«محور فيلادلفيا» يفاقم صعوبات «هدنة غزة»

حديث إسرائيلي عن «تقليص الفجوات» في اجتماعات القاهرة

دخان يتصاعد من مبنى ضربته غارة إسرائيلية في حي الرمال وسط غزة (أ ف ب)
دخان يتصاعد من مبنى ضربته غارة إسرائيلية في حي الرمال وسط غزة (أ ف ب)
TT

«محور فيلادلفيا» يفاقم صعوبات «هدنة غزة»

دخان يتصاعد من مبنى ضربته غارة إسرائيلية في حي الرمال وسط غزة (أ ف ب)
دخان يتصاعد من مبنى ضربته غارة إسرائيلية في حي الرمال وسط غزة (أ ف ب)

يسابق الوسطاء الوقت لـ«جسر هوة الخلافات» بين طرفي الحرب في غزة، في ظل تمسك رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ببقاء القوات في «محور فيلادلفيا» على خلاف الرغبة المصرية ومطلب «حماس» بانسحاب كامل من القطاع، وسط تعهد أميركي جديد بإنجاز اتفاق يراوح مكانه منذ شهور.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن تمسك نتنياهو «غير المنطقي» بالبقاء في «محور فيلادلفيا» سيفاقم صعوبات التوصل إلى هدنة جديدة، وسط رهانات على ضغوط أميركية حقيقية لإعطاء دفعة للمحادثات المرتقبة في القاهرة وحدوث اختراق نحو المرحلة الأولى من المراحل الثلاثة لمقترح الهدنة، الذي طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية مايو (أيار) الماضي، وإلا ستتواصل المفاوضات دون اتفاق قريب.

وحسب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي: «يصر نتنياهو على مبدأ أن إسرائيل سوف تسيطر على ممر فيلادلفيا لمنع إعادة تسليح (حماس)»، نافياً أي تقارير إعلامية تحدثت عن دراسته الموافقة على نشر قوات دولية بذلك المحور، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» الخميس.

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية كامب ديفيد» الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979، ومنذ اندلاع حرب غزة بات نقطة أزمة بين القاهرة وتل أبيب، خصوصاً بعد احتلاله من جانب الجيش الإسرائيلي في مايو مع الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

وبينما توالت تصريحات نتنياهو بالتمسك بالبقاء في هذا المحور عقب مفاوضات الدوحة منتصف أغسطس (آب) الحالي، أعلنت مصر، على لسان مصدر «رفيع المستوى» تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية»، تمسكها بـ«انسحاب إسرائيلي كامل من معبر رفح ومحور فيلادلفيا»، اللذين احتلتهما في مايو الماضي. كما رفضت مصر، حسب ما أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الخميس، عرضاً إسرائيلياً يسمح ببناء 8 أبراج مراقبة على طول «محور فيلادلفيا»، وكذلك عرضاً أميركياً بإنشاء برجي مراقبة فقط.

مواطنون فلسطينيون يقفون على شرفة شقة متضررة بعد فترة وجيزة من قصف إسرائيلي في مخيم النصيرات للاجئين (أ ف ب)

وشهدت القاهرة «اجتماعات فنية» لم يصدر تعقيب رسمي بشأنها؛ إلا أن «هيئة البث الإسرائيلية» نقلت عن مسؤول إسرائيلي كبير أن وفد المفاوضات عاد من القاهرة عقب إجراء «مباحثات بناءة» بشأن اتفاق الرهائن، لافتاً إلى أن الفجوات بين أطراف محادثات وقف إطلاق النار في غزة حول محور فيلادلفيا «تقلصت». فيما أشار مسؤول إسرائيلي آخر إلى تقارب في المواقف بين مصر وإسرائيل حول مسألة انتشار قوات الجيش على طول «محور فيلادلفيا».

ويرى رئيس «المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية» الخبير العسكري اللواء سمير راغب، أن الوسطاء سيواصلون جهودهم لإتمام الاتفاق خلال الاجتماعات التي تناقش الأمور الفنية، وسبل سد الثغرات، ومن ثم يتم نقلها للشق السياسي كونها «الفرصة الأخيرة» خلال هذه المرحلة التي تستبق الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومحاولات نزع فتيل الصدام بين إيران و«حزب الله» مع إسرائيل.

وتتوعد طهران، تل أبيب، برد قاسٍ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، بطهران، وأيضاً «حزب الله» اللبناني لمقتل قائده فؤاد شكر في بيروت نهاية يوليو (تموز) الماضي، وسط مخاوف دولية من اندلاع «حرب شاملة».

