استئناف المعارك بين الجيش والمتمرّدين في شمال مالي

عنصران من قوات حفظ السلام الدولية يحرسان مركزاً للاقتراع في انتخابات يوليو 2013 (أرشيفية - أ.ب)
عنصران من قوات حفظ السلام الدولية يحرسان مركزاً للاقتراع في انتخابات يوليو 2013 (أرشيفية - أ.ب)
TT

استئناف المعارك بين الجيش والمتمرّدين في شمال مالي

عنصران من قوات حفظ السلام الدولية يحرسان مركزاً للاقتراع في انتخابات يوليو 2013 (أرشيفية - أ.ب)
عنصران من قوات حفظ السلام الدولية يحرسان مركزاً للاقتراع في انتخابات يوليو 2013 (أرشيفية - أ.ب)

استُؤنفت المعارك، الأحد، بين الجيش المالي والمتمرّدين الطوارق في منطقة كيدال (شمال)، معقل الانفصاليين، والتي تشكل رهاناً أساسياً للسيادة بالنسبة للدولة المركزية، بينما يتحرّك الجيش باتّجاهها، وفق ما أفاد به مسؤولون عسكريون ومسؤولون منتخبون.

وأكد كل طرف إحراز تقدم على الآخر خلال هذه الاشتباكات التي تقع، وفقاً لمصادر مختلفة، على مسافة عشرات الكيلومترات من كيدال، بينما تتعذر معرفة حصيلة الخسائر البشرية أو الأضرار المادية أو التكتيكية بشكل مستقل.

وقال الجيش الذي تحرك نحو كيدال نهاية الأسبوع على مواقع التواصل الاجتماعي إنه سجل «تقدماً كبيراً للغاية» بفضل مشاركة الإمكانات الجوية والبرية، مضيفاً أنه قام «بتفريق» القوات المعارضة.

ومن جانبه، أشار «الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية»، وهو ائتلاف من الفصائل المتمردة المسلحة، على شبكات التواصل الاجتماعي إلى أنه قام بمحاصرة جنود ماليين ومرتزقة من مجموعة «فاغنر» الروسية التي استعان بها المجلس العسكري الحاكم في عام 2021، في هضبة تبعد 25 كيلومتراً عن كيدال، مؤكداً أن «كل أجنحتهم عاجزة».

وتُعقّد استحالة الوصول إلى المنطقة بسبب انعدام الأمن وموقعها الجغرافي، الحصول على معلومات عن الأحداث. وقطع الانفصاليون خطوط الهاتف في كيدال الجمعة، استعداداً على ما يبدو لعملية الجيش.

وأفاد مسؤول منتخب طلب عدم الكشف عن هويته لشدّة حساسية الوضع: «استؤنف القتال قرب كيدال. نسمع أصوات الصواريخ». وأشار مسؤول آخر إلى أنه شاهد طائرات الجيش تحلّق باتّجاه كيدال، بينما غادر الجنود النفيس على مسافة نحو 110 كيلومترات جنوباً، مزوّدين بأسلحة ثقيلة.

وبدأت المعارك، السبت، مع تقدّم الجيش باتّجاه كيدال، مؤذناً ببدء المعركة للسيطرة على المدينة الاستراتيجية. وأعلن كل من الجيش والمتمرّدين على السواء التفوّق على الطرف الآخر.

توقع عشرات الآلاف من سكان المدينة، المعقل التاريخي لحركات التمرد من أجل الاستقلال والتي تشكل تقاطعاً على الطريق المؤدية إلى الجزائر، مواجهة منذ أن عاود الطوارق الذين تمردوا عام 2012، وقبلوا وقف إطلاق النار في 2014، حمل السلاح في أغسطس (آب) الماضي.

