«إكواس» تحذر من «التفكك» بعد انفصال مالي والنيجر وبوركينا فاسو

الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إكواس» في قمتها أمس الأحد بأبوجا (إ.ب.أ)
الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إكواس» في قمتها أمس الأحد بأبوجا (إ.ب.أ)
TT

«إكواس» تحذر من «التفكك» بعد انفصال مالي والنيجر وبوركينا فاسو

الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إكواس» في قمتها أمس الأحد بأبوجا (إ.ب.أ)
الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إكواس» في قمتها أمس الأحد بأبوجا (إ.ب.أ)

حذّرت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إكواس»، في قمتها، أمس الأحد، من أن المنطقة تواجه «التفكك»، بعدما أعلن الحكام العسكريون في النيجر ومالي وبوركينا فاسو الانفصال عن «إكواس»، وتأسيس اتحاد جديد منافس.

وكانت الدول الثلاث قد أعلنت تشكيل اتحاد كونفدرالي جديد، وشكَّل اجتماعها الأول، قبيل انعقاد قمة «إكواس»، اختباراً آخر للتكتل الإقليمي، الذي انفصلت عنه، في وقت سابق من هذا العام، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأتى هذا التحدي بينما تواجه «إكواس» أيضاً عنفاً جهادياً آخذاً في التوسع ومشكلات مالية، بالإضافة إلى مصاعب في حشد قوة إقليمية.

لم يكن واضحاً بعد القمة في أبوجا كيف سيكون رد فعل التكتل حيال تبنّي النيجر ومالي وبوركينا فاسو معاهدة لتأسيس «اتحاد دول الساحل» في نيامي، السبت.

لكن رئيس مفوضية «إكواس»، عمر عليو توراي، قال إن الدول الثلاث بانفصالها تخاطر بمواجهة «عزلة سياسية»، وخسارة استثمارات بملايين الدولارات.

وأكد توراي أن انفصال النيجر ومالي وبوركينا فاسو من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن، وإعاقة عمل القوة الإقليمية المقترح إنشاؤها منذ فترة طويلة.

وحذّر من أن «منطقتنا تواجه خطر التفكك».

«أدارت ظهرها»

تحكم بوركينا فاسو ومالي والنيجر أنظمةٌ عسكرية وصلت إلى السلطة في انقلابات بين 2020 و2023، وتواجه أعمال عنف ينفّذها جهاديون.

وابتعدت هذه الدول عن فرنسا، الدولة الاستعمارية السابقة، وطردت القوات الفرنسية من أراضيها، حيث دعا رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تياني، إلى إنشاء «مجتمع سيادي للشعوب يكون بعيداً عن هيمنة القوى الأجنبية».

وقال تياني، في اجتماع مجموعة الساحل بنيامي، السبت، إن شعوب الدول الثلاث «أدارت ظهرها نهائياً للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا»، رافضاً نداءات «إكواس» للعودة إلى صفوفها.

وكان قرار الدول الثلاث بالانسحاب مدفوعاً جزئياً باتهامها لباريس بالتلاعب بالجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وعدم تقديم الدعم الكافي للجهود المناهضة للجهاديين.

ودعا كثير من زعماء غرب أفريقيا إلى استئناف الحوار، وكانت قمة الأحد هي الأولى للرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، الذي قال، في مايو (أيار) الماضي، إن المصالحة ممكنة.

وقال ديوماي، الأحد: «علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب انسحاب هذه الدول الشقيقة الثلاث من (إكواس)»، مضيفاً أن هناك حاجة إلى إصلاحات لـ«تكييف إكواس مع الأوضاع الراهنة».

وتدهورت علاقة النيجر مع «إكواس»، عقب الانقلاب الذي وقع في يوليو (تموز) 2023، وجاء بالجنرال تياني إلى السلطة، حيث فرض التكتل حينها عقوبات، وهدَّد بالتدخل عسكرياً لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم.

وجرى رفع العقوبات في فبراير (شباط) الماضي، لكن العلاقات لا تزال مضطربة.