ولتفادي تلك الحرب، وفق راغب، على نتنياهو الذهاب لاتفاق بمحادثات القاهرة، التي تتواصل منذ الخميس وستنتهي الأحد وبها نقاط عليها توافق وأخرى تحتاج حسم الساعات الأخيرة وثالثة رئيسية لا تقبل أنصاف الحلول مثل قضية «محور فيلادلفيا» التي تشهد «إصراراً غير منطقي» من نتنياهو في إثارتها، حيث «يضع العربة أمام الحصان لتعطيل الاتفاق، لأنه لا تهريب للسلاح من مصر لغزة، كما يزعم، وتعلم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بذلك منذ سنوات».

ويعد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، تمسك نتنياهو بالبقاء في «فيلادلفيا»، وكذلك مقترح الأبراج، نوعاً من المماطلة وإضاعة الوقت لـ«إفشال جولة المحادثات الجديدة»، مؤكداً أن مصر حريصة على الحفاظ على سيادة فلسطين، وكذلك سيادتها على أراضيها وعدم وجود أي تهديد لأمنها.

فلسطينيون يسيرون بالقرب من أنقاض المنازل في غزة (رويترز)

إلا أن تعهَّداً جديداً قطعته المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطي الأميركي، كامالا هاريس، الخميس، بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة يعطي بصيصاً من الآمال، حيث أكدت أن «الوقت حان الآن» لإنجاز اتفاق حول الرهائن واتفاق لوقف إطلاق النار، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضحت هاريس أنها تعمل مع بايدن «على إنهاء هذه الحرب حتى تكون إسرائيل بأمان، ويتم إطلاق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزة، ويتمكَّن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير».

وباعتقاد راغب، فإن «الضغوط الأميركية مستمرة وستتواصل وستبذل إدارة بايدن أقصى الضغوط لتحقيق الهدنة كما تعهدت هاريس، لأنها مؤثرة في الحملة الانتخابية وحظوظ الحزب الديمقراطي».

فيما يتوقع الرقب «عدم حدوث اختراق في المفاوضات» أو حدوث أي ضغوط أميركية حقيقية إلا مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، موضحاً أنه «في هذا الموعد سيحتفل نتنياهو بالانتصار على أطفال ونساء غزة مع مرور عام، وسيكون الوقت مناسباً للأمريكان للوصول لتهدئة مع قرب الانتخابات الرئاسية وتطبيق أول مرحلة من مقترح بايدن التي تصل إلى 42 يوماً». ويرى أن نتنياهو لا يريد الذهاب للمرحلة الثانية من مقترح بايدن، التي ربما تطبق في سبتمبر (أيلول) المقبل لو تمت الصفقة بجولة القاهرة، لكن يريد الاستمرار في الحرب متى شاء دون التزامات، لذا سيكون موعد أكتوبر المقبل الأنسب له، ولإدارة بايدن التي تنتظر الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

دعا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى الانتقام، وذلك بعد أعمال عنف ضد أنصاره اتهم معارضين بارتكابها خلال الحملة المستمرة للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الأحد.

يترأس سونكو قائمة حزب باستيف في الانتخابات التشريعية ويتولى رئاسة الحكومة منذ أبريل (نيسان). وكتب على فيسبوك، ليل الاثنين - الثلاثاء، عن هجمات تعرض لها معسكره في دكار أو سان لويس (شمال) وكونغويل (وسط)، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وألقى باللوم على أنصار رئيس بلدية دكار بارتيليمي دياس، الذي يقود ائتلافاً منافساً. وأكد: «أتمنى أن يتم الانتقام من كل هجوم تعرض له باستيف منذ بداية الحملة، وأن يتم الانتقام بشكل مناسب لكل وطني هاجموه وأصابوه»، مؤكداً «سنمارس حقنا المشروع في الرد».

وأكد أنه تم تقديم شكاوى، وأعرب عن أسفه على عدم حدوث أي اعتقالات. وقال: «لا ينبغي لبارتيليمي دياس وائتلافه أن يستمروا في القيام بحملات انتخابية في هذا البلد».

وشجب ائتلاف دياس المعروف باسم «سام سا كادو»، في رسالة نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، «الدعوة إلى القتل التي أطلقها رئيس الوزراء السنغالي الحالي». وأكد الائتلاف أنه كان هدفاً «لهجمات متعددة».

وأشار إلى أن «عثمان سونكو الذي يستبد به الخوف من الهزيمة، يحاول يائساً تكميم الديمقراطية من خلال إشاعة مناخ من الرعب»، وحمله مسؤولية «أي شيء يمكن أن يحدث لأعضائه وناشطيه ومؤيديه وناخبيه».

وكان الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي حل البرلمان، ودعا لانتخابات تشريعية.