وأصبح شمال مالي منذ الصيف مسرحاً لتصعيد بين الأطراف الموجودة هناك (جيش نظامي ومتمردون). وأدى انسحاب بعثة الأمم المتحدة التي دفعها المجلس العسكري الحاكم إلى الخروج، إلى سباق للسيطرة على هذه المنطقة، مع مطالبة السلطات المركزية بإعادة معسكرات ومعارضة المتمردين ذلك، بينما يعمل الجهاديون لاستغلال هذا الوضع لتعزيز قبضتهم على المنطقة. ويشكل تمرد كيدال ومنطقتها حيث مُني الجيش بهزائم مذلة بين 2012 و2014، مصدر إزعاج طويل الأمد في باماكو، حتى بالنسبة للعسكريين الذين استولوا على السلطة بالقوة في 2020، وجعلوا من استعادة السيادة على الأراضي شعارهم.



دول غرب أفريقيا تبدأ تشكيل لواء عسكري لمحاربة «الإرهاب»

صور نشرتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لجانب من نقاش قادتها حول مخاطر الإرهاب وتشكيل القوة العسكرية لمواجهته
صور نشرتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لجانب من نقاش قادتها حول مخاطر الإرهاب وتشكيل القوة العسكرية لمواجهته
TT

دول غرب أفريقيا تبدأ تشكيل لواء عسكري لمحاربة «الإرهاب»

صور نشرتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لجانب من نقاش قادتها حول مخاطر الإرهاب وتشكيل القوة العسكرية لمواجهته
صور نشرتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لجانب من نقاش قادتها حول مخاطر الإرهاب وتشكيل القوة العسكرية لمواجهته

قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، تسريع العمل من أجل تفعيل قوة عسكرية مشتركة، هدفها الأول مواجهة خطر الجماعات الإرهابية التي بدأت تتوسع، قادمة من منطقة الساحل التي تحولت منذ سنوات إلى بؤرة لنشر الإرهاب في القارة الأفريقية.

وتواجه منطقة غرب أفريقيا مؤخراً تصاعداً في الهجمات الإرهابية، لتشمل دولاً جديدة مثل غانا وتوغو وبنين، فيما تتحدث تقارير عن تمركز جماعات مسلحة محسوبة على تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في مناطق داخل هذه الدول.

وكان نفوذ الجماعات الإرهابية يتركز منذ سنوات في منطقة الساحل، وتحديداً في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى نيجيريا، ولكن هذه التنظيمات الإرهابية ظلت دوما تخطط للتوسع نحو دول جديدة، خاصة تلك المطلة على خليج غينيا، حيث ثروات النفط والغاز، وواحد من أكثر خطوط الملاحة البحرية نشاطاً في العالم.

جانب من اجتماع قيادات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حول مخاطر الإرهاب وتشكيل قوة عسكرية لمواجهته (إيكواس)

تسريع المواجهة

دول غرب أفريقيا بدأت في وقت مبكر تتحدث عن اقتراب خطر الإرهاب منها، إلا أنها ظلت تتحرك ببطء لمواجهته، مكتفية بوضع استراتيجيات التنسيق العسكري والأمني، والتعاون مع فرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ذلك الإطار.

وفي هذا السياق، وضعت دول غرب أفريقيا خطة لمواجهة الإرهاب في الفترة 2020 - 2024، وكان هدفها الأبرز تشكيل قوة عسكرية مشتركة، ولكن ظلت هذه الخطة حبيسة أدراج المنظمة الإقليمية، إلى أن قرر قادة دول المنظمة إعادتها للواجهة، خلال قمة عقدوها الأحد الماضي في العاصمة النيجيرية أبوجا.

لواء محاربة الإرهاب

وقرر القادة الأفارقة بالإجماع تفعيل قوة احتياط عسكرية تتكون من 5000 جندي في أفق عام 2025، والشروع في تعبئة الموارد المالية الضرورية، فيما أعلنت لجنة استشارية تابعة للمنظمة أنها ستمنح الأولوية لتشكيل لواء عسكري لمحاربة الإرهاب، يتكون في البداية من 1650 عسكرياً، وهو اللواء الذي سيتولى مهمة «مواجهة التهديدات الإرهابية التي تثقل كاهل المنطقة بسرعة وفعالية».

وأوضحت اللجنة أن تشكيل لواء محاربة الإرهاب سيتم وفق «خطة العمل للقضاء على الإرهاب للفترة 2020-2024»، وهي الخطة التي «سيتم تعديلها وفقا لتطور السياق الأمني»، على حد تعبير اللجنة الاستشارية.

واتفقت دول غرب أفريقيا على أن يعقد وزراء المالية والدفاع اجتماعات لاحقة الهدف منها «تحديد ترتيبات تمويل هذه القوة العسكرية، ذات الأهمية الحاسمة لمواجهة التهديدات المتزايدة من الجماعات الإرهابية المسلحة في المنطقة».

وبحسب ما أعلن فإن وزراء الدفاع والمالية سيتولون «وضع اللمسات النهائية لآليات تمويل ونشر» هذه القوة العسكرية الأولى من نوعها في غرب أفريقيا.

نداء دولي

في البيان الختامي لقمة قادة دول غرب أفريقيا، أعربوا عن قلقهم إزاء «تصاعد» الأنشطة الإرهابية في المنطقة، ولكن أكثر ما كان يثير مخاوفهم هو «استخدام الجماعات الإرهابية لتقنيات متقدمة وأسلحة ذاتية التشغيل».

ومن أجل مواجهة هذا الخطر، قال القادة الأفارقة إن الهدف من تشكيل هذه القوة العسكرية هو «القضاء على الإرهاب في غرب أفريقيا»، وذلك من خلال «تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء وتحسين كفاءة التدخلات ضد الجماعات المسلحة».

وأطلق قادة دول غرب أفريقيا نداء إلى الشركاء الدوليين من أجل «دعم» مبادرتها لتشكيل القوة العسكرية المشتركة لمحاربة الإرهاب، مشيرة إلى أن هدفها هو «تعزيز الاستقرار الإقليمي وتقديم استجابة منسقة للتهديدات الإرهابية التي تعوق التنمية والتكامل في المنطقة».

البحث عن الاستقرار

يأتي قرار تسريع تشكيل هذه القوة العسكرية، بعد اجتماع عقده قادة أركان جيوش دول غرب أفريقيا أغسطس (آب) الماضي، خصص لمناقشة خطر الإرهاب على الاستقرار والديمقراطية في غرب أفريقيا.

جانب من اجتماعات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حول مخاطر الإرهاب وتشكيل قوة عسكرية لمواجهته (إيكواس)

وخلال الاجتماع قال الجنرال كريستوفر موسى، قائد أركان جيش نيجيريا، إن «التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود أولوية قصوى»، قبل أن يضيف: «لا يمكن لأي دولة أن تواجه هذه التحديات بمفردها. قوتنا تكمن في وحدتنا وتصميمنا الجماعي على حماية الاستقرار والحكم الديمقراطي في غرب أفريقيا».

وفي الاجتماعات التحضيرية لقمة أبوجا الأحد الماضي، قال وزير خارجية نيجيريا يوسف ميتاما توغار، إنه لا بد من وضع «استراتيجية استشرافية لتعزيز الهيكل الأمني الجماعي والحفاظ على الزخم في مكافحة الإرهاب بالمنطقة».

وأضاف توغار: «من دون الاستقرار، ستظل تطلعات شعوبنا لتحقيق الازدهار والتقدم غير محققة. والتهديدات المتزايدة للإرهاب، والتطرف العنيف، والجريمة المنظمة العابرة للحدود تُشكل عبئاً مشتركاً لا يمكن لأي دولة أن تواجهه بمفردها».

كما أشار توغار إلى أن المنطقة تواجه «وضعاً إنسانياً خطيراً»، مؤكداً أن «ملايين الأشخاص في غرب أفريقيا يعانون من النزوح وانعدام الأمن الغذائي والكوارث المتعلقة بالمناخ، بما في ذلك الفيضانات المدمرة».