وسط أزمة سياسية في جمهورية الكونغو... محاولة انقلاب فاشلة

إطلاق نار قرب القصر الرئاسي ضد مسلحين بعضهم «أجانب»

سيارات شرطة وآليات عسكرية تغلق أحد شوارع كينشاسا صباح الأحد (أ.ب)
سيارات شرطة وآليات عسكرية تغلق أحد شوارع كينشاسا صباح الأحد (أ.ب)
TT

وسط أزمة سياسية في جمهورية الكونغو... محاولة انقلاب فاشلة

سيارات شرطة وآليات عسكرية تغلق أحد شوارع كينشاسا صباح الأحد (أ.ب)
سيارات شرطة وآليات عسكرية تغلق أحد شوارع كينشاسا صباح الأحد (أ.ب)

عاد الهدوء إلى مدينة كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، بعد أن اندلعت فجر الأحد، اشتباكات مسلحة بالقرب من القصر الرئاسي، وسيطرة الجيش على الوضع وإحباط ما سماه «محاولة انقلابية فاشلة»، ونشر آلياته في كبريات الشوارع وملتقيات الطرق.

وأعلن الخبر من طرف الجنرال سيلفان إيكينجي، وهو المتحدث باسم القوات المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في تصريح مقتضب نقله التلفزيون الحكومي، إن الجيش أحبط «محاولة انقلاب» شارك فيها «أجانب وكونغوليون».

وقال الجنرال: «أحبطت قوات الدفاع والأمن محاولة انقلاب في مهدها»، ثم أضاف: «هذه المحاولة شارك فيها أجانب وكونغوليون»، وقد تم «تحييدهم جميعاً بما في ذلك زعيمهم»، دون أن يعطي تفاصيل أكثر حول الجهة التي تقف خلف المحاولة الانقلابية ولا هويات منفذي الهجوم.

بداية الهجوم

رغم أن المشهد لا يزالُ يشوبه بعض الغموض، ولم تتضح الصورة بشكل كامل، إلا أن المعلومات الأولية تشير إلى أن مجموعة مسلحة هاجمت في وقت متأخر من ليل السبت - الأحد مقر إقامة وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة فيتال كاميرهي، وتقع الإقامة في حي غومبي، حيث يوجد أيضاً القصر الرئاسي الذي يعرف محلياً باسم «قصر الأمة»، وفيه يقيم الرئيس فيليكس تشيسيكيدي.

وفي وقت مبكر من صباح الأحد، كتب سفير اليابان في الكونغو الديمقراطية هيديتوشي أوغاوا منشوراً على منصة «إكس»، قال فيه إن «هجوماً مسلحاً» وقع صباحاً عند مقر إقامة وزير الاقتصاد، ونقل السفير الياباني عن مصادر وصفها بالمطلعة أن وزير الاقتصاد «لم يُصب» في الهجوم، ولكن في المقابل «قُتل شرطيان وأحد منفذي الهجوم».

من جهتها، نشرت السفارة الفرنسية في كينشاسا رسالة تنبيه عبر موقعها الإلكتروني، موجهة إلى الرعايا الفرنسيين في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقالت فيها إن «أعيرة نارية من أسلحة رشاشة سُمعت صباح اليوم في شارع النهر، ننصح بشدة بعدم التوجه نحو هذا الحي، وتجنب محيط القصر الرئاسي (قصر الأمة) خلال الساعات المقبلة». وطلبت السفارة الفرنسية من الرعايا «متابعة الأخبار وتطور الأوضاع، وكل ما ينشر من تحذيرات على موقع السفارة».

الحرس الجمهوري الكونغولي يحوّل حركة المرور من مكان محاولة الانقلاب في كينشاسا الأحد (أ.ف.ب)

مسلحون أجانب

في البداية، تحدثت وسائل الإعلام المحلية عن تورط «مسلحين كونغوليين» في الهجوم، ولكنها عادت لتتحدث عن وجود أجانب من بين المسلحين، وهو ما جرى تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

حتى أن وسائل إعلام محلية تحدثت عن وجود مسلحين من منفذي الهجوم يحملون جوازات سفر أميركية، ونشرت صوراً لم يتم التأكد من مدى مصداقيتها، لهؤلاء المسلحين الأميركيين وجوازات سفرهم؛ وهو ما دفع السفيرة الأميركية في كينشاسا لوسي تاملين إلى كتابة منشور على منصة «إكس» تعلق فيه على المعلومة.

