديدة في ليبيا لمناقشة ملفات التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي، كشفت المواقع الرسمية التابعة لوزارة الداخلية التونسية أن وزير الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق، وعدداً من كبار المسؤولين الأمنيين، أشرفوا في المنطقة الحدودية الصحراوية التونسية - الليبية على «عملية أمنية بيضاء» ضد هجمات إرهابية، وعصابات الجريمة المنظمة، وبينها عصابات تهريب المخدرات والبشر والسلع.
كما شملت العملية البيضاء محاولة اقتحام مؤسسة أمنية في هذه الجهة التي شهدت خلال العشرية الماضية تهريب كميات من السلاح ومجموعات من الإرهابيين وأفواج من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين.
وأوضح بلاغ السلطات الأمنية أن وزير الدولة للأمن الوطني أشرف بالمناسبة، مع عدد من مساعديه، على عمليات تفقد في محافظة تطاوين الصحراوية في أقصى الجنوب التونسي.
كما دشن بالمناسبة «قاعة العمليات» في مقر إقليم الحرس الوطني في المحافظة، وتفقد فرقة الحدود البرّية للحرس الوطني في منطقة رمادة المجاورة لليبيا والقريبة من الحدود الشرقية مع الجزائر، إلى جانب عدد من النقاط الأمنيّة والمعبر الحدودي الصحراوي التونسي - الليبي بالقرب من مدينة الذهيبة.
«مجلس الأمن القومي»
تزامنت هذه التحركات الأمنية مع اجتماع جديد لمجلس الأمن القومي عُقد في قصر الرئاسة في قرطاج بإشراف الرئيس قيس سعيد، وحضور أبرز كوادر الدولة والقوات المسلحة المدنية والعسكرية...
وأُعلن في أعقاب هذا الاجتماع عن قرار بترفيع التعبئة الأمنية للتصدي للجريمة المنظمة وكبار المسؤولين عن شبكات التهريب والفساد وترويج المخدرات، بعد نجاح خطة إيقاف مئات المتهمين في هذه الجرائم، وخاصة في الاتجار غير المشروع في البشر والمؤثرات العقلية من حشيش وكوكايين و«حبوب هلوسة».
في سياق متصل، أعلنت صفحتا رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية عن جلسة عمل بين الرئيس سعيد ووزير الداخلية خالد النوري تناولت نفس الملفات، وأعلنتا عن متابعة تنفيذ خطة تتبع كبار المتهمين بالتهريب والمخدرات وشبهات الفساد، خاصة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحساسة مثل زيت الزيتون.
كما كانت هذه القضايا محور جلسة عمل عقدها الرئيس سعيد مع رئيس حكومته كمال المدوري المكلف خاصة بملفات الأمن الاجتماعي والاقتصادي والأمن السياسي.
إيقافات جديدة
وكانت الأيام القليلة الماضية شهدت إيقافات بالجملة شملت مسؤولين حكوميين ومن القطاع الخاص ذي العلاقة بالمؤسسات التابعة للدولة في قطاعات النقل والزراعة، وخاصة مؤسسات زيت الزيتون بعد زيارة «غير معلنة مسبقاً» قام بها الرئيس سعيد إلى واحدة من أكبر مزارع الزيتون الحكومية في محافظة صفاقس الساحلية وسط البلاد.
وشملت الإيقافات وزير الزراعة سابقاً والأمين العام السابق للحزب الشيوعي التونسي (حزب المسار) سمير بالطيب، وعدداً من أبرز المشرفين على «ديوان الأراضي الدولية» وعلى قطاع إنتاج زيت الزيتون وتصديره، بينهم رئيس أكبر مؤسسة اقتصادية زراعية في المحافظة وعدد من نوابه، والذي يرأس كذلك فريق النادي الرياضي الصفاقسي، أحد أبرز فرق كرة القدم التونسية.
كما تقررت تغييرات على رأس شركة الطيران الحكومية وقطاع النقل والخدمات.
وأورد بلاغ من رئاسة الجمهورية أن الرئيس سعيد ومجلس الأمن القومي يساندان الحرب الحالية على المخدرات والتهريب والفساد وكل أنواع الجريمة المنظمة.
الهجرة غير النظامية
وتعقيباً على الضجة المحلية والعالمية على تضخم عدد المهاجرين غير النظاميين الأفارقة في عدة مدن تونسية وخاصة قرب مدينتَي العامرة وجبنيانية من محافظة صفاقس، 300 كم جنوب شرقي العاصمة تونس، أورد البلاغ المنشور بعد اجتماع مجلس الأمن القومي أن السلطات التونسية تقدم لهؤلاء المهاجرين مساعدات مؤقتة وتسعى لإيجاد حلول دائمة لوضعياتهم، بينها عودتهم إلى مواطنهم.
وحسب تقديرات حقوقية تونسية، فقد تجاوزت أعداد هؤلاء المهاجرين غير النظاميين العشرين ألفاً رغم المجهودات التي تقوم بها السلطات الأمنية التونسية لمنع دخولهم إلى التراب التونسي وعدم استخدامه «نقطة عبور» نحو السواحل الأوروبية.
إنقاذ مركب مهاجرين
في الأثناء، أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني أن قوات أمنية في ضاحية المنيهلة من محافظة أريانة غرب العاصمة تونس، أوقفت فارين من القضاء، بينهم متهم في قضايا عديدة صدرت ضده غيابياً أحكام بالسجن لمدة 33 عاماً.
من جهة أخرى، أُعلن أن «وحدات الحرس البحري التابعة لإقليم الوسط بصفاقس» نجحت مؤخراً في إنقاذ مجموعة من المجتازين من دول جنوب الصحراء الأفريقية، كانوا يواجهون خطر الغرق في عرض البحر.
وحسب المصادر الأمنية الرسمية، فقد أسفرت عملية تدخل قوات خفر السواحل عن إنقاذ حياة مهاجرة غير نظامية كانت في مرحلة المخاض استعداداً للولادة على متن قارب التهريب، لكن قوات الأمن نقلتها إلى «الخافرة البحرية» وأسعفتها، وتمت عملية الولادة بنجاح في ظروف استثنائية وسط البحر، وتم تقديم الإسعافات الأولية للأم وطفلها، ثم نُقلت إلى المستشفى براً.