جنوب أفريقيا تترقب نتائج الانتخابات... وغالبية الحزب الحاكم مهددة

موظفون في اللجنة الانتخابية المستقلة يتابعون ورود النتائج في جوهانسبرغ (أ.ب)
موظفون في اللجنة الانتخابية المستقلة يتابعون ورود النتائج في جوهانسبرغ (أ.ب)
TT

جنوب أفريقيا تترقب نتائج الانتخابات... وغالبية الحزب الحاكم مهددة

موظفون في اللجنة الانتخابية المستقلة يتابعون ورود النتائج في جوهانسبرغ (أ.ب)
موظفون في اللجنة الانتخابية المستقلة يتابعون ورود النتائج في جوهانسبرغ (أ.ب)

تترقب جنوب أفريقيا صدور نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت، الأربعاء، وتشير الاتجاهات الأولى، الخميس، إلى انتكاسة تاريخية لحزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الذي يتولى السلطة منذ ثلاثين عاماً.

ومع فرز ما يقرب من ربع الأصوات، كان حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» متقدماً لكن بنتيجة 43.5 في المائة، أي أقل بكثير من نسبة 57 في المائة التي فاز بها عام 2019، يليه «التحالف الديمقراطي الليبرالي»، أكبر أحزاب المعارضة والذي حصل على أقل من 25 في المائة. أما حزب «المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية» اليساري المتطرف فحصل على نحو 9 في المائة من الأصوات، فيما حاز حزب «اومخونتو وسزوه» (إم كيه) بزعامة الرئيس السابق المثير للجدل جاكوب زوما أكثر بقليل من 8 في المائة. ومن غير المتوقع صدور النتائج النهائية قبل عطلة نهاية الأسبوع.

تراجع تاريخي

وقالت اللجنة الانتخابية المستقلة في مؤتمر صحافي: «عادة، يتم جمع 80 في المائة من النتائج في الساعات الأربع والعشرين الأولى بعد إغلاق مراكز الاقتراع»، لكنها تحدثت هذه المرة عن حصول «تأخير». بعد أن فقد زخمه، صار حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» مهدداً بخسارة غالبيته المطلقة للمرة الأولى في البرلمان، بعدما حظي بولاء الناخبين الثابت لمدة ثلاثين عاماً عقب إنهاء نظام الفصل العنصري.

ودُعي أكثر من 27 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم، الأربعاء، لاختيار نوابهم الـ400 الذين سيتولون انتخاب الرئيس. وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة التاسعة مساء (السابعة مساء بتوقيت غرينتش)، لكن في بعض المدن مدّد التصويت حتى وقت متأخر نتيجة تدفق حشود كبيرة. وبدأ العد على الفور بعد إغلاق المكاتب. وتوقعت استطلاعات الرأي تراجعاً تاريخياً لحزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الذي حظي بـ40 في المائة إلى 47 في المائة من نوايا التصويت.

تدهور الاقتصاد

بالنسبة للعديد من سكان جنوب أفريقيا البالغ عددهم 62 مليون نسمة، فشل الحزب الذي وعد بتوفير التعليم والمياه والسكن للجميع في تحقيق هذه الوعود. وبعد مرور ثلاثين عاماً على انتخاب أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا في شخص نيلسون مانديلا، ما زال ثلث سكان البلاد عاطلين من العمل. وتستمر الجريمة في تحطيم الأرقام القياسية، ويتزايد الفقر وعدم المساواة. كما يطغى على الحياة اليومية انقطاع المياه والكهرباء. وأدى تزايد قضايا الفساد التي تورط فيها مسؤولون كبار إلى تقويض الثقة بالحزب. وإذا تأكد تراجع نسبة أصوات حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» إلى أقل من 50 في المائة، فسيتعين عليه تشكيل تحالفات وإجراء مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية.

تغيير سياسي؟

في هذا السياق، عنونت صحيفة «بيزنس داي» المحلية، صباح الخميس، «جنوب أفريقيا على أعتاب تغيير سياسي». كذلك عنونت صحيفة «ذا سيتيزن» «لقد تكلم الشعب»، دون أن تتردد في مقارنة الطوابير الطويلة للناخبين، الأربعاء، بتلك التي شهدتها أول انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994. وفي ديربان (شرق)، عادت سيباهل فيلاكازي (25 عاماً) في نهاية اليوم للمرة الثالثة إلى مركز الاقتراع سعياً للتصويت مع تشكل طوابير طويلة، وقالت: «لن أستسلم، نحن بحاجة إلى التغيير، الجميع هنا سيصمدون». رغم خيبة الأمل المتزايدة، يُنتظر أن يظل حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الذي يشغل حالياً 230 مقعداً (57.5 في المائة)، الحزب الأكبر في البرلمان. لكن وفقاً لخبراء، فإن الحزب القوي سيخرج من هذه الانتخابات ضعيفاً.

في سويتو، أكد الرئيس سيريل رامافوزا (71 عاماً) الذي يعول على ولاية ثانية، الأربعاء، أنه «لا شك» في فوز حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي». أما زعيم التحالف الديمقراطي المعارض جون ستينهاوزن، فتحدث عن حقبة جديدة بعد ثلاثين عاماً من الانتخابات، كان «من المحسوم خلالها فوز حزب (المؤتمر الوطني الأفريقي)، ولم نتساءل إلا عن النتيجة».



«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».