وقالت السفيرة الأميركية: «أنا مصدومة بعد الأحداث التي وقعت هذا الصباح، وقلقة جداً حيال التقارير التي تربطها بمواطنين أميركيين، وتفترض أنهم متورطون فيها، كونوا متأكدين أننا سنتعاون مع السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية في كل الإجراءات الممكنة للتحقيق في هذه التصرفات الإجرامية».

وأضافت السفيرة أن «أي مواطن أميركي يثبت تورطه في هذه الأحداث الإجرامية عليه أن يتحمل مسؤولية تصرفاته وأن يدفع ثمنها».

أغلق الحرس الجمهوري والشرطة الكونغولية طريقاً حول مكان محاولة الانقلاب في غومبي - كينشاسا الأحد (أ.ف.ب)

أزمة سياسية

يأتي هذا الهجوم المسلح الذي ضرب قلب العاصمة كينشاسا، وسط أزمة سياسية خانقة تعيشها البلاد منذ أشهر عدة، وهي أزمة بدأت منذ أن أعيد انتخاب تشيسيكيدي رئيساً في ديسمبر (كانون الأول) في انتخابات رفضتها المعارضة ودعت إلى إعادتها بسبب ما قالت إنه عمليات تزوير واسعة.

في غضون ذلك، يعيش الحزب الحاكم الذي يقوده الرئيس تشيسيكيدي أزمة خانقة بشأن انتخاب رئيس للبرلمان الجديد والذي يهيمن الحزب على أغلبيته الساحقة، وكان من المفترض انتخاب رئيس البرلمان السبت، ولكن تم تأجيل ذلك.

وربط الهجوم المسلح بالأزمة السياسية؛ لأن منفذيه يرتدون ملابس عسكرية واستهدفوا في البداية مقر إقامة وزير الاقتصاد الذي يعد أحد أبرز المرشحين لرئاسة البرلمان، وذلك بعد ساعات من لقاء جمع نواب وقادة الحزب الحاكم من أجل محاولة حل الأزمة التي تعصف بالحزب بسبب انتخابات رئاسة البرلمان وتأخر تشكيل الحكومة لأشهر عدة.

وهدد الرئيس بأنه «لن يتردد في حل الجمعية الوطنية وإرسال الجميع إلى انتخابات جديدة إذا استمرت هذه الممارسات السيئة»، في إشارة إلى تصاعد الخلاف داخل الحزب بسبب اختيار رئيس للبرلمان الجديد.

في غضون ذلك، شككت بعض الأصوات المعارضة في مصداقية الهجوم وكونه محاولة انقلابية، ووصفته بأنه «مؤامرة» من أجل تصفية الحسابات داخل الحزب الحاكم.


مقالات ذات صلة

تجميد ترمب المساعدات الخارجية قد يتسبب في وفاة ملايين بالإيدز

أفريقيا ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز (أ.ف.ب)

تجميد ترمب المساعدات الخارجية قد يتسبب في وفاة ملايين بالإيدز

حذّرت ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة من أن قرار الرئيس دونالد ترمب بتعليق التمويل الأميركي في الخارج قد يؤدي إلى وفاة ملايين إضافيين بسبب الإيدز.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا قادة «الاتحاد الأفريقي»... (أ.ف.ب)

«الاتحاد الأفريقي» يرفض تفعيل عضوية السودان... ويشترط تشكيل حكومة مدنية

رفض «الاتحاد الأفريقي»، الأحد، تفعيل عضوية السودان، التي علقها عقب الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، واشترط…

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا مصر تعمل على تأهيل 500 متدرب من القارة الأفريقية (وزارة الري المصرية)

مصر تعزز تعاونها المائي مع دول أفريقيا ببرامج «الري الذكي»

تعزز مصر تعاونها المائي مع دول أفريقيا عبر برامج «الري الذكي وإدارة المحاصيل الزراعية الذكية».

عصام فضل (القاهرة )
أفريقيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

القمة الأفريقية تبحث التعويضات عن الاستعمار وعضوية دائمة لأحد أعضائها في مجلس الأمن

تعقد القمة الأفريقية تحت عنوان «العدالة للأفارقة والأشخاص من أصول أفريقية من خلال التعويضات»، بحضور القادة الأفارقة والأمين العام للأمم المتحدة

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جانب من حضور القمة الأفريقية بأديس أبابا (مجلس الوزراء المصري)

هل تُسهم «قمة أديس أبابا» في تهدئة أوضاع القارة الأفريقية؟

مع انعقاد الاجتماع السنوي لقمة الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أُثيرت تساؤلات حول قدرة «القمة» على تهدئة الأوضاع داخل القارة السمراء.

أحمد إمبابي (القاهرة)

مسؤول: مسلحون قتلوا أكثر من 35 مدنياً في شرق الكونغو

أعضاء من جماعة «إم 23» المتمردة يشرفون على خروج قوات المرتزقة في شوارع غوما وسط صراع بينهم وبين القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز)
أعضاء من جماعة «إم 23» المتمردة يشرفون على خروج قوات المرتزقة في شوارع غوما وسط صراع بينهم وبين القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز)
TT

مسؤول: مسلحون قتلوا أكثر من 35 مدنياً في شرق الكونغو

أعضاء من جماعة «إم 23» المتمردة يشرفون على خروج قوات المرتزقة في شوارع غوما وسط صراع بينهم وبين القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز)
أعضاء من جماعة «إم 23» المتمردة يشرفون على خروج قوات المرتزقة في شوارع غوما وسط صراع بينهم وبين القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية (رويترز)

قال زعيم قرية الثلاثاء، إن مسلحين قتلوا أكثر من 35 مدنياً خلال هجوم على مجموعة من القرى في إقليم إيتوري بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، مساء الاثنين.

سائقو دراجات نارية أجرة ينظرون إلى الزي العسكري والذخيرة من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية (FARDC) ملقاة على الأرض وسط اشتباكات بينهم وبين متمردي «M23» في غوما شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية 30 يناير 2025 (رويترز)

وقال جان فياني، زعيم مجموعة قرى دجيبة في منطقة دجوجو، إن مسلحي ميليشيا كوديكو نفذوا الهجوم الذي بدأ في نحو الثامنة مساء، وأعدموا السكان وأشعلوا النار في المنازل.

وأضاف: «أحصينا أكثر من 35 قتيلاً هذا الصباح، وما زالت عمليات البحث مستمرة. هناك أشخاص مصابون وكثيرون ماتوا محترقين في منازلهم».

جنود كونغوليون من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية يحرسون أثناء زيارة وزير الدفاع جاي كابومبو موادايامفيتا والحاكم العسكري اللواء سومو كاكولي إيفاريستي في إقليم بيني بمقاطعة شمال كيفو بجمهورية الكونغو الديمقراطية 10 فبراير 2025 (رويترز)

وقال جولز تسوبا أحد زعماء المجتمع المدني المحلي، إنه تم إحصاء 49 جثة حتى صباح الثلاثاء، مضيفاً أن عمليات البحث لا تزال مستمرة.

وميليشيا كوديكو هي واحدة من بين عدد لا يحصى من الميليشيات التي تتقاتل على الأراضي والموارد في شرق الكونغو. وسبق أن اتهمتها الأمم المتحدة بشن هجمات على سكان آخرين منهم رعاة من عرقية الهيما، والتي قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأغلبية السكان في منطقة دجوجو من الهيما.

وقال فياني: «الضحايا ينتمون إلى عرقية الهيما»، مضيفاً أن الجنود الكونغوليين وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المتمركزة على بعد 3 كيلومترات تقريباً لم يتدخلوا».

ولم يرد جيش الكونغو ولا بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الكونغو (مونوسكو)، حتى الآن، على طلبات للتعليق.