- قوة عسكرية

وتناقش الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أيضاً طريقة تمويل «قوة إقليمية لمكافحة الإرهاب، واستعادة النظام الدستوري».

ودعت إلى إنشاء قوة أولية من 1500 جندي، وكان أحد الاقتراحات يقضي بحشد لواء من 5000 جندي بتكلفة تبلغ نحو 2.6 مليار دولار سنوياً.

وقامت «إكواس» بتدخلات عسكرية في الماضي، لكن تهديدها بالقيام بذلك بعد الانقلاب في النيجر تلاشى.

وبينما يواجه التكتل تحديات إقليمية، حذَّر توراي من أنه يواجه أيضاً «وضعاً مالياً مُزرياً».

وأكدت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بقاء الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو في منصبه رئيساً لها، رغم التقارير التي تحدثت عن خلاف بشأن إعادة تعيينه.



مالي تعلن الحرب على مناجم الذهب «غير القانونية»

منجم لاستخراج الذهب بطريقة غير شرعية في مالي (أ.ف.ب)
منجم لاستخراج الذهب بطريقة غير شرعية في مالي (أ.ف.ب)
TT

مالي تعلن الحرب على مناجم الذهب «غير القانونية»

منجم لاستخراج الذهب بطريقة غير شرعية في مالي (أ.ف.ب)
منجم لاستخراج الذهب بطريقة غير شرعية في مالي (أ.ف.ب)

أعلن المجلس العسكري الحاكم في دولة مالي، الحرب على التنقيب غير القانوني عن الذهب في مناجم غير شرعية وبعيدة عن سلطة الدولة، تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى مصدر مهم لتمويل التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة التي تنشطُ في منطقة الساحل عموماً، وفي مالي على وجه الخصوص.

وقررت الحكومة الانتقالية في مالي خلال اجتماع يوم الأربعاء الماضي «تكثيف جهود مكافحة التعدين غير القانوني للذهب»، وأوضحت في بيان صحافي أنها تشكلُ «ظاهرة لها تداعيات خطيرة على الأمن والاقتصاد والبيئة».

منجم كبير للذهب يتبع لشركة كندية في مالي (بلومبرغ)

تهريب الذهب

وكشف وزير المعادن أمادو كيتا، خلال مؤتمر صحافي أمس، سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وستشرعُ في تنفيذها ضمن خطط مستقبلية للقضاء على المناجم غير الشرعية ومحاربة تهريب الذهب واستخدامه من طرف شبكات الجريمة المنظمة.

وأعلنت الحكومة أن «مواقع التنقيب عن الذهب غير القانوني تشكلُ مصدراً لمآسٍ متكررة، منها انهيارات قاتلة نتيجة طبيعة النشاط الخطرة، وصعوبة سيطرة السلطات على عمليات التعدين التقليدي»، وأضافت أنها في الفترة الماضية تمكنت من تفكيك 61 موقعاً غير قانوني، ومصادرة 286 حفارة و63 مركبة.

وحذرت الحكومة من خطورة التطور السريع للتنقيب عن الذهب غير القانوني، مشيرة إلى «تزايد استخدام المعدات الثقيلة في عمليات التعدين غير القانونية، ما يفاقم التدمير البيئي ويلوث موارد المياه، ويزيد من عائدات التنظيمات الإرهابية».

تمويل الإرهاب

أكد وزير المعادن في الحكومة الانتقالية المالية أمادو كيتا أن عائدات الذهب من عمليات التنقيب غير الشرعي «مساهم كبير في تمويل شبكات إجرامية وإرهابية»، ما يعني أنها تشكل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار مالي والمنطقة.

وأوضح الوزير، في سياق حديثه عن خطورة مناجم الذهب غير الشرعية، أن الذهب حين يهرب إلى أسواق خارج أفريقيا، تساهم عائداته في «تمويل تهريب المخدرات والأسلحة وغسل الأموال، فضلاً عن تمويل الإرهاب والتطرف العنيف»، على حد تعبيره.

وتعد دولة مالي من أغنى الدول الأفريقية بالذهب السطحي، الذي لا يتطلب استخراجه سوى معدات بسيطة وخبرة كافية، وهو ما دفع تنظيمات إرهابية مرتبطة بتنظيمَي «القاعدة» و«داعش» إلى الاعتماد في السنوات الأخيرة على مناجم الذهب لتمويل أنشطتها.

وبالفعل سيطرت هذه التنظيمات على مناجم عديدة في شمال ووسط مالي، وفي المنطقة الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

حرب المناجم

السلطات في مالي تخوض منذ سنوات حرباً شرسة ضد التنظيمات الإرهابية، ورغم أنها حققت مكاسب عسكرية على الأرض، فإنها ما تزال عاجزة عن القضاء على هذه التنظيمات واستعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد.

ويعد التوجه نحو القضاء على مناجم الذهب غير الشرعية، خطوة في اتجاه خنق مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية، ما قد يساهم في إضعاف نشاطها، حسبما يؤكد العديد من المراقبين.

وقالت حكومة مالي إن خطتها للقضاء على المناجم غير الشرعية ستتم وفق «استراتيجية قصيرة المدى، بالإضافة إلى استراتيجية متوسطة المدى وأخرى على المدى الطويل»، مرجحة أن تستمر حرب المناجم لعدة سنوات.

وأوضحت الحكومة أنها ستعمل على 4 محاور رئيسية تبدأ بما سمته «تعزيز الرقابة» من خلال ما قالت إنه «تكثيف دوريات الجيش وقوات الأمن في مناطق التعدين»، بالإضافة إلى الاعتماد على «التعاون الأمني من خلال تعزيز التنسيق بين مختلف أجهزة الأمن، وخاصة ما بين الشرطة والدرك لمكافحة التعدين غير القانوني».

وشملت الخطة أيضاً «التوعية المجتمعية عبر إطلاق حملات توعية لتحذير السكان من مخاطر هذه الأنشطة»، حيث تشير تقارير الحكومة إلى أن هذه المناجم غير الشرعية «تغذي النزاعات المحلية بين السكان»، والتي تأخذ في كثير من الأحيان طابعاً قبلياً وعرقياً.

وفي المحور الأخير من خطة الحكومة يأتي «تحسين الحوكمة في قطاع التعدين من خلال تنفيذ إصلاحات لتعزيز الشفافية والمساءلة»، ولكن ذلك يطرح إشكالات كبيرة، حيث يشير العديد من التقارير إلى أن قطاع المعادن ينخره الفساد، وسيكون إصلاحه مهمة صعبة.

«فاغنر» والذهب

إعلان مالي الحرب على مناجم الذهب غير الشرعية يعيد إلى الأذهان ما سبق أن تحدثت عنه تقارير من أن مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة تقدم خدماتها العسكرية لسلطات مالي منذ سنوات، مقابل الحصول على مناجم الذهب، بموجب صفقة غير معلنة.

ورغم أن السلطات في مالي لم تعلق على هذه التقارير، ولم تكشف أي معلومات بخصوص طبيعة الاتفاق المبرم مع «فاغنر»، فإن شركات روسية عديدة دخلت مجال التنقيب عن الذهب في مالي، في الوقت الذي حصلت مالي على صفقات سلاح كبيرة من روسيا.

في غضون ذلك، توترت علاقة السلطات الحاكمة في مالي مع شركات غربية كانت تعمل في مناجم للذهب، ومن أبرزها شركة «باريك غولد» الكندية التي دخلت في خلاف متصاعد مع المجلس العسكري الحاكم.

وقرر المجلس العسكري، الأسبوع الماضي، مصادرة 3 أطنان من الذهب كانت مخزنة في منجم «لوولو-غونكوتو» التابع للشركة الكندية، وهو ما قدرت قيمته بنحو ربع مليار دولار أميركي (245 مليون دولار).