باحثان أميركيان: هل تستطيع الحكومة الجديدة في نيجيريا مواجهة التحديات الأمنية المتنامية؟

العنف يغذيه التمرد المسلح من قِبل جماعة «بوكو حرام»

نائب رئيس نيجيريا كاشم شيتيما في الوسط يصافح ضحايا هجوم مسلحين بمخيم النازحين الداخلي في بوكوس شمال وسط نيجيريا الأربعاء. ويقول مسؤولون نيجيريون وناجون إن ما لا يقل عن 140 شخصاً قُتلوا على يد مسلحين في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ب)
نائب رئيس نيجيريا كاشم شيتيما في الوسط يصافح ضحايا هجوم مسلحين بمخيم النازحين الداخلي في بوكوس شمال وسط نيجيريا الأربعاء. ويقول مسؤولون نيجيريون وناجون إن ما لا يقل عن 140 شخصاً قُتلوا على يد مسلحين في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ب)
TT

باحثان أميركيان: هل تستطيع الحكومة الجديدة في نيجيريا مواجهة التحديات الأمنية المتنامية؟

نائب رئيس نيجيريا كاشم شيتيما في الوسط يصافح ضحايا هجوم مسلحين بمخيم النازحين الداخلي في بوكوس شمال وسط نيجيريا الأربعاء. ويقول مسؤولون نيجيريون وناجون إن ما لا يقل عن 140 شخصاً قُتلوا على يد مسلحين في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ب)
نائب رئيس نيجيريا كاشم شيتيما في الوسط يصافح ضحايا هجوم مسلحين بمخيم النازحين الداخلي في بوكوس شمال وسط نيجيريا الأربعاء. ويقول مسؤولون نيجيريون وناجون إن ما لا يقل عن 140 شخصاً قُتلوا على يد مسلحين في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ب)

تراقب أميركا والمجتمع الدولي عن كثب رئيس نيجيريا بولا تينوبو وهو يخوض مهام ولايته الجديدة في البلاد، وفي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).

ضحية هجوم مسلحين في شمال وسط نيجيريا يتلقى العلاج بمستشفى جامعة جوس التعليمي في نيجيريا الأربعاء (أ.ب)

وقد ورث تينوبو، الذي تولى مهام منصبه قبل ستة أشهر فقط، وضعاً أمنياً متردياً، يغذيه في المقام الأول التمرد المسلح من قِبل جماعة «بوكو حرام» المتطرفة، بسمعتها السيئة.

ضحايا هجوم مسلحين في شمال وسط نيجيريا يتلقون العلاج بمستشفى جامعة جوس التعليمي في نيجيريا (أ.ب)

وقد تأسست «بوكو حرام» في عام 2002، وتسعى إلى إقامة دولة إسلامية في المنطقة، وارتكبت الكثير من الأعمال الفظيعة، والتي شملت عمليات اختطاف وتفجيرات ومجازر.

ويشير تحليل نشرته «مجلة ناشونال إنترست» الأميركية، وأعدّه الدكتور عظيم إبراهيم، وهو مدير معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة في واشنطن وتامي بالاسيوس، وهي محللة أولى، تتولى قيادة مبادرة «مكافحة الإرهاب ذات الأولوية المستدامة» في المعهد نفسه، إلى أنه رغم تضافر جهود الحكومات المتلاحقة في نيجيريا والشركاء الدوليين، لا يزال القضاء على التهديد الذي تمثله «بوكو حرام» أمراً بعيد المنال. وإلى جانب ذلك، يتفاقم الوضع جراء التعقيدات الإقليمية والتوترات العرقية والفوارق الاقتصادية. ونجم عن ذلك تداعيات إنسانية واسعة، ونزوح واسع النطاق وخسائر في الأرواح.

ضحايا هجوم مسلح ينتظرون وصول نائب الرئيس النيجيري كاشم شيتيما إلى مخيم للنازحين داخلياً في بوكوس شمال وسط نيجيريا (أ.ب)

ويشير تحليل نشرته «مجلة ناشونال إنترست» الأميركية، وأعدّه الدكتور عظيم إبراهيم، وهو مدير معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة في واشنطن وتامي بالاسيوس، وهي محللة أولى، تتولى قيادة مبادرة «مكافحة الإرهاب ذات الأولوية المستدامة» في المعهد نفسه، إلى أنه رغم تضافر جهود الحكومات المتلاحقة في نيجيريا والشركاء الدوليين، لا يزال القضاء على التهديد الذي تمثله «بوكو حرام» أمراً بعيد المنال. وإلى جانب ذلك، يتفاقم الوضع جراء التعقيدات الإقليمية والتوترات العرقية والفوارق الاقتصادية. ونجم عن ذلك تداعيات إنسانية واسعة، ونزوح واسع النطاق وخسائر في الأرواح.

وكان عظيم وبالاسيوس قد التقيا وزير الدفاع النيجيري محمد بادارو لدى زيارة وفد نيجيري للعاصمة الأميركية واشنطن مؤخراً؛ لمناقشة أمور تتعلق بالصين والحكم الرشيد والتوصل لحلول مستدامة لمسألة الأمن.

رد فعل ضحايا هجوم مسلح بمخيم النازحين الداخلي في بوكوس شمال وسط نيجيريا الأربعاء. ويقول المسؤولون النيجيريون والناجون إن ما لا يقل عن 140 شخصاً قُتلوا على يد مسلحين هاجموا قرى نائية في ولاية الهضبة بشمال وسط نيجيريا (أ.ب)

ويقول إبراهيم وبالاسيوس: إنه في عام 2022، كانت منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا مسرحاً لنحو 48 في المائة من إجمالي ضحايا الإرهاب في أنحاء العالم. وشكّلت النيجر والغابون، الدولتان الجارتان بمساحتيهما الصغيرة، في غرب أفريقيا، الحلقتين الأحدث في سلسلة من الانقلابات العسكرية، فيما يوصف بأنه انتشار عدوى الانقلابات.

ويرى الباحثان، أنه استناداً إلى دورها التاريخي كأخ أكبر، من المتوقع أن تقوم نيجيريا بدور كبير في استقرار المنطقة، والقارة على نطاق أوسع.

ويتعين على نيجيريا أن تعطي أولوية للسياسات التي تركز على الحوكمة الشاملة (الحكم الرشيد الشامل) في الداخل، وعلى قيادتها لتحقيق الاستقرار في المنطقة بشكل فعال.

كما أوضحا أن القلق الذي يساور الولايات المتحدة بشأن انخراط أفريقيا مع القوتين العظميين المنافستين روسيا والصين أمر واضح. وأجاب وزير الدفاع النيجيري محمد بادارو بوضوح، قائلاً: إن العلاقات في نهاية الأمر «تعتمد على التفاهم المتبادل وعلى الدبلوماسية».

والصين شريك رئيسي للكثير من الدول الأفريقية - بينها نيجيريا - في توسيع خطوط السكك الحديدية، وهي أيضاً شريك بديل في مجال المعدات العسكرية.

وطرح الباحثان تساؤلاً عما إذا كانت إدارة الرئيس تينوبو تشكل أكثر من مجرد فرصة أمام الولايات المتحدة للالتفاف على النفوذ الروسي والصيني المتنافسين. وأوضحا أنه يمكن القول إن الفرصة متاحة أمام أميركا لتصبح شريكاً أكثر نشاطاً وشعبية لنيجيريا ومنطقة غرب أفريقيا، من أجل قلب الطاولة على الاستراتيجيات الأمنية الضارة وغير المستدامة.

ويقول الباحثان: إن الحوكمة الشاملة، ومنح الأولوية للحكومة الوطنية للعمل بشكل أوثق مع حكومات الولايات، أمر حيوي في نيجيريا. ويكمن التعقيد الذي يتسم به الوضع الأمني في نيجيريا في تنوعه بالمناطق الجيو - سياسية الست في البلاد. ومن شأن المشاركة وتنفيذ السياسات الأمنية بقيادة محلية، أو في هذه الحالة، بقيادة حكومات الولاية، تحقيق ثلاثة أهداف، أولها التخفيف من المظالم والمناوشات التي تتفاقم جراء استهدافها، أو تجاهلها (حيث لا تتناول السياسات الوطنية الشاملة الفروق الدقيقة في القضايا الأمنية المتنوعة)، والسماح لسياسات الدولة الوطنية والأمن التنموي بدعم بعضها بعضاً، وإضافة طبقة من الرقابة والمساءلة.

وبحسب التحليل، تمثل الحوكمة الشاملة الاستجابة الأكثر مباشرة واستدامة لإصلاح حالة عدم الاستقرار في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا. وعبر تحديد أولويات هذا النهج، تتعامل الدول مع الجوانب التي لا دخل للدول فيها (الإرهاب) والجوانب التي تتعلق بالدول (التراجع الديمقراطي).

وربما تكون خبرة وزير الدفاع، كحاكم ولاية، ضرورية لتحقيق مزيد من المكاسب في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار لنيجيريا.

واستشهد التحليل بقول وزير الدفاع النيجيري محمد بادارو: «بفضل الخبرة التي أتمتع بها كحاكم، والآن كوزير للدفاع، أستطيع تحليل الأمور للتأكد من أنه يتعين اتخاذ بعض الإجراءات والإصلاحات لضمان أن تصبح نيجيريا خالية من جميع مظاهر انعدام الأمن... والآن، كوزير للدفاع، أنا السلطة».

والعلاقات الأميركية - النيجيرية قائمة تاريخياً على القوة والحشد، ولكن هناك فرصة لاستراتيجية أكثر تكاملاً واستدامة بالنظر للمستقبل.

وأبرز «قانون الهشاشة العالمية» خمس دول ساحلية في غرب أفريقيا بوصفها أساسية لمواجهة هذه التحديات، ويتعين على هذه الدول الاعتماد على نيجيريا ومجموعة «إيكواس»، ويجب على الولايات المتحدة وشركائها دعم التدابير الثنائية والإقليمية للتخفيف من حدة عدم الاستقرار والصراع.

ويمكن لأميركا أن تكون شريكاً في الإرادة السياسية والتخطيط الشامل لإدارة الرئيس تينوبو، وأن تواصل العمل من أجل التكامل بين مستويات المساعدات الأميركية. وقدمت الولايات المتحدة 355 مليون دولار مساعدات إنسانية لنيجيريا في عام 2022.

وأثناء الزيارة التي قام بها الوفد النيجيري لواشنطن الأسبوع الماضي، اطلع المسؤولون أعضاء الوفد على المعدات العسكرية التي يأملون في الحصول عليها في إطار التعاون الدفاعي الثنائي، الذي يحظون به منذ عام 2016.

وفي ختام التحليل، تساءل بالاسيوس وإبراهيم عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتبع ترتيبات ثنائية أكثر شمولاً، تتوافق على نحو أفضل مع الاستراتيجية الشاملة المعلنة من قِبل الرئيس تينوبو ووزير الدفاع بادارو